نشط الاغتراب المسيحي في القرنين الثامن عشروالتاسع عشر وتسارعت وتيرته مع القرنين العشرينوالحادي والعشرين، عقب ظهور الحركة الصهيونية الحديثة، وإنشاء دولة إسرائيل حيث شهدت حينها هجرة يهود العالم إلى إسرائيل، والتي كانت سببًا لتهجير المسيحيين. تزايدت هجرة المسيحيين مع حرب 1948وحرب 1967. كانت أولى وجهات المغترب المسيحي أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى أمريكا الشماليةوأسترالياوأوروبا، واليوم يعيش أغلب الفلسطينيين المسيحيين خارج فلسطين التاريخية وبالمقابل فإن أكبر تجمع مسيحي فلسطيني يتواجد في التشيلي؛ وقد سطع نجم عدد كبير من الشخصيات الفلسطينية المسيحية المهجريّة في مناصب سياسية واقتصادية بارزة، علمًا أن المسيحيين الفلسطينيين يحتفظون بهويتهم الأصلية عن طريق «أبرشيات المهجر» وغيرها من المؤسسات. واليوم يقطن غالبيّة المسيحيين الفلسطينيين في المهجر.[15]
من الناحيّة العرقيّة، فإن المسيحيين الفلسطينيين بشكل عام ينحدرون في الأصل من خليط من العرب المسيحيين الذين سبقوا الإسلام (الغساسنة) والأراميين والكنعانيين والسريانوالأرمنوالبيزنطيين، المسيحيون الفلسطينيون هم من أقدم الجماعات المسيحية في العالم وترتبط بعض الأسر المسيحية الفلسطينية بالنسب مع المسيحيين الأوائل، ولهذا السبب غالبًا ما يُطلق على المسيحيين الفلسطينيين اسم الحجارة الحية.
لعب المسيحيون الفلسطينيون دورا بارزاً في المجتمع الفلسطيني، خاصةً خلال النهضة العربية في القرن التاسع عشر، كما لهم اليوم دور فاعل في مختلف النواحي الاجتماعيّة والسياسيةوالاقتصاديَّة، ويدير المسيحيون عددًا من المدارس ومراكز النشاط الاجتماعي والمستشفياتوالجامعات، ويُعتبر المسيحيون الفلسطينيون أكثر الطوائف الدينية تعلمًا،[16] وأوضاعهم الاقتصادية-الاجتماعيّة أفضل مقارنة بباقي السكان.[17]
تعتبر الأناجيل الأربعة المصدر الرئيسي لتتبع حياة يسوع. هناك بضعة مؤلفات أخرى تذكره يطلق عليها عامة اسم الأناجيل المنتحلة وقد ورد ذكره أيضًا بشكل عرضي في بعض مؤلفات الخطباء الرومان كشيشرون.[18] بحسب الأناجيل ولد يسوع في بيت لحم خلال حكم هيرودس الكبير، ولا يمكن تحديد تاريخ ميلاده بدقة، بيد أن أغلب الباحثين يحددونه بين عامي 4 إلى 8 قبل الميلاد.[19] يتفق متىولوقا أنه ينحدر من سبط يهوذا، السبط الرئيس من أسباط بني إسرائيل الإثني عشر. كذلك يتفقان أن هذه الولادة قد تمت بشكل إعجازي دون تدخل رجل، ويعرف هذا الحدث في الكنيسة باسم «الولادة من عذراء».[20] ورغم أنه ولد في بيت لحم إلا أنه قد قضى أغلب سنين حياته في الناصرة.متى 23/2]
تركزت تعاليم يسوع بشكل أساسي في أهمية ترك أمور الجسد والاهتمام بأمور الروح، وشجب بنوع خاص مظاهر الكبرياء والتفاخر البشري، وحلل بعض محرمات الشريعة اليهودية وجعل بعضها الآخر أكثر قساوة كالطلاق، وركز أيضًا على دور الإيمان في نيل الخلاص، وعلى أهمية المحبة.متى 43/5] وتذكر الأناجيل، بشكل مفصل للروايات أو بشكل عام، عددًا كبيرًا من الأعاجيب والمعجزات التي اجترحها. وعيّن يسوع أيضًا اثني عشر تلميذًا ليلازموه،مرقس 13/3] وكان هؤلاء الإثني عشر مختارين من حلقة أكبر كانت تتبعه وتشمل نساءً والرسل السبعين.لوقا 1/10] بحسب العقيدة المسيحية، فإن يسوع وإثر نشاط حافل دام ثلاث سنوات، وخلال تواجده في أورشليم ضمن احتفالات عيد الفصح، قرر مجلس اليهود قتله خوفًا من تحوّل حركته إلى ثورة سياسية تستفز السلطات الرومانية لتدمير الحكم الذاتي الذي يتمتعون به.[21] وتذكر الأناجيل بشيء من التفصيل أحداث محاكمة يسوع أمام مجلس اليهود ثم أمام بيلاطس البنطي ومنازعته على الصليب، حيث صلب المسيح خارج المدينة على تل الجلجثة وقد تبعه ليشهد عملية الصلب جمع كثير، وبعد نزاع دام ثلاث ساعات مات المسيح، وقد رافقت موته حوادث غير اعتيادية في الطبيعة،لوقا 45/23] ودفن على عجل لأن سبت الفصح كان قد اقترب. بحسب الأناجيل أيضًا، قامت بعض النساء من أتباعه فجر الأحد بزيارة القبر فوجدنه فارغًا،لوقا 3/24] بيد أن ملاكًا من السماء أخبرهنّ أن يسوع قد قام من بين الأموات.لوقا 6/24] فذهبن وأخبرن التلاميذ بذلك وما لبث أن ظهر لهم مرّات عدة، واجترح عدة عجائب بعد قيامته أكد لهم خلالها قيامته.يوحنا 25/20]
تأسست الكنيسة المسيحية الأولى في القدس سنة 34 ميلادية واختير القديس يعقوب البار أسقفًا لها من قبل المسيحيين الأوائل وجلهم من اليهود المتنصرين.[22] تعرض المسيحيون إلى اضطهاد اليهود لهم منذ البداية واشتدت حدة هذه الاضطهادات أثناء ثورة باركوخبا التي أعلنها اليهود ضد الرومان والتي نجحوا من خلالها ولفترة قصيرة بالاستقلال عن روما. انتهت الثورة باحتلال القدس على يد الإمبراطور هادريان سنة 134 وفقد اليهود خلالها أعداداً كبيرة وغادر المسيحيون من أصل يهودي المدينة.[23] حتى عام 134 كان اليهود المتنصرون هم أصحاب الشأن في كنيسة القدس، بعد ذلك تغلب العنصر الأممي على رئاسة كنيسة القدس مع انتخاب الأسقف مرقس.[24] سرعان ما تعرضت هذه الجماعة المسيحية الأولىللاضطهاد مما اضطرها إلى التشتت في نواحي أخرى من فلسطين شمالًا وجنوبًا.[23] فمن القدس توجه المسيحيون إلى السامرة في الشمال، حيث بشّر هناك فيلبس وذلك بحسب التقاليد المسيحية،[23] وإلى الجنوب؛ غزة وقيصرية واللدويافا حيث تحّول للمسيحيّة أول شخص من أصول وثنيّة وهو كرنيليوس الذي كان قائد مئة في الجيش الروماني.[23] تعرضت الكنيسة في فلسطين التاريخيّة للاضطهاد على يد الأباطرة الرومانيين،[23] وكان أشدها اضطهاد داقيوس (249-291)،[23] وفاليروس (238)،[23] وديوقليسانيوس (303-313) أشد هذه الاضطهادات كان في عسقلانوقيصريةوغزة.[23]
انتشرت الحياة الرهبانيّة في فلسطين بكثافة.[25] فبعد أن بدأت في مصر على يد أنطونيوس الكبير،[25] سرعان ما انتشرت في فلسطين بفضل القديس هيلاريون ينوع خاص،[25] والذي عاش في صحراء غزة سنة 328، والقديس خاريطون الذي قضى قسمًا كبيرًا من حياته في دير القلط. ومن أشهر الرهبان في فلسطين أفتيموس والذي توفي سنة 472 ومار تيودوسيسوس الذي توفي سنة 592 ومار سابا الذي توفي سنة 532. ولا تزال الأديرة التي بنوها في صحراء شرقي بيت لحم قائمة حتى اليوم. وقد وصل تعداد الرهبان إلى عشرات الآلاف في نهاية القرن السادس.[25]
قامت العلاقة بين المسلمينوالمسيحيين في بلاد الشرق على أساس عهود أبرمت بينهم وقضت بأن يدفع النصارى الجزية مقابل التعهد بالمحافظة على دينهم وحياتهم وأرزاقهم.[26] وأشهر هذه العهود العهدة العمرية بين البطريرك صفرنيوس بطريركالقدس والخليفة عمر بن الخطاب، الذي أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم.[26] ولقد اتسمت هذه العهود بالسماحة مما أتاح للمسيحيين أن يحافظوا على دينهم بالرغم من تقلص أعدادهم مع الوقت. ولقد ساهم المسيحيون في تثبيت أركان الحكم العربي الإسلامي إذ ساهموا في إدارة الدواويين.[26]
بشكل عام، نَعِم المسيحيون بقسط من الحرية في ظل الخلافة الإسلامية،[26] ما عدا في أزمان معينّة كفترة الخليفة المتوكل (847-861) الذي اضطهدهم وضيّق عليهم.[26] كذلك فقد لقي المسيحيون الاضطهاد على يد الحاكم بأمر الله (996-1020)، الذي هدم كنيسة القيامة في القدس سنة 1009.[26] وتم حظر المواكب الدينية، وبعد بضع سنوات قيل إن جميع الأديرة والكنائس في فلسطين قد دُمرت أو صودرت.[27] وكان هدم كنيسة القيامة أقدس المواقع المسيحية على الإطلاق أحد الأسباب الرئيسية لنشوء الحملات الصليبية.[28][29] وغالبًا ما كان يتأثر وضع المسيحيين بالعلاقة بين المسلمين والإمبراطورية البيزنطية، حيث كان انتصار الإمبراطورية البيزنطية ينعكس على علاقة المسلمين بهم.[26]
إن هذا التفاعل الحضاري جعل من المسيحيين جزءًا هامًا من الثقافة العربية.[30] ولم يقتصر الأمر على المجالات العلميّة بل دخل الفقهاء المسلمون واللاهوتيون المسيحيون في جدالات دينيّة صريحة بحضرة الخلفاء وفي مجالس العلم. وقد بقي العديد من هذه النقاشات حتى اليوم.[30]
وسرعان ما أصبحت اللغة العربية لدى المسيحيين لغة كتاباتهم وطقوسهم ومعاملاتهم اليوميّة.[30] ونشأ عن ذلك، ما بين القرن الثامن والرابع عشر، ما يُعرف باسم التراث المسيحي العربي[30] الذي يشمل مؤلفات في جميع مجالات الفكر المسيحي والتي توجد في عشرات الآلاف من المخطوطات. وهو التراث الذي راح العلماء يعملون على تحقيقه ونشره في السنوات الأخيرة.[30] ومن اللاهوتيين البارزين في هذا المجال كان ثاوذورس أبي قرة أسقف حران، وسعيد بن البطريق بطريرك الإسكندرية، وعبد الله بن الفضل، ويحيى بن عدي، وابن العسال، وساويروس بن المقفع، والطبراني وغيرهم.[30] ونشأ الأدب العربي المسيحي في أديرة فلسطين ومنه انتقل إلى سوريةومصروالعراق، ومن أعلامه إسحاق الصابي وإبراهيم الطبراني وسليمان الغزاوي الذي ألف مجموعة شعرية دافع فيها عن الدين المسيحي، وإسطفان الرملاوي الذي ترجم الإنجيل إلى اللغة العربية، وثاوذورس أبي قرة الذي نقل اللاهوت المسيحي إلى اللغة العربية في آواخر القرن الثامن حيث قبلها كان مقتصراً على اللغة اليونانيةوالسريانية.[31]
كان السبب الرسمي المعلن للحملات الصليبية الصعوبات التي تعرض لها الحجاج المسيحيون في الوصول إلى الأماكن المسيحيّة المقدسة وهدم كنيسة القيامة.[32] غير أن دوافع الحملات الصليبية كانت متعددة منها دوافع دينية، واقتصاديّة، وتوسعيّة، واجتماعيّة. قام الصليبيون بثمان حملات في فلسطين والشرق. فاحتلوا مدينة القدس سنة 1099م، ومنها اجتاحوا سائر مناطق فلسطين. عندما دخل الصليبيون إلى القدس وأسسوا مملكة بيت المقدس، وقعوا في خلاف حول طبيعة الحكم، فقد نادى بعض الفرسان وعلى رأسهم البطريرك بإعلان المملكة دولة دينية يرأسها البطريرك، ومن ثمّ حوّل النقاش واستمرّ خلال القرن الحادي عشر إلى مملكة مزدوجة يرأسها الملك والبطريرك. أياً كان فقد كان الحكم في المملكة مدنياً، غير أنه كان للكنيسة قوتها كحال جميع الممالك في أوروبا خلال القرون الوسطى، ومن صلاحيات الكنيسة النظر في وراثة العرش وعزل الملك والمحاسبة عن «المفاسد الأخلاقية» وترتيب أحوال الزواج والطلاق والإرث وما إلى ذلك من الأحوال الشخصية في المملكة.[33] وإلى جانب بطريرك المدينة، كان هناك سبعة مطارنة في بيت لحموحبرونوالناصرةوقيساريةواللدوصوروالكرك، وقد أثار هذا التقسيم حيرة عدد من المؤرخين، إذ إن مدنًا صغيرة حازت على تصنيف مطرانية بينما مدن كبرى مثل يافاوعكا لم تحصل على مثل هذا الامتياز، وربما يعود السبب في ذلك لضياع التنظيم والخلط بين النموذج الذي أراد الصليبيون استحداثه من ناحية، والنموذج البيزنطي والأرمني الذي كان قائمًا أصلاً في المدينة خلال حكم العباسيين، حيث كانت أغلبية المسيحيين في القرى والمدن الصغرى لا في المدن الكبرى.[34] كان من بين رعايا المملكة أعداد كبيرة من الأرثوذكس الشرقيينوالأرمنوالسريان الأرثوذكس الذين اختلف قادة الصليبيين في الطريقة المثلى للتعامل معهم، غير أن الرأي الذي خلص إليه ومن عشية الحملة الصليبية الأولى تمخض عن «قبول العيش بسلام مع جميع معتنقي الديانة المسيحية على وجه الخصوص» كما ذكر نارسيس بطريرك الأرمن الأرثوذكس.[35] خلال الحقبة الصليبية تحولت قبة الصخرة إلى كنيسة ومقر فرسان الهيكل،[36] كما قام الصليبيون بتحويل المسجد الإبراهيمي إلى كنيسة أطلقوا عليها اسم كنيسة القدّيس أبراهام واتخذوا منها مركزًا دينيًا لكل المناطق المجاورة،[37] وقد اتبعت الكنيسة النظم الرهبانية الأوغسطينية،[38] وتم تسجيل ذلك في الوثائق لأول مرة عام 1112. إلى جانب جيوش الإقطاعية تألف الجيش الصليبي من فرسان المؤسسات العسكرية التي نشأت خلال فترة الحملات الصليبية ما شكل تجديدًا مؤسساتيًا في بنية الجيش الصليبي وجيوش دول أوروبا الغربية بشكل عام. هذه المؤسسات العسكرية كانت ذات طابع ديني، ولعل أقواها وأشهرها هما فرسان الهيكل التي كانت تقوم بحماية قوافل الحجاج إلى القدس،[39]وفرسان القديس يوحنا الذين سماهم مؤرخو العرب الإسبتارية والتي كانت الدواية حماية قوافل الحجاج وتقديم المساعدات الغذائية والعلاجية والطبية لهم، ومن هنا جاءت تسميتهم بفرسان المستشفى أيضًا،[40] مع وجود عدد من الهيئات الأخرى قليلة الأهمية والتأثير كفرسان السيف وفرسان القديس لورانس وغيرها.[41]
وقد انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في معركة حطين سنة 1187. وفي السنة عينها استرجع مدينة القدس.[32] وفي 1104 سيطر الصليبيين على مدينة عكا، وأصبحت الميناء الرئيسي والحصن المنيع لهم، وقسمت إلى أحياء، حيث تركزت كل جالية منهم بحيّ خاص بها، مثل بيزاوجنوةوالبندقيةوفرسان الهيكلوفرسان الإسبتارية، وضمت المدينة أيضاً على أحياء للمجتمعات المسيحية الشرقية والإسلامية المحليَّة. وواصلت عكا خلال الحقبة الصليبية ازدهارها كمركز تجاري رئيسي لشرق البحر الأبيض المتوسط، وكانت مدينة ثرية نسبيًا نابضة بالحياة التجاريًّة.[42][43] وانتهى الوجود الصليبي في فلسطين سنة 1291 بسقوط مدينة عكا، آخر معاقل وحصون الصليبيين في بلاد الشام.[32] وقام السلطان المملوكيالأشرف خليل بإسترجاع مدينة عكا من الصليبيين وطردهم منها سنة 1291 في ما عرف بـ «فتح عكا»، ومع دخول المماليك للمدينة حُرق وقتل سكانها ومن ضمنهم البطريرك اللاتيني.[44] وقام الظاهر بيبرس بتدمير القرى والبلدات الصليبية في منطقة عكا.[44] كما وأصدر الظاهر بيبرس مرسومًا يمنع المسيحيين واليهود من دخول الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل،[45] وأصبح المناخ أقل تسامحًا مع اليهود والمسيحيين مما كان عليه في ظل الحكم الأيوبي السابق.[46] وتركت الحملات الصليبية آثارًا عمرانيّة عدة؛ وكثيرة هي الأديرة والرهبنات والكاتدرائيات التي بنيت خلال العهد الصليبي، ولعل أهمها ما كان يبنى بتبرع الهيئات العسكرية الدينية، ومنها كنيسة القيامة التي أعيد تجديد بنائها وترميمها عام 1149، وكاتدرائية عكا، التي اعتبرت أكبر وأجمل ما بُني في العهد الصليبي، كما نقل قدماء المؤرخين.[47] كما وخلفّت آثارًا سلبيّة إذ وسعت حدة الخلاف بين الكنيسة المسيحية الغربيةوالشرقية، وبين الديانتين المسيحية والإسلامية.[32]
بعد الحروب الصليبية خضعت فلسطين لحكم المماليك بين السنوات 1291-1516،[48] بعد القضاء على المغول في معركة عين جالوت، أصبح المسيحيين هدفاً لانتقام المماليك،[49] حيث تعرض المسيحيين لعمليات ذبح وقتل في الناصرةوبيسانوصفدوقيسارية،[49] إلى جانب عمليات هدم الكنائس والأسلمة القسريَّة،[49] وهربت أعداد منهم إلى المدن الساحليّة التي كانت لا تزال بيد الصليبيين.[49] وعمّت الفوضى السياسية في زمنهم حيث عانى السكاّن المسيحيون بشكل خاص في ظل حكم المماليك مع بعض الإستثناءات خاصًة في ظل حكم الناصر،[48] حيث وصل في ظل حكمه رهبان من الرهبانية الفرنسيسكانية سنة 1333 والذين لعبوا دورًا هامًا في المحافظة على المواقع المسيحية المقدسة وأصحبوا حراس الأماكن المقدسة بالنسبة للعالم الكاثوليكي.[48] إتبعّ المماليك سياسة اتسمت بالقسوة تجاه من بقي من المسيحيين في فلسطين،[44] حيث دمرت الكنائس وتعرض المسيحيين لكافة أشكال القمع والإضطهاد،[44] وفرضت عليهم ضرائب باهظة، كما أُجبر المسيحيون على لبس عمامة زرقاء تميّزهم عن المٌسلمين. دفعت هذه السياسات إلى اعتناق الكثير منهم للإسلام أو النزوح من البلاد شرقاً هرباً من السياسات التعسفيّة التي اتبعها المماليك.[44] كانت مدينة الخليل ذات طابع «بدوي وإسلامي»،[50] و«محافظة بشكل كبير» في نظرتها الدينيَّة، واشتهرت بالحماسة الدينية في حماية مواقعها بغيرة من اليهود والمسيحيين، لكن يبدو أن المجتمعين اليهودي والمسيحي كانا مُندمجين جيداً في الحياة الاقتصادية للمدينة.[51] ومنذ الحقبة المملوكية حتى القرن التاسع عشر، ضمت المدينة «حارة للنصارى» والتي استمرت بالوجود حتى الفترة العثمانية، لتختفي بعدها بسبب تعرض المجتمع المسيحي في الخليل للمضايقات.[52] وضع العثمانيين حدًا لحكم المماليك عندما دخل سليم الأول السلطان العثماني فلسطين عام 1516 مبتدئًا حكمًا دام ما يقرب 400 عام. وفي العهد العثماني سقطت مدينة القسطنطينية عام 1453.[48] خلال حكم أمير الدروزفخر الدين المعني الثاني سُمح للرهبان الفرنسيسكان حق إعادة بناء في بازيليكا البشارة في الناصرة، والتنقيب حول الأماكن المسيحية في منطقة الجليل، وإقامة المدارس.[53] وشجع الوالي ظاهر العمر التسامح الديني والهجرة المسيحية واليهودية إلى منطقة الجليل، وأدى التدفق المسيحي إلى نمو عددي كبير للمجتمعات المسيحية في عكا والناصرة،[54][55] وساهم المسيحيون في تلك الحقبة بتطوير الاقتصاد بسبب السهولة النسبية في التعامل مع التجار الأوروبيين، وشبكات الدعم التي حافظ عليها الكثير منهم في دمشق أو إسطنبول، ودورهم في صناعات الخدمات.[54] وشغلت عائلة الصبَّاغ المسيحية العريقة من صفد منصب المستشار المالي والإداري في حكومة ظاهر العمر،[56][57][58] وكان للعائلة في صفد شبكة علاقات رفيعة المستوى مع قيادات طائفة الروم الكاثوليك التي انتمت اليها.[56][57] تغيرت الأحوال خلال حقبة أحمد باشا الجزار، حيث تعرض المسيحيين لإعتداءات وهجمات متكررة في الناصرةوالقدس،[59] في حين تعرض المسيحيين في الرملةواللد إلى القتل والنهب وأجبر الكثير منهم على الفرار.[60]
عاش المسيحيون إبان الحكم العثماني في ظل نظام الملّة، الذي أعطى لرؤساء الدين خاصًة البطاركة سلطة دينيّة ومدنيّة واسعة على رعاياهم،[48] فكانت الطوائف المسيحيّة تدير نفسها بنفسها وفق القوانين الخاصة بكل طائفة. وهذا ما يدعى بقانون «الأحوال الشخصيّة» الذي لا يزال معمولًا به في المحاكم الكنسيّة حتى اليوم في بعض الدول العربية.[48] ومع الزمن تضعضعت الدولة العثمانية حتى راحت تُدعى في القرن التاسع عشر «رجل أوروبا المريض»، وهذا ما حمل الدول الأوروبية على أن تتدخل في الشؤون الداخليّة للإمبراطورية العثمانيّة. ففرضوا أنفسهم كحماة للفئات المسيحيّة في الشرق فنجم عن ذلك «نظام المحميّات»،[48] الذي بموجبه تحمي كل دولة أوروبيّة الرعايا المسيحيين الذين يدينون بملتها. وكان كاثوليك الدولة العثمانية قد وضعوا تحت حماية فرنساوالنمسا، إذ اعتبر آل هابسبورغ حكام الإمبراطورية النمساوية حماة الكاثوليكية، في حين وضع الأرثوذكس تحت حماية الإمبراطورية الروسية وقامت إنجلترا بحماية البروتستانت.[48]
في تلك الفترة راحت الكنائس الغربية من كاثوليكيةوبروتستانتية، تولي اهتمامها بالشرق؛ فأرسلت بعثات من مخلتف الأنواع، ثقافيّة ودينيّة واجتماعيّة.[48] وقد تمخض عن هذه الحركة قيام كنائس جديدة في الشرق، منها الكنائس الكاثوليكية الشرقية على اختلاف تراثها إثر حركة الوحدة مع روما، نمت ضمن الكنائس الشرقية ابتداءً من القرن السابع عشر. وكذلك أنشئت كنائس بروتستانتية متعددة، وعيّن بطريرك لاتيني في مدينة القدس فتأسست البطريركية اللاتينية في الأراضي المقدسّة سنة 1847.[48] وقد نشطت الإرساليات الأجنبيّة وافتتحت عدد كبير من المدارس والمعاهد والجامعات ولكنها كانت تابعة للبعثات والقنصليات الأوروبية وانحصر تأثيرها في علية القوم وطبقتهم الغنية من رعايا المسيحيين، فضلًا عن المستشفيات وفنادق الحجاج والمؤسسات الدينيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، ووفدت العديد من الجمعيات الرهبانيّة إلى فلسطين.[48]
لعبت الأماكن المسيحيّة المقدسة في فلسطين دورًا هامًا في حياة المسيحيين، وكانت مصدر نزاع دائم بين الكنائس المسيحية إلى أن حدد العثمانيون سنة 1856 حقوق كل طائفة وواجباتها في الأماكن المقدسة وفق الوضع الذي كان جاريًا في ذلك العام. وهو ما يُعرف بنظام الستاتو كو أو الوضع الراهن، الذي لا تزال الطوائف المسيحية تسير عليه فيما يتعلق بتفاصيل حقوقها في الأماكن المقدسة خاصًة في كنيسة القيامة في مدينة القدس، وكنيسة المهد في بيت لحم.[48] ويعود تاريخ هذا التفاهم إلى العهد العثماني في فلسطين، حيث التزمت الدولة العثمانيّة منذ القرن الثامن عشر ومن ثم جميع القوى المتعاقبة التي سيطرت على المنطقة بدعم مجموعة الأنظمة والتفاهمات هذه التي اكتسبت وضع الواجب القانوني الدولي، والذي يُلزم المحتلّين الحاليين والمستقبليين بذلك الجزء.[61]
ازدهرت أحوال الملل المسيحية القاطنة في السلطنة العثمانية اقتصاديًا واجتماعيًا، في بداية القرن التاسع عشر ومع حركة الإصلاح العثمانية التي تتوجت في التنظيمات العثمانية، وارتدى الرعايا المسلمون والمسيحيون واليهود الطربوش الأحمر كعلامة على المواطنة العثمانية الحديثة المشتركة،[62] رافقه تنامى الحس القومي لدى العرب في الدولة العثمانية من أواسط القرن التاسع عشر، وهو ما يعرف باسم النهضة العربية، بوجهها السياسي والثقافي. ولقد ساهم المسيحيون في جميع البلدان العربيّة بهذه النهضة باشتراكهم في الحركة القومية وإحياء اللغة العربية، وتجديد الثقافة العربية وإحياء تراثها، وهو ما أعدّ الوطن العربي لدخول العصر الحديث[48] بعد نهاية الحرب العالمية الأولى.[48]
تعتبر الهجرة والتهجير إحدى الملمات التي أصابت مسيحيي جنوب بلاد الشام عمومًا، فعلى سبيل المثال، في أعقاب حرب 1948 التي أفضت إلى ميلاد إسرائيل، مُسحت عن الوجود قرى مسيحية بأكلمها على يد العصابات الصهيونية وطرد أهلها أو قتلوا،[65] حيث جرى تهجير سكان بعض القرى ذات الأغلبية المسيحية مثل كفر برعموإقرتوالبصة، حيث دمرت القرى تدميراً كاملاً وصودرت أراضيها.[66] كذلك الحال بالنسبة للسكان المسيحيين في بعض القرى المختلطة مثل المجيدلومعلولوالدامونوالبروة والتي جرى تدميرها وتهجير أهلها، كما صودرت أراضي لمسيحيين في قرى لم يهجرها سكانها أسوة بالمُسلمين بما في ذلك الآف الدونمات في مناطق بيت لحموبيت جالاوبيت ساحور.[66] خلال الحرب اضطر حوالي 40% من المسيحيين مغادرة أماكن سكناهم أثناء الحرب، وهاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الغرب خاصةً الولايات المتحدةوأمريكا اللاتينية.[67] وهكذا فإن كنائس اللدوبيسانوطبريةوصفد داخل إسرائيل حاليًا إما دمرت أو أغلقت بسبب عدم بقاء أي وجود لمسيحيين في هذه المناطق، يضاف إلى ذلك وضع خاص للقدس؛ فأغلبية سكان القدس الغربية كانوا مسيحيين قامت العصابات الصهيونية بتهجيرهم ومسح أحيائهم وإنشاء أحياء سكنية يهودية مكانها لتشكيل «القدس الغربية اليهودية». وهكذا، فكما يقول المؤرخ الفلسطيني سامي هداوي أن نسبة تهجير العرب من القدس بلغت 37% بين المسيحيين مقابل 17% بين المسلمين،[65] مقابل ذلك ظهر رعايا جدد في الشتات الفلسطيني، فكنيسة عمان التي كانت تعد بضع مئات وصلت إلى عشرة آلاف نسمة نتيجة التهجير، ونشأت تسع كنائس جديدة في الزرقاء للاتين وحدهم.[68] شطرت الحرب أيضًا سبل إدارة البطريركية ولجأ منذ عام 1949 إلى تقسيمها إلى ثلاث فئات: نائب بطريركي يقيم في الناصرة لإدارة شؤون من تبقى من المسيحيين العرب داخل إسرائيل، ونائب آخر في الأردن، واقتصرت سلطة البطريرك الفعلية على القدس وجوارها فقط.[69] سجلت أيضًا في أعقاب حرب 1967 مصادرة أملاك مدارس وكنائس بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة، ومزيد من التهجير، في حين استمرت الهجرة نحو أوروباوالعالم الجديد كإحدى أبرز موبقات المسيحية في جنوب بلاد الشام خلال المرحلة الراهنة، ولعل التدهور الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية إلى جانب الاحتلال كان أحد أبرز عوامل الهجرة.
في عام 1952، أعلن الأردن أن الإسلام هو الدين الرسمي، ووفقًا للأستاذ الإسرائيلي يهودا زفي بلوم، تم تطبيق ذلك في القدس والتي كانت تحت السيطرة الأردنية.[70] وفي عام 1953، قام الأردن بتقييد حق الجماعات المسيحية من امتلاك أو شراء الأراضي بالقرب من الأماكن المقدسة، وفي عام 1964، منعت المزيد من الكنائس من شراء الأراضي في القدس. وتم الإستشهاد بهذه الأفعال، بالإضافة إلى قوانين جديدة أثرت على المؤسسات التعليمية المسيحية، من قبل كل من المعلق السياسي البريطاني بات يور وعمدة القدس تيدي كوليك كدليل على أن الأردن سعى إلى «أسلمة» الحي المسيحي في البلدة القديمة في القدس.[71][72] ومن أجل مواجهة تأثير القوى الأجنبية، والتي أدارت المدارس المسيحية في القدس بشكل مستقل منذ العهد العثماني، شرّعت الحكومة الأردنية عام 1955 بوضع جميع المدارس تحت إشراف الحكومة.[73] وسمح لهم باستخدام الكتب المدرسية المعتمدة فقط والتعليم باللغة العربية.[73] وكان يُطلب من المدارس الإغلاق في أيام العطل الوطنية والجمعة بدلاً من الأحد.[73] ولم تعد الأعياد المسيحية مُعترف بعا رسمياً، وأصبح يوم الأحد كعطلة مقيدًا فقط بالموظفين المسيحيين.[73] وكان يمكن للطلاب، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أن يدرسوا دينهم فقط.[73] وصفت جيروزاليم بوست هذه الإجراءات بأنها «عملية أسلمة للحي المسيحي في المدينة القديمة».[74] بشكل عام، تم التعامل مع الأماكن المقدسة المسيحية باحترام،[75] على الرغم من أن بعض العلماء والباحثين يقولون أنها عانت من الإهمال.[76] خلال هذه الفترة، تم إجراء تجديدات لكنيسة القيامة، والتي كانت في حالة من الإهمال الخطير منذ الفترة البريطانية بسبب الخلافات بين المجموعات المسيحية التي تدعي وجود حصة فيها.[77] وفي حين لم يكن هناك تدخل كبير في تشغيل وصيانة الأماكن المقدسة المسيحية، إلا أن الحكومة الأردنية لم تسمح للمؤسسات المسيحية بالتوسع.[75] ومُنعت الكنائس المسيحية من تمويل المستشفيات وغيرها من الخدمات الاجتماعية في القدس.[78] في أعقاب هذه القيود، غادر العديد من المسيحيين القدس الشرقية.[75][79]
تمخّضت حرب 1967 في العام 1967 عن استيلاء إسرائيل على الضفة الغربيةوقطاع غزّةوشبه جزيرة سيناءوهضبة الجولان إثر احتلالها من الأردن، مصر، وسورية. أعلنت حكومة إسرائيل عن ضم القدس الشرقية والقرى المجاورة لها إلى إسرائيل عند انتهاء الحرب.
ساعد المستوى الثقافي والتعليمي للمسيحيين وتواجدهم في المدن وانتماؤهم للطبقة الوسطى والعليا في المجتمع العربي إلى زيادة إمكانياتهم لتسلم وظائف خصصت للعرب،[80] فكانت نسبة المسيحيين في قطاعات الإدراة العامة، الخدمات الطبية والمصرفية، التعليم والتجارة أعلى من نسبتهم السكانية.[81] فمثلًا سنة 1955 شكل المعلمين المسيحيين نسبة 51% من مجمل المعلمين العرب في حين نسبة المعلمات المسيحييات كانت 74% من مجمل المعلمات العربيات.[82] وذلك الأمر بالنسبة للسياسة فقد كان المسيحيين وراء إنشاء حزب الجبهة الديمقراطية وحزب التجمع الوطني الديمقراطي في إسرائيل. ويدير المسيحيون في فلسطين التاريخية عددًا من المدارس ومراكز النشاط الاجتماعي ومستشفيات وسواها هي ثلث الخدمات الطبية في الضفة الغربية على سبيل المثال؛ وبرز عدد وافر من الشخصيات التي انخرطت في الساحة الفلسطينية السياسية امثال جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينوحنان عشراويوكمال ناصر.
أدت اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية إلى أنخفاض ناتج القطاع السياحي والتي أثرت على الأقلية المسيحية وعلى أصحاب الفنادق في الضفة الغربية وخصوصاً في بيت لحم الذين يقدمون خدمات المُلبية لإحتياجات السياج الأجانب.[83] أشير تحليل إحصائي لتزايد هجرة المسيحيين من الضفة الغربية منذ عقد 2000 لانعدام الفرص الاقتصادية والتعليمية، خصوصًا هجرة الطبقة الوسطى والمتعلمة منهم.[84] في عان 2002 فرضت قوات الجيش الإسرائيلي حصاراً على المسلحين الفلسطينيين داخل كنيسة المهد في مدينة بيت لحم (منذ 2 أبريل عام 2002 لغاية 10 مايو عام 2002) في فترة الانتفاضة الثانية.[85][86][87] بالمقابل
إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ازداد فيها عدد السكان المسيحيين منذ عام 1948، حيث ارتفع عددهم بنسبة تجاوزت 400%.[88] على الرغم من وجود حرية الدين في إسرائيل وهناك حرية في التبشير في المسيحية كما أن اعتناق المسيحية قانوني، الا عدة تقارير أشارت إلى اعتداءات اليهود المتدينين واليهود اليمينيين على كنائس ومقابر مؤسسات مسيحية، خاصًة من قبل المجموعة اليمينية دفع الثمن.[89]
في عام 2005 عُزل إيرينيوس بطريرك القدس الأرثوذكسي من منصبه الديني عقب قضية صفقة بيع ثلاثة عقارات تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس إلى جمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية، والتي تمت بدون علم المجمع المقدس وبطرق غير قانونية.[90] وتمتلك بطريركية القدس الأرثوكسية نحو 20% من أراضي بلدة القدس القديمة تكمن مشكلتها في أن لديها القليل من الدخل النقدي في حين تحتاج شهرياً مداخيل كبيرة لدفع الرواتب وتمويل المؤسسات التربوية وصيانة عدد كبير من الكنائس والأديرة التابعة لها. وهذه البطريركية مستقلة عن اليونان ولا تحصل على دعم مالي من الحكومة اليونانية كما غيرها من البطريركيات الأرثوذكسية الشرقية، ولا أحد يدعمها بعكس الكنيسة الكاثوليكية التي يقف الفاتيكان وراءها. ومنذ نشأة إسرائيل، تدهور وضع هذه البطريركية المالي بسبب هجرة أتباعها، ولذلك، راحت البطريركية تموّل أنشطتها من خلال بيع أو تأجير ممتلكاتها. ويحتج العرب والمسيحيين بشكل خاص على قضية بيع عقود إيجار فندقي البتراءوإمبريال لمنظمة «عطيرت كوهنيم» اليهودية اليمينية، وهي منظمة تلتزم بتوطين يهود في جميع أنحاء البلدة القديمة.[91]
في فبراير من عام 2018 أغلقت كنيسة القيامة في القدس أبوابها احتجاجاً على إجراءات ضريبية فرضتها إسرائيل ومشروع قانون حول الملكية يطال أملاك الكنائس المسيحية. وأعلن بطاركة ورؤساء كنائس القدس إغلاق الكنيسة، وأعلن البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن، هذا الإجراء الاحتجاجي غير مسبوق، خلال مؤتمر صحفي في القدس، باسم جميع بطاركة ورؤساء كنائس القدس، مشيراً أنه جاء احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية بحق الكنائس حسب قوله. ورفضت الكنائس مشروع قانون تدرسه لجنة التشريعات في الحكومة الإسرائيلية يقضي بفرض ضرائب على أملاك الكنائس المسيحية. يذكر أن مشروع القانون سيعد خرقا لاتفاقات سابقة تعفي هذه الأملاك من ضريبة البلدية، وتخشى الكنائس أن تؤدي تكاليف هذه الضريبة إلى زيادة الضغوط المالية عليها. وأضافوا أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة تبدو «محاولة لإضعاف الوجود المسيحي» في القدس. واتهموا إسرائيل بشن هجوم «ممنهج لم يسبق له مثيل على المسيحيين في الأرض المقدسة». ويخشى الزعماء الدينيون من أن التشريع الذي تدرسه الحكومة الإسرائيلية سيسمح بمصادرة ممتلكات الكنيسة.[92] وأعيد افتتاح كنيسة القيامة في القدس بعد إغلاق دام ثلاثة أيام، وجاء فتح الكنيسة بعد ساعات من تراجع إسرائيل عن قرار جبي الضرائب عن أملاك كنائس المدينة.[93] وفي يوليو من عام 2018 قالت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين أن “قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل” هو قانون عنصري اقصائي، يقصي الديانتين المسيحية والإسلامية كما يقصي المسيحيين بكل كنائسهم الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية وجميع الكنائس الأخرى.[94]
تشير إحصاءات دائرة الإحصاء المركزية للعام 2016 أن عدد المسيحيين في إسرائيل بلغ 170 ألف، ويشكلون حالياً نحو 2.2% من عدد سكان إسرائيل البالغ أكثر من ثمانية ملايين.[10] حوالي 80% من مسيحيي إسرائيل هم مسيحيون عرب،[10][124] الباقي يتوزعون بين مسيحيين يهود الذين جاءوا إلى إسرائيل من الدول الأوروبية، خاصًة دول الاتحاد السوفياتي السابق، أو من معتنقو المسيحية،[10] ويُضاف اليهم 200,000 من الأجانب ممن يتحدثون اللغة العبرية، الذين جاءوا للعمل أو الدراسة.[10] وهناك ما يقرب من 300 شخص تحولوا من الإسلام إلى الديانة المسيحية وفقًا لأحد التقديرات التي تعود لعام 2014، وينتمي معظم هؤلاء المتحولين إلى الكنيسة الكاثوليكيةوالإنجيلية.[125] واستناداً إلى البيانات الرسمية التي وردت من المحاكم الدينية الدرزية، حوالي 10% من 145 حالة للدروز الإسرائيليين الذين إرتدوا وتركوا العقيدة الدرزية بين عام 1952 إلى عام 2009، تحولوا إلى الديانة المسيحية.[126]
يعاني المسيحيون العرب في إسرائيل من التمييز الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من أوجه متعددة وتشرف على شؤونهم الحكومية وزارة الأديان الإسرائيلية،[137] ويعتبرون الأكثر تعلمًا بالمقارنة مع اليهود ككل والمسلمين والدروز؛[138][139] حيث اعتبارًا من عام 2010 كان حوالي 63% من المسيحيين العرب في إسرائيل من حملة الشهادات الجامعيّة،[140] كما ولدى المسيحيين العرب أعلى نسبة أطباء والطلاب الذين يدرسون في مجال الطب، وأعلى نسبة نساء أكاديميات مقارنة ببقية شرائح المجتمع الإسرائيلي،[140] وهم الأقل إنجابًا للأولاد،[16] كما أن مستوى المعيشة الاقتصادي والاجتماعي بين المسيحيين العرب أكثر مماثلة للسكان اليهود من السكان العرب المسلمين والدروز.[17][141]المسيحيين العرب هم واحدة من أكثر المجموعات تعليماً في إسرائيل.[142][143] كذلك لدى المسيحيين العرب حضور بنسبة عالية في العلوم وفي مهن ذوي الياقات البيضاء.[144] في إسرائيل، يُصور المسيحيون العرب على أنهم أقلية عرقية - دينية متعلمة من الطبقة الوسطى.[145]
دائرة الإحصاء المركزية في 31 ديسمبر 2015 (المعطيات الإسرائيليَّة).
المهجر
هاجر العديد من المسيحيين الفلسطينيين إلى بلدان في أمريكا اللاتينية (خاصًة الأرجنتينوتشيلي)، وكذلك إلى أسترالياوالولايات المتحدةوكندا، بالإضافة إلى الدول المجاورة لفلسطين التاريخية مثل لبنانوالأردن. السلطة الفلسطينية غير قادرة على إحصاء دقيق لعدد المهاجرين المسيحيين.[153] انخفاض نسبة المسيحيين يرجع أيضًا إلى حقيقة أن أعداد مواليد العائلة المسيحية هي أقل من العائلات الفلسطينية المسلمة عمومًا.[154] من الصعب تقدير عدد المغتربين المسيحيين، خاصةً وأنّ المعطيات الرسمية لا تُشير إلى الدين.[155] هناك دلائل تشير إلى حجم ظاهرة الهجرة المسيحية، ففي الفترة بين عام 1968 وعام 1993 غادر الضفة الغربيةوقطاع غزة حوالي 13,000 مسيحي أي ما يعادل ربع عددهم الإجمالي حالياً.[155] وفي السابق كانت أمريكا اللاتينية محط أنظار المهاجرين المسيحيين خاصةً من مناطق بيت لحموبيت جالاوبيت ساحور، أما المهاجرين المسيحيين من منطقة رام اللهوالقدس فقد استقروا بشكل عام في الولايات المتحدةوأسترالياوكندا.[156] اعتمد المهاجرون المسيحيون الأوائل على التجارة لكسب معيشتهم، الا أن هذا الإتجاه تغير وأصبحوا أكثر انخراطاً في قطاعات العمل المختلفة بما في ذلك المناصب الأكاديمية.[156] يعيش اليوم حوالي ثلاثة أرباع مجمل المسيحيين التي تعود أصولهم إلى مدينة بيت لحم في المهجر، كما أنَّ عدد المسيحيين المقدسيين في مدينة سيدنيبأستراليا أكبر بالمقارنة مع القدس الشرقية،[157] كما أنَّ عدد المسيحيين الفلسطينيين في الولايات المتحدة والذي تعود أصولهم إلى مدينة رام الله أكبر بالمقارنة مع رام الله.[158]
تُثار نقاشات جديّة حول أسباب هذه الهجرة المسيحية وتتعد الأسباب والطروحات حولها. الغالبيّة العظمى من المسيحيين الفلسطينيين وذريتهم في الشتات هم أولئك الذين فروا أو طردوا أثناء حرب 1948.[159] ذكرت وكالة رويترز أنّ الهجرة كانت بشكل أساسي من أجل تحسين مستوى المعيشة بسبب وجود نسبة عالية من المتعلمين بين المسيحيين.[121] ووفقًا لبي بي سي كان التدهور الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، وكذلك ضغوط الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سببًا للهجرة.[116] ذكر تقرير شمل سكان بيت لحم أن كلًا من المسيحيين والمسلمين يرغب في ترك البلاد لكن بسبب امتلاك المسيحيين اتصالات مع أقارب في المهجر، ومستويات أعلى من التعليم كان يسهل للمسيحيين طريق الهجرة.[160] يلقي الفاتيكانوالكنيسة الكاثوليكية باللوم على الاحتلال الإسرائيلي والصراع لهجرة المسيحيين من الأراضي المقدسةوالشرق الأوسط بشكل عام.[161] ذكرت الصحيفة الإسرائيلية جيروزليم بوست أن «تقلص أعداد الطوائف المسيحية الفلسطينية في الأراضي المقدسة جاء كنتيجة مباشرة بسبب انتمائها إلى الطبقة المتوسطة». يذكر أن المسيحيين لديهم صورة عامة كنخبة متعلمة وذات امتيازات طبقية، وكذلك عدم لجوئهم إلى العنف، مما يجعلهم أكثر عرضة للتعرض لأعمال عنف. وقد عزا حنا سنيورة، أحد أبرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان في فلسطين، أن التحرش ضد المسيحيين يعود إلى «مجموعات صغيرة» من «السفاحين» وليس من الحكومات مثل حماسوفتح.
وفقًا لتقرير في صحيفة الإندبندنت، فإنّ الآلاف من الفلسطينيين المسيحيين «هاجروا إلى أمريكا اللاتينية في سنوات 1920 عندما تعرضت فلسطين إلى الجفاف والكساد الاقتصادي الشديد».[162] وتتواجد اليوم أكبر جالية فلسطينية وفلسطينية مسيحية خارج العالم العربي خصوصًا تلك الموجودة في أمريكا اللاتينية وتصل أعدادهم إلى نصف مليون فلسطيني في أمريكا اللاتينية والوسطى منهم 80 إلى 85% من المسيحيين الفلسطينيين.[15] وتضم التشيلي أكبر جالية فلسطينية مسيحية في العالم خارج منطقة فلسطين، حيث تصل أعدادهم إلى 350,000 وتعود أصول غالبيتهم إلى بيت جالاوبيت لحموبيت ساحور ويعتبرون من الأقليات الناجحة جدًا، فغالبيتهم ينتمون إلى الطبقة العليا والوسطى ومن المتعلمون كما وقد برز عدد منهم في السياسة والاقتصاد والثقافة.[163] هناك جاليات كبيرة أيضًا في السلفادور، هندوراس، البرازيل، كولومبيا، الأرجنتين، فنزويلا، الولايات المتحدة وغيرها من الدول.[15][164] يُذكر أنّ 46% من فلسطينيو أمريكا ذووي الغالبيَّة المسيحيَّة هم من حملة الشهادات الجامعيَّة.[165] تُعتبر الجالية المسيحيّة في المهجر من «الأغنياء والمتعلّمين وذوي النفوذ».[166]
أدّت الهجرة المسيحية الفلسطينية إلى ظهور رعايا جدد في الشتات الفلسطيني؛ فكنيسة عمان التي كانت تعد بضع مئات وصلت إلى عشرة آلاف نسمة نتيجة التهجير، ونشأت تسع كنائس جديدة في الزرقاء للاتين وحدهم.[68] شطرت الحرب أيضًا سبل إدارة البطريركية ولجأ منذ عام 1949 إلى تقسيمها إلى ثلاث فئات: نائب بطريركي يقيم في الناصرة لإدارة شؤون من تبقى من المسيحيين العرب داخل إسرائيل، ونائب آخر في الأردن، واقتصرت سلطة البطريرك الفعلية على القدس وجوارها فقط.[69] حين استمرت الهجرة نحو أوروباوالعالم الجديد كإحدى أبرز موبقات المسيحية في جنوب بلاد الشام خلال المرحلة الراهنة، ولعل التدهور الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية إلى جانب الاحتلال أحد أبرز عوامل الهجرة.
هناك وجود تاريخي للكنيسة الأرمنيّة ويعود وجودها إلى إقامة الطائفة الأرمنية في القدس منذ القرن الخامس. ويتضح من مراجع أرمينية أن البطريركية الأرمنية الأولى تأسست عندما منح الخليفةعمر بن الخطاب امتيازًا للأسقف أبراهام عام 638، وقد كان حي خاص بالأرمن في عهد الصليبيين.[169] ومن أواخر القرن التاسع عشر، وخاصة خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، ازداد عدد أبناء الطائفة المحلية بسبب تدفق اللاجئين إليها هربًا من المذابح الأرمنية، وبعد قيام دولة إسرائيل هاجر 90% من الأرمن إلى الخارج حيث يصل عددهم اليوم إلى ألفين، يتمركزون في حارة الأرمن في القدس وينشطون تجاريًا واجتماعيًا. الكنيسة الأرمنية واحدة من الكنائس الثلاث الكبرى التي تمتلك معظم المواقع الدينية في فلسطين التاريخية.[171] ويتركز الأرمن في القدس الشرقية،[172] ومدينة حيفا،[173] والناصرة،[174]وعكا، والرملةويافا.[175]
تشير التقديرات أنه قبل إنشاء إسرائيل عام 1948 كانت نسبة المسيحيين الفلسطينيين حوالي 8% من السكان،[182] لكن هذه النسبة انخفضت تدريجياً بفعل الهجرة المكثفة وتدني معدلات الإنجاب في أوساط المسيحيين مقارنة بالمسلمين لتصل إلى نسبتهم الحالية. يُذكر أنّ بعض الأسر المسيحية المشرقية ترتبط بنسب مع المسيحيين الأوائل وتعود أصولهم إلى عصور المسيحية المبكرة، ويتواجدون في مدن مثل القدسوبيت لحموالناصرة وفي منطقة الجليل. بعض هذه الأسر تحمل أسماء مثل حنا وحنانيا وصهيون وإلياس ومنسّى وسليمان ويواكيم وزكريا وغيرها.[183]
يجلّ المسيحيون القدس لأسباب مختلفة، منها تاريخها الذي ورد ذكره في العهد القديم، إضافة إلى لعبها دورًا محوريًا في حياة يسوع. ينص العهد الجديد أن يسوع أًحضر إلى المدينة بعد ولادته بفترة قصيرة،[184] وتذكر التقاليد المسيحية أنه قام لاحقًا بتطهير معبد حيرود من الأصنام الرومانية التي وضعها الملك حيرود داخله، وأنه قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام ولم يدع أحدًا يجتاز الهيكل بمتاع.[185]
يؤمن البعض أن العليّة حيث تناول يسوع وتلاميذه العشاء الأخير، تقع على جبل صهيون في ذات المبنى حيث يقع ضريح الملك داود.[186][187] ومن المواقع المسيحية المقدسة في المدينة أيضًا، التلّة المعروفة باسم «جلجثة»، وهي موقع صلب يسوع بحسب الإيمان المسيحي. يصف إنجيل يوحنا هذه التلّة بأنها تقع خارج القدس،[188] إلا أن بعض الحفريات أظهرت مؤخرًا أنها تقع على بُعد مسافة قليلة من البلدة القديمة داخل حدود المدينة الحاليّة.[189] أمّا أقدس الأماكن المسيحية في القدس فهي كنيسة القيامة، التي يحج إليها المسيحيون من مختلف أنحاء العالم منذ حوالي ألفيّ سنة، ويقول بعض الخبراء والمؤرخين أنها أكثر المواقع احتمالاً بأن تكون قد شُيدت على الجلجثة.[189][190][191]
تطورت المناطق السكنيّة المسيحية في مدينة القدس مع زيادة النفوذ الغربي الأوروبي فبتنيت مدارس الإرساليات والمشافي والمعاهد العلمية، فازدهر حي النصارى مقارنة بالأحياء الأخرى التي عانت من فقدان هذه الخدمات، كما نشطت حارة النصارى اقتصاديًا خاصًة مع ازدهار أحول سكانه الذين عملوا بالتجارة، ومع هجرة مسيحيي القدس أرسل أثرياء المهجر أموالاً لدعم أهالي الحي. في عام 1898 وافقت الدولة العثمانية على طلب من الدول الأوروبية وفتحت بوابة جديدة في أسوار البلدة القديمة، في منطقة جديدة للتنمية. كانت تسمى بوابة «الباب الجديد».[193] وتملك إيطالياوفرنساوروسياواليونانوإسبانياوالمملكة المتحدةوالنمساوالولايات المتحدة أكثر من مئتي معلم معماري أثري في القدس،[194] وتتنوع ما بين الكنائس والأديرة والمراكز الثقافية والمدارسوالمشافيوبيوت الضيافة، وتدير هذه الأملاك الحكومات أو الإرساليات التبشيرية.[194] من بينها جمع الآباء الفرنسيسكان المعروف باسم «مجمع الأرض المقدسة» والذي تملكه إيطاليا، وكنيسة القديسة حنة والتي تعود ملكيتها إلى الحكومة الفرنسية،[195]والمسكوبية والتي تعود ملكيتها إلى الروس، ومجمع أوغوستا فيكتوريا الذي بناه الألمان البروتستانت.[196]
كان عدد المسيحيين في القدس سنة 1947 نـحو 27 ألفاً، يٌذكر أنّ أغلبية القدس الغربية كانت من مسيحيين. قامت العصابات الصهيونية بمسح أحيائها وتهجير سكانها وإنشاء أحياء سكنية يهودية فيها لتشكيل «القدس الغربية اليهودية». وهكذا، فكما يقول المؤرخ الفلسطيني سامي هداوي أن نسبة تهجير العرب من القدس بلغت 37% بين المسيحيين مقابل 17% بين المسلمين،[65] سجلت أيضًا في أعقاب حرب 1967 مصادرة أملاك ومدارس وكنائس بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة، ومزيد من التهجير، في حين استمرت الهجرة نحو أوروباوالعالم الجديد. وفقًا لإحصائيّة دائرة الإحصاء المركزية في 31 ديسمبر 2015 وجدت أنّ عدد المسيحيين في مدينة القدس يصل إلى حوالي 12,300.
وعلى الرغم من أن الأرمن منفصلون رسميًا عن المسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك العرب في القدس، فإن الأرمن يعتبرون أن حي الأرمن جزء من الحي المسيحي في المدينة.[197] وعبرت البطريركيات المسيحية الثلاث في القدس وحكومة أرمينيا علناً عن معارضتها لأي انقسام سياسي في الحارتين،[198] وأشارت في بيان رسمي لها: «نحن نعتبر الأحياء المسيحية والأرمنية في البلدة القديمة كيانات مترابطة ومتصلة ومتحدة بقوة من نفس الإيمان».[199] إن الأسباب الرئيسية لوجود حي أرمني منفصل هي المذهب الميافيزيواللغةوالثقافة المميزة للأرمن، والذين، على عكس غالبية المسيحيين في القدس، ليسوا عرباً.[200]
وفقًا لمعهد القدس للدراسات السياسية عام 2019، بلغ عدد المسيحيين في القدس حوالي 15,000 ويُشكلون 2% من مجمل سكان المدينة. في عام 1946 كان عدد المسيحيين في المدينة 31,00 نسمة وكانوا يُشكلون حوالي 19% من سكانها، ويعود تناقض الأعداد بسبب الهجرة المسيحية واسعة النطاق.[201] كما أشار استعراض معهد القدس لأبحاث السياسة أيضًا إلى أن حوالي 44% من المسيحيين في القدس يعيشون في البلدة القديمة، حيث يبلغ عددهم حوالي 6,500 نسمة، ويتركز حوالي 4,000 منهم في الحي المسيحي وحوالي 2,500 في الحي الإسلاميوالأرمني.[201] تاريخياً ضمت بعض الأحياء مثل العيسوية،[202]وبيت حنينا،[203]والمستعمرة الأمريكية في القدس على أعداد من المسيحيين.[204] وتضم بيت صفافا على أعداد من المسيحيين تعود أصولهم إلى مدينة يافاوالناصرة والقدس، مما أدى إلى توسيع المجتمع المسيحي الصغير فيها.[205] كما وضمت قرية أبو غوش تاريخياً على طائفة مسيحية صغيرة.[206]
مدينة بيت لحم هي من أقدس المواقع المسيحية في العالم كونها المدينة التي فيها وُلِدَ يسوع، وبسبب قدسية مدينة بيت لحم لدى العالم المسيحي يتواجد في المدينة عدد كبير من الكنائس والأديرة فضلًا عن المواقع المسيحية المقدسة، بالإضافة إلى المؤسسات المسيحيّة المختلفة من مدراسوجامعة كاثوليكية ومستشفيات شتى، وكونها مدينة ميلاد يسوع تحظى المدينة بشعبية واسعة، وترتبط بعيد الميلاد. كانت كنيسة المهد هي الأولى بين الكنائس الثلاث التي بناها الإمبراطور قسطنطين في مطلع القرن الرابع الميلادي حين أصبحت المسيحية ديانة الدولة الرسمية، وكان ذلك استجابة لطلب الأسقف ماكاريوس في المجمع المسكوني الأول في نيقية عام 325 للميلاد. دخلت كنيسة المهد سنة 2012 قائمة مواقع التراث العالمي، كنيسة المهد هي أول موقع فلسطيني يدرج ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.[207] وتتسم العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في المدينة بالإيجابية والتعايش، ووفقًا للاستطلاع الذي أجراهُ المركز الفلسطيني للبحوث والحوار الثقافي في عام 2006 في مدينة بيت لحم تبيَّن أن 90% من المسيحيين قالوا أن لديهم أصدقاء مسلمين، ووافق 73.3% منهم على أن السلطة الوطنية الفلسطينية تُعامل التراث المسيحي في المدينة باحترام ونسبة 78% منهم عزت سبب هجرة المسيحيين إلى القيود الإسرائيلية التي تفرُضها على السفر.[208]
يسكن مدينة بيت لحم أحد أقدم المجتمعات المسيحية في العالم. بعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام في عام 630، تعربّ المسيحيين المحليين على الرغم من أن أعداداً كبيرة منهم كانوا عرباً بالأصل وتعود أصولهم إلى عشيرة الغساسنة.[209] وتعود أصول أكبر عشيرتين مسيحيتين في بيت لحم إلى الغساسنة، بما في ذلك الفرحية والنجاجرة.[209] وتنحدر العشيرة الأولى من الغساسنة الذين هاجروا من اليمن ومن منطقة وادي موسى في الأردن الحالية، وينحدر النجاجرة من نجران.[209] وتعود أصول عشيرة مسيحية أخرى في بيت لحم، وهي العناترة، إلى الغساسنة.[209] بدأت الهجرة المسيحية من الدولة العثمانية ومن منطقة ما يعرف بالمثلث المسيحي خلال القرن التاسع عشر، حيث كانت أمريكا اللاتينية تاريخياً محط أنظار المهاجرين المسيحيين خاصةً من مناطق بيت لحموبيت جالاوبيت ساحور، أو ما يُعرف بالمثلث المسيحي.[156]
تراجعت أعداد المسيحيين في مدينة بيت لحم بشكل مُطرد منذ متصف القرن العشرين، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الهجرة،[210] ويمثل انخفاض معدل مواليد المسيحيين أيضًا سببًا آخر لهذا التراجع.[211] في عام 1947 بلغت نسبة المسيحيين حوالي 85%، ولكن بحلول عام 1998 انخفضت النسبة إلى 40%.[210] في عام 2005 وضح رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة أن «نتيجة للتوتر سواء الجسدي أو النفسي والحالة الاقتصادية السيئة، كثير من الناس يهاجرون، سواء مسيحيين أو مسلمين، لكن الهجرة أكثر انتشارًا بين المسيحيين، لأنهم بالفعل أقلية».[212] ذكرت الصحيفة الإسرائيلية جيروزليم بوست أن «تقلص أعداد الطوائف المسيحية الفلسطينية في الأراضي المقدسة وبشكل خاص في بيت لحم جاء كنتيجة مباشرة بسبب انتمائها إلى الطبقة المتوسطة والعليا». وأدى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية إلى انخفاض ناتج القطاع السياحي والتي أثرت على الأقلية المسيحية وعلى أصحاب الفنادق في بيت لحم الذين يقدمون الخدمات المُلبية لاحتياجات السياح الأجانب.[213] أشار تحليل إحصائي لهجرة المسيحيين من المدينة لانعدام الفرص الاقتصادية والتعليمية، خصوصًا بسبب انتماء المسيحيين إلى الطبقة الوسطى وارتفاع المستوى التعليمي بينهم.[84] مُنذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية غادر 10% من السكان المسيحيين المدينة. صرح آمون رمنون الباحث في معهد القدس لأبحاث السياسات، أن سبب هجرة المسيحيين بالمقارنة مع هجرة المسلمي هو بسبب سهولة إندماج المسيحيين العرب في المجتمعات الغربية مقارنة بالمسلمين العرب، حيث أن العديد منهم يحضرون يدرسون في المدارس التبشيرية، حيث يتم تدريسهم اللغات الأوروبية على مستوى عالي.[211] كما أنَّ نسبة عالية من المسيحيين في المنطقة هم من سكان الحضر وذوي مستوى تعليمي عالي، مما يسهل عليهم الهجرة والاندماج بين السكان الغربيين.[211]
قطاع غزة
بدأت المسيحية بالانتشار في جميع أنحاء غزة عام 250م، بما في ذلك ميناء مايوما.[214][215][216][217] بعد تقسيم الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي، ظلت غزة تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية الشرقية التي أصبحت بدورها الإمبراطورية البيزنطية. ازدهرت المدينة وكانت مركزًا مهمًا لجنوب فلسطين.[218] تأسست أسقفية مسيحية في غزة. تم تسريع التحول إلى المسيحية في غزة تحت حكم القديس بورفيريوس بين عام 396 وعام 420. خلال هذه الحقبة، أطلق الفيلسوف المسيحي إينيس من غزة على غزة، مسقط رأسه، «أثينا آسيا».[219]
بلغ عدد المسيحيون في قطاع غزة حوالي 733 مسيحيًا في عام 2018، بعدما كان في عام 2008 حوالي 3,500،[220] يعود انخفاض أعداد المسيحيين في قطاع غزة إلى الهجرة المسيحية واسعة النطاق بسبب الصراع العربي الإسرائيلي وتردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع والحصار الإسرائيلي على القطاع،[220] والمضايقات من قبل حماس،[220] حيث أدت الجهود الرامية إلى فرض الشريعة والتقاليد الإسلامية عندما استولت حماس بالقوة على قطاع غزة في يونيو من عام 2007 إلى وضع ضغوطاً متزايدة على الأقلية المسيحية في قطاع غزة.[107][108] بالإضافة إلى انخفاض المواليد بين المسيحيين بالمقارنة مع المسلمين.[220] وتحرم السُلطات الإسرائيلية المسيحيون الفلسطينيون في قطاع غزة من المشاركة في الأعياد المقدسة والطقوس الدينية في الضفة الغربية (تشمل القدس).[221][222] وفق ما صرح به منويل مسلم لقناة العربية،[104] معظم مسيحيي غزة يهتمون بتحصيل الدرجات العالية في العلوم المختلفة حيث يعمل 40% منهم في مجالات الطبوالتعليموالهندسةوالقانون.[104] كما تمتلك الكنائس الفلسطينية بمدينة غزة مؤسسات تعليمية وخدماتية، وإلى جانب المؤسسات التعليمية تمتلك كنائس غزة مؤسسات صحية وإغاثية ومهنية مهمة للمجتمع الغزي وتقدم خدماتها للمسيحيين والمسلمين من دون تمييز، ومنها مؤسسات تتبع مجلس الكنائس العالمي ومنها جمعية الشبان المسيحية التي تأسست عام 1952 والتي تقدم العديد من الخدمات الثقافية والتعليمية والاجتماعية، والرياضية.[104] يعيش الغالبية في حي الزيتون في البلدة القديمة وينتمون إلى طائفة الروم الأرثوذكس واللاتين والكنيسة المعمدانية.[223]
تُعتبر الناصرة قاعدة للطوائف المسيحية المختلفة لوجود العديد من الأماكن المقدسة فيها، والتي أقيمت عليها الكنائس، كما أقيمت بقربها الأديرة والمؤسسات الخيرية والتعليمية، والنزل والفنادق للحجاج. وتشير بيانات عام 1949 إلى أن نسبة المسيحيين من السكان قد بلغت 60%، ولكنها انخفضت في عام 1972 إلى 53%، وأصبحت في عام 1983 حوالي 40%. ووفقًا لبيانات عام 2015 يشكل المسيحيون اليوم 30.0% فقط من السكان. يعود الانخفاص المستمر لنسبة المسيحيين أساسًا إلى انخفاص نسبة المواليد بين المسيحيين وإلى الهجرة المسيحية إلى المدن المجاورة مثل حيفاوالناصرة العليا وإلى خارج البلاد خصوصًا إلى الأمريكتين، يٌذكر أن 70,000 مسيحي من أصول نصراويَّة يقطن في الولايات المتحدة.[224]
غالبًا ما يعتبر المسيحيون في مدينة الناصرة أغنياء نسبيًا،[225] ومتعلمين،[225] ومعتدلين سياسيًا حيث يميلون إلى التصويت للأحزاب اليساريًَّة وهم نشيطون بشكل خاص في حزب الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة.[226] كما وجدت إحصائيات بيانات المكتب المركزي للإحصاء سنة 2008 أنّ المسيحيين في الناصرة، إلى جانب المسيحيين في حيفا، من أكثر الفئات المتعلمّة في داخل إسرائيل إذ أنّ نسب الحاصلين على شهادة البجروت أو شهادة الثانوية العامة ونسب حملة الشهادات الجامعية بين المسيحيين في الناصرة مرتفعة.[225] ويدير المسيحيون في المدينة عددًا كبيرًا من المدارس ومراكز النشاط الاجتماعي والمستشفيات وسواها. ويحتل مسيحيو الناصرة غالبية المناصب العليا في المدينة: ثلاثة مستشفيات ومديرو بنوك، وقضاة ومدراء مدارس وكليات.[225] أدَّت الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين ثروة المسيحيين وفقر المسلمين في الناصرة أحيانًا إلى أزمات طائفية.[227]
يُقسم السكان المسيحيون في الناصرة إلى طوائف مختلفة تحافظ على إطارها المستقل، كما تضم عددًا من الجماعات والفئات الطائفية المختلفة التي نشأت نتيجة تطور تاريخي طويل. الفئة الأولى من المسيحيين في البلاد عامة يرجع تاريخها للشعوب التي تواجدت في فلسطين عشية الفتح الإسلامي، كالآراميينوالسامريينواليهود المتنصرينوعرب وأبناء شعوب أخرى. ومنذ ذلك الحين اُضيفت طبقات سكان جديدة أثناء الحج إلى الأماكن المقدسة عند المسيحيين. وفي عهود مختلفة تجمع في البلاد أبناء طوائف مسيحية أجنبية، كالأرمنوالأقباطوالأحباش. ثم تعاقبت أفواج المستوطنين المسيحيين من أوروبا أثناء الحملات الصليبية، إلا أنهم فقدوا هوياتهم القومية ولغاتهم وعاداتهم وأندمجوا في الهوية العربية والمشرقية المسيحية. معظم المسيحيين في الناصرة اليوم عرب من حيث انتمائهم القومي، ولا يختلفون عن المسلمين من حيث الثقافة، واللغة والعادات اليومية.
مركز السبيل المسكوني للاهوت هي منظمة مسيحية غير حكومية مقرها في القدس، تأسست في عام 1989 من قبل الكنيسة الانجليكانية الأسقفية عن طريق القس الدكتور نعيم عتيق، راعي كاتدرائية القديس جورج في القدس.[229] عُقد في العام 1990 مؤتمر دولي شارك فيه عدد من رموز «لاهوت التحرير» من أنحاء العالم كافة، وذلك في معهد طنطور المسكوني في القدس. وقد نشرت أعمال المؤتمر في كتاب حمل عنوان «الإيمان والانتفاضة». وإلى جانب الكتاب، وُلد عن المؤتمر الدولي حركة «السبيل» ولاحقاً موقعها على الإنترنت. وللحركة، إضافة إلى مركزيها في القدس والناصرة، فروع في أسترالياوإسكندنافياوبريطانياوجمهورية أيرلنداوكنداوالولايات المتحدة، لكون هذه الحركة مدعومة من حركات مشابهة لها تنضوي تحت إطار حركة لاهوت التحرير العالمية. وهي تؤمّن لـ «السبيل» أشكالاً عديدة من الدعم المالي والتربوي والأشكال اللاعنفية لمقاومة الاحتلال.
الوثيقة تعلن أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين «خطيئة ضد الله» وضد الإنسانية. وتدعو الكنائس والعالم المسيحي والمسيحيين في جميع أنحاء العالم للنظر فيه واعتماده والدعوة إلى مقاطعة إسرائيل. وفي هذه الوثيقة التاريخية يرون أن «الاحتلال العسكري لأرضنا هو خطيئة ضد الله والإنسان، وأن اللاهوت الذي يبرر هذا الاحتلال، هو لاهوت تحريفي، وبعيد جداً عن التعاليم المسيحية، حيث إن اللاهوت المسيحي الحق هو لاهوت محبة وتضامن مع المظلوم، ودعوة إلى إحقاق العدل والمساواة بين الشعوب». تعرضت الوثيقة إلى انتقادات من قبل الجماعات المسيحية الصهيونية.[230]
تم اقتباس تلك الفكرة من نموذج «كايروس جنوب أفريقيا»، وهي وثيقة مشابهة كتبت في عام 1985 في سويتو بجنوب أفريقيا وبتوقيع أكثر من 150 من قادة الكنيسة هناك، وقد دعت إلى العصيان المدني، والنضال لأجل الحرية والعدل، وقد أثارت تلك الوثيقة ردود فعل قوية وجدالات عميقة وجادة، في مختلف كنائس العالم، ونجحت كونها إحدى أهم الأدوات التي أسقطت نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا.
مؤسسة الأراضي المقدسة المسيحية المسكونية
تأسست مؤسسة الأراضي المقدسة المسيحية المسكونية في عام 1999 من قبل مجموعة من المسيحيين الأمريكيين للحفاظ على الوجود المسيحي في الأراضي المقدسة، والهدف من ذلك هو محاولة لمواصلة وجود ورفاه المسيحيين العرب في الأراضي المقدسة وتطوير أواصر التضامن بينهم وبين المسيحيين في أي مكان آخر. تقدم مؤسسة الأراضي المقدسة المسيحية المسكونية المساعدة المادية للمسيحيين الفلسطينيين والكنائس في المنطقة. كما وتدعو إلى التضامن من قبل المسيحيين الغربيين مع المسيحيين في الأراضي المقدسة.[231][232][233]
يعتبر المجتمع المسيحي الفلسطيني مجتمعا حضريا، إذ يعيش غالبية المسيحيين في فلسطين التاريخية في مجمعات حضرية. وينتمي غالبية المواطنين المسيحيين في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية إلى الطبقة الوسطى والطبقة الغنية أو الطبقة العليا،[247] تمتلك عشرة عائلات مسيحية ثلث اقتصاد قطاع غزة، وفق ما صرح به المنسيور الأب منويل مسلم لقناة العربية.[103] وتربع كل من المليارديرسعيد خوريوحسيب الصباغ قائمة الفلسطينيين الأكثر ثراء. يعتبر المستوى التعليمي لدى المسيحيين في الأراضي الفلسطينية الأعلى بالمقارنة مع المجموعات الدينية الأخرى، حيث يهتم معظم مسيحيي غزة بتحصيل الدرجات العالية في العلوم المختلفة، ويعمل 40% منهم في مجالات الطبوالتعليموالهندسةوالقانون.[104] يُذكر أن مدينة رام الله احتوت في تاريخها الحديث على نسبة كبيرة من الطبقة الأرستقراطيّةوالبرجوازيّة المسيحيّة.[248][249]
أمّا في إسرائيل؛ لدى المسيحيين العرب أعلى متوسط دخل أسرة بين المواطنين العرب في إسرائيل وثاني أعلى متوسط دخل للأسرة بين الجماعات العرقية والدينية في إسرائيل.[250] كما أنّ لدى المسيحيين العرب أدنى نسبة فقر وأدنى نسبة للبطالة وهي 4.9% في عام 2012 بالمقارنة مع 6.5% بين اليهود و9.2% بين الرجال والنساء المسلمين.[251] ويعمل أغلب المسيحيين العرب في العلومومهن الياقات البيضاء أو في مجال الأعمال التجارية وفي المجالات الأكاديميَّة.[252] وفقًا لإحصائية إحصائيات بيانات المكتب المركزي للإحصاء سنة 2011 تبين أن حوالي 58% من المسيحيين مشتركون في القوى العاملة المدنية وهي نسبة مشابهة للوسط اليهودي، بالمقابل 37.9% لدى المسلمين و36.7% لدى الدروز[253] وتحتل قرية معليا المسيحية أعلى المعدلات من حيث نصيب الفرد من الدخل بين القرى العربية في إسرائيل.[254]
المسيحيون العرب هم واحدة من المجموعات الأكثر تعليمًا في إسرائيل،[256][257] حيث يطلق عليهم أقلية نموذجية. وقد وصفت صحيفة معاريف المسيحيين العرب بأنهم «الأنجح في نظام التعليم»،[258] حيث يحظى العرب المسيحيون بمستوى تعليم أفضل بالمقارنة مع أي مجموعة دينية أخرى في إسرائيل.[123] كما لدى المسيحيين العرب واحدة من أعلى معدلات النجاح في شهادة الثانوية العامة أو ما يسمى بالبجروت مع نسبة (73.9%) في عام 2016،[259][260] بالمقارنة مع المسلمين والدروز وبالمقارنة مع جميع الطلاب في نظام التعليم اليهودي، كما أنّ المسيحيين العرب في الطليعة من حيث التوجه للتعليم العالي،[123][261] اعتبارًا من عام 2010 كان حوالي 63% من المسيحيين العرب في إسرائيل من حملة الشهادات الجامعيّة،[138][140] كما أنّ نسبة المسيحيين الحاصلين على البكالوريوسوشهادة جامعية أكثر من متوسط النسبة بين السكان الإسرائيليين.[123] ووجدت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن نسبة الطلاب الذين يدرسون في مجال الطب أيضًا هي الأعلى بين الطلاب العرب المسيحيين، مقارنة مع جميع الطلاب من الديانات الأخرى.[123] كما وجدت أنّ نسبة النساء المسيحيات العربيات الطالبات في التعليم العالي أعلى من القطاعات الأخرى.[258] وعلى الرغم من أن نسبة المسيحيين العرب هي 2.1% من إجمالي السكان الإسرائيليين،[262] في عام 2014 كانت نسبة المسيحيين العرب من مجموع الطلاب في الجامعات الإسرائيلية حوالي 17.0%، وحوالي 14.4% من إجمالي عدد طلاب الكليّات الإسرائيلية.[263]
يتمتع المسيحيون العرب في إسرائيل بأعلى الإنجازات في القطاع العربي على جميع المؤشرات: نسبة الحاصلين على شهادة الثانوية العامة (البجروت)، ونسب خريجي الجامعات، ومجالات العمل.[264] وفقاً لدراسة المسيحيين العرب: اليهود الإسرائيليين الجدد؟ تأملات في المستوى التعليمي للمسيحيين العرب في إسرائيل وهي دراسة قامت بها حينا ديفيد من جامعة تل أبيب، أن أحد العوامل هو المؤسسات التعليمية المسيحية ذات المستوى العالي. المدارس المسيحية هي من بين أفضل المؤسسات التعليمية في إسرائيل، في حين أن تلك المدارس لا تمثل سوى 4% من مجمل القطاع التعليمي العربي، فإن حوالي 34% من مجمل الطلاب الجامعيين العرب تلقوا تعليمهم في المدارس المسيحية،[265] وحوالي 87% من عرب إسرائيل العاملين في قطاع تكنولوجيا التقنية العالية، قد تلقوا تعليمهم في المدارس المسيحية.[266]
النهضة في فلسطين
شارك المسيحيون العرب في العصر الحديث في أداء أدوار تكوينية وبناءة في عمليات التحول من الأبنية التقليدية إلى المؤسسات الحديثة، لسابق تعرفهم واتصالهم بالثقافة الأوروبية، ومن ثم لعبوا دور الوسيط بين أوروبا والغرب والمجتمعات العربية،[267] وساهموا في تطوير النخب الثقافية العربية من خلال الترجمات عن اللغات الأوروبية عموماً، والفرنسية على وجه الخصوص. سبقُ اهتمام ومشاركة بعض المثقفين المسيحيين العرب في عملية تجديد اللغة العربية وآدابها من خلال الدراسات اللغوية والنقدية،[267] التي استعارت وطبقت بعض المناهج الحديثة، بالإضافة إلى دورهم الإبداعي في الشعروالقصة القصيرةوالروايةوالمسرح والسرديات الحداثية عموماً على اختلاف أجناسها ونصوصها.[267] الأدوار الفكرية والإبداعية للمبدعين والمفكرين والنقاد المسيحيين العرب شكلت أحد أبرز وجوه الاستعارات الحداثية العربية التي ساهمت في تفكيك البنيات الأدبيّة والفكرية التقليدية والمحافظة.[267]
بدأت النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر، وذلك في أعقاب خروج محمد علي باشا من بلاد الشام عام 1840 وتسارعت وتيرتها أواخر القرن التاسع عشر، وكانت بيروت والقاهرة ودمشق وحلب مراكزها الأساسية، وتمخض عنها تأسيس المدارس والجامعات العربية والمسرح والصحافة العربيين وتجديد أدبي ولغوي وشعري مميز ونشوء حركة سياسية نشطة عرفت باسم «الجمعيات» رافقها ميلاد فكرة القومية العربية، والمطالبة بإصلاح الدولة العثمانية ثم بروز فكرة الاستقلال عنها مع تعذر الإصلاح والمطالبة بتأسيس دول حديثة على الطراز الأوروبي؛ كذلك وخلال النهضة تم تأسيس أول مجمع للغة العربية وإدخال المطابع بالحرف العربي، وفي الموسيقى والنحت والتأريخ والعلوم الإنسانية عامة، فضلاً عن الاقتصاد وحقوق الإنسان. وملخص الحال أنّ النهضة الثقافية التي قام بها العرب أواخر الحكم العثماني كانت نقلة نوعية لهم نحو حقبة ما بعد الثورة الصناعية،[270] ولا يمكن حصر ميادين النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر بهذه التصنيفات فقط، إذ أنها امتدت لتشمل أطياف المجتمع وميادينه برمته،[271] ويكاد يعمّ الاتفاق بين المؤرخين على الدور الذي لعبه المسيحيون العرب في هذه النهضة، سواء في جبل لبنان أو مصر أو فلسطين أو سوريا، ودورهم في ازدهارها من خلال المشاركة ليس فقط من الوطن بل في المهجر أيضًا.[272] إذ كون المسيحيون في العصر الحديث النخبة المثقفة والطبقة البرجوازية مما جعل مساهمتهم في النهضة الاقتصادية ذات أثر كبير، على نحو ما كانوا أصحاب أثر كبير في النهضة الثقافية، وفي الثورة على الاستعمار بفكرهم ومؤلفاتهم، وعملهم.[273]
يذكر على سبيل المثال في الصحافة سليم العنجوي مؤسس «مرآة الشرق» عام 1879، وأمين السعيل مؤسس مجلة الحقوق، وجرجس ميخائيل فارس مؤسس «الجريدة المصرية» عام 1888، وإسكندر شلهوب مؤسس مجلة السلطنة عام 1897وسليم تقلا وشقيقه بشارة تقلا مؤسسا جريدة الأهرام،[274] وفي فقه اللغة العربية يذكر إبراهيم اليازجيوناصيف اليازجيوبطرس البستاني. في الوقت ذاته، دخلت إلى حلب على يد المطران ملاتيوس نعمة المطبعة الأولى بأحرف عربية إلى بلاد الشام واستمرت في الطباعة حتى 1899. من جهة أخرى، ساهم المسيحيون العرب في مقارعة سياسة التتريك التي انتهجتها جمعية الاتحاد والترقي وبرز في حلب على وجه الخصوص المطران جرمانوس فرحات والخوري بطرس التلاوي، وتأسست المدرسة البطريركية في غزير التي خرجت عددًا وافرًا من أعلام العربية في تلك المرحلة،[275] ولعبت الجامعات المسيحية كجامعة القديس يوسفوالجامعة الأميركية في بيروت وجامعة الحكمة في بغداد وغيرها دورًا رياديًا في تطوير الحضارة والثقافة العربية.[276] وفي الأدب يذكر مي زيادةوخليل السكاكينيوسليم قبعين. وفي المجال الاقتصادي، برز عدد من العائلات المسيحية ومنهم رجل الأعمال والمصرفي حبيب السكاكيني ورجال الأعمال من آل صابات الفلسطينيّة الأصل في مصر.[277]
اتسمت الاتجاهات السياسية والحزبية لدى المسيحيين في الدول العربية على العموم بتأييد اليساروالاشتراكيةالقوميةوالعلمانية، هذا التوجه كان نفسه لدى مسيحيي إسرائيلوالضفة الغربيةوقطاع غزة.[267]
تركز النشاط السياسي للمسيحيين في الضفة الغربية خلال مرحلة ما قبل حرب 48 على جهود فردية لشخصيات تقدمية يسارية شاركت بشكل فعّال في الحزب الشيوعي الأردني وحزب البعث.[267] بعد حرب 48 كان للمسيحيين دور ريادي في المشروع الوطني الفلسطيني، وقد برز عدد وافر من الشخصيات التي انخرطت في الساحة الفلسطينية السياسية أمثال جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينوحنان عشراويوكمال ناصرووديع حداد.[267] وقد كان هناك عدد كبير من الشخصيات المسيحية التي انخرطت في السياسة لكن في مجال الإعلام والفكر والنشر.[267]
أدى نزوح القيادات العربية التقليدية عن مراكزها إثر قيام دولة إسرائيل إلى نشوء فراغ سياسي واجتماعي في أوساط عرب 48، قامت بملئه في حينه طبقة شابة من المثقفين من سكان المدن حيث تركز النشاط السياسي. هيأ ذلك جوا طبيعيًا للمسيحيين لتبوء مراكز قيادية في الحركات السياسية والاجتماعية إلى حين ظهور عناصر إسلامية مثقفة بدأت تسيطر تدريجيًا على هذه الحركات منذ بداية العقد الأخير للقرن العشرين. كان المحامي إلياس كوسا من حيفا أول من دعا إلى إقامة حزب عربي قومي مستقل.[267] من جهة أخرى فشلت المحاولات لإقامة تكتل سياسي مستقل للمسيحيين، في حين اصطبغ الشارع المسيحي، خاصًة الأرثوذكسي، بالتأييد التام للحزب الشيوعي والحركات القومية والعلمانية. في نفس الوقت ظهرت أسر أرثوذكسية سياسية أمثال أسرة حبيبي وجرايسي وطوبي والتي كان لها أثر على الحياة السياسية لعرب 48.[267] وكانت الأغلبية الساحقة من مؤسسي وقياديي عصبة التحرر الوطني والحزب الشيوعي من المسيحيين.[267] وعلى الرغم من الصورة الشعبية حول الشيوعيين في ربطهم عادةً بالإلحادواللادينية، فإن أغلب الشيوعيين المسيحيين في إسرائيل لم يكن ملحدًا، بل أن العديد منهم كان ممارسا للمسيحية.[267]
ظهرت سنة 1958 حركة أدبية سياسية أغلبية أعضائها من المسيحيين أمثال يني يني، صبري جريس ودكتور يوسف حداد، منصور كردوشوحبيب قهوجي. وسنة 1962 قاموا بتأسيس حركة الأرض. على الرغم من السمة المسيحية لحركة الأرض، فقد اجتذبت عناصر إسلامية قومية واكتسبت تأييدهم. نادت هذه الحركة بأن لعرب إسرائيل حقوق قومية تؤهلهم للمطالبة بحق تقرير المصير ودافعت عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين للبلاد، منعت فيما بعد الحكومة الاسرائيلية حركة الأرض.[267] شارك المسيحيون العرب في إقامة اتحاد الأكاديميين العرب في لجنة الدفاع عن الأرض والتي كان من أبرز قيادييها حنا نقارة، صليبا خميس، إميل توما والقس شحادة شحادة. قامت لجنة الدفاع عن الأرض بتنظيم يوم الأرض ضد قوانين المصادرة وذكرى مقتل ستة مواطنين عرب في إسرائيل، وأصبح هذا اليوم فيما بعد رمزًا وطنيًا لعرب 48.[278]
المؤسسات الاجتماعية
يملك المسيحيون في فلسطين وإسرائيل عددا كبيراً من المؤسسات من مدراسومستشفيات وغيرها. جزء من هذه المؤسسات، خاصةً المدراس، هي ذات مستوى عالي ومن الأفضل على مستوى البلاد.[279] أسست الناشطة الفلسطينية جورجيت رزق عام 1948 أول مركز طبي في القدس القديمة.[280] تدير وتمتلك المؤسسات المسيحية في القدس والأراضي الفلسطينية حوالي تسعة مستشفيات منها أربعة في القدس،[224] في حين تدير الكنيسة الكاثوليكية ثلاثة منها ويدير اللوثريون مستشفى أوغسطا فيكتوريا، وتملك المؤسسات المسيحية مستشفيات في بيت لحم ومشفى في نابلسوبيت جالاوغزة. في حين تملك المؤسسات المسيحية في إسرائيل أربعة مستشفيات،[224] تدير الكنيسة الكاثوليكية ثلاثة منها، وهي مستشفى العائلة المقدسةومستشفى القديس منصور دي بول في الناصرة والمستشفى الإيطالي في حيفا، ويدير البروتستانت من الكنيسة المشيخيةمستشفى الناصرة، والذي تتبعه أيضًا مدرسة التمريض.[224] بالإضافة إلى المشافي تدير المؤسسات المسيحية أكثر من خمسة عشر مستوصفًا تقدم خدمات طبيّة في القدس وغزة ورام اللهونابلس وعدد من القرى الفلسطينية.
تمتلك الكنائس وتدير حوالي ثمانين مدرسة في فلسطين التاريخية، منها ثمانية وعشرين مدرسة ثانوية-اعدادية، منها 12 مدرسة في القدس وعشرة منها في مدينة الناصرة،[224] ويتلقى العلم فيها أكثر من نصف الطلاب الثانويين. في إسرائيل هناك ما يقارب الخمسين مؤسسة تعليمية تابعة للكنائس المسيحية تخدم طبقات الجيل المختلفة من رياض أطفال ومدارس ابتدائية وثانوية،[281] ويفوق عدد الطلاّب في هذه المؤسسات 30,000 طالب وطالبة من كافة شرائح وأطياف المجتمع العربي في البلاد على اختلاف انتماءاته الدينية والسياسية وحوالي 60% من طلاب هذه المدارس هم من المسيحيين والباقي من المسلمين والدروز.[282][283] وتحتَّل المدرسة الإكليركيّة - المطران وراهبات مار يوسف والمدرسة المعمدانية في الناصرة أولى مراتب أفضل مدراس عربية في إسرائيل، هناك أيضًا مدرسة المسيح الإنجيليَّة الأسقفيَّة ومدرسة راهبات المخلص ومدرسة الساليزيان الصناعيَّة والواصفية ومدرسة راهبات الفرنسيسكان وكلية التيرسانطا وهي من أقدم المدراس في فلسطين ومدرسة راهبات الفرنسيسكان ومدرسة راهبات الساليزيان.[224] وتتواجد في مدينة حيفا ستة مدراس مسيحية ويتلقى فيها العلم 80% من الطلاب العرب الثانويين ومنها الكليّة الأرثوذكسيّة العربيَّة،[224] وهي من أعرق المدراس العربية ويُطلق عليها مدرسة النخبة.[284] هناك أيضًا كلية مار إلياس في عبلين، وكليّة الجليل في عيلبون، والكليّة الأرثوذكسيَّة العربية وكلية تراسنطا ومدرسة راهبات مار يوسف في الرملة، والمدرسة الكاثوليكية في الجش، ومدرسة تيراسانطا في عكا، والمدرسة البطريركية اللاتينية في الرينة، والنوتردام الصناعيّة في معليا. بالإضافة لذلك هناك أكثر من أربعين مدرسة ابتدائية وروضات أطفال تابعة للمؤسسات المسيحية.[224] يذكر أن المدارس والمؤسسات المسيحية تضم طلابا من كافة الطوائف والأديان.[224] تتواجد أيضاً عدد من المدارس المسيحية في شفاعمرووكفركناواللدوالرامةويافاويافة الناصرةوكفر ياسيفورام اللهوبيت ساحوروبيت جالاونابلسوجنينوأريحاوغزةوالزبابدةوالطيبةوجفنا وغيرها من المدن والقرى.[224]
بالنسبة للعمل الاجتماعي، اهتمت الكنائس المسيحية بإقامة أربعة بيوت للمسنين وملاجئ العجزة ودور أيتام، ومنها بيت المسنين في عسفيا وملجأ العجزة في الناصرة وميتم راهبات القديسة حنة في صفورية، إلى جانب مؤسسات اجتماعية مثل جمعية الشبان المسيحيين وأكثر من 15 مركزاً جماهيريا.[224] كما وقامت عدة كنائس بتأسيس جمعيات لمساعدة اللاجئين مثل البعثة البابوية والجمعية المسيحية العالمية وكنائس المينونايت. وتملك الكنائس المسيحية على عدد من البنايات والعقارات في القدس القديمةوالناصرةوبيت لحموحيفا أبرزها فندقا «بترا» و«إمبريال» الواقعان على مدخل باب الخليل في الحي المسيحي بالقدس، وبيت «المعظمية» في الحي الإسلامي داخل القدس القديمة،[285] وحيز الرهبنة الكرملية في ساحة الخمرةبحيفا والذي بُني عام 1935 من قبل المهندس المعماري جيوفاني بويره، والذي يضم اليوم شقق سكنيةومكاتب ومصالح تجاريَّة.[224]
العلاقة مع الأديان الأخرى
العلاقة مع المسلمون
تتسم العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في فلسطين بالإيجابية والتعايش عموماً، ومن مظاهر التعايش احتفاظ عائلة جودة المقدسية المسلمة بمفتاح كنيسة القيامة، أما عائلة نسيبة المقدسية المسلمة، فيقع على عاتقها مهمة فتح أبواب الكنيسة وإغلاقها.[286] تضاءلت المجتمعات المسيحية في السلطة الفلسطينية وقطاع غزة بشكل كبير خلال العقدين الماضيين بسبب الهجرة المسيحية واسعة النطاق، وتناقش أسباب الهجرة المسيحية الجماعية الفلسطينية على نطاق واسع.[287] وفقًا لإستطلاع الذي أجراهُ المركز الفلسطيني للبحوث والحوار الثقافي في المدينة في عام 2006 تبيّن أن 90% من المسيحيين قالوا أن لديهم أصدقاء مسلمين، ووافق 73.3% منهم على أن السلطة الوطنية الفلسطينية تُعامل التراث المسيحي في مدينة بيت لحم باحترام ونسبة 78% منهم عزت سبب هجرة المسيحيين إلى القيود الإسرائيلية التي تفرُضها على السفر.[114]
وفقاً لدراسة عن الهجرة المسيحية الفلسطينية قام بها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية عام 2020 قال حوالي 66% من المستبينين أنهم يعيشون في منطقة ذات أغلبيَّة مسيحيَّة في حين قال 11% فقط أنهم يعيشون في منطقة ذات أغلبية مسلمة.[114] وقال حوالي 24% أنهم يعيشون في مناطق مختلطة (مسيحية وإسلامية بالتساوي). عندما طُلب منهم تقييم العلاقة مع الجيران المسلمون الذين يعيشون بالقرب من منازلهم، قال حوالي 65% أنَّ العلاقة ممتازة أو عادية بينما وصف حوالي 10% العلاقة بأنها «متوسطة» أو سيئة وقال 25% أنَّه ليس لديهم جيران مسلمون.[114] وعندما سئلوا عما إذا كانوا سيقبلون في مُسلم كجار لهم، قال 14% إنهم لن يقبلوا بذلك بينما قال 47% أنهم سيقبلون بشدة مثل هؤلاء الجيران؛ في حين قال 39% أنه لا فرق عندهم إذا كان جيرانهم مسلمين.[114] وعلى الرغم من أنَّ 36% يفكرون في الهجرة، الأ أنَّ 70% من المسيحيين يقولون بأنهم «مندمجون بشكل كامل» في المجتمع الفلسطيني، بالمقابل قال 30% لا يشعرون بذلك.[114] وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من المسيحيين الفلسطينيين يُشيرون إلى أنهم لا يواجهون أي إزعاج أو مضايقات من جيرانهم المسلمين، أو في المدارس وأماكن العمل، تظهر النتائج أنَّ ما بين الخمس والربع يشكون من سماع الشتائم أو لاتهامات بالكفر.[114]
بشكل عام العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في فلسطين جيدة وهناك تعايش سلمي، على الرغم من حدوث اعتداءات ذات طابع طائفي في السنوات الأخيرة. بعد تعليقات البابا بندكت السادس عشر على الإسلام في سبتمبر عام 2006، تعرضت خمس كنائس غير تابعة للكنيسة الكاثوليكية أو البابا - من بينها كنيسة أنجليكانية وأرثوذكسية - للحرق بالقنابل الحارقة وإطلاق النار عليها في الضفة الغربية وغزة. وأعلنت جماعة إسلامية متطرفة تُدعى «أسود التوحيد» مسؤوليتها.[289] وأدان رئيس الوزراء الفلسطيني السابق وزعيم حماس الحالي إسماعيل هنية الهجمات وزاد من تواجد الشرطة في بيت لحم التي تضم طائفة مسيحية كبيرة.[290] وفرضت أسلمة قطاع غزة ضغوطًا متزايدة على الأقلية المسيحية الصغيرة فيها، وفي عام 2007 تعرض رامي خضر عياد، صاحب المكتبة المسيحية الوحيدة في غزة، للاختطاف والضرب والقتل.[291][292]
يعتبر بداية العصر البيزنطي المسيحي بمثابة العصر الذهبي للطائفة السامرية،[294] لكن خلال القرنين الخامس والسادس أطلق السامريون ثورات في مقاطعة فلسطين الأولى البيزنطية، حيث أدّى نزاع بين سكان المدينة من السامريين والمسيحيين إلى بروز عدد من الانتفاضات السامرية ضد الحكم البيزنطي. تميزت الثورات بالعنف الشديد من كلا الجانبين،[295] وقد أدى قمعها على أيدي البيزنطيين وحلفائهم الغساسنة المسيحيين إلى إنخفاض عدد السكان السامريين بشدة حيث أعتنق الكثير من السامريين الديانة المسيحية. في عام 1020 تعرض كل من السامريين والمسيحيين واليهود للإضطهاد الشديد من الخليفة الحاكم بأمر اللهالفاطمي.[296] أثناء الحملات الصليبية، كان السامريون، مثل السكان المسيحيين غير اللاتينيين في مملكة بيت المقدس، مواطنين من الدرجة الثانية، لكن تم التسامح معهم وربما تم تفضيلهم لأنهم كانوا مُطعين وقد ورد ذكرهم بشكل إيجابي في العهد الجديد المسيحي.[297] كما سمح لهم ببناء معبد جديد لهم في عام 1130.[298]
مع نشأة دولة إسرائيل في عام 1948 كانت علاقات السامريين مع اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين المسلمين والمسيحيين في المناطق المجاورة مختلطة، عموماً علاقة السامريين في نابلس تتسم بالتعايش مع كل من المسلمين والمسيحيين في نابلس. ويسكن معظم المسيحيين في ضاحية رفيديا بالقسم الغربي من مدينة نابلس،[299] في حين يسكن أغلب السامريين في قرية لوزة بجنوب شرق نابلس.[300]
الثقافة
لا توجد اختلافات ثقافيّة كبرى بين المسيحيين العرب والمحيط الفلسطيني العام. بعض الاختلافات تنشأ من الفروق الدينية؛ ففي المناسبات الاجتماعية التي يكون المشاركون فيها من المسيحيين غالبًا ما تقدم مشروبات كحولية على خلاف ما هو سائد لدى أغلب المجتمعات العربيّة لكون الشريعة الإسلامية تحرّم مثل هذه المشروبات. المسيحيون الفلسطينيون، يختنون ذكورهم في الغالب كالمسلمين واليهود رغم أن شريعة الختان قد أسقطت في العهد الجديد أي أن مختلف الكنائس لا تلزم أتباعها بها. يجيد المسيحيون في إسرائيل التحدث بطلاقة لثلاثة لغات اللغة العربية، اللغة العبريةواللغة الإنجليزية. بالمقابل يجيد المسيحيون في الأراضي الفلسطينية التحدث بطلاقة لثلاثة لغات اللغة العربيةواللغة الإنجليزية ولغات مثل اللغة الفرنسية.
الأعياد
يحتفل المسيحيون بعيد الميلاد وفقاً للتقويمين الغريغوريواليولياني، قتتبع الكنائس الأرثوذكسية الشرقيةوالمشرقية تقويم 7 ينايروالكنيسة الكاثوليكيةوالبروتستانت تقويم 25 ديسمبر، في حين تحتفل الكنيسة الأرمنية في القدس بعيد الميلاد يوم 19 يناير حيث تقوم بجمع بين عيدي الغطاس والميلاد على التقويم اليولياني. يرتبط عيد الميلاد باجتماعات عائلية واحتفالات اجتماعية أبرزها وضع زينة الميلاد ممثلة بالشجرة، وغالبًا ما يوضع تحتها أو بقربها «مغارة الميلاد» حيث توضع مجسمات تمثّل حدث الميلاد أبرزها يسوع طفلاً وأمهويوسف النجار إلى جانب رعاة والمجوس الثلاثة، هذه العادة وفدت من الغرب،[301] إلا أنها باتت جزءًا من تقاليد الميلاد العامة، تمامًا كتوزيع الهدايا على الأطفال والتي ترتبط بالشخصية الرمزية بابا نويل.[302] تقام طقوس عيد الميلاد في بيت لحم وتحديداً في كنيسة المهد تتخللها مواكب عيد الميلاد التي تمرُّ معظمها عبر الساحة الخارجية للكنيسة، ويحضر القداس تقليديًا الرئيس الفلسطيني.[303] العيد القريب من عيد الميلاد هو عيد رأس السنة الذي يقام ليلة 31 ديسمبر. تقام عادة احتفالات عائلية في ليلة عيد الميلادوليلة رأس السنة، ويقام سنويًا في بيت لحموالناصرة مهرجان سوق عيد الميلاد ويستمر على مدار عدة أيام يتخلله برامج ترفيهية، وقد حظي في السنوات الأخيرة بمشاركة شعبية من كافة الطوائف. أما عيد الفصح ويسبقه أسبوع الآلام، فبدوره مرتبط بموت المسيحوقيامته حسب المعتقدات المسيحية، ويقام في القدس خلال الجمعة العظيمة تطواف درب الصليب، وفي سبت النور يقام التقليد الشعبي فيض النور. هناك أعياد أخرى أقل أهمية، وبعضها ترتبط أهميته بمناطق بعينها، فمثلاً يكتسب عيد مار إلياس طابعًا خاصًا في حيفا، وفي شفا عمرو تقام احتفالات بارزة يتخللها إشعال النار يوم عيد الصليب. ويعد عيد القديس جرجس في اللدويافا والأراضي الفلسطينية عيداً شعبياً وعائليا كما ويشارك العديد من المسلمين الفلسطينيين بالاحتفال بالعيد.[304] في الناصرة يحتفل بشكل شعبي في 15 أغسطس بعيد انتقال العذراء حيث تقام تطوافات دينية وموائد عائلية، في حين يحتفل بعيد البربارة على نطاق واسع بين المسيحيين. ويُسلق القمح والذرة التي تقدم مع السكر والرمان أو إضافات تحلية أخرى، وتعرف باسم «البربارة» وهي طبق تقليدي لهذا اليوم يقدم كنوع من التحلية وليس طعاماً.[305] فضلًا عن ذلك يقوم المسيحيون الفلسطينيون بالاحتفال بعيد سيدة فلسطين حيث يقوم مئات المسيحيين سنوياً، في الأحد الأخير من شهر أكتوبر، بالحج إلى المزار المريمي في دير رافات للاحتفال بعيد سيدة فلسطين.
شكّل الفلكلور الفلسطيني الصورة التي تعبر عن الثقافة المسيحية الفلسطينيَّة بما فيها الحكايات، الموسيقى، الرقص، الأساطير، التاريخ الشفوي، الأمثال، النكت، والمعتقدات الشعبية، العادات، والتقاليد التي تتألف منها (بما في التقاليد الشفوية) للثقافة الفلسطينية. ومثل عامة الفلسطينيين تشكل الدبكة المعلم الرئيسي في مجال فن الرقص الجماعي التقليدي في فلسطين والمنطقة بشكل عام.
تنظم البلدة المسيحيّة طيبة رام الله، والتي تتبع محافظة رام الله، سنويًا مهرجان البيرة والذي يحضره السكان المحليون والأجانب والزوار للاحتفاء بالجعة المحليّة الفلسطينيّة والمأكولات الشعبيّة. يحوي المهرجان عادةً العديد من الفعاليات من الرقص الفلكلوري والموسيقى الشعبيّة.[307]
لا توجد اختلافات ثقافيّة كبرى بين المسيحيين العرب والمحيط الفلسطيني العام، ويتشارك المسيحيون الأدب الشعبي في فلسطين، الذي كان يقوم أساسًا على الزجل والأمثال الشعبية وسير الحكواتي.[308][309] ترك الأدباء والمفكرون المسيحيون بصمتهم على الأدب بمفهومه الحديث، ويعود ذلك لمرحلة النهضة في القرن التاسع عشر، حيث انتشرت مدارس البعثات الأجنبية والوطنية وتأسست الجمعيات الأدبية التي شكلت أساس نهضة شعرية - أدبية في بلاد الشامومصر على وجه الخصوص، أيضًا فقد كان للمغتربين المسيحيين الفلسطينيين في العالم الجديد دور بارز في النهضة من خلال ما عرف باسم «الأدب المهجري».
ترتبط التقاليد والطقوس الدينية والشعبية للزفاف الفلسطيني بالعادات والطقوس التي تمارسها العادات المسيحية والإسلامية؛ وإذا كانت العادات والتقاليد تختلف في المنحى الديني فإنها تلتقي في مجال التقاليد والعادات الشعبية التي تسبق مراسم الزفاف وتليها.
لا تُحرم الديانة المسيحية عموماً أي نوع من المأكولات أو المشروبات ولا توجد قيود عليها. بشكل عام، يتشابه المطبخ الفلسطيني المسيحي مع نمط الأطعمة والمأكولات التي تنتشر في المحيط في فلسطين التاريخية، ومنها الشاورما والشيش برك. وتعتبر الكبة، والورق دوالي، والكباب من أشهر المأكولات الفلسطينية عامة والمسيحية والتي تعتمد على اللحم بشكل أساسي. هناك المحاشي بأنواعها المختلفة تعتمد أيضاً على اللحم. أما الأطعمة التي لا تعتمد على اللحوم جزئيًا أو كليًا والتي تؤكل بشكل خاص في أيام الصوم الكبير، فهي بدورها تقدم عادةً ضمن الفطور، يمكن أن يذكر من ضمنها الفتةوالفلافلوالفولوالحمص و[ال[بوريك]]، ولعلّ الفتوشوالتبولة أشهر أنواع السلطات الفلسطينية المحلية. أثرَّت التقاليد المسيحية على المطبخ الفلسطيني من خلال المأكولات «الصيامي» الخالية من اللحوم والمنتجات الحيوانية، والمردود لطقوس الصيام عند المسيحيين في فلسطين.[310] يستهلك كل من المسيحيين الفلسطينيين والفلسطينيين غير المتدينين والمسلمين غير الملتزمين المشروبات الكحوليَّة خصوصاً مشروب العرق.[311] وعلى الرغم من أنه لا توجد لدى أغلبية الطوائف المسيحية موانع بأكل لحم الخنزير، الاّ أن أكل لحم الخنزير ليس شائعاً بين المسيحيين في الضفة الغربية، حيث لا توجد سوى مزرعة خنازير واحدة في الضفة الغربية، وتقع في بلدة بيت جالا.[312]
أما الحلويات، فهي تقسم بين ما هو معروف باسم الحلو العربي كالكنافة، والمعمول. ويقوم المسيحيون الفلسطينيون في عيد الفصح بصناعة أطباق كعك عيد الفصح؛ ومنها كعك ومعمول العيد والتي تتضمن السميد الخشن والتمر. في التقاليد الفلسطينية يتم إعداد حلويات خاصة تسمى بالميغلي بمناسبة ولادة الأطفال الجدد، وللاحتفال بالحياة الجديدة. تُصنع المغلي من الأرز والسكر وخليط من التوابل، وتزين باللوز والصنوبر والجوز. في التقاليد المسيحية الفلسطينية تؤكل الميغلي عادًة خلال عيد الميلاد للاحتفال بولادة الطفل يسوع. خلال فترة الحداد تقوم العائلات المسيحية بتقديم كعكة معروفة باسم «خبز الرحمة»، وتقدم الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية علبة خاصة مع القمح المطبوخ مغطاة بالسكر والحلوى بعد الجنازة.[310]
^Robert Ousterhout, "Rebuilding the Temple: Constantine Monomachus and the Holy Sepulchre" in The Journal of the Society of Architectural Historians, Vol. 48, No. 1 (March, 1989), pp.
66–78
^علي أحمد محمد السيّد. الخليل والحرم الإبراهيمي في عصر الحروب الصليبيّة (ط. 1998). دار الفكر العربي. ص. 105–110. ISBN:977-10-1101-4.
^Hamilton B. The Latin charch in the crusader states (ط. 1980). ص. 67–68.
^Martin, Sean (2005). The Knights Templar: The History & Myths of the Legendary Military Order. New York: Thunder's Mouth Press. ISBN 1-56025-645-1.p.47
^الاستيطان الصليبي في القدس: مملكة بيت المقدس اللاتينية، يوشع براور، ترجمة عبد الحافظ البنا، دار عين للنشر والدراسات، الزقازيق 2001، ص.305
^ ابJ. B. Barron، المحرر (1923). Palestine: Report and General Abstracts of the Census of 1922. Government of Palestine. Tables XII–XVI.
^ ابجدprepared in December 1945 and January 1946 for the information of the Anglo-American Committee of Inquiry. (1991). A Survey of Palestine: Prepared in December, 1945 and January, 1946 for the Information of the Anglo-American Committee of Inquiry. Institute for Palestine Studies. ج. 1. ص. 12–13. ISBN:978-0-88728-211-9.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
^Yael Guiladi (1977). One Jerusalem, 1967-1977. Keter Books. ص. 89. ISBN:978-0-7065-1580-0. مؤرشف من الأصل في 2017-02-16. اطلع عليه بتاريخ 2011-06-03. It is worthy of note that between 1948 and 1967 the Christian population of Jordanian-ruled Jerusalem dwindled rapidly, partly as a result of the systematic bans and restrictions imposed upon it on religious grounds.
^ ابMarsh، Leonard (يوليو 2005). "Palestinian Christianity – A Study in Religion and Politics". International Journal for the Study of the Christian Church. ج. 57 ع. 7: 147–66. DOI:10.1080/14742250500220228.
^ ابجدهوKail C. Ellis (19 يوليو 2018). SLecular Nationalism and Citizenship in Muslim Countries: Arab Christians in the Levant (ط. Springer International Publishing). Springer International Publishing. ص. 180-181. ISBN:9783319712048.
^Felix Wilfred (19 يوليو 2014). The Oxford Handbook of Christianity in Asia (ط. Oxford University Press, USA). Springer International Publishing. ص. 245. ISBN:9780199329069. A census revealed that 40 percent of the Christian community worked in the medical, educational, engineering and law sectors.
^Marsh، Leonard (يوليو 2005). "Palestinian Christianity – A Study in Religion and Politics". International Journal for the Study of the Christian Church. ج. 57 ع. 7: 147–66. DOI:10.1080/14742250500220228.
^Bar Ilan, Y. Judaic Christianity: Extinct or Evolved? pp. 297-315.
^من إنجيل لوقا (41/2): "وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم ويوسف وأمه لم يعلما"
^من إنجيل مرقس (15/11): "وجاءوا إلى أورشليم ولما دخل يسوع الهيكل ابتدا يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام ولم يدع أحدًا يجتاز الهيكل بمتاع"
^Boas، Adrian J. (12 أكتوبر 2001). "Physical Remains of Crusader Jerusalem". Jerusalem in the Time of the Crusades. Routledge. ص. 112. ISBN:0415230004. مؤرشف من الأصل في 2021-03-08. اطلع عليه بتاريخ 2007-03-11. The interesting, if not reliable illustrations of the church on the round maps of Jerusalem show two distinct buildings on Mount Zion: the church of St Mary and the Cenacle (Chapel of the Last Supper) appear as separate buildings.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
^من إنجيل يوحنا (20/19): "فقرأ هذا العنوان كثيرون من اليهود لأن المكان الذي صلب فيه يسوع كان قريبًا من المدينة وكان مكتوبًا بالعبرانية واليونانية واللاتينية."
^ ابStump، Keith W. (1993). "Where Was Golgotha?". Worldwide Church of God. مؤرشف من الأصل في 2014-10-19. اطلع عليه بتاريخ 2007-03-11.
^O'Reilly، Sean (30 نوفمبر 2000). Pilgrملف: Adventures of the Spirit (ط. 1st). Travelers' Tales. ص. 14. ISBN:1885211562. The general consensus is that the Church of the Holy Sepulchre marks the hill called Golgotha, and that the site of the Crucifixion and the last five Stations of the Cross are located under its large black domes.{{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة)
^Jennifer Lee Hevelone-Harper (1997) Disciples of the Desert: Monks, Laity, and Spiritual Authority in Sixth-century Gaza (JHU Press) (ردمك 0-8018-8110-2) pp 11- 12
^Hagith Sivan (2008) Palestine in late antiquity Oxford University Press, (ردمك 0-19-928417-2) p 337
^Andrea Sterk (2004) Renouncing the World Yet Leading the Church: The Monk-bishop in Late Antiquity Harvard University Press, (ردمك 0-674-01189-9) p 207
^Gerald Butt (1995) Life at the crossroads: a history of Gaza Rimal Publications, (ردمك 1-900269-03-1) p 70
^Kaegi, W. Byzantium and the early Islamic conquests, p. 95
^J.S. Tunison: "Dramatic Traditions of the Dark Ages", Burt Franklin, New York, p.11 [1]نسخة محفوظة 27 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
^ ابجدIsraeli، Raphael (2014). Narrow Gate Churches: The Christian Presence in the Holy Land Under Muslim and Jewish Rule. Routledge. ص. 21. ISBN:9781135315146.
^Qumsiyeh, Mazin (December 25, 2009). "16 Christian Leaders Call for an End to the Israeli Occupation of Palestine". Al-Jazeerah: Cross-Cultural Understanding. ccun.orgنسخة محفوظة 07 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
^Ahren، Raphael (7 فبراير 2019). "The Times of Israel". TimesofIsrael.com. مؤرشف من الأصل في 2020-02-16. اطلع عليه بتاريخ 2020-02-16. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
Tetradrachm of Ptolemy II Idyll XIV, also called Κυνίσκας Ἔρως ('The Love of Cynisca') or Θυώνιχος ('Thyonichus'), is an 'urban mime' by the 3rd century BC Greek poet Theocritus.[1] This Idyll, like the next, is dramatic in form.[1] One Aeschines tells Thyonichus the story of his quarrel with his mistress Cynisca.[1] He speaks of taking foreign military service, and Thyonichus recommends that of Ptolemy.[1] Summary 'She caught up her robes,...
Archaeological period, last part of the Stone Age NeolithicThe Neolithic is characterized by fixed human settlements. Reconstruction of Pre-Pottery Neolithic B housing in Aşıklı Höyük, modern Turkey.PeriodFinal period of Stone AgeDates10,000–4,500 BCEPreceded byMesolithic, EpipalaeolithicFollowed byChalcolithic Part of a series onHuman historyand prehistory ↑ before Homo (Pliocene epoch) Prehistory Stone Age Lower Paleolithic HomoHomo erectus Middle Paleolithic Early Homo...
Pegunungan Kapuas Hulu Boven Kapoeas-Gebergte Negara Indonesia dan Malaysia Titik tertinggi Gunung Lawit - elevasi 1.767 ft (539 m) Pegunungan Kapuas Hulu adalah sebuah pegunungan yang membentang membatasi dua negara yaitu Kalimantan Barat di Indonesia dan Sarawak di Malaysia. Pegunungan Kapuas Hulu membentang dari Gunung Rumput di ujung barat hingga Gunung Cemaru di ujung timur. Puncak tertingginya adalah Gunung Lawit (1.767 m). Di bagian barat pegunungan ini makin menj...
حزب التقدم الديمقراطي البلد البوسنة والهرسك تاريخ التأسيس 1999 المقر الرئيسي بانيا لوكا الأيديولوجيا سياسة محافظة الموقع الرسمي الموقع الرسمي تعديل مصدري - تعديل حزب التقدم الديمقراطي (Партија демократског прогреса) هو حزب سياسي صربي في البوسنة والهرس...
Most cultural policy in the United States is enacted at the local and state level, though federal programs also exist to carry out cultural policy. These promote the culture of the United States, including visual art, performing arts, heritage, language, museums, libraries, and sports. Policy development The United States does not have a comprehensive federal cultural policy. Most cultural policy in the United States is developed independently by state governments. Direct federal aid is limit...
River on Baffin Island, Nunavut, Canada Mary River is located on Baffin Island in the Qikiqtaaluk Region of Nunavut, about 936 km (582 mi) northwest of the capital, Iqaluit, and about 176 km (109 mi) southwest of Pond Inlet Inuktitut: Mittimatalik, lit. 'the place where the landing place is'[1] The Inuit, name for the Mary River mountain is Nuluyait, meaning buttocks.[2] There is a 4,000 year history in the area. For hundreds of years the semi...
Amtrak service between Seattle and Los Angeles Coast StarlightCoast Starlight crossing the Santa Ynez River as it drains into the Pacific Ocean near Surf, California, 2019OverviewService typeInter-city railLocalePacific CoastPredecessorCoast Daylight, CascadeFirst serviceMay 1, 1971Current operator(s)AmtrakAnnual ridership338,017 (FY23) -4.2%[a][1]RouteTerminiSeattle, WashingtonLos Angeles, CaliforniaStops28Distance travelled1,377 miles (2,216 km)Average journey time35 ho...
Association football match in 2016 Football match2016 Football League Championship play-off finalThe match was played at Wembley Stadium.Event2015–16 Football League Championship Hull City Sheffield Wednesday 1 0 Date28 May 2016VenueWembley Stadium, LondonMan of the MatchMohamed Diamé (Hull City)RefereeBobby MadleyAttendance70,189WeatherSunny← 2015 2017 → The 2016 Football League Championship play-off final was an association football match which was played on 28 May 2016 at W...
Theory about the occurrence of mass shootings in relation to media coverage Part of a series of articles on theColumbine High School massacre Location:Columbine High School(Columbine, Colorado) Perpetrators:Eric Harris and Dylan Klebold Victims Cassie Bernall Austin Eubanks Rachel Scott Weaponry Intratec TEC-9 Mini Hi-Point 995 Carbine Savage 67H pump-action shotgun Stevens 311D double barreled sawed-off shotgun Related persons Dave Cullen Sue Klebold Danny Ledonne Sol Pais Bill White Media A...
Pour les articles homonymes, voir Alper. Murray Alper Dans L'Évadé de l'enfer (1946) Données clés Naissance 11 janvier 1904New YorkÉtat de New York, États-Unis Nationalité Américaine Décès 16 novembre 1984 (à 80 ans)Los AngelesCalifornie, États-Unis Profession Acteur Films notables The Royal Family of BroadwayLe Faucon maltaisLes SacrifiésL'Ennemi public Séries notables Alfred Hitchcock présenteCheyenneLes Arpents verts modifier Murray Alper est un acteur américain, né ...
Svante PääboPääbo di hari penerimaan Royal Society di London, Juli 2016Lahir20 April 1955 (umur 69)Stockholm, SwediaAlmamaterUniversitas Uppsala (PhD)Dikenal atasPaleogenetikaSuami/istriLinda Vigilant (m. 2008)Anak2Penghargaan Gottfried Wilhelm Leibniz Prize (1992) Max Delbrück Medal (1998) Louis-Jeantet Prize for Medicine (2005)[1] Pour le Mérite (2008) Kistler Prize (2009) Great Cross of Merit with star (2009) Gruber Prize in Genetics (2013...
2006 role-playing game remake 2006 video gameFinal Fantasy IIIJapanese Nintendo DS cover artDeveloper(s)Matrix SoftwareSquare EnixPublisher(s)Square EnixDirector(s)Hiromichi TanakaProducer(s)Tomoya AsanoArtist(s)Akihiko YoshidaComposer(s)Tsuyoshi SekitoKeiji KawamoriSeriesFinal FantasyPlatform(s)Nintendo DS, iOS, Android, PlayStation Portable, Ouya, Windows Phone, WindowsReleaseNintendo DSJP: August 24, 2006[2][3]NA: November 14, 2006[1]AU: May 3, 2007[4][5...
Japanese politician Takeo Hiranuma平沼 赳夫Minister of Economy, Trade and IndustryIn office6 January 2001 – 22 September 2003Prime MinisterYoshiro MoriJunichiro KoizumiPreceded byPosition establishedSucceeded byShoichi NakagawaMinister of International Trade and IndustryIn office4 July 2000 – 6 January 2001Prime MinisterYoshiro MoriPreceded byTakashi FukayaSucceeded byPosition abolishedMinister of TransportIn office8 August 1995 – 11 January 1996Prime Mini...
Football clubAlfredo SalinasFull nameClub Deportivo Alfredo SalinasShort nameAlfredo SalinasFounded12 December 2011; 12 years ago (2011-12-12)GroundEstadio Municipal de EspinarCapacity12,000PresidentCarlos Salinas ZapataCoachJosé SotoLeagueCopa Perú2018Peruvian Segunda División, 14th (Relegated) Home colours Away colours Club Deportivo Alfredo Salinas is a Peruvian football club from the Espinar District, Espinar Province, in Cuzco, Perú. It currently plays in the Peruvi...
JesusJeremy Sisto in una scena della miniseriePaeseItalia, Repubblica Ceca, Germania, Stati Uniti d'America Anno1999 Formatominiserie TV Generedrammatico, religioso, biografico Puntate2 Durata180 min Lingua originaleinglese Rapporto16:9 CreditiRegiaRoger Young SoggettoSuzette Couture SceneggiaturaSuzette Couture Interpreti e personaggi Jeremy Sisto: Gesù Jacqueline Bisset: Maria Armin Mueller-Stahl: Giuseppe Debra Messing: Maria Maddalena Gary Oldman: Ponzio Pilato David ...
Generalized keyboards are musical keyboards, a type of isomorphic keyboard, with regular, tile-like arrangements usually with rectangular or hexagonal keys, and were developed for performing music in different tunings. They were introduced by Robert Bosanquet in the 1870s, and since the 1960s Erv Wilson has developed new methods of using and expanding them, proposing keyboard layouts (and some notations) including any scale made of a single generator within an octave (or more generally, peri...
A U.S. Armed Forces Joint Ceremony at the D.C. National Guard Armory in April 2008 Each branch of the United States Armed Forces has its own uniforms and regulations regarding them. Uniforms of the U.S. Army Uniforms of the U.S. Marine Corps Uniforms of the U.S. Navy Uniforms of the U.S. Air Force Uniforms of the U.S. Space Force Uniforms of the U.S. Coast Guard Combat uniforms overview Further information: Combat uniform § United States Army/Air Force/Space Force – ACUKnown as the O...
Detroit Financial District viewed from the International Riverfront. Detroit Financial District.] One Woodward Avenue. Campus Martius Park. Historic Merchant's Row on Woodward between Campus Martius Park and Grand Circus Park in downtown Detroit, just south of the David Whitney Building. Central United Methodist Church. Comerica Park. Fox Theatre lights up 'Foxtown' in downtown Detroit St. John's Episcopal Church Detroit Public Library. Detroit Institute of Arts. Col. Frank J. Hecker House (...
نظام تشغيل ريميكس Remix OSالشعارمعلومات عامةنوع توزيعة أندرويد توزيعة لينكس متوفر بلغات الروسية موقع الويب jide.com… (الإنجليزية) معلومات تقنيةلغة البرمجة سي الإصدار الأول 2014 الإصدار الأخير 3.0.207 التسلسلمأخوذ عن Android-x86 — أندرويد تعديل - تعديل مصدري - تعديل ويكي بيانات ريمكس أو أس...