ولما فتح النبي محمد ﷺمكة في رمضان سنة 8 هـ، استخلف عليها عتاب بن أسيد يصلي بهم، وخلف معاذًا يُقرئهم القرآن، ويفقههم في دينهم؛[3] ثم بعثه في ربيع الآخر سنة 9هـ[5] عاملاً له على بعض نواحي اليمن، ثم عاد وقد توفي النبي محمد،[6] فخرج إلى الشام،[3] فشهد الفتح الإسلامي للشام، وشارك في معركة اليرموك.[7] قال محمد بن كعب القرظي في سبب خروجه إلى الشام: «جمع القرآن في زمن النبي ﷺ خمسة من الأنصار: معاذ وعبادةوأُبيّوأبو أيوبوأبو الدرداء،[4] فلما كان عمر، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه: «إن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآنويفقههم»، فقال: «أعينوني بثلاثة»، فقالوا: «هذا شيخ كبير - لأبي أيوب -، وهذا سقيم - لأُبيّ -»، فخرج الثلاثة إلى الشام، فقال: «ابدءوا بحمص، فإذا رضيتم منهم، فليخرج واحد إلى دمشق، وآخر إلى فلسطين»».
ولما أُصيب أبو عبيدة بن الجراح والي الشام في طاعون عمواس، استخلف معاذ بن جبل،[8] فماتت زوجتاه، ثم ولديه، ثم مات هو في نفس الطاعون.[9] وقيل مات وعمره 33 أو 34 أو 38 سنة، وذلك سنة 17 هـ أو 18 هـ في طاعون عمواس. وكان معاذ طويلاً، حسن الثغر، عظيم العينين، أبيض، جعد، قطط،[3] مجموع الحاجبين،[9] به عرج.[6]
أثني النبي محمد ﷺ على معاذ، فقد روى أنس بن مالك عن النبي محمد ﷺ قوله: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، وأفرضهم زيد، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة». وقال الصنابحي أنه سمع معاذ يقول: «لقيني النبي ﷺ فقال: «يا معاذ، إني لأحبك في الله». قلت: «وأنا والله يا رسول الله أحبك في الله»».[3] وقال النبي محمد: «معاذ أمام العلماء يوم القيامة برتوة أو رتوتين».[4] وقال أبو هريرة أنه سمع النبي محمد ﷺ يقول: «نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل جعفر، نعم الرجل ثابت بن قيس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح».[7] كما كان معاذ بن جبل من قلة ممن سُمح لهم الفتيا على عهد النبي محمد ﷺ، فقال سهل بن أبي حثمة: «كان الذين يفتون على عهد رسول الله ﷺ ثلاثة من المهاجرين: عمروعثمانوعلي، وثلاثة من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ وزيد».[4]
كما كان لمعاذ منزلته بين صحابة النبي محمد ﷺ، فعندما خطب عمر بن الخطاب الناس بالجابية، قال: «من أراد الفقه، فليأت معاذ بن جبل».[3] وقال عبد الله بن مسعود: «إن معاذ بن جبل، كان أُمة قانتًا لله حنيفا، ولم يك من المشركين»،[4] كما قال أبو إدريس الخولاني: «دخلت مسجد حمص، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلاً من الصحابة، فإذا فيهم شاب أكحل العينين، براق الثنايا ساكت، فإذا امترى القوم، أقبلوا عليه، فسألوه، فقلت: «من هذا؟» قيل: «معاذ بن جبل». فوقعت محبته في قلبي».[10]