علي الطنطاوي

علي الطنطاوي
معلومات شخصية
الميلاد 12 يونيو 1909
23 جمادى الأولى 1327 هـ
دمشق  تعديل قيمة خاصية (P19) في ويكي بيانات
الوفاة 18 يونيو 1999 (90 سنة)
جدة  تعديل قيمة خاصية (P20) في ويكي بيانات
مكان الدفن مكة المكرمة  تعديل قيمة خاصية (P119) في ويكي بيانات
مواطنة الدولة العثمانية (1909–1918)
المملكة العربية السورية (1918–1920)
دولة دمشق (1920–1925)
الدولة السورية (1925–1930)
الجمهورية السورية الثانية (1932–1958)
الجمهورية العربية المتحدة (1958–1961)
سوريا (1961–)
السعودية  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
الأولاد له خمس بنات
الأب مصطفى الطنطاوي
إخوة وأخوات
أقرباء محب الدين الخطيب (خال)
سعيد الأفغاني (عديل)
عصام العطار (صهر)
مجاهد ديرانية (حفيد)
عابدة المؤيد العظم  [لغات أخرى] (حفيدة)  تعديل قيمة خاصية (P1038) في ويكي بيانات
الحياة العملية
المدرسة الأم جامعة دمشق (الشهادة:بكالوريوس في الحقوق) (–1933)
مكتب عنبر  تعديل قيمة خاصية (P69) في ويكي بيانات
تعلم لدى أبو الخير الميداني،  وعبد الرحمن سلام،  ودرويش القصاص،  ومحمد سليم الجندي،  وعبد القادر المبارك  تعديل قيمة خاصية (P1066) في ويكي بيانات
التلامذة المشهورون محمد لطفي الصباغ،  وعبد الرحمن الباني،  وأحمد ذو الغنى  [لغات أخرى]‏،  وعاصم بهجة البيطار،  ومحمد أديب صالح،  وزهير الشاويش،  ومجد مكي  تعديل قيمة خاصية (P802) في ويكي بيانات
المهنة صحفي،  وقاضٍ،  وفقيه،  وأديب،  وكاتب،  ومعلم  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
اللغات العربية  تعديل قيمة خاصية (P1412) في ويكي بيانات
أعمال بارزة أعلام من التاريخ  [لغات أخرى]‏،  وذكريات علي الطنطاوي  تعديل قيمة خاصية (P800) في ويكي بيانات
الجوائز
مؤلف:علي الطنطاوي  - ويكي مصدر

محمد علي بن مصطفى الطنطاوي المعروف بـ «علي الطنطاوي»[1] (1327 - 1420 هـ/ 1909- 1999 م) فقيه وأديب وقاضٍ سوري، يُعد من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين. رأسَ اللجنة العليا لطلاب سوريا في الثلاثينيات لثلاث سنين. وكانت لجنة الطلبة هذه بمنزلة اللجنة التنفيذية للكتلة الوطنية التي كانت تقارع الاستعمار الفرنسي لسوريا. كان أديبًا مرموقًا كتب في كثير من الصحف العربية لسنوات طويلة، أهمها ما كان يكتبه في مجلة الرسالة المصرية لصاحبها أحمد حسن الزيات، واستمرَّ يكتب فيها عشرين سنة من سنة 1933م إلى أن احتجبت سنة 1953. عمل منذ شبابه في سِلك التعليم الابتدائي والثانوي في سوريا والعراق ولبنان حتى عام 1940. ترك التعليم ودخل سِلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عامًا بدأ قاضيًا في النبك ثم في دوما ثم انتقل إلى دمشق فصار القاضيَ الممتاز فيها (1943 - 1953م) ونُقل مستشارًا لمحكمة النقض في الشام، ثم مستشارًا لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر. كُلِّف وضعَ قانون كامل للأحوال الشخصية عام 1947م وأُوفدَ إلى مصر مدَّة سنة فدرس مشروعات القوانين الجديدة للمواريث والوصية وسواها، وأعدَّ مشروع قانون الأحوال الشخصية كله وصار هذا المشروع أساسًا للقانون الحالي.

نشأته المبكرة

ولد الشيخ الطنطاوي في دمشق بسوريا في 23 جمادى الأولى 1327 هـ (12 حزيران/يونيو 1909)م لأسرة عُرف أبناؤها بالعلم، فقد كان أبوه، الشيخ مصطفى الطنطاوي، من العلماء المعدودين في الشام وانتهت إليه أمانة الفتوى في دمشق. وأسرة أمه أيضًا (الخطيب) من الأسر العلمية في الشام وكثير من أفرادها من العلماء المعدودين ولهم تراجم في كتب الرجال، وخاله، أخو أمه، هو الكاتب محب الدين الخطيب الذي استوطن مصر وأنشأ فيها صحيفتَي «الفتح» و«الزهراء» وكان له أثر في الدعوة فيها في مطلع القرن العشرين. ولعلي الطنطاوي 3 إخوة أصغر منه كلهم من النابهين: الفقيه القاضي الشاعر ناجي الطنطاوي، والدكتور بالرياضيات عبد الغني الطنطاوي، والفيزيائي الأديب محمد سعيد الطنطاوي.

كان علي الطنطاوي من أوائل الذين جمعوا في الدراسة بين طريقي التلقي على المشايخ والدراسة في المدارس النظامية؛ فقد تعلم في هذه المدارس إلى آخر مراحلها، وحين توفي أبوه -وعمره ست عشرة سنة- صار عليه أن ينهض بأعباء أسرة فيها أمٌّ وخمسة من الإخوة والأخوات هو أكبرهم، ومن أجل ذلك فكر في ترك الدراسة واتجه إلى التجارة، ولكن الله صرفه عن هذا الطريق فعاد إلى الدراسة ليكمل طريقه فيها.

دراسته

تنقل علي الطنطاوي في طفولته بين عدة مدارس ابتدائية، فدرس في «المدرسة التجارية»، ثم في «المدرسة السلطانية الثانية»، ثم في المدرسة الجقمقية، ثم في «أنموذج المهاجرين». أما المرحلة الثانوية فقد أمضاها في «مكتب عنبر» الذي كان الثانوية الكاملة الوحيدة في دمشق حينذاك، ومنه نال البكالوريا (الثانوية العامة) سنة 1928م.

بعد ذلك ذهب إلى مصر ودخل دار العلوم العليا، وكان أولَ طالب من الشام يؤم مصر للدراسة العالية، ولكنه لم يتم السنة الأولى وعاد إلى دمشق في السنة التالية (1929م) فدرس الحقوق في جامعتها إلى ان نال الليسانس (البكالوريوس) سنة 1933م. وقد رأى -لمّا كان في مصر في زيارته تلك لها- لجانًا للطلبة لها مشاركة في العمل الشعبي والنضالي، فلما عاد إلى الشام دعا إلى تأليف لجان على تلك الصورة، فأُلفت لجنةٌ للطلبة سُميت «اللجنة العليا لطلاب سوريا» وانتُخب رئيسًا لها وقادها نحوًا من ثلاث سنين. وكانت لجنة الطلبة هذه بمثابة اللجنة التنفيذية للكتلة الوطنية التي كانت تقود النضال ضد الاستعمار الفرنسي للشام، وهي (أي اللجنة العليا للطلبة) التي كانت تنظم المظاهرات والإضرابات، وهي التي تولت إبطال الانتخابات المزورة سنة 1931م.

في الصحافة

نشر علي الطنطاوي أول مقالة له في جريدة عامة (وهي «المقتبس») في عام 1926، وكان في السابعة عشرة من عمره. بعد هذه المقالة لم ينقطع عن الصحافة قط، فعمل بها في كل فترات حياته ونشر في كثير من الصحف؛ شارك في تحرير مجلتي خاله محب الدين الخطيب، «الفتح» و«الزهراء»، حين زار مصر سنة 1926، ولما عاد إلى الشام في السنة التالية عمل في جريدة «فتى العرب» مع الأديب الكبير معروف الأرناؤوط، ثم في «ألِف باء» مع شيخ الصحافة السورية يوسف العيسى، ثم كان مدير تحرير جريدة «الأيام» التي أصدرتها الكتلة الوطنية سنة 1931م ورأس تحريرها الأستاذ عارف النكدي، وله فيها كتابات وطنية كثيرة.

خلال ذلك كان يكتب في "الناقد" و"الشعب" وسواهما من الصحف. وفي سنة 1933م أنشأ أحمد حسن الزيات المجلة الكبرى، الرسالة، فكان الطنطاوي أحد كتّابها واستمر فيها عشرين سنة إلى أن احتجبت سنة 1953، وعمل في تحريرها مدة يسيرة من الزمن كما قال في ذكرياته [2] وكتب -بالإضافة إلى كل ذلك- سنوات في مجلة "المسلمون"، وفي جريدتي "الأيام و"النصر"، وحين انتقل إلى المملكة نشر في مجلة "الحج" في مكة وفي جريدة المدينة، وأخيرًا نشر ذكرياته في "الشرق الأوسط" على مدى نحو من خمس سنين. وله مقالات متناثرة في عشرات من الصحف والمجلات التي كان يعجز -هو نفسه- عن حصرها وتذكر أسمائها.

في التعليم

بدأ علي الطنطاوي بالتعليم ولمّا يَزَلْ طالبًا في المرحلة الثانوية، حيث درّس في بعض المدارس الأهلية بالشام وهو في السابعة عشرة من عمره (في عام 1345 هجرية)، وقد طُبعت محاضراته التي ألقاها على طلبة الكلية العلمية الوطنية في دروس الأدب العربي عن «بشار بن برد» في كتاب صغير صدر عام 1930م (أي حين كان في الحادية والعشرين من العمر).

بعد ذلك صار معلمًا ابتدائيًا في مدارس الحكومة سنة 1931م حين أغلقت السلطات جريدة «الأيام» التي كان يعمل مديرًا لتحريرها، وبقي في التعليم الابتدائي إلى سنة 1935م. وكانت حياته في تلك الفترة سلسلة من المشكلات بسبب مواقفه الوطنية وجرأته في مقاومة الفرنسيين وأعوانهم في الحكومة، فما زال يُنقَل من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية، حتى طوّف بأرجاء سوريا جميعًا: من أطراف جبل الشيخ جنوبًا إلى دير الزور في أقصى الشمال.

ثم انتقل إلى العراق في عام 1936م ليعمل مدرّسًا في الثانوية المركزية في بغداد، ثم في ثانويتها الغربية ودار العلوم الشرعية في الأعظمية (التي صارت كلية الشريعة)، ولكن روحه الوثّابة (التي لم يتركها وراءه حين قدم العراق) وجرأته في الحق (ذلك الطبع الذي لم يفارقه قط) فعلا به في العراق ما فعلاه به في الشام، فما لبث أن نُقل مرة بعد مرة، فعلّم في كركوك في أقصى الشمال وفي البصرة في أقصى الجنوب. وقد تركَتْ تلك الفترة في نفسه ذكريات لم ينسَها، وأحب «بغداد» حتى ألّف فيها كتابًا ضم ذكرياته ومشاهداته فيها.

بقي علي الطنطاوي يدرّس في العراق حتى عام 1939م، لم ينقطع عنه غير سنة واحدة أمضاها في بيروت مدرّسًا في الكلية الشرعية فيها عام 1937م، ثم رجع إلى دمشق فعُيِّن أستاذًا معاونًا في مكتب عنبر (الذي صار يُدعى «مدرسة التجهيز»، وهي الثانوية الرسمية حينئذ بالشام)، ولكنه لم يكفَّ عن شغبه ومواقفه التي تسبب له المتاعب، وكان واحدٌ من هذه المواقف في احتفال أُقيم بذكرى المولد، فما لبث أن جاء الأمر بنقله إلى دير الزور! وهكذا صار معلمًا في الدير سنة 1940م، وكان يمكن أن تمضي الأمور على ذلك لولا أنه مضى في سنّته ومنهجه في الجرأة والجهر بالحق. وكانت باريس قد سقطت في أيدي الألمان والاضطرابات قد عادت إلى الشام، فألقى في الدير خطبة جمعة نارية كان لها أثر كبير في نفوس الناس، قال فيها: «لا تخافوا الفرنسيين فإن أفئدتهم هواء وبطولتهم ادّعاء، إن نارهم لا تحرق ورصاصهم لا يقتل، ولو كان فيهم خير ما وطئت عاصمتَهم نِعالُ الألمان»! فكان عاقبة ذلك صرفه عن التدريس ومنحه إجازة «قسرية» في أواخر سنة 1940م.

في القضاء

هذه الحادثة انتهت بعلي الطنطاوي إلى ترك التعليم والدخول في سلك القضاء، دخله ليمضي فيه ربع قرن كاملًا؛ خمسة وعشرين عامًا كانت من أخصب أعوام حياته. خرج من الباب الضيق للحياة ممثلًا في التعليم بمدرسة قرية ابتدائية، ودخلها من أوسع أبوابها قاضيًا في النبك (وهي بلدة في جبال لبنان الشرقية، بين دمشق وحمص) ثم في دوما (من قرى دمشق)، ثم انتقل إلى دمشق فصار القاضي الممتاز فيها، وأمضى في هذا المنصب عشر سنوات، من سنة 1943م إلى سنة 1953م، حين نُقل مستشارًا لمحكمة النقض، فمستشارًا لمحكمة النقض في الشام، ثم مستشارًا لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر.

كان قد اقترح -لمّا كان قاضيًا في دوما- وضع قانون كامل للأحوال الشخصية، فكُلِّف بذلك عام 1947م وأوفد إلى مصر مع عضو محكمة الاستئناف الأستاذ نهاد القاسم (الذي صار وزيرًا للعدل أيام الوحدة) فأمضيا تلك السنة كلها هناك، حيث كُلف هو بدرس مشروعات القوانين الجديدة للمواريث والوصية وسواها كما كُلف زميله بدرس مشروع القانون المدني. وقد أعد هو مشروع قانون الأحوال الشخصية كله وصار هذا المشروع أساسًا للقانون الحالي وأُشير إلى ذلك في مذكرته الإيضاحية.

كان القانون يخوّل القاضي الشرعي في دمشق رياسة مجلس الأوقاف وعمدة الثانويات الشرعية، فصار علي الطنطاوي مسؤولًا عن ذلك كله خلال العشر السنين التي أمضاها في قضاء دمشق، فقرّر أنظمة الامتحانات في الثانويات الشرعية، وكانت له يدٌ في تعديل قانون الأوقاف ومنهج الثانويات، ثم كُلف عام 1960م بوضع مناهج الدروس فيها فوضعها وحده -بعدما سافر إلى مصر واجتمع فيها بالقائمين على إدارة التعليم في الأزهر- واعتُمدت كما وضعها.

رحلات ومؤتمرات

كما رأينا كان علي الطنطاوي من أقدم معلمي القرن العشرين ومن أقدم صحافييه، وهو أيضًا من أقدم مذيعيه كما سنرى، وقد كانت له -بعد- مشاركة في طائفة من المؤتمرات، منها حلقة الدراسات الاجتماعية التي عقدتها جامعة الدول العربية في دمشق على عهد الشيشيكلي، ومؤتمر الشعوب العربية لنصرة الجزائر، ومؤتمر تأسيس رابطة العالم الإسلامي، واثنين من المؤتمرات السنوية لاتحاد الطلبة المسلمين في أوروبا. ولكن أهم مشاركة له كانت في «المؤتمر الإسلامي الشعبي» في القدس عام 1953م، والذي تمخضت عنه سفرته الطويلة في سبيل الدعاية لفلسطين، التي جاب فيها باكستان والهند والملايا وأندونيسيا، وقد دَوّن ونشر بعض ذكريات تلك الرحلة في كتاب «في إندونيسيا».

لم تكن تلك أولَ رحلة طويلة يرحلها (وإن تكن الأبعد والأطول)، فقد شارك في عام 1935م في الرحلة الأولى لكشف طريق الحج البري بين دمشق ومكة، وقد حفلت تلك الرحلة بالغرائب وحفّت بها المخاطر، وكثير من تفصيلاتها منشورة في كتابه «من نفحات الحرم».

في السعودية

في عام 1963م سافر علي الطنطاوي إلى الرياض مدرّسًا في «الكليات والمعاهد» (وكان هذا هو الاسم الذي يُطلَق على كلّيتَي الشريعة واللغة العربية، وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود). وفي نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصاة في الكلية عازمًا على أن لا يعود إلى المملكة في السنة التالية، إلا أن عرضًا بالانتقال إلى مكة للتدريس فيها حمله على التراجع عن ذلك القرار.

وهكذا انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها (وفي جدّة) خمسةً وثلاثين سنة، فأقام في أجياد مجاورًا للحرم إحدى وعشرين سنة (من عام 1964م إلى عام 1985م)، ثم انتقل إلى العزيزية (في طرف مكة من جهة منى) فسكنها سبع سنوات، ثم إلى جدة فأقام فيها حتى وفاته في عام 1999م.

بدأ علي الطنطاوي هذه المرحلة الجديدة من حياته بالتدريس في كلية التربية بمكة، ثم لم يلبث أن كُلف بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية فترك الكلية وراح يطوف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة لإلقاء الدروس والمحاضرات، وتفرَّغَ للفتوى يجيب عن أسئلة وفتاوى الناس في الحرم -في مجلس له هناك- أو في بيته ساعات كل يوم، ثم بدأ برنامجيه: «مسائل ومشكلات» في الإذاعة و«نور وهداية» في الرائي (والرائي هو الاسم الذي اقترحه علي الطنطاوي للتلفزيون) الذين قُدر لهما أن يكونا أطول البرامج عمرًا في تاريخ إذاعة المملكة ورائيها، بالإضافة إلى برنامجه الأشهر «على مائدة الإفطار».

هذه السنوات الخمس والثلاثون كانت حافلة بالعطاء الفكري للشيخ، ولا سيما في برامجه الإذاعية والتلفازية التي استقطبت -على مرّ السنين- ملايين المستمعين والمشاهدين وتعلّقَ بها الناس على اختلاف ميولهم وأعمارهم وأجناسهم وجنسياتهم. ولم يكن ذلك بالأمر الغريب؛ فلقد كان علي الطنطاوي من أقدم مذيعي العالم العربي، بل لعله من أقدم مذيعي العالم كله؛ فقد بدأ يذيع من إذاعة الشرق الأدنى من يافا من أوائل الثلاثينيات، وأذاع من إذاعة بغداد سنة 1937م، ومن إذاعة دمشق من سنة 1942م لأكثر من عقدين متصلين، وأخيرًا من إذاعة المملكة ورائيها نحوًا من ربع قرن متصل من الزمان.

شيخوخته ووفاته

آثر علي الطنطاوي ترك الإذاعة والتلفاز حينما بلغ الثمانين من العمر. وكان قبل ذلك قد لبث نحو خمس سنين ينشر ذكرياته في الصحف، حلقةً كل يوم خميس، فلما صار كذلك وقَفَ نشرَها (وكانت قد قاربت مئتين وخمسين حلقة) وودّع القرّاء فقال: «لقد عزمتُ على أن أطوي أوراقي، وأمسح قلمي، وآوي إلى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين، فلا أكاد أخرج من بيتي، ولا أكاد ألقى أحدًا من رفاقي وصحبي».

ثم أغلق عليه باب بيته واعتزل الناس إلا قليلًا من المقربين يأتونه في معظم الليالي زائرين، فصار ذلك له مجلسًا يطل من خلاله على الدنيا، وصار منتدى أدبيًا وعلميًا تُبحث فيه مسائل العلم والفقه واللغة والأدب والتاريخ، وأكرمه الله فحفظ عليه توقّد ذهنه ووعاء ذاكرته حتى آخر يوم في حياته، حتى إنه كان قادرًا على استرجاع المسائل والأحكام بأحسن مما يستطيعه كثير من الشبان، وكانت (لغاية الشهر الذي توفي فيه) تُفتتح بين يديه القصيدة لم يرَها من عشر سنين أو عشرين فيُتمّ أبياتَها ويبين غامضها، ويُذكَر العَلَم فيُترجم له، وربما اختُلف في ضبط مفردة من مفردات اللغة أو في معناها فيقول: هي كذلك، فيُفتَح القاموس المحيط (وكان إلى جواره حتى آخر يوم في حياته) فإذا هي كما قال!

ثم ضعف قلبه في آخر عمره فأُدخل المستشفى مرات، وكانت الأزمات متباعدة في أول الأمر ثم تقاربت، حتى إذا جاءت السنة الأخيرة تكاثرت حتى بات كثيرَ التنقل بين البيت والمستشفى. ثم توفي بعد عشاء يوم الجمعة، 18 حزيران عام 1999م الموافق 4 ربيع الأول 1420 هـ، في قسم العناية المركزة في مستشفى الملك فهد بجدة عن عمر 90 عام، ودُفن في مقبرة مكة المكرمة في اليوم التالي بعدما صُلّي عليه في الحرم المكي الشريف.

دمشق والحنين

ترك علي الطنطاوي دمشق وهاجر إلى المملكة العربية السعودية بعدما ضاقت عليه الحياة في سوريا بعد انقلاب البعث (8 آذار 1963)، وقد رجع إلى بلاد الشام زائرًا عدة مرات ثم انقطع من عام 1979 فلم يُسمَح له بدخولها، فبقي قلبه فياضًا بالشوق والحنين إليها حتى الممات. وكتب في ذلك دررًا أدبية يقول في إحداها:

"وأخيرًا أيها المحسن المجهول، الذي رضي أن يزور دمشق عني، حين لم أقدر أن أزورها بنفسي، لم يبق لي عندك إلا حاجة واحدة، فلا تنصرف عني، بل أكمل معروفك، فصلّ الفجر في "جامع التوبة" ثم توجه شمالًا حتى تجد أمام "البحرة الدفاقة" زقاقًا ضيقًا جدًا، حارة تسمى "المعمشة" فادخلها فسترى عن يمينك نهرًا، أعني جدولًا عميقًا على جانبيه من الورود والزهر وبارع النبات ما تزدان منه حدائق القصور، وعلى كتفه ساقية عالية، اجعلها عن يمينك وامش في مدينة الأموات، وارع حرمة القبور فستدخل أجسادنا مثلها.

دع البحرة الواسعة في وسطها وهذه الشجرة الضخمة ممتدة الفروع، سر إلى الأمام حتى يبقى بينك وبين جدار المقبرة الجنوبي نحو خمسين مترًا، إنك سترى إلى يسارك قبرين متواضعين من الطين على أحدهما شاهد باسم الشيخ أحمد الطنطاوي، هذا قبر جدي، فيه دفن أبي وإلى جنبه قبر أمي فأقرئهما مني السلام، واسأل الله الذي جمعهما في الحياة، وجمعهما في المقبرة، أن يجمعهما في الجنة، {رب اغفر لي ولوالدي} {رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} رب ارحم ابنتي واغفر لها، رب وللمسلمين والمسلمات".

بناته

مؤلفاته

ترك علي الطنطاوي عددًا كبيرًا من الكتب، أكثرها يضم مقالات مما سبق نشره في الصحف والمجلات، وهذه هي أهم مؤلفاته (مرتبة على تواريخ صدور طبعاتها الأولى):

  1. أبو بكر الصديق (1935).
  2. قصص من التاريخ (1957).
  3. رجال من التاريخ (1958).
  4. صور وخواطر (1958).
  5. قصص من الحياة (1959).
  6. في سبيل الإصلاح (1959).
  7. دمشق (1959).
  8. أخبار عمر (1959).
  9. مقالات في كلمات (1959).
  10. من نفحات الحرم (1960).
  11. حكايات من التاريخ (1 ـ 7) (1960).
  12. هتاف المجد (1960).
  13. من حديث النفس (1960).
  14. الجامع الأموي (1960).
  15. في إندونيسيا (1960).
  16. فصول إسلامية (1960).
  17. صيد الخاطر لابن الجوزي (تحقيق وتعليق) (1960).
  18. فِكَر ومباحث (1960).
  19. مع الناس (1960).
  20. بغداد: مشاهدات وذكريات (1960).
  21. تعريف عام بدين الإسلام (1970).
  22. فتاوى علي الطنطاوي (1985).
  23. ذكريات علي الطنطاوي (1ـ 8) (1985-1989).

ونشر حفيده مجاهد مأمون ديرانية بعد وفاته عددًا من الكتب جمع مادتها من مقالاتٍ وأحاديثَ لم يسبق نشرها، وهي (مرتبة حسب تاريخ صدورها):

  1. فتاوى علي الطنطاوي (الجزء الثاني) (2001).
  2. فصول اجتماعية (2002).
  3. سيِّد رجال التاريخ (2002).
  4. نور وهداية (2006).
  5. فصول في الثقافة والأدب (2007).
  6. فصول في الدعوة والإصلاح (2008).
  7. البواكير (2009).
  8. الذكريات: الفهارس والصُّوَر (2011).
  9. كلمات صغيرة (2016).
  10. أعلام من التاريخ (2019).

مصادر سيرته

أفرد سيرته ومواقفه بالتأليف بعض أحفاده:[3]

  • حفيده الأستاذ الأديب المهندس مجاهد مأمون ديرانية: (علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء).
  • حفيدته الأستاذة عابدة المؤيَّد العظم: (هكذا ربَّانا جدي علي الطنطاوي)، و(جدِّي علي الطنطاوي كما عرفته).
  • حفيده الطبيب د. مؤمن مأمون ديرانية (صورٌ من الذاكرة مع جدِّي علي الطنطاوي وخواطرُ بين يديه).

ومن أهم مصادر سيرته:

  • (ذيل الأعلام) لأحمد العلاونة 2/ 134
  • (عبقريات وأعلام) لعبد الغني العطري ص281- 293
  • (علماء ومفكرون عرفتهم) لمحمد المجذوب 3/ 189- 232
  • (موسوعة الأسر الدمشقية) للدكتور محمد شريف الصوَّاف 2/ 574
  • (علماء دمشق وأعيانها في القرن الخامس عشر الهجري) للدكتور نزار أباظة ص384- 388
  • (معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين) لأحمد الجدع 2/ 891
  • (في وداع الأعلام) ليوسف القرضاوي ص25- 36
  • (علماء الشام في القرن العشرين وجهودهم في إيقاظ الأمة والتصدِّي للتيارات الوافدة) لمحمد حامد الناصر ص411- 429
  • (الفائزون بجائزة الملك فيصل العالمية في ثلاثين عامًا) ص55.

طالع أيضًا

وصلات خارجية

المصادر

  • علي الطنطاوي (1327-1420هـ/1909-1999م) أديب الفقهاء وفقيه الأدباء، مجاهد مأمون ديرانية، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى، 1421هـ/2001م.

المراجع

  1. ^ "رابطة أدباء الشام - الشيخ محمد علي الطنطاوي". www.odabasham.net. مؤرشف من الأصل في 2021-07-11. اطلع عليه بتاريخ 2021-07-09.
  2. ^ ذكريات علي الطنطاوي، (8 مجلدات)، علي مصطفى الطنطاوي، دار المنارة، جدة، متعدد الطبعات
  3. ^ "علي الطنطاوي أديب الفقهاء". شبكة الألوكة الكاتب أيمن ذو الغنى. مؤرشف من الأصل في 2023-07-29.

Read other articles:

SantoFrumentiusUskup, Konfesor dan Rasul EtiopiaLahirAbad ke-4Tirus, Kekaisaran Romawi Timur (sekarang Lebanon)Meninggalc. 383Kerajaan AksumDihormati diGereja Katolik RomaGereja Ortodoks Oriental Gereja Ortodoks TimurKomuni AnglikanPesta 27 Desember (Gereja Ortodoks Etiopia) 27 Oktober (Gereja Katolik) 30 November (Gereja Ortodoks Timur) 18 Desember (Gereja Ortodoks Koptik) PelindungKerajaan Aksum Frumentius (bahasa Ge'ez: ፍሬምናጦስ; wafat c. 383) adalah seorang misionaris Kriste...

 

 

Part of a series onBritish law Acts of Parliament of the United Kingdom Year      1801 1802 1803 1804 1805 1806 1807 1808 1809 1810 1811 1812 1813 1814 1815 1816 1817 1818 1819 1820 1821 1822 1823 1824 1825 1826 1827 1828 1829 1830 1831 1832 1833 1834 1835 1836 1837 1838 1839 1840 1841 1842 1843 1844 1845 1846 1847 1848 1849 1850 1851 1852 1853 1854 1855 1856 1857 1858 1859 1860 1861 1862 1863 1864 1865 1866 1867 1868 1869 1870 1871 1872 1873 1874 1875 1876 1877 1878 ...

 

 

Collective of video gamers who play fighting games This article may be written from a fan's point of view, rather than a neutral point of view. Please clean it up to conform to a higher standard of quality, and to make it neutral in tone. (May 2022) (Learn how and when to remove this template message) The fighting game community, often abbreviated to FGC, is a collective of video gamers who play fighting games such as Marvel vs. Capcom, Mortal Kombat, Soulcalibur, Street Fighter, Guilty Gear,...

Not to be confused with WKXJ, a Chattanooga, Tennessee–area sister station with the same branding and frequency. Radio station in Wauwatosa, WisconsinWXSSWauwatosa, WisconsinBroadcast areaGreater MilwaukeeFrequency103.7 MHz (HD Radio)Branding103-7 Kiss-FMProgrammingFormatTop 40 (CHR)SubchannelsHD2: Urban contemporary Hot 105.7HD3: Channel Q LGBTQ dance musicAffiliationsPremiere NetworksOwnershipOwnerAudacy, Inc.(Audacy License, LLC, as Debtor-in-Possession)Sister stationsWMYX-FMWSSPHistoryF...

 

 

Village in Maharashtra This article is an orphan, as no other articles link to it. Please introduce links to this page from related articles; try the Find link tool for suggestions. (January 2018) Village in Maharashtra, IndiaPophalajvillageCountry IndiaStateMaharashtraDistrictSolapur districtLanguages • OfficialMarathiTime zoneUTC+5:30 (IST) Pophalaj is a village in the Karmala taluka of Solapur district in Maharashtra state, India. Demographics Covering 1,386 hectares (3,42...

 

 

Alfred Mosher Butts (13 April 1899 – 4 April 1993) adalah seorang arsitek Amerika Serikat dan pencipta permainan Scrabble pada tahun 1938. Pada tahun 1931, Alfred Butts, penduduk Poughkeepsie, New York memutuskan untuk merancang permainan yang menggabungkan anagram dan teka-teki silang ketika sedang menganggur dari pekerjaannya sebagai seorang arsitek. Pada tahun 1933, Butts menyelesaikan permainan baru yang disebutnya sebagai Lexiko. Pemain mengambil 9 keping huruf dari kumpu...

English seaman Joseph KellawayHMS Beagle with HMS Wrangler (right) by Sir Oswald Brierly, 1855Born1 September 1824Kingston, Purbeck, DorsetDied2 October 1880 (aged 56)Chatham, KentBuriedMaidstone Road Cemetery, ChathamAllegiance United KingdomService/branch Royal NavyRankChief BoatswainUnitHMS WranglerBattles/warsCrimean WarAwardsVictoria CrossLégion d'Honneur (France) Joseph Kellaway VC (1 September 1824 – 2 October 1880) was an English recipient of the Victoria Cross, the h...

 

 

Marina di PietrasantafrazioneMarina di Pietrasanta – VedutaPanorama di Marina di Pietrasanta, sullo sfondo le Alpi Apuane. LocalizzazioneStato Italia Regione Toscana Provincia Lucca Comune Pietrasanta TerritorioCoordinate43°55′35.1″N 10°11′48.3″E / 43.926417°N 10.19675°E43.926417; 10.19675 (Marina di Pietrasanta)Coordinate: 43°55′35.1″N 10°11′48.3″E / 43.926417°N 10.19675°E43.926417; 10.19675 (Marina di Pietrasan...

 

 

2006 single by La 5ª EstaciónMe MueroSingle by La 5ª Estaciónfrom the album El Mundo Se Equivoca Released2006Recorded2006GenreLatin popLength3:09LabelSony InternationalSongwriter(s)Armando Avila Natalia JimenezProducer(s)Armando AvilaLa 5ª Estación singles chronology Tu Peor Error (2006) Me Muero (2006) Sueños Rotos (2007) Me Muero (Spanish for I Die or I Am Dying) is La 5ª Estación's second single release from their third studio album, El mundo se equivoca. Song information Me Muero...

French economist Christian NoyerChair of the Bank for International SettlementsIn officeMarch 2010 – October 2015General ManagerJaime CaruanaPreceded byGuillermo Ortiz MartínezSucceeded byJens WeidmannGovernor of the Bank of FranceIn office1 November 2003 – 31 October 2015Preceded byJean-Claude TrichetSucceeded byFrançois Villeroy de GalhauVice-President of the European Central BankIn office1 June 1998 – 31 May 2002PresidentWim DuisenbergPreceded byPosition ...

 

 

Bagian dari seri tentangWaisnawa Dewa tertinggi Wisnu Kresna Rama Dewa berpengaruh Dasawatara Matsya Kurma Varaha Narasimha Vamana Parasurama Rama Krishna Buddha Kalki Awatara lain Pertu Mohini Nara-Narayana Hayagriwa Terkait Witoba Lakshmi Sri Arci Radha Rukmini Sita Hanuman Shesha Teks Weda Upanisad Agama Bhagavad Gita Chaitanya Charitamrita Divya Prabandha Mahabharata Ramayana Ramcharitmanas Puranas Wisnu Bhagavata Naradiya Garuda Padma Agni Sampradaya Sri Sampradaya (Wisistadwaita) Brahma...

 

 

Pour les articles homonymes, voir Ferry. Caricature de Jules Ferry croquant un curé en pain d'épices, 1879. Les lois Jules Ferry sont une paire de lois sur l'école primaire en France votées en 1881-1882 sous la Troisième République, qui rendent l'école gratuite (loi du 16 juin 1881), l'instruction primaire obligatoire et participent à laïciser l’enseignement public (loi du 28 mars 1882). Elles sont associées au nom de Jules Ferry, dirigeant politique républicain des débuts de l...

1952 film The BrigandOriginal film posterDirected byPhil KarlsonWritten byJesse L. Lasky, Jr.Based ontreatment by George Brucenovel by Alexandre DumasProduced byEdward Small (uncredited)StarringAnthony DexterJody LawranceAnthony QuinnCinematographyW. Howard GreeneEdited byJerome ThomsMusic byMario Castelnuovo-TedescoColor processTechnicolorProductioncompanyResolute PicturesDistributed byColumbia PicturesRelease dates June 25, 1952 (1952-06-25) (United States) July 25,&...

 

 

Artikel ini membutuhkan rujukan tambahan agar kualitasnya dapat dipastikan. Mohon bantu kami mengembangkan artikel ini dengan cara menambahkan rujukan ke sumber tepercaya. Pernyataan tak bersumber bisa saja dipertentangkan dan dihapus.Cari sumber: Daftar Bupati Tana Toraja – berita · surat kabar · buku · cendekiawan · JSTOR Bupati Tana TorajaPetahanaTheofilus Allorerungsejak 26 Februari 2021KediamanRumah Jabatan BupatiMasa jabatan5 tahunDibentuk1 ...

 

 

إن وجهات النظر المعروضة في هذه المقالة منحازة ثقافيًا أو جغرافيًا. فضلًا، ساهم في تحسينها من خلال إزالة أي محتوى منحاز وتطوير محتواها لتعرض وجهات نظر متنوعة عرضًا حياديًا. (نقاش)جزء من سلسلة مقالات حولالتصويت الاقتراعورقة اقتراع اقتراع غيابي اقتراع مؤقت نموذج ورقة اقتراع...

For similarly named cities, see Caesarea (disambiguation). This article needs additional citations for verification. Please help improve this article by adding citations to reliable sources. Unsourced material may be challenged and removed.Find sources: Kesaria – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (December 2018) (Learn how and when to remove this message) You can help expand this article with text translated from the corresponding article in ...

 

 

زيوس إله السماء والبرق والرعد والقانون والنظام والعدالة Ζεύς   زوجات ميتيستيميسهيرا  الأب كرونوس  الأم ريا[1][2]  ذرية آريز،  وأفروديت،  وأبولو،  وهيفيستوس[3]،  وأرتميس[4]،  وهيرميز[5]،  وبيرسيفون[6]،  وديونيسوس،  وهيلانة&...

 

 

Nick HeidfeldHeidfeld di dalam acara Goodwood Festival of Speed pada tahun 2019.Lahir10 Mei 1977 (umur 47)Mönchengladbach, JermanKarier Kejuaraan Dunia Formula SatuKebangsaan JermanJumlah lomba185 (183 start)Juara Dunia0Menang0Podium13Total poin259Posisi pole1Lap tercepat2Lomba pertamaGrand Prix Australia 2000Lomba terakhirGrand Prix Hungaria 2011Klasemen 2010P18 (6 pts) Nick Lars Nicklaus Heidfeld (dikenal dengan nama Nick Heidfeld, lahir 10 Mei 1977, julukannya Quick Nick atau N...

Defensive position in American football This article is about the position in American and Canadian football. For other uses, see Linebacker (disambiguation). In white jerseys, Lance Briggs (#55) and Brian Urlacher (#54) of the Chicago Bears, are positioned as linebackers on Lambeau Field in 2011. Linebacker (LB) is a playing position in gridiron football. Linebackers are members of the defensive team, and line up three to five yards behind the line of scrimmage and the defensive linemen. The...

 

 

Part of a series onBritish law Acts of Parliament of the United Kingdom Year      1801 1802 1803 1804 1805 1806 1807 1808 1809 1810 1811 1812 1813 1814 1815 1816 1817 1818 1819 1820 1821 1822 1823 1824 1825 1826 1827 1828 1829 1830 1831 1832 1833 1834 1835 1836 1837 1838 1839 1840 1841 1842 1843 1844 1845 1846 1847 1848 1849 1850 1851 1852 1853 1854 1855 1856 1857 1858 1859 1860 1861 1862 1863 1864 1865 1866 1867 1868 1869 1870 1871 1872 1873 1874 1875 1876 1877 1878 ...