الاضطراب ثنائي القطب* هو اضطراب نفسي يسبّب نوباتٍ من الاكتئاب ونوبات أخرى من الابتهاج غير الطبيعي.[2][3][4] تعدّ نوبات الابتهاج المذكورة، والتي تعرف أيضاً باسم الهوس أو الهوس الخفيف، ذات أهمّية في تشخيص الحالة وذلك اعتماداً على شدّتها أو إذا كانت أعراض الذِّهان بادية.[2] تختلف نوبات الابتهاج غير الطبيعي عن الشعور بالابتهاج في الظروف الاعتيادية، ففي الحالة المرضية يشعر المرء بنشاطٍ وسعادةٍ وتهيّجٍ غير طبيعي؛[2] كما قد تؤدّي بالشخص في بعض الأحيان للقيام بأعمال طائشة وغير مسؤولة أو مدروسة العواقب.[3] تتضاءل الحاجة إلى النوم أثناء نوبات الهوس؛[3] في حين قد يظهر على الأشخاص المصابين خلال نوبات الاكتئاب أعراض من قبيل نوبات البكاء، والنظرة السوداوية للحياة، بالإضافة إلى تجنّب الالتقاء مع الآخرين.[2] يظلّ خطر الانتحار عند المرضى المصابين بالاضطراب ثنائي القطب مرتفعاً بنسبة تفوق 6%، وفي الوقت نفسه قد تحدث أيضاً حالات من إيذاء النفس عند حوالي 30% إلى 40% من الحالات.[2] يمكن لاضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب القلق أو اضطراب تعاطي المخدرات أن تكون مرتبطة بالاضطراب ثنائي القطب.[2]
لا تزال مسبّبات هذا الاضطراب غير مفهومة بوضوح؛ إلّا أنّ العوامل البيئيةوالوراثية يمكن أن يكون لها دور في ذلك.[2] تتضمّن العوامل البيئية الخطرة وجود إساءة في مرحلة الطفولة أو حالات طويلة الأمد من التوتّر النفسي (الكرب)؛[2] في حين يساهم العديد من التأثيرات الجينية الصغيرة في خطر الإصابة بهذا الاضطراب النفسي؛[2][5] وتشير بعض الدراسات أنّ العوامل الوراثية هي الأكثر تأثيراً في الواقع، إذ يُعزى إليها حدوث حوالي 85% من الحالات.[6]
ينقسم الاضطراب ثنائي القطب بصفةٍ عامّة إلى نوعين: النوع الأول يتميّز بحدوث نوبة هوس واحدة على الأقلّ، مع أو بدون نوبات اكتئابية؛ أمّا النوع الثاني فيتميّز بوقوع نوبة واحدة على الأقل من الهوس الخفيف (وليس الهوس) ونوبة اكتئابية رئيسية (كبرى).[3] قد تُشخّص حالات من اضطراب المزاج الدوروي عند الأشخاص الذين يعانون من أعراض أقلّ شدّة وطويلة الأمد من الاضطراب ثنائي القطب.[3] وإذا كانت الأعراض ناتجةً عن عقاقير أو مشاكل طبّية فإنّها تصنّف بشكل منفصل.[3] من بين الحالات الأخرى التي قد تظهر بشكل مشابه، نجد مثلاً اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاطواضطرابات الشخصية الأخرى والفصامواضطراب تعاطي المخدرات بالإضافة إلى عددٍ من الحالات الطبّية الأخرى.[2]
ليس من المتَطلّب إجراء اختبارات طبية في هذه الحالة لتشخيص المرض، ومع ذلك فلا بأس من القيام بتحاليل دمّ أو تصوير طبّي من أجل استبعاد المشاكل الأخرى.[7]
يمكن معالجة الاضطراب ثنائي القطب بالأدوية والعقاقير المناسبة مثل مثبّتات المزاجومضادّات الذهان؛ إلى جانب العلاج النفسي.[2][8] يمكن لمثبّتات المزاج أن تحسّنه وأن تقلّل من الاضطراب، وهي تشمل العلاج بالليثيوم وأنواعاً معيّنةً من مضادات الاختلاج (مضادات نوبات الصرع) مثل أملاح الفالبروات وعقار كاربامازيبين.[2] قد تتطلّب إدارة الحالة إجراء علاج لاإرادي في مستشفى الأمراض النفسية إذا كان المصابون غير متعاونين مع برنامج العلاج ويشكّلون خطراً على أنفسهم أو على الآخرين.[2] يمكن معالجة المشاكل السلوكية الشديدة مثل التهيّج أو السلوك العدواني باستخدام مضادّات ذِهان قصيرة الأمد أو باستخدام عقاقير بنزوديازيبين.[2] في نوبات الهوس يُنصَح بالتوقّف عن استخدام مضادّات الاكتئاب؛[2] وإذا استخدمت الأخيرة في نوبات الاكتئاب فينبغي أن تُستخدَم مع مثبّتات المزاج.[2] قد يُلجَأ إلى المعالجة بالتخليج الكهربائي في حال عدم الاستجابة لوسائل العلاج الأخرى رغم عدم وجود دراسات كافية عنه بالشكل الكافي.[2][9] في حال إيقاف العلاج، فإنّه يُنصَح بالقيام بذلك بشكل بطيء.[2]
يعاني العديد من الأفراد من مشاكل مالية واجتماعية ومهنية جرّاء هذا الاضطراب؛[2] وتُصادَف تلك المشاكل في حوالي ربع إلى ثلث الأوقات وسطياً.[2] بالإضافة إلى ذلك فإنّ المصابين بهذا الاضطراب قد يواجهون مشاكل متعلّقة بالوصمة الاجتماعية.[2] يرتفع خطر الإصابة بالأمراض الأخرى مثل مرض القلب التاجي بمقدار الضعف عند المصابين بهذا الاضطراب نتيجة التغيّرات في نمط الحياة وبسبب التأثيرات الجانبية للعقاقير.[2]
يصيب هذا الاضطراب حوالي 1% من البشر عالمياً،[10] كما يُقدَّر أنّ حوالي 3% من السكان في الولايات المتحدة عُرضةٌ في مرحلةٍ ما من حياتهم لهذا الاضطراب بشكل متقارب بين الجنسين.[11][12] يعدّ سن الخامسة والعشرين السنّ الأكثر شيوعاً لظهور أعراض هذا الاضطراب.[2] قُدّرت الخسائر الاقتصادية المتعلّقة بهذا الاضطراب في الولايات المتحدة سنة 1991 بحوالي 45 مليار دولار؛[13] وذلك بشكل رئيسي بسبب الغياب عن الدوام في العمل، والذي قُدّر بحوالي 50 يوماً في السنة.[13]
يتّسم كلٌّ من الهوسوالاكتئاب بحدوث اضطرابات وتقلّبات في المزاج الطبيعي وفي النشاط النفسي الحركي وفي النظم اليوماوي وفي المعرفة. يمكن للهوس أن يُلاحَظ بمستويات مختلفة من اضطراب المزاج وذلك بشكل يتراوح من الابتهاج الطبيعي إلى الانزعاجوالتهيّجية. يتضمّن العارض الرئيسي للهوس حدوث هياج نفسي حركي؛ كما يمكن للهوس أن يترافق مع هوس العظمة أو تسارع في الكلام وتوارد الأفكار أو الاندفاعية.[19] يتمايز الهوس عن الهوس الخفيف بمدّة الحالة، إذ أنّ الهوس الخفيف أقصر، كما أنّه لا يترافق دوماً مع حدوث اختلال في الوظائف.[10] لا تزال الآلية الحيوية المسؤولة عن التحوّل من نوبة الهوس إلى نوبة الاكتئاب، وكذلك بالاتجاه العكسي، غير مفهومة بالكامل.[20]
نوبات الهوس
تتميّز نوبة الهوس بحدوثها عندما ينتاب المصاب مزاج يمكن أن يتراوح من الابتهاج إلى الهذيان وذلك لفترة لا تقلّ عن أسبوع؛ ويترافق ذلك مع المظاهر السلوكية التالية: الهياج النفسي الحركي، والتسارع في الكلام والأفكار، وقلّة الحاجة إلى النوم،[21] وتقلّبات في الشهيّة،[22] وقصر مدى الانتباه، والقيام بنشاطات مهيّجة محدّدة الهدف لكنها غير محسوبة العواقب، مثل فرط النشاط الجنسي أو التبذير.[23][24][25] لكي تُشخَّص نوبة الهوس بشكل صحيح ينبغي على السلوكيات المذكورة أن تعيق قدرة الفرد المصاب على الاندماج في المجتمع أو الذهاب إلى العمل.[23][25] في حال عدم علاجها قد يطول أمد نوبة الهوس من ثلاثة إلى ستّة أشهر.[26]
قد يمكن أن يكون للأشخاص الذين ينتابهم الهوس سجلٌّ من تعاطي المخدرات قد يمتدّ لعدّة سنوات كوسيلةٍ للتداوي الذاتي؛[27] وفي أقصى الحدود يمكن لهؤلاء الأشخاص في أشد حالات الهوس أن يعانوا من الذهان وذلك بحالة انفصال عن الواقع؛[25] كما يمكن أن يترافق ذلك مع أوهام وهلوسات تدفعهم للشعور بأنهم في مهمّة مختارة أو أن لديهم قدرات خارقة.[28] قد يؤدي ذلك إلى سلوك عنيف، ممّا قد ينتج عنه في بعض الأحيان الحاجة إلى الإدخال إلى مستشفى الأمراض النفسية؛[24][25] ومن حيث المبدأ يمكن لمدى وشدّة أعراض الهوس أن تقاس باستخدام مقياس يونغ لتدرّج الهوس.[29]
نوبات الهوس الخفيف
يمثّل الهوس الخفيف كما يوحي الاسم حالةً مخففّةً من الهوس، وذلك عندما تمتدّ الحالة لأربعة أيام على الأقلّ بأعراض مشابهة للهوس؛[25] ولكن من دون أن يسبّب ذلك انخفاضاً ملحوظاً في قدرة الفرد المصاب على التواصل الاجتماعي أو القيام بنشاط العمل اليومي، بالإضافة إلى عدم ظهور الأعراض المرافقة المميّزة للذهان مثل الوهام أو الهلوسة، ولا يتطلّب الإدخال إلى مستشفى الأمراض النفسية.[23] يمكن أن تُفهَم حالة الهوس الخفيف لدى البعض أنّها حيلة دفاعية ضد الاكتئاب؛[30] كما أنّ البعض ممّن يبدي حالة هوس خفيف قد يبدون مقداراً متزايداً من الإبداع،[25][31] في حين أنّ البعض الآخر تكون أحكامهم مشوّشة وقراراتهم خاطئة.
من النادر أن تتطوّر نوبة الهوس الخفيف إلى نوبة هوس شديدة الأثر؛[30] في حالات نادرة قد تترك نوبة الهوس الخفيف شعوراً جيّداً لدى بعض الأشخاص الذين تتنابهم؛ على الرغم من أنّ أغلب الأشخاص الذين عاشوا تلك التجربة كانوا قد صرّحوا أن الكرب المرافق كان وقعه شديداً.[25] بالرغم من ذلك فإنّ الأشخاص الذين ينتابهم الهوس الخفيف يميلون أن ينسوا آثار أفعالهم على المحيطين بهم؛ حتّى عندما تلاحظ العائلة والأشخاص المقرّبون حدوث تقلّب في المزاج، إلّا أنّ الفرد المصاب غالباً ما ينكر حدوث أيّ أمرٍ خاطئ.[32]
إذا لم يرافق نوبة الهوس الخفيف أيّ نوبات اكتئاب فإنّ ذلك لا يعدّ علامةً من علامات الاضطراب ثنائي القطب النفسي؛ ولا تعدّ ذات إشكالية، إلّا إذا كان تقلّب المزاج غير منضبط.[30] من الشائع أن تستمرّ أعراض نوبة الهوس الخفيف من عدّة أسابيع إلى عدّة أشهر.[33]
نوبات الاكتئاب
تشمل علامات وأعراض نوبة الاكتئاب في الاضطراب ثنائي القطب مشاعر متواصلة من الحزن والتهيّجية والغضبوانعدام التلذّذوشعور غير مبرّر بالذنب وبفقدان الأمل؛ وعدم انتظام في النوم وذلك إمّا بحدوث مشاكل بالأرق أو بفرط النوم، وكذلك تغيّر في الشهيّة و/أو الوزن، وكذلك الإعياء ومشاكل بالتركيز، والشعور بالعزلةوالسوداوية بالإضافة إلى كره الذات والشعور بعدم القيمة، والتفكير في الانتحار.[34][35] في الحالات الشديدة، قد يعاني الفرد المصاب من أعراض الذهان مثل حدوث توهّمات أو هلوسات (أقل شيوعاً نوعاً ما).[36] تستمرّ الحالة الاكتئابية الكبرى لفترة تزيد عن أسبوعين ويمكن أن تستمرّ لأكثر من ستّة أشهر إذا تُرٍكت دون علاج؛[36] وحينئذٍ ترتفع خطورة محاولة الانتحار.[37]
كلّما كانت الحالة في أوّلها كلما زادت احتمالية أن تكون النوبات الأولى اكتئابية.[38] بما أنّ تشخيص الاضطراب ثنائي القطب يتطلّب حدوث نوبة هوس أو هوس خفيف، لذلك فإن العديد من الأشخاص المصابين يُشخَّصون بأنّ لديهم اضطراب اكتئابي وتوصَف لهم مضادّات اكتئاب وذلك بشكلٍ خاطئ.[39]
حالات مختلطة
قد يحدث في بعض حالات الاضطراب ثنائي القطب أن تكون هناك حالات مختلطة تظهر فيها أعراض متزامنة من الهوس والاكتئاب.[40] من الأمثلة على ذلك أن ينتاب المصاب أفكار متعلّقة بهوس العظمة وذلك بشكل متزامن مع ظهور أعراض اكتئابية مثل شعور عميق بالذنب أو الرغبة بالانتحار.[40] تعدّ الحالات المختلطة عموماً ذات خطورة مرتفعة فيما يتعلّق بالميل نحو الانتحار لأنّ المشاعر الاكتئابية مثل فقدان الأمل تكون مترافقة مع مشاكل في ضبط المشاعر الاندفاعية.[40] يمكن لاضطرابات القلق أن تُرافق بشكل متكرّر النوبات المختلطة للاضطراب ثنائي القطب أكثر من النوبات غير المختلطة لهذا الاضطراب.[40]
ميزات مرافقة
الميّزات المرافقة للاضطراب ثنائي القطب هي ظواهر سريرية ترافق عادةً هذا الاضطراب ولكنها ليست جزءاً من الشروط التشخيصية له؛ فعلى سبيل المثال فإنّه عادةً ما يبدي بعض البالغين تغيّرات في العمليات المعرفية والمقدرات الذهنية؛[41] وهي تتضمّن مثلاً حدوث ضعف بالانتباهوبالوظائف التنفيذيةوبالذاكرة.[42] يختلف تعاطي الفرد المصاب مع البيئة المحيطة به حسب طور وحالة الاضطراب، خاصّةً مع وجود خواص وميّزات متفاوتة بين حالات الهوس والهوس الخفيف والاكتئاب.[22] كما قد يواجه المصابون بالاضطراب ثنائي القطب صعوبةً في الحفاظ على العلاقات الاجتماعية.[43] هناك عدّة ميّزات مشتركة كان عدد من مصابي الاضطراب قد أبدوها في مرحلة الطفولة مثل عدم انتظام المزاج واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.[44]
من المفيد إجراء تحليل دقيق للدراسات الطولية على أعراض ونوبات الاضطراب ثنائي القطب، لأنّها تفيد في وضع خطّة علاج وذلك في حال تداخل تلك الحالات المرضية.[47]
الأسباب
تتفاوت أسباب الاضطراب ثنائي القطب غالباً بين الأفراد المصابين به، ولا تزال الآلية الدقيقة المسبّبة لهذا الاضطراب غير معروفة.[48] يُعتقَد أنّ العوامل الوراثية تسبّب حوالي 60% - 80% من خطورة تطوّر الأعراض، ممّا يشير إلى الدور الكبير للوراثة في هذا الاضطراب.[45] قُدّرَت القابلية الكلّية لانتقال هذا الاضطراب بالوراثة بمقدار 0.71.[49]
رغم محدودية العيّنة الإحصائية في الدراسات التوأمية على هذا الاضطراب إلّا أنّها أظهرت الدور الكبير للعوامل الوراثية، بالإضافة إلى تأثير العوامل البيئية. ففي دراسة على النمط الأول من الاضطراب ثنائي القطب كان معدل توافق الإصابة على التوائم المتماثلة (جينات (مورثات) متطابقة) بمقدار 40%؛ وذلك بالمقارنة مع حوالي 5% فقط في حالة التوائم غير المتماثلة.[23][50] من جهةٍ أخرى، فإنّ الدراسات على اشتراك أعراض النمط الأول من الاضطراب مع النمط الثاني أو إظهار أعراض مزاج دوروي أعطت نتائج مشابهة، إذ كانت النتيجة 42% في التوائم المتماثلة مقابل 11% في التوائم غير المتماثلة، مع نسبةٍ أقلّ نسبياً في الاضطراب ثنائي القطب من النمط الثاني، ممّا يعكس غالباً التغاير في هذه الحالة.
هناك تراكب في النتائج مع الاكتئاب الأعظمي (أحادي القطب)؛ وفي حال أخذه بعين الاعتبار في الدراسات التوأمية تصبح النسبة 67% في التوائم المتماثلة و19% في التوائم غير المتماثلة.[51] إنّ النسبة المنخفضة لتوافق الاضطراب لدى التوائم غير المتماثلة في الدراسات التوأمية يمكن أن يشير إلى محدودية التأثير البيئي؛ ولكن صغر العينة الإحصائية يجعل تعميم هذه النتائج غير صحيحاً بالكامل.[49] من جهةٍ أخرى، قد تلعب الهرمونات دوراً في أعراض هذا الاضطراب، فقد وجدت علاقة بين هرمون الإستروجين والاضطراب ثنائي القطب لدى النساء.[52][53]
العوامل الوراثية
تقترح دراسات علم الوراثة السلوكي أنّ العديد من مناطق الكرموسومات (الصبغيات) والجينات المرشّحة لها علاقة مع العرضة بالإصابة بالاضطراب ثنائي القطب، إذ أنّ كلّ اضطراب جيني له أثر متوسّط الشدّة وسطياً.[45] إنّ خطورة الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب لدى أقارب المصابين به من الدرجة الأولى هي أكبر بعشر مرّات بالمقارنة مع العيّنة الإحصائية العامّة (جمهرة السكان)؛ وبشكل مشابه، فإنّ خطورة الإصابة بالاضطراب الاكتئابي لدى الأقارب من الدرجة الأولى للمصابين بالاضطراب ثنائي القطب هي أعلى بثلاث مرّات من العينة الإحصائية العامّة (جمهرة السكان).[23]
تلعب العوامل النفسية الاجتماعية دوراً مهمّاً في تطوّر وفي مسار الاضطراب ثنائي القطب، ويمكن للمتغيّرات النفسية الاجتماعية الفردية أن تتآثر مع نزعة العوامل الوراثية.[61] من المحتمل أن يكون لأحداث الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية الشخصية دورٌ في وقوع وتكرار نوبات تقلّب المزاج ثنائي القطب، كما هو الحال في حالات الاكتئاب أحادية القطب (أحادية الاتجاه).[62] وفقاً لبيانات استقصاء إحصائي فإنّ 30-50% من البالغين الذين شُخّصوا بالاضطراب ثنائي القطب كانوا قد أقرّوا بمرورهم بتجارب سيّئة في مرحلة الطفولة؛ وذلك يتوافق مع ظهور الأعراض المبكّرة وارتفاع معدّل محاولات الانتحار، وكذلك ارتفاع احتمالية ترافق أعراض اضطرابات أخرى مثل اضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية.[63] إنّ عدد الحالات المسببة للكرب في مرحلة الطفولة يكون أعلى منه لدى المصابين بالاضطراب ثنائي القطب بالمقارنة مع غير المصابين، خاصّةً لدى أولئك الذين نشأوا في ظروفٍ قاهرةٍ قاسية.[64]-
يزيد العلاج الدوائي للهوس من نشاط الجانب البطني من القشرة أمام جبهية، وذلك بشكل يجعله أقرب للحالات الطبيعية، ممّا يدعم الاقتراح أنّ نشاط تلك المنطقة من الدماغ يعدّ مؤشّراً على حالة المزاج. عادةً ما يتمّ تمييز نوبات الهوس والاكتئاب عن طريق المقارنة في الاختلال الوظيفي بين الجهة البطنية والظهرية في القشرة أمام جبهية. في أثناء المهمّات التي تتطلّب سواءً انتباهاً أو استرخاءً فإنّ الهوس يكون مترافقاً مع تناقص نشاط القشرة الجبهية الحجاجية، في حين أنّ الاكتئاب يترافق مع ازدياد الاستقلاب الاسترخائي. بشكلٍ متّسق مع الاضطرابات العاطفية الحاصلة بسبب حدوث آفة، فإنّ الهوس والاكتئاب يمكن تمييزهما مكانياً حسب الجانب في القشرة أمام جبهية من حيث الاختلال الوظيفي، إذ يترافق الاكتئاب بشكلٍ أساسي مع الجانب الأيسر، في حين أنّ الهوس يترافق مع الجانب الأيمن في القشرة أمام الجبهية. لوحظ اختلال النشاط في الجانب الباطني من القشرة أمام الجبهية مع فرط النشاط في اللوزة أيضاً أثناء حالة اعتدال المزاج لدى المصابين، وكذلك لدى أقاربهم الأصحّاء، ممّا يشير إلى وجود سمات سائدة محتملة.[71] يظهر المصابون بالاضطراب ثنائي القطب أثناء غياب النوبات (حالة اعتدال المزاج) وجودَ ضعفٍ في نشاط التلفيف اللساني، في حين أنّه أثناء نوبة الهوس يلاحظ لديهم انخفاض النشاط في الفص الجبهي السفلي؛ بالمقابل فلا يلاحظ وجود أيّ فرق فيما ذُكر أثناء نوبة الاكتئاب.[72]
يبدي الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب نشاطاً متزايداً في المناطق الحوفية البطنية في الشقّ الأيسر من الدماغ، مقابل انخفاض في النشاط في البنى اللحائية القشرية في الشقّ الأيمن من الدماغ المرتبطة بالمعرفة.[73] اقترحت دراسة حالة من حالات الاضطراب ثنائي القطب أنّ فرط الحساسية في دارات نظام المكافأة في الدماغ، من بينها الدارة الجبهية المخطّطية، من مسبّبات حدوث الهوس، وأنّ انخفاض الحساسية في تلك الدارات هو المسبّب للاكتئاب.[74]
بيّنت الدراسات أنّ الدوبامين، وهو ناقل عصبي مسؤول عن دورة المزاج، يزداد نقله في طور الهوس.[20][79] تنصّ فرضية الدوبامين أنّ الازدياد في الدوبامين يؤدّي إلى استتبابالتنظيم الجيني لأنظمة ومستقبلات مهمّة، مثل زيادة المستقبلات المقترنة بالبروتين ج وذلك بأثر الدوبامين؛ ممّا يؤدّي إلى تناقص نقل الدوبامين، وهي حالة مميّزة لطور الاكتئاب.[20] ينتهي الطور الاكتئابي بطور استتباب مرحلي مؤقّت، ومن ثَمَّ لتعود الكرّة من جديد.[80]
لوحظ أنّ تركيز الغلوتامات يزداد بشكل كبير ضمن القسم الأيسر من القشرة أمام جبهية الظهرية الجانبية أثناء طور الهوس في الاضطراب ثنائي القطب، ثمّ ليعود إلى المستويات الطبيعية عند تجاوز تلك النوبة.[81] من المحتمَل أن يعود الازدياد في تركيز حمض غاما-أمينو البوتيريك إلى خللٍ في المراحل الأولى من هجرة الخلايا أثناء تكوّن الدماغ عند مرحلة التصفيح، أيْ مرحلة تَطَبُّق الخلايا لتشكيل البنى في القشرة المخّية.[82]
يمكن أن يتمّ التأثير العلاجي للأدوية والعقاقير المستخدمة في علاج الاضطراب ثنائي القطب عن طريق تنظيم وضبط التأشير بين الخلايا، مثل استنزاف مستويات إينوزيتول وتثبيط التأشير عبر أحادي فوسفات الأدينوسين الحلقي، وعن طريق تغيير البروتينات ج المقترنة.[83] وُجدَ أيضاً ازدياد في تعبير وحساسية بروتين كيناز ألفا، بالإضافة إلى مستويات مرتفعة من الوحدات البنائية لعدّة أنماط من البروتينات G مثل Gαi وGαs وGαq/11 في الدماغ وعيّنات الدم.[84]
عادةً ما يُشخّص الاضطراب ثنائي القطب أثناء مرحلة المراهقة أو البلوغ المبكّر؛ ولكن على العموم يمكن لأعراض هذا الاضطراب أن تظهر في مراحل الحياة المختلفة.[3][86] يصعب تمييز هذا الاضطراب عن الاضطراب الاكتئابي أحادي القطب، ويمكن أن يتأخّر التشخيص الصحيح لمدّة وسطية تتراوح بين 5-10 سنوات بعد ظهور الأعراض.[87] يأخذ تشخيص الاضطراب ثنائي القطب عدّة عوامل في الحسبان، منها التقارير الذاتية للأعراض من الأفراد المصابين أنفسهم؛ وكذلك للسلوكيات الغريبة الملاحَظة من قبل أفراد العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل؛ بالإضافة إلى الأعراض التي يُشخّصها الطبيب النفسي المختصّ، وكذلك الإطّلاع على التقارير الطبّية من أجل استثناء مسبّبات مرضية فيزيولوجية. وُجدَ أنّه أثناء استخدام مقدّم الرعايةلمقاييس التدرّج في التشخيص، فإنّ البيانات المقدّمة من الأمّ تكون أكثر دقّة من المعلّم وتقارير التقييم المدرسية في تخمين احتمالية حدوث الاضطراب ثنائي القطب لدى اليافعين.[88] عادةً ما يُجرى تقييم الحالة في العيادات النفسية الخارجية؛ إذ أنّ الإدخال إلى مستشفى الأمراض النفسية يحدث عندما يشكّل المصاب خطراً على نفسه أو على الآخرين.
يمكن أن تفيد المقابلات شبه المهيكلة في تأكيد حالة الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب مثل KSADS أو SCID؛ كما تستخدم عدّة مقاييس تدرج من أجل تقييم الحالة،[90] مثل BSDS أو MDQ أو GBI أو HCL-32.[91] لا يغني التقييم باستخدام مقاييس التدرّج عن إجراء مقابلة مع طبيب نفسي مختصّ مبنيّة على أساس منهجي لجمع كافة الأعراض.[91] من جهة أخرى، فإنّ الأجهزة والوسائل المستخدمة في مسح الاضطراب ثنائي القطب ذات حساسية منخفضة.[90]
يتضمّن طيف اضطرابات ثنائي القطب: الاضطراب ثنائي القطب من النوع الأول ومن النوع الثاني ومن اضطراب المزاج الدوروي، بالإضافة إلى حالات دون العتبة التشخيصية، والتي تسبّب حالات سريرية مزعجة ومُكرِبة للمصابين بها؛[3][86] كما يشمل الطيف أيضاً الحالات المختلطة التي تظهر فيها الأعراض المميّزة لكلتا حالتي المزاج (القطبين) في هذا الاضطراب.[3] يشبه المبدأ المعتمد في تقسيم الاضطرابات في الطيف ثنائي القطب المبدأ الأصلي الذي اعتمده إميل كريبيلن في وصف اضطراب الاكتئاب الهوسي.[96]
اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول: والذي يكون فيه حدوث نوبة هوس واحدة ضرورياً لتشخيص الحالة؛[99] بالمقابل تكون نوبات الاكتئاب أكثر شيوعاً في أغلب حالات الإصابة بالنوع الأول من الاضطراب.[23] من أجل تقييم الاضطراب يمكن أن تستخدم تعابير معيّنة مثل: «لطيف أو متوسط أو متوسط إلى شديد أو شديد أو مترافق مع ميّزات الذهان».[3]
اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني: يتّسم هذا النوع بأنّه لا تحدث فيه نوبات الهوس العادي إنما نوبة واحدة أو أكثر من نوبات الهوس الخفيف وكذلك الأمر من نوبات الاكتئاب.[99] لا تكون نوبات الهوس الخفيف مترافقة مع أعراض الذهان، ولا تصل إلى الحدّ الأقصى الذي تصل له نوبات الهوس العادي، بحيث لا تتسبّب بإفساد المحيط الاجتماعي أو المهني. مجموع هذه الأمور يجعل من النوع الثاني من الاضطراب ثنائي القطب صعب التشخيص.
دوروية المزاج: وهي تصنّف عندما يكون هناك سجلّ من نوبات الهوس الخفيف مترافقة مع نوبات من الاكتئاب، إلّا أنّ الأخيرة لا تكون بالشدّة الكافية لتحقّق معايير نوبات الاضطراب الاكتئابي.[100]
في هذه الحالات يقوم المعالج النفسي عند تقييم الحالة بدراسة الأعراض من أجل تمييز الأنماط عن بعضها.[3]
التقلّب السريع
إنّ أغلب الأشخاص الذين يحقّقون معايير الاضطراب ثنائي القطب يعانون من عددٍ من النوبات، والتي تتراوج وسطياً بين 0.4 إلى 0.7 سنوياً، والتي تدوم من ثلاثة إلى ستّة أشهر.[101] يستخدم تعبير «التقلّب السريع» في وصف حالة أيّ نوع من أنواع طيف الاضطراب ثنائي القطب، وهو يعرف بحدوث أربع حالات أو أكثر من نوبات تقلّب المزاج في السنة، وهو عارض يوجد عند نسبة معتبرة من المصابين بهذا الاضطراب.[35][102] يفصل بين تلك النوبات حالات من الشفاء الجزئي أو الكلّي لفترة تبلغ شهرين على الأقل؛ أو قد يحدث بالمقابل تحوّل في نمط النوبة بشكل سربع (من النوبة الاكتئابية إلى نوبة هوس، أو بالعكس).[23]
من جهة أخرى وصفت حالات يكون فيها التقلّب سريعاً (غضون أيام) أو سريعاً جداً لأكثر من مرة خلال اليوم نفسه.[103] لا يزال أسلوب العلاج الدوائي لهذا النوع من التقلّب السريع شحيحاً من حيث المعلومات، بحيث لا يوجد إجماع طبي بهذا الشأن.[104]
الوقاية
ركّزت محاولات للوقاية من الاضطراب ثنائي القطب على التوتّر النفسي (أو الكرب) الناتج بسبب تجارب سيّئة في مرحلة الطفولة مثل النشوء في عائلة مليئة بالشجارات؛ وعلى الرغم من أن كون ذلك ليس عاملاً محدّداً مسبّباً للاضطراب، إلّا أنّ الوقاية منه قد يخفّف على الأشخاص، الذين هم عرضة للإصابة بسبب العوامل الجينية الوراثية والحيوية، من خطورة معايشة تجارب أشدّ وطأةً لهذا الاضطراب.[105] لا تزال النقاشات دائرة فيما يخصّ العلاقة بين المرجوانا والاضطراب ثنائي القطب.[106]
إدارة العلاج
هناك عددٌ من الوسائل العلاجية للاضطراب ثنائي القطب، سواءً أكان دوائياً أو نفسياً.
قد يكون الإيداع إلى مستشفى الأمراض النفسية ضرورياً، خاصّةً إذا ترافقت الحالة مع نوبات هوس كما هو الحال في النوع الأول من هذا الاضطراب؛ وقد يكون الإيداع إمّا طوعياً، أو في بعض الحالات جبرياً (وذلك حسب القوانين المحلّية للبلد). أصبحت الإقامة طويلة الأمد في مستشفى الأمراض النفسية أقلّ شيوعاً، خاصّةً مع التوجّه نحو التقليل من الإقامة الطويلة في تلك المصحّات النفسية؛ رغم أنّها لا زالت ممكنة الحدوث.[107]
هناك عدّة خدمات داعمة يمكن القيام بها بعد (أو بدلاُ من) الإدخال إلى المشفى، وتلك تتضمّن مراكز إيواء، أو زيارات من فريق المعالجة الإلزامية المجتمعية، أو الدعم في مجال التوظيف، أو مجموعات دعم يقودها مرضى آخرون، أو برامج مكثّفة خارج المشفى. تُدعى تلك الخدمات أحياناً برامج معالجة جزئية.[108]
النفسية
يهدف العلاج النفسي إلى التخفيف من الأعراض الرئيسية، وإلى التعرّف على مسبّبات النوبة، وإلى التقليل من المشاعر السلبية في العلاقات الاجتماعية، وإلى التعرّف على بوادر الأعراض قبل تكرار حدوثها بشكلها الشديد، وإلى التدرّب على العوامل التي تحفّز التماثل إلى الشفاء.[109][110][111] تدلّ النتائج أنّ وسائل العلاج النفسية مثل العلاج السلوكي المعرفيوالعلاج العائليوالتربية النفسية لها أكبر قدر من النجاعة في الحماية من الانتكاس؛ في حين أنّ علاج الإيقاع الشخصي المتناسق والعلاج السلوكي المعرفي هي وسائل علاج ناجعة في التقليل من الأعراض الاكتئابية المتبقّية. تركّز أغلب الدراسات على النمط الأول من الاضطراب، كما أنّ العلاج خلال النوبات الشديدة يرافقه الكثير من التحدّيات.[112] يؤكّد بعض الأطباء السريريون على الحاجة إلى التحدّث مع الأفراد الذين يعانون من حالة الهوس، وذلك من أجل تشكيل علاقة علاجية تفيد بالتسريع في التعافي.[113]
الدوائية
يوجد عدد من الأدوية والعقاقير المستخدمة في علاج الاضطراب ثنائي القطب.[62] يعدّ العلاج بالليثيوم من أفضل الوسائل العلاجية الدوائية لهذا الاضطراب، حيث يخفّف من الآثار الحادّة لنوبات الهوس، ويمنع معاودتها، وكذلك الأمر بالنسبة لنوبات الاكتئاب.[114] يقللّ العلاج بالليثيوم من مخاطر الانتحاروإيذاء النفس عند المصابين بالاضطراب ثنائي القطب.[115] من غير الواضح فيما إن كان الكيتامين مفيداً في حالات هذا الاضطراب.[116]
مثبّتات المزاج
هناك عدد من العقاقير المثبّتة للمزاج منها مضادّات الاختلاجوكاربامازيبينولاموتريجينوحمض الفالبرويك (أو أملاح الفالبروات الموافقة)، والتي تستخدم لمعالجة الاضطراب ثنائي القطب. تستخدَم هذه المثبّتات للمعالجة طويلة الأمد، إلّا أنّها لم تظهر قدرةً على معالجة حالات الاكتئاب الشديدة بشكلٍ سريع.[117] يُفضَّل استخدام العلاج بالليثيوم لحالات تثبيت المزاج طويلة الأمد.[62] يعالج عقار كاربامازيبين نوبات الهوس بشكل فعّال، مع وجود دلائل على أنّ الفائدة الكبرى منه تكون في حالات الاضطراب ثنائي القطب سريعة التكرار، أو الحالات المترافقة مع أعراض الذهان، أو التي لها سمة فصامية سريرية؛ بالمقابل فإنّه أقلّ فعالية في الحدّ من حالات معاودة الإصابة بالمقارنة مع الليثيوم أو الفالبروات.[118][119] يمكن استخدام أملاح الفالبروات وصفةً علاجية فعّالة لنوبات الهوس.[120] أمّا عقار لاموتريجين فيعدّ دواءً ناجعاً في معالجة نوبات الاكتئاب ثنائي القطب، وخاصّةً في الحالات الشديدة منها.[121] كما أبدى فعالية أيضاً في الحدّ من تكرار معاودة الإصابة، رغم وجود شكوك عن صحّة تلك الدراسات.[122] من جهة أخرى، لا تزال فعالية عقار توبيرامات غير معروفة.[123]
مضادّات الذهان
تعد مضادّات الذهان فعّالة للمعالجة قصيرة الأمد لنوبات الهوس في الاضطراب ثنائي القطب، بحيث أنّها تمتاز عن العلاج بالليثيوم ومضادّات الاختلاج في ذلك الصدد.[62] يمكن أن تستخدَم المضادّات غير النمطية للذهان في معالجة حالات الاكتئاب مع مثبّتات المزاج.[117] من المحتمل أن يكون أولانزابين فعالاً في الحدّ من حالات معاودة حدوث الاضطراب، رغم شحّة الدلائل الداعمة لذلك الأمر بالمقارنة مع الليثيوم.[124]
مضادّات الاكتئاب
لا ينصح باستخدام مضادّات الاكتئاب لوحدها في معالجة الاضطراب ثنائي القطب، ولم يوجد لها أي منفعة إضافية بالمقارنة مع مثبّتات المزاج؛[10][125] كما أنّ المضادّات غير النمطية للذهان (مثل أريبيبرازول) مفضّلة على مضادات الاكتئاب، لعدم فعالية الأخيرة في معالجة هذا الاضطراب.[117]
وسائل أخرى
من الممكن استخدام البنزوديازيبينات لفترة قصيرة بالتزامن مع أدوية أخرى لعلاج الاضطراب ثنائي القطب حتى الوصول إلى مرحلة ثبات المزاج.[126] من المحتمل أن يكون أسلوب المعالجة بالتخليج الكهربائي نافعاً في بعض الحالات الشديدة المترافقة باضطراب المزاج، خاصّةً عند ظهور أعراض الذهان أو الجامود (شذوذ الحركة الفصامي)؛[10] وقد يستخدم مع النساء الحوامل اللواتي يعانين من هذا الاضطراب، وذلك من أجل تجنّب استخدام العقاقير.[10]
بالنسبة لوسائل الطب البديل فقد اقترح استخدام الأحماض الدهنية أوميغا 3 في مكافحة أعراض الاكتئاب في الاضطراب ثنائي القطب، ولكن ليس لنوبات الهوس؛ وذلك على الرغم من شحّة المصادر العلمية الرزينة التي تدعم هذا الرأي.[127][128]
المآل
يعدّ الاضطراب ثنائي القطب من المشاكل الصحّية الكبيرة المنتشرة على نطاق العالم، وذلك بسبب تزايد معدّل الإصابة به، وتزايد وفيّات اليافعين؛[127] كما أنّ الحالة يمكن أن ترافق المصاب طوال العمر، رغم مرور فترات من التعافي الجزئي أو الكلّي بين نوبات الانتكاس المتكرّرة.[35][127] يترافق الاضطراب أيضاً مع مشاكل نفسية وطبّية أخرى، بالإضافة إلى ارتفاع نسب التشخيص الخاطئ أو المتأخّر، ممّا يحول دون التدخّل العلاجي الملائم، ممّا يسهم بالنهاية في تدنّي نسب مآل (تكهّنات سير المرض) الإيجابية.[38] حتّى بعد إجراء التشخيص فإنّه يبقى من الصعب الوصول إلى حالة الشفاء التامّ من كلّ الأعراض، إذ أنّ وسائل العلاج الحالية، سواءً النفسية أو الدوائية، قد لا تكون كافية للتخلّص من الأعراض التي تزداد شدّةً مع مرور الوقت.[90][129]
إنّ التجاوب مع البرنامج العلاجي الدوائي قد يكون عاملاً مهمّاً في تخفيض معدّل وشدّة حالات الانتكاس، وكذلك يكون له أثراً إيجابياً في التكهّن بمآل هذا الاضطراب.[130] من جهة أخرى، فإنّ العلاج بالعقاقير يصاحبه آثار جانبية حسب نوعها،[131] مع وجود إحصائية تفيد أنّ أكثر من 75% من الأفراد المصابين بالاضطراب ثنائي القطب لا يلتزمون ببرنامجهم العلاجي الدوائي لأسبابٍ مختلفة.[130]
تعدّ حالة التقلّب السريع (أربع نوبات أو أكثر في السنة) أسوأ أنماط الاضطراب المختلفة مآلاً؛ وذلك بسبب ارتفاع معدّلات إيذاء النفسوالانتحار.[35] وُجد أنّ الأفراد المصابين والذين لديهم سجلّ عائلي من حالات الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب هم أكثر عرضةً لتكرار نوبات الهوس أو الهوس الخفيف.[132] إنّ ظهور الأعراض في عمر ٍمبكّر وحدوث أعراض الذهان هي أصعب الحالات علاجاً؛[133][134] بالإضافة إلى الأنماط الفرعية من الاضطراب اللامستجيبة للعلاج بالليثيوم.[129]
يؤدّي التشخيص والتدخّل العلاجي المبكّر إلى تحسين مآل هذا الاضطراب، خاصّةً أنّ الأعراض في المراحل المبكّرة أقلّ شدّةً وأكثر تجاوباً للعلاج.[129] وُجدَ أنّ ظهور أعراض الاضطراب بعد مرحلة المراهقة له نسب تكهّن إيجابية أكبر، وذلك لدى الجنسين، رغم أنّ الذكور أقلّ عرضةً للتعرّض لنوبات اكتئاب شديدة؛ بالمقابل فإنّ تحسين حالة الترابط الاجتماعي (مثل بناء عائلة أو الإنجاب) لدى النساء قبل تطوّر أعراض الاضطراب ثنائي القطب يؤدّي إلى التقليل من حالات الانتحار.[132]
الأداء الوظيفي
عادةً ما يعاني المصابون بالاضطراب ثنائي القطب من انحدار في الوظائف العقلية الإدراكية المعرفية أثناء (أو قبل) النوبات الأولى، والتي بعدها يصبح عادةً حدوث درجة معيّنة من الاضطراب المعرفي أمراً مستمرّاً، وذلك بشكل واضح في الحالات شديدة الحدّة، وبشكل أقلّ في فترات التعافي. نتيجةً لذلك، فإنّ حوالي ثلثي الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب تظهر لديهم عوارض مشاكل نفسية اجتماعية بين النوبات، حتّى وإن كانت حالة المزاج تشير إلى حالة من التعافي. تُلاحَظ هذه الظاهرة في نمطي الاضطراب ثنائي القطب، الأوّل والثاني، وإن كان هذا الاختلال يُلاحَظ بدرجةٍ أقلّ عند المصابين بالنمط الثاني.[131] يزداد ملاحظة العوز المعرفي عادةً مع تطوّر حالة الإصابة بهذا الاضطراب؛ إذ يتناسب الوصول إلى درجةٍ متقدّمة من الاختلال المعرفي مع عدد نوبات الهوس والإدخال إلى مستشفى الأمراض النفسية، ومع ظهور أعراض الذهان.[135] يسهم التدخّل العلاجي المبكّر في الإبطاء من تطوّر حالة الاختلال المعرفي؛ في حين أنّ العلاج في المراحل المتأخّرة يساعد في التقليل من الضيق والتبعات السلبية المترافقة لهذا الاختلال.[129]
على الرغم من الأهداف الحياتية الطموحة التي يعبِّر عنها المصابون بالاضطراب ثنائي القطب أثناء نوبة الهوس، إلّا أنّ أعراض الهوس تضعضع من قدرتهم على تحقيقها، ممّا يؤثّر سلباً على وظائفهم الاجتماعية والوظيفية. إذ بيّنت إحصائية أنّ حوالي ثلث الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يبقون عاطلين عن العمل لمدّة سنة بعد إدخالهم المستشفى إثر نوبة الهوس.[136] بالمقابل، فإنّ أعراض الاكتئاب المتكرّرة أثناء وبين النوبات تترافق مع ضعفٍ في الأداء الوظيفي، والذي يتمثّل في البطالة أو البطالة المقنّعة لدى المصابين بهذا الاضطراب على نمطيه الأوّل والثاني.[3][137] تلعب عدّة عوامل في تخمين الأداء الوظيفي للمصابين بالاضطراب ثنائي القطب، والتي من أفضلها معرفة سجلّ الاضطراب (المدّة، العمر أثناء ظهور الأعراض الأوّلية، وعدد مرّات الإدخال إلى مستشفى الأمراض النفسية، ظهور حالات التقلّب السريع للأعراض أو عدمها)، يلي ذلك ظهور أعراض الاكتئاب ثم عدد سنوات التعليم.[137]
التعافي وتكرار الإصابة
وجدت دراسة منهجية لحالات المصابين الشديدة بالاضطراب ثنائي القطب أنّ حوالي 50% منهم أظهروا حالات تعافي خلال ستّة أسابيع بعد إدخالهم الأوّل إلى مستشفى الأمراض النفسية إثر نوبات هوس أو نوبات مختلطة؛ في حين أنّ النسبة وصلت إلى 98% خلال سنتين، وأثناء تلك السنتين وُجد أنّ 72% منهم اختفت لديهم أعراض الاضطراب، في حين أن 43% أبدوا تعافياً من الجانب الوظيفي (بعودتهم إلى مهنهم ووضعهم الاجتماعي السابق)؛ من جهة أخرى، فإنّ حوالي 40% من العيّنة الاحصائية عانوا من نوبات متجدّدة من الهوس أو الاكتئاب خلال تلك السنتين، و19% ظهرت لديهم حالة تناوب في الأطوار دون الوصول إلى حالة الشفاء.[138]
إنّ بوادر الانتكاس، خاصّةً تلك المتعلّقة بنوبات الهوس، يمكن أن تُميَّز بشكل موثوق من الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب.[139] نادى البعض بتعليم المصابين آليات تلاؤم عند ملاحظتهم مثل تلك الأعراض، والتي أعطت نتائج مشجّعة.[140]
الانتحار
يمكن للاضطراب ثنائي القطب أن يغرس أفكاراً قد تؤدّي إلى محاولات انتحار؛ خاصّةً عند الأفراد الذين بدأ لديهم الاضطراب بنوبة اكتئابية شديدة أو بنوبات عاطفية مختلطة، والتي يصعب التكهّن بمآلها.[92] وجدت دراسة أنّه في تلك الحالات الشديدة كان كلّ شخصٍ من بين اثنين قد حاول ولو لمرّة واحدة في حياته الانتحار، مع وجود نسبة من الحالات التي انتهت إلى ذلك المصير.[45] يبلغ المعدّل الوسطي للانتحار جرّاء الاضطراب ثنائي القطب حوالي 0.4%، وهو أعلى بحوالي 10-20 مرة من المعدّل العام؛[141] كما أنّ نسبة الوفيّات من حالات الانتحار في الاضطراب ثنائي القطب تتراوح في الولايات المتّحدة بين 18-25%؛[142] أمّا وجود خطر الانتحار طوال العمر لدى المصابين بهذا الاضطراب فيصل إلى 20%.[23]
الانتشار
إنّ الاضطراب ثنائي القطب هو سادس مسبّب للإعاقة على مستوى العالم، وله نسبة انتشار طويلة الأمد تتراوح نسبتها بين 1-3% من التعداد العام للسكّان.[12][143][144] إلّا أنّ إعادة تحليل للبيانات بالنسبة للولايات المتّحدة اقترح أنّ حوالي 0.8% من تعداد السكان فيها كانوا قد عانوا، ولو لمرّة واحدة في حياتهم، من نوبة هوس (وهي العتبة التشخيصية للاضطراب ثنائي القطب من النمط الأول)؛ وأنّ حوالي 0.5% آخرين ظهرت لديهم نوبات هوس خفيف (وهي العتبة التشخيصية للاضطراب ثنائي القطب من النمط الثاني، أو اضطراب المزاج الدوروي)؛ وعند احتساب المعايير دون العتبة التشخيصية، مثل ظهور واحد أو اثنين من الأعراض خلال فترة زمنية قصيرة، تصل النسبة إلى 5.1% من السكان، بحيث يمكن القول أنّ ما مجموعه 6.4% من السكّان في الولايات المتّحدة لديهم أعراض طيف الاضطراب ثنائي القطب.[145] وجد تحليل حديث للبيانات في الولايات المتّحدة أيضاً أنّ نسبة 1% من السكّان قد طابقت المعايير السائدة طويلة الأمد للاضطراب من نمطه الأول، ونسبة 1.1% طابقت معايير الاضطراب من النمط الثاني، ونسبة 2.4% طابقت المعايير دون العتبة التشخيصية.[146] من جهة أخرى، أبدى البعض تحفظّاً من الناحية المبدأية والمنهجية على النتائج الإحصائية، إذ أنّ دراسات المعايير السائدة للاضطراب ثنائي القطب تنجز عادةً بواسطة مقابلات يقوم مؤدُّوها بتتّبع مخطّطٍ مسبقٍ ثابت، وقد يؤدّي تقييمٌ خاطئ من المُحاوِر إلى التقليل من موثوقية النتائج؛ بالإضافة إلى أنّ التشخيص يتباين اعتماداً على أسلوب المقاربة إن كان وفق تصنيف أو وفق طيف الأعراض؛ ممّا أدّى في النهاية إلى إطلاق مخاوف احتمالية حدوث خطأ في التشخيص، إمّا بالتشخيص الناقص أو بالتشخيص المفرط.[147]
وجد أن نسبة الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب متساوية عند الجنسين،[148] وكذلك الأمر عند مختلف الشعوب والثقافات والمجموعات العرقية؛[149] إلّا أنّ الأمر قد يتفاوت وفق الإحصائيات المحلّية، ففي الولايات المتّحدة وجدت دراسةٌ أنّ معدّل الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب للأمريكيين من أصلٍ آسيوي أقلّ بشكلٍ واضح منه لدى أقرانهم من أصلٍ أفريقي أو أوروبّي.[150] وجدت دراسة أجريت سنة 2000 من منظّمة الصحّة العالمية أنّ انتشار الاضطراب ثنائي القطب متساوٍ على صعيد العالم؛ وأنّ إحصائيات العمر المُقَيَّس لكلا الجنسين متقاربة، إلّا أنّ شدّة الاضطراب متفاوتة، إذ أنّ معدّلها أعلى في البلدان النامية، وربما يعود ذلك إلى ضعف الرعاية الصحّية وصعوبة الحصول على وصفات العقاقير الملائمة للعلاج.[151]
بالنسبة للأعمار، فتعدّ مرحلة المراهقة والبلوغ المبكر أكثر المراحل العمرية تواتراً من حيث ظهور عوارض الإصابة بهذا الاضطراب.[152][153] من جهةٍ أخرى وجدت دراسة أنّ حوالي 10% من الحالات كانت فيها بداية أعراض الهوس تظهر بعد تجاوز سنّ الخمسين.[154]
التاريخ
لوحظ التفاوت في المزاج ومستويات الطاقة عند الإنسان عبر التاريخ. استخدم الأطباء النفسانيون الأوروبيون الأوائل تعبير سوداوية (ملانخوليا) لوصف حالة الاكتئاب، كما جرت عدّة محاولات، من بينها محاولات للطبيب الروماني القديم كايليوس أورليانوس، لمعرفة أصول كلمة «مانيا» (الهوس)؛[155] حيث هناك خمسة تفسيرات على الأقل، وما يزيد الأمر صعوبةً هو استخدام تلك المفردة في الأساطير والشعر قبل عصر أبقراط.[155]
في أوائل القرن التاسع عشر وصف الطبيب النفسي الفرنسي جان-إتيان دومينيك إسكيرول أعراض لوبيمانيا lypemania، وهو واحد من أصناف اضطرابات الهوس الأحادي العاطفية، وبذلك كان من أوائل من أسهب في وصف ما يُعرَف حالياً باسم الاكتئاب.[156] إلّا أنّ أُسُسَ ومبادئ وصف الاضطراب ثنائي القطب تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، ففي سنة 1850 قدّم جان-بيير فارليه إلى أكاديمية جمعية الطبّ النفسي في باريس وصفاً ذكر فيه تعبير «الجنون الدوّار».[157] بعد ذلك بثلاث سنوات، قدّم جول بيارجيه وصفاً إلى الأكاديمية الوطنية للطب في فرنسا ذكر فيه أعراض اضطراب عقلي ثنائي الطور يسبّب تأرجحاتٍ متكرّرة بين الهوس والملانخوليا، أسماه «الجنون مزدوج الشكل»؛[157][158] ثمّ قام بنشره في دورية علمية طبّية متخصّصة بالطب النفسي سنة 1854.[157]
طُوّرَت تلك المبادئ من الطبيب النفسي الألماني إميل كريبيلن (1856–1926)، والذي استخدم مبدأ كارل لودفيج كالباوم في تشخيص اضطراب المزاج الدوروي،[159] من أجل تصنيف ودراسة أسباب الحالات بشكلٍ منهجي لدى المصابين بالاضطراب ثنائي القطب؛ وكان هو أوّل من ابتكر مصطلح «الذهان الهوسي الاكتئابي» لوصف الحالات التي شاهدها لدى مرضاه.[160]
ظهر مصطلح «رد الفعل الهوسي الاكتئابي» في أوّل نسخةٍ من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية سنة 1952، وذلك بفضل جهود أدولف ماير.[161] أمّا التصنيف الفرعي إلى اضطرابات اكتئابية أحادي القطب واضطرابات ثنائية القطب فيعود فضلها إلى مبادئ كارل كلايست التي وضعها سنة 1911، ثم قام كارل ليونهارد سنة 1957 باستخدامها للتفريق بين الاكتئاب أحادي القطب من ثنائي القطب.[155] مع تقدّم الأبحاث والوسائل في الطب النفسي جرى مراجعة وتنقيح وصف الأعراض في الطبعات اللاحقة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية بناءً على جهود عدّة أطباء نفسيين.[162][163][164]
المجتمع والثقافة
هناك مشاكل منتشرة متعلّقة بالوصمة الاجتماعية والأحكام المسبقة والتحامل على الأفراد الذين لديهم أعراض الاضطراب ثنائي القطب.[166] إلّا أنّ البعض يواجه تلك الحالات؛ إذ قامت كي ريدفيلد جايمسون، وهي طبيبة نفسية سريرية وبروفيسورة علم النفس في مدرسة جونز هوبكنز الطبية، بتمثيل حالة إصابتها بالاضطراب ثنائي القطب ووصفها في مذكّرتها «الذهن المضطرب An Unquiet Mind» سنة 1995؛[167] كما قامت الكاتبة كريس جوزيف أيضاً بوصف حالة صراعها الذاتي مع الاضطراب.[168]
جرى تمثيل حالات الاضطراب ثنائي القطب في عددٍ من الأعمال الدرامية، من أشهرها فيلم مستر جونز (Mr. Jones) سنة 1993، والذي يعاني فيه السيد جونز (ريتشارد جير) بالتأرجح من طور الهوس إلى طور الاكتئاب، مما اضطرّ الأمر إلى إدخاله مستشفى الأمراض النفسية مظهراً بذلك أعراض الاضطراب ثنائي القطب.[169] في فيلم ساحل البعوض (1986)، يبدي ألي فوكس (هاريسون فورد) مظاهر بعض سمات الاضطراب ثنائي القطب، بما في ذلك التهوّر والرعونة وهوس العظمة وازدياد النشاط محدّد الهدف وتقلقل المزاج، بالإضافة إلى إظهار جنون ارتياب.[170] اقترح بعض علماء النفس أنّ شخصية «ويلي لومان»، وهي الشخصية المحورية في مسرحية موت بائع متجول للكاتب آرثر ميلر، تُظهِر أعراض الاضطراب ثنائي القطب.[171] من جهةٍ أخرى، ظهرت بعض الأعمال التلفزيونية المتخصّصة التي تتناول موضوع الاضطراب ثنائي القطب إمّا بشكلٍ وثائقي أو بشكل درامي، وعُرضَت على قنواتٍ تلفزيونية مثل BBC،[172] أو MTV؛ ممّا قد يسهم في زيادة الوعي العام عن هذا الاضطراب. من المسلسلات الدرامية التي عُرضَت فيها حلقات كان فيها بعض أبطال المسلسل، بشكلٍ أو بآخر، مصابين بالاضطراب ثنائي القطب كلّ من مسلسل 90210؛[173]وإيست إندرزEastEnders؛[174]وبروكسايدBrookside.[175]
شرائح عمرية معينة
الأطفال
لاحظ إميل كريبيلن في عشرينات القرن العشرين أنّ نوبات الهوس نادرة الحدوث قبل البلوغ.[176] على العموم، لم يتمّ تشخيص الاضطراب ثنائي القطب لدى الأطفال في النصف الأول من القرن العشرين؛ إلّا أنّ المعايير التي وضعها الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في العقود الأخيرة من القرن العشرين ساهمت في التعرّف على أعراض هذا الاضطراب في مراحل عمرية مبكّرة.[176][177] على الرغم من ذلك، لا يحدّد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في طبعته الخامسة وجود الاضطراب ثنائي القطب عند الأطفال، ولكنّه بدلاً من ذلك يشير إليه باسم اضطراب عدم انتظام المزاج الممزّق.[178] في حين أنّه لدى البالغين يميّز الاضطراب ثنائي القطب بحدوث نوبات اكتئاب وهوس واضحة ومميّزة، إلّا أنّه عند الأطفال والمراهقين تحدث تقلّبات سريعة في المزاج تكون هي العلامة المميّزة.[179] يمكن تمييز حدوث الاضطراب ثنائي القطب لدى الأطفال عندما يكون هنالك ثورات غضب وتهيّجية وذهان، أكثر من حدوث هوسابتهاجي، والذي يلاحظ بشكل أكبر عند البالغين.[176][179] من الأغلب أن تبدأ أعراض الاضطراب ثنائي القطب على هيئة اكتئاب أكثر من الهوس أو الهوس الخفيف.[180]
على العموم يعدّ تشخيص الاضطراب ثنائي القطب لدى الأطفال محطّ خلافٍ وجدل؛[179] على الرغم أنّه لا خلاف على أنّ الأعراض النمطية للاضطراب ثنائي القطب لها تبعات سلبية على القاصرين الذين يعانون منها.[176] يتركّز محور النقاش على إن كان ما يُعرَف بالاضطراب ثنائي القطب لدى الأطفال يشير إلى نفس الاضطراب عند تشخيصه لدى البالغين،[176] وعلى السؤال المتعلّق إن كانت معايير التشخيص لدى البالغين مفيدة ودقيقة عند تطبيقها على الأطفال؛[179] مما حدا ببعض الخبراء النصح باتباع معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية عند تشخيص الأطفال.[179] من جهةٍ أخرى، يعتقد البعض أنّ تلك المعايير لا تفصل بشكل صحيح بين الأطفال المصابين بالاضطراب ثنائي القطب وبين المشاكل الأخرى مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط وأنّها تؤكّد على تقلّبات المزاج السريع.[179] في حين أنّ آراء أخرى تقول بأنّ التشخيص المميّز للأطفال المصابين بالاضطراب ثنائي القطب هو التهيّجية.[179][181] تشجّع المعايير العملية وفق الأكاديمية الأمريكية للطبّ النفسي للأطفال والمراهقين (AACAP) على الإستراتيجية الأولى.[176][179] تضاعف عدد حالات الأطفال المشخَّصين بالاضطراب ثنائي القطب في الولايات المتّحدة حوالي 4 مرات، بحيث وصلت المعدلات إلى حوالي 40% في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وذلك في المستشفيات العامة، في حين أنّها تصل إلى حوالي 6% في العيادات الخارجية.[179] بالمقابل، فإنّ الدراسات التي تعتمد معايير DSM وصلت فيها نسب الإصابة بالاضطراب عند الأطفال واليافعين إلى حوالي 1% فقط.[176]
تعدّ الأبحاث التي تتناول موضوع الاضطراب ثنائي القطب لدى المسنّين شحيحة. هناك دلائل تشير إلى أنّ الاضطراب يصبح أقل تفشّياً مع تقدّم العمر، ولكنّه رغم ذلك يسبّب دخول بعض المسنّين إلى العيادات النفسية؛ وإلى أنّ المرضى المسنّين يمكن لهم أن تصيبهم النوبات لأوّل مرّة في مراحل متقدّمة من العمر؛ وأنّ بداية ظهور أعراض الهوس في مراحل متأخّرة من العمر يترافق مع تلف ذهني عصبي؛ وإلى أنّ إدمان العقاقير أمر غير شائع في مجموعات المسنّين؛ وإلى وجود درجة كبيرة من التفاوت في مجرى الاضطراب وأعراضه؛ كما يوجد دليل، وإن كان ضعيفاً، أنّ نوبات الهوس أقلّ شدّة، وأنّ هناك انتشار أكبر للنوبات المختلطة، ومن جهةٍ أخرى، أن هناك تجاوبٌ أقلّ للعلاج؛[183][184] خاصّةً عندما تتعقّد الحالة بوجود الخرف أو وجود آثار جانبية من أدوية معطاة لحالات أخرى.[185]
^Charney، Alexander؛ Sklar، Pamela (2018). "Genetics of Schizophrenia and Bipolar Disorder". في Charney، Dennis؛ Nestler، Eric؛ Sklar، Pamela؛ Buxbaum، Joseph (المحررون). Charney & Nestler's Neurobiology of Mental Illness (ط. 5th). New York: Oxford University Press. ص. 162. مؤرشف من الأصل في 2020-01-19. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
^NIMH (أبريل 2016). "Bipolar Disorder". National Institutes of Health. مؤرشف من الأصل في يوليو 27, 2016. اطلع عليه بتاريخ أغسطس 13, 2016.
^Goodwin GM، Haddad PM، Ferrier IN، Aronson JK، Barnes T، Cipriani A، Coghill DR، Fazel S، Geddes JR، Grunze H، Holmes EA، Howes O، Hudson S، Hunt N، Jones I، Macmillan IC، McAllister-Williams H، Miklowitz DR، Morriss R، Munafò M، Paton C، Saharkian BJ، Saunders K، Sinclair J، Taylor D، Vieta E، Young AH (يونيو 2016). "Evidence-based guidelines for treating bipolar disorder: Revised third edition recommendations from the British Association for Psychopharmacology". Journal of Psychopharmacology. ج. 30 ع. 6: 495–553. DOI:10.1177/0269881116636545. PMC:4922419. PMID:26979387. Currently, medication remains the key to successful practice for most patients in the long term.... At present the preferred strategy is for continuous rather than intermittent treatment with oral medicines to prevent new mood episodes.
^Versiani M، Cheniaux E، Landeira-Fernandez J (يونيو 2011). "Efficacy and safety of electroconvulsive therapy in the treatment of bipolar disorder: a systematic review". The Journal of ECT. ج. 27 ع. 2: 153–64. DOI:10.1097/yct.0b013e3181e6332e. PMID:20562714.
^Diflorio A، Jones I (2010). "Is sex important? Gender differences in bipolar disorder". International Review of Psychiatry. ج. 22 ع. 5: 437–52. DOI:10.3109/09540261.2010.514601. PMID:21047158.
^ ابHirschfeld RM، Vornik LA (يونيو 2005). "Bipolar disorder--costs and comorbidity". The American Journal of Managed Care. ج. 11 ع. 3 Suppl: S85–90. PMID:16097719.
^Titmarsh S (مايو–June 2013). "Characteristics and duration of mania: implications for continuation treatment". Progress in Neurology and Psychiatry. ج. 17 ع. 3: 26–7. DOI:10.1002/pnp.283. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
^Srivastava S، Ketter TA (ديسمبر 2010). "The link between bipolar disorders and creativity: evidence from personality and temperament studies". Current Psychiatry Reports. ج. 12 ع. 6: 522–30. DOI:10.1007/s11920-010-0159-x. PMID:20936438.
^ ابجدهMuneer A (يونيو 2013). "Treatment of the depressive phase of bipolar affective disorder: a review". J Pak Med Assoc. ج. 63 ع. 6: 763–9. PMID:23901682.
^American Psychiatric Association (2006). "Practice Guideline for the Treatment of Patients With Bipolar Disorder Second Edition". APA Practice Guidelines for the Treatment of Psychiatric Disorders: Comprehensive Guidelines and Guideline Watches. ج. 1. DOI:10.1176/appi.books.9780890423363.50051. ISBN:978-0-89042-336-3.
^MacQueen GM، Memedovich KA (يناير 2017). "Cognitive dysfunction in major depression and bipolar disorder: Assessment and treatment options". Psychiatry and Clinical Neurosciences (Review). ج. 71 ع. 1: 18–27. DOI:10.1111/pcn.12463. PMID:27685435.
^Cipriani G، Danti S، Carlesi C، Cammisuli DM، Di Fiorino M (أكتوبر 2017). "Bipolar Disorder and Cognitive Dysfunction: A Complex Link". The Journal of Nervous and Mental Disease (Review). ج. 205 ع. 10: 743–756. DOI:10.1097/NMD.0000000000000720. PMID:28961594.
^ ابNierenberg AA، Kansky C، Brennan BP، Shelton RC، Perlis R، Iosifescu DV (يناير 2013). "Mitochondrial modulators for bipolar disorder: a pathophysiologically informed paradigm for new drug development". Aust N Z J Psychiatry. ج. 47 ع. 1: 26–42. DOI:10.1177/0004867412449303. PMID:22711881.
^ ابEdvardsen J، Torgersen S، Røysamb E، Lygren S، Skre I، Onstad S، Oien PA (2008). "Heritability of bipolar spectrum disorders. Unity or heterogeneity?". Journal of Affective Disorders. ج. 106 ع. 3: 229–240. DOI:10.1016/j.jad.2007.07.001. PMID:17692389.
^McGuffin P، Rijsdijk F، Andrew M، Sham P، Katz R، Cardno A (2003). "The Heritability of Bipolar Affective Disorder and the Genetic Relationship to Unipolar Depression". Archives of General Psychiatry. ج. 60 ع. 5: 497–502. DOI:10.1001/archpsyc.60.5.497. PMID:12742871.
^Rapkin AJ، Mikacich JA، Moatakef-Imani B، Rasgon N (ديسمبر 2002). "The clinical nature and formal diagnosis of premenstrual, postpartum, and perimenopausal affective disorders". Current Psychiatry Reports. ج. 4 ع. 6: 419–28. DOI:10.1007/s11920-002-0069-7. PMID:12441021.
^Meinhard N، Kessing LV، Vinberg M (فبراير 2014). "The role of estrogen in bipolar disorder, a review". Nordic Journal of Psychiatry. ج. 68 ع. 2: 81–7. DOI:10.3109/08039488.2013.775341. PMID:23510130.
^Gao J، Jia M، Qiao D، Qiu H، Sokolove J، Zhang J، Pan Z (مارس 2016). "TPH2 gene polymorphisms and bipolar disorder: A meta-analysis". American Journal of Medical Genetics. Part B, Neuropsychiatric Genetics. ج. 171B ع. 2: 145–52. DOI:10.1002/ajmg.b.32381. PMID:26365518.
^Chen CH، Suckling J، Lennox BR، Ooi C، Bullmore ET (فبراير 2011). "A quantitative meta-analysis of fMRI studies in bipolar disorder". Bipolar Disorders. ج. 13 ع. 1: 1–15. DOI:10.1111/j.1399-5618.2011.00893.x. PMID:21320248.
^Houenou J، Frommberger J، Carde S، Glasbrenner M، Diener C، Leboyer M، Wessa M (أغسطس 2011). "Neuroimaging-based markers of bipolar disorder: evidence from two meta-analyses". Journal of Affective Disorders. ج. 132 ع. 3: 344–55. DOI:10.1016/j.jad.2011.03.016. PMID:21470688.
^Nusslock R، Young CB، Damme KS (نوفمبر 2014). "Elevated reward-related neural activation as a unique biological marker of bipolar disorder: assessment and treatment implications". Behaviour Research and Therapy. ج. 62: 74–87. DOI:10.1016/j.brat.2014.08.011. PMID:25241675.
^Berns GS، Nemeroff CB (نوفمبر 2003). "The neurobiology of bipolar disorder". American Journal of Medical Genetics. Part C, Seminars in Medical Genetics. ج. 123C ع. 1: 76–84. DOI:10.1002/ajmg.c.20016. PMID:14601039. {{استشهاد بدورية محكمة}}: النص "10.1.1.1033.7393" تم تجاهله (مساعدة)
^ ابBaldessarini RJ، Faedda GL، Offidani E، Vázquez GH، Marangoni C، Serra G، Tondo L (مايو 2013). "Antidepressant-associated mood-switching and transition from unipolar major depression to bipolar disorder: a review". J Affect Disord. ج. 148 ع. 1: 129–35. DOI:10.1016/j.jad.2012.10.033. PMID:23219059.
^Sood AB، Razdan A، Weller EB، Weller RA (2005). "How to differentiate bipolar disorder from attention deficit hyperactivity disorder and other common psychiatric disorders: A guide for clinicians". Current Psychiatry Reports. ج. 7 ع. 2: 98–103. DOI:10.1007/s11920-005-0005-8. PMID:15802085.
^Bassett D (2012). "Borderline personality disorder and bipolar affective disorder. Spectra or spectre? A review". Australian and New Zealand Journal of Psychiatry. ج. 46 ع. 4: 327–339. DOI:10.1177/0004867411435289. PMID:22508593.
^Tillman R، Geller B (2003). "Definitions of Rapid, Ultrarapid, and Ultradian Cycling and of Episode Duration in Pediatric and Adult Bipolar Disorders: A Proposal to Distinguish Episodes from Cycles". Journal of Child and Adolescent Psychopharmacology. ج. 13 ع. 3: 267–271. DOI:10.1089/104454603322572598. PMID:14642014.
^Becker T، Kilian R (2006). "Psychiatric services for people with severe mental illness across western Europe: What can be generalized from current knowledge about differences in provision, costs and outcomes of mental health care?". Acta Psychiatrica Scandinavica. ج. 113 ع. 429: 9–16. DOI:10.1111/j.1600-0447.2005.00711.x. PMID:16445476.
^Cipriani A، Hawton K، Stockton S، Geddes JR (يونيو 2013). "Lithium in the prevention of suicide in mood disorders: updated systematic review and meta-analysis". BMJ. ج. 346: f3646. DOI:10.1136/bmj.f3646. PMID:23814104.
^McCloud TL، Caddy C، Jochim J، Rendell JM، Diamond PR، Shuttleworth C، Brett D، Amit BH، McShane R، Hamadi L، Hawton K، Cipriani A (سبتمبر 2015). "Ketamine and other glutamate receptor modulators for depression in bipolar disorder in adults". The Cochrane Database of Systematic Reviews. ج. 9 ع. 9: CD011611. DOI:10.1002/14651858.CD011611.pub2. PMID:26415966.
^ ابجPost، RM (مارس 2016). "Treatment of Bipolar Depression: Evolving Recommendations". The Psychiatric Clinics of North America (Review). ج. 39 ع. 1: 11–33. DOI:10.1016/j.psc.2015.09.001. PMID:26876316.
^Post RM، Ketter TA، Uhde T، Ballenger JC (2007). "Thirty years of clinical experience with carbamazepine in the treatment of bipolar illness: Principles and practice". CNS Drugs. ج. 21 ع. 1: 47–71. DOI:10.2165/00023210-200721010-00005. PMID:17190529.
^Macritchie K، Geddes JR، Scott J، Haslam D، de Lima M، Goodwin G (2003). "Valproate for acute mood episodes in bipolar disorder". في Reid K (المحرر). Cochrane Database of Systematic Reviews. ص. CD004052. DOI:10.1002/14651858.CD004052. PMID:12535506. {{استشهاد بكتاب}}: |صحيفة= تُجوهل (مساعدة)
^Geddes JR، Calabrese JR، Goodwin GM (2008). "Lamotrigine for treatment of bipolar depression: Independent meta-analysis and meta-regression of individual patient data from five randomised trials". The British Journal of Psychiatry. ج. 194 ع. 1: 4–9. DOI:10.1192/bjp.bp.107.048504. PMID:19118318.
^van der Loos ML، Kölling P، Knoppert-van der Klein EA، Nolen WA (2007). "Lamotrigine in the treatment of bipolar disorder, a review". Tijdschrift voor Psychiatrie. ج. 49 ع. 2: 95–103. PMID:17290338.
^Vasudev K، Macritchie K، Geddes J، Watson S، Young A (2006). "Topiramate for acute affective episodes in bipolar disorder". في Young AH (المحرر). Cochrane Database of Systematic Reviews. ص. CD003384. DOI:10.1002/14651858.CD003384.pub2. PMID:16437453. {{استشهاد بكتاب}}: |صحيفة= تُجوهل (مساعدة)
^Cipriani A، Rendell JM، Geddes J (2009). Cipriani A (المحرر). "Olanzapine in long-term treatment for bipolar disorder". Cochrane Database of Systematic Reviews ع. 1: CD004367. DOI:10.1002/14651858.CD004367.pub2. PMID:19160237.
^ ابجMontgomery P، Richardson AJ (أبريل 2008). Montgomery P (المحرر). "Omega-3 fatty acids for bipolar disorder". The Cochrane Database of Systematic Reviews ع. 2: CD005169. DOI:10.1002/14651858.CD005169.pub2. PMID:18425912. Currently, there is simply not enough existing evidence, and what evidence is currently available is of such a varied and often-times questionable nature that no reliable conclusions may be drawn.
^Ciappolino V، Delvecchio G، Agostoni C، Mazzocchi A، Altamura AC، Brambilla P (ديسمبر 2017). "The role of n-3 polyunsaturated fatty acids (n-3PUFAs) in affective disorders". Journal of Affective Disorders (Review). ج. 224: 32–47. DOI:10.1016/j.jad.2016.12.034. PMID:28089169.
^ ابجدMuneer، Ather (2016)، "Staging Models in Bipolar Disorder: A Systematic Review of the Literature"، Clinical Psychopharmacology & Neuroscience، ج. 14، ص. 117–30، DOI:10.9758/cpn.2016.14.2.117، PMC:4857867، PMID:27121423
^ ابJann، Michael W. (2014)، "Diagnosis and Treatment of Bipolar Disorders in Adults: A Review of the Evidence on Pharmacologic Treatments"، American Health & Drug Benefits، ج. 7، ص. 489–499، PMC:4296286، PMID:25610528
^Moreira AL، Van Meter A، Genzlinger J، Youngstrom EA (2017). "Review and Meta-Analysis of Epidemiologic Studies of Adult Bipolar Disorder". The Journal of Clinical Psychiatry. ج. 78 ع. 9: e1259–e1269. DOI:10.4088/JCP.16r11165. PMID:29188905.
^Judd LL، Akiskal HS (يناير 2003). "The prevalence and disability of bipolar spectrum disorders in the US population: re-analysis of the ECA database taking into account subthreshold cases". Journal of Affective Disorders. ج. 73 ع. 1–2: 123–31. DOI:10.1016/s0165-0327(02)00332-4. PMID:12507745.
^Ferrari AJ، Baxter AJ، Whiteford HA (نوفمبر 2011). "A systematic review of the global distribution and availability of prevalence data for bipolar disorder". Journal of Affective Disorders. ج. 134 ع. 1–3: 1–13. DOI:10.1016/j.jad.2010.11.007. PMID:21131055.
^Monczor M (2010). "Bipolar disorder in the elderly". Vertex (Buenos Aires, Argentina). ج. 21 ع. 92: 275–283. PMID:21188315.
^ ابجAngst J، Marneros A (ديسمبر 2001). "Bipolarity from ancient to modern times: conception, birth and rebirth". Journal of Affective Disorders. ج. 67 ع. 1–3: 3–19. DOI:10.1016/S0165-0327(01)00429-3. PMID:11869749.
^Borch-Jacobsen M (أكتوبر 2010). "Which came first, the condition or the drug?". London Review of Books. ج. 32 ع. 19: 31–33. مؤرشف من الأصل في مارس 13, 2015. at the beginning of the 19th century with Esquirol's 'affective monomanias' (notably 'lypemania', the first elaboration of what was to become our modern depression)
^Pichot P. (2004). "150e anniversaire de la Folie Circulaire" [Circular insanity, 150 years on]. Bulletin de l'Académie Nationale de Médecine (بالفرنسية). 188 (2): 275–284. PMID:15506718.
^Elgie R. Morselli PL (فبراير–Mar 2007). "Social functioning in bipolar patients: the perception and perspective of patients, relatives and advocacy organizations – a review". Bipolar Disorders. ج. 9 ع. 1–2: 144–57. DOI:10.1111/j.1399-5618.2007.00339.x. PMID:17391357. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
^ ابجدهوزحMcClellan J، Kowatch R، Findling RL (2007). "Practice Parameter for the Assessment and Treatment of Children and Adolescents with Bipolar Disorder". Journal of the American Academy of Child & Adolescent Psychiatry. Work Group on Quality Issues. ج. 46 ع. 1: 107–125. DOI:10.1097/01.chi.0000242240.69678.c4. PMID:17195735.
^Anthony J، Scott P (1960). "Manic–depressive Psychosis in Childhood". Journal of Child Psychology and Psychiatry. ج. 1: 53–72. DOI:10.1111/j.1469-7610.1960.tb01979.x.
Basco، Monica Ramirez؛ Rush، A. John (2005). Cognitive-Behavioral Therapy for Bipolar Disorder (ط. Second). New York: The Guilford Press. ISBN:978-1-59385-168-2. OCLC:300306925. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
Brown، Malcomb R.؛ Basso، Michael R. (2004). Focus on Bipolar Disorder Research. Nova Science Publishers. ISBN:978-1-59454-059-2. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
Jamison، Kay Redfield (1995). An Unquiet Mind: A Memoir of Moods and Madness. New York: Knopf. ISBN:978-0-330-34651-1. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
Leahy، Robert L.؛ Johnson، Sheri L. (2003). Psychological Treatment of Bipolar Disorder. New York: The Guilford Press. ISBN:978-1-57230-924-1. OCLC:52714775.
Liddell، Henry George؛ Scott، Robert (1980). A Greek-English Lexicon (ط. Abridged). Oxford University Press. ISBN:978-0-19-910207-5. مؤرشف من الأصل في 2022-07-11. {{استشهاد بكتاب}}: النص "(philologist)" تم تجاهله (مساعدة) والوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
تتضمَّن هذه المقالة معلوماتٍ طبَّيةٍ عامَّة، وهي ليست بالضرورة مكتوبةً بواسطة متخصِّصٍ وقد تحتاج إلى مراجعة. لا تقدِّم المقالة أي استشاراتٍ أو وصفات طبَّية، ولا تغني عن الاستعانة بطبيبٍ أو مختص. لا تتحمل ويكيبيديا و/أو المساهمون فيها مسؤولية أيّ تصرُّفٍ من القارئ أو عواقب استخدام المعلومات الواردة هنا. للمزيد طالع هذه الصفحة.
Artikel ini sebatang kara, artinya tidak ada artikel lain yang memiliki pranala balik ke halaman ini.Bantulah menambah pranala ke artikel ini dari artikel yang berhubungan atau coba peralatan pencari pranala.Tag ini diberikan pada Februari 2023. Daftar bandar udara di Eritrea yang diurutkan berdasarkan lokasi. Daftar Lokasi ICAO IATA Nama Bandar Udara Agordat HHAG Bandar Udara Agordat Asmara HHAS ASM Bandar Udara Internasional Asmara Assab HHSB ASA Bandar Udara Internasional Assab...
Questa voce sull'argomento film commedia è solo un abbozzo. Contribuisci a migliorarla secondo le convenzioni di Wikipedia. Segui i suggerimenti del progetto di riferimento. Lezioni privateBensu Soral in una scena del filmTitolo originaleÖzel Ders Paese di produzioneTurchia Anno2022 Durata89 min Generecommedia, sentimentale RegiaKivanç Baruönü SoggettoMurat Disli, Yasemin Erturan SceneggiaturaMurat Disli, Yasemin Erturan ProduttoreOnur Güvenatam Produttore esecutivoOrhan Erkal...
Nasaruddin Umar Imam Besar Masjid Istiqlal ke-5PetahanaMulai menjabat 22 Januari 2016PendahuluProf. Dr. KH. Ali Mustafa Yaqub, MAPenggantiPetahanaWakil Menteri Agama Indonesia ke-1Masa jabatan2011–2014PresidenSusilo Bambang YudhoyonoWakil PresidenBoedionoPendahuluTidak ada; jabatan baruPenggantiZainut Tauhid Sa'adi Informasi pribadiLahir23 Juni 1959 (umur 64)Ujung, Dua Boccoe, Bone, IndonesiaAlma materUIN Alauddin MakassarUIN Syarif Hidayatullah JakartaMc Gill University Ka...
Spanish hereditary title Dukedom of TetúanCreation date27 April 1860Created byQueen Isabella IIPeeragePeerage of SpainFirst holderLeopoldo O'Donnell y Jorís, 1st Duke of TetuánPresent holderHugo O'Donnell y Duque de Estrada, 7th Duke of Tetuán[1] Duke of Tetuán (Spanish: Duque de Tetuán) is a hereditary title in the Peerage of Spain, accompanied by the dignity of Grandee and granted in 1860 by Queen Isabella II to General Leopoldo O'Donnell, 1st Count of Lucena, who had served a...
30°01′55″N 31°04′30″E / 30.03194°N 31.07500°E / 30.03194; 31.07500 Reruntuhan Piramida Djedefre di atas daratan Abu Rawash Penjaga di Abu Rawash berteduh di lubang pemakaman Piramida Djedefre Abu Rawash (juga dikenal sebagai Abu Roach), 8 km di sebelah Utara Giza (30°01′55″LU,31°04′30″BT), adalah lokasi dari piramida paling Utara di Mesir - Piramida Djedefre, piramida yang paling rusak. Djedefre adalah anak dan sekaligus penerus dari Khufu. Sebelu...
В Википедии есть статьи о других людях с такой фамилией, см. Попов; Попов, Андрей; Попов, Андрей Андреевич. Андрей Андреевич Попов Дата рождения 13 (25) октября 1832[2][3] Место рождения Тула, Российская империя Дата смерти 1896[2][3][…] Гражданство Российская и�...
Cet article est une ébauche concernant les Pays-Bas et les Jeux olympiques. Vous pouvez partager vos connaissances en l’améliorant (comment ?) selon les recommandations des projets correspondants. Comité olympique néerlandais Sigle NOC*NSF Sport(s) représenté(s) Omnisports Création 1912 Président André Bolhuis Siège Arnhem Site internet Site officiel du NOC*NSF modifier Le Comité olympique néerlandais (en néerlandais : Nederlands Olympisch Comité ou NOC), est ...
Chemistry principle Reaction rate tends to increase with concentration phenomenon explained by collision theory Collision theory is a principle of chemistry used to predict the rates of chemical reactions. It states that when suitable particles of the reactant hit each other with the correct orientation, only a certain amount of collisions result in a perceptible or notable change; these successful changes are called successful collisions. The successful collisions must have enough energ...
Open parkland in Harrogate, North Yorkshire, England The Stray, which contains large open areas with tree-lined paths The Stray is a long area of public parkland in the centre of Harrogate, North Yorkshire, England, comprising 200 acres (81 ha) of contiguous open land linking the spa town's curative springs and wells. The contiguous area of land, not all of which is officially designated part of The Stray, forms an approximately U-shaped belt from the Cenotaph on the north west point of ...
This is a list of foreign players in the Kategoria Superiore, which commenced play in 1930. The following players must meet both of the following two criteria: Have played at least one Kategoria Superiore game. Players who were signed by Kategoria Superiore clubs, but only played in lower league, cup and/or European games, or did not play in any competitive games at all, are not included. Are considered foreign, i.e., outside Kategoria Superiore determined by the following: A player is consi...
Philosophical work by G. W. F. Hegel This article needs additional citations for verification. Please help improve this article by adding citations to reliable sources. Unsourced material may be challenged and removed.Find sources: Elements of the Philosophy of Right – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (September 2009) (Learn how and when to remove this message) Title page of the 1821 original work. Georg Wilhelm Friedrich HegelHegelianism Fo...
في الرياضيات، نظرية التقريب (بالإنجليزية: Approximation theory) هي نظرية تهتم بدراسة كيفية الاقتراب من دوال معقدة بواسطة دوال أكثر بساطة.[1] أحد الموضوعات ذات الصلة الوثيقة هو تقريب الدوال بسلسلة فورييه المعممة، أي التقريب بناءً على تجميع سلسلة من المصطلحات المستندة إلى كثيرا...
Jalan layang di jalur Pantura untuk melalui kawasan perkotaan Jalan layang adalah jalan yang dibangun tidak sebidang melayang menghindari daerah/kawasan yang selalu menghadapi permasalahan kemacetan lalu lintas, melewati persilangan kereta api untuk meningkatkan keselamatan lalu lintas dan efisiensi. Jalan layang merupakan perlengkapan jalan bebas hambatan untuk mengatasi hambatan karena konflik dipersimpangan, melalui kawasan kumuh yang sulit ataupun melalui kawasan rawa-rawa. Kegiatan di ba...
Leixões Sport ClubCalcio Os Bébés, Heróis do Mar Segni distintiviUniformi di gara Casa Trasferta Terza divisa Colori sociali Rosso, bianco Dati societariCittàMatosinhos Nazione Portogallo ConfederazioneUEFA Federazione FPF CampionatoSegunda Liga Fondazione1907 Presidente Jorge Moreira Allenatore Carlos Fangueiro StadioEstádio do Mar(8.100 posti) Sito webleixoessc.pt Palmarès Trofei nazionali1 Coppe di Portogallo Si invita a seguire il modello di voce Il Leixões Sport Club, o semp...
العلاقات السعودية العمانية سلطنة عمان السعودية السفارات السفارة العمانية في السعودية العنوان : الرياض، السعودية السفارة السعودية في سلطنة عمان العنوان : مسقط، سلطنة عمان تعديل مصدري - تعديل العلاقات السعودية العمانية يقصد بها العلاقة �...
Лауреат Нобелівської премії І. І. Мечников (1845—1916), випускник Харківського університету і завідувач кафедри зоології Одеського університету Наукові дослідження в Україні вперше почали набувати систематичного характеру в XVII–XVIII століттях зі створенням і розвитко...