الاضطراب المزاجي هو مجموعة من التشخيصات في نظام تصنيف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية حيث أن اضطراب مزاج الشخص هو ميزته الأساسية.[1][2][3] ويعرف هذا التصنيف بالاضطرابات المزاجية (الوجدانية) في التصنيف الدولي للأمراض (ICD).
اقترح الطبيب النفسي الإنجليزي هنري ماودسلي فئة شاملة للاضطراب الوجداني. واُستبدل المصطلح لاحقًا بالاضطراب المزاجي، حيث يشير مصطلح الاضطراب المزاجي إلى الحالة العاطفية الكامنة بينما يشير مصطلح الاضطراب الوجداني إلى التعابير الخارجية الظاهرة للآخرين.
و تصنف الاضطرابات المزاجية ضمن المجموعات الأساسية للمزاج المرتفع مثل الهوس أو الهوس الخفيف، والاضطراب الاكتئابي الرئيسي (MDD) (المعروف بالاكتئاب السريري، أو الاكتئاب أحادي القطب، أو الاكتئاب الرئيسي) الذي هو أشهر نوع للمزاج المكتئب وأكثره دراسة، والاضطراب ثنائي القطب (BD) وهو المزاج المتناوب ما بين الهوس والاكتئاب (المعروف سابقًا بالهوس الاكتئابي). ويوجد العديد من الأنواع الفرعية للاضطرابات الاكتئابية أو المتلازمات النفسية التي تتميز بأعراض أخف حدة مثل الاضطراب الاكتئابي الجزئي (مشابه للاضطراب الاكتئابي الرئيسي ولكن أكثر اعتدالًا منه) واضطراب دوروية المزاج (مشابه للاضطراب ثنائي القطب ولكن أكثر اعتدالًا منه). وقد تحدث الاضطرابات المزاجية استحثاثًا بمادة أو استجابة لحالة طبية.
و لدى الأقلية من الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب إبداع عالٍ، أو فن، أو موهبة فطرية معينة.
يمكن تصنيف الاضطراب المزاجي على أنه مستحث بمادة إذا كانت سببياته المرضية راجعة للأثار الفيزولوجية المباشرة للعقارات المنشطة نفسيًا أو مواد كيميائية آخرى، أو يمكن تصنيفه على أنه مستحث بمادة إذا حدث الاضطراب المزاجي تزامنًا مع التسمم بمادة أو الامتناع عنها. ويمكن أيضًا أن يصاب الفرد بالاضطراب المزاجي تعايشًا مع اضطراب سوء استعمال المواد. ويمكن للاضطرابات المزاجية المستحثة بمادة أن يكون لها خصائص نوبة الهوس، أو الهوس الخفيفة، أو المختلطة أو الاكتئابية. ويمكن لأغلب المواد أن تستحث أنواع مختلفة للاضطرابات المزاجية. فعلى سبيل المثال، المنبهات مثل: الامفيتامين، والميثامفيتامين، والكوكايين، قد تسبب نوبات هوس، وهوس خفيفة، ومختلطة، واكتئابية.
يحدث الاضطراب الاكتئابي الرئيسي بنسب عالية عند سكيري ومدمني الكحول.قد تم مناقشة ما إذا كان متعاطي الكحول أو المصابين بالاكتئاب يعالجون أنفسهم بأنفسهم من الاكتئاب الموجود مسبقًا. ولكن لخصت الدراسات الحديثة، على الرغم من أن هذا قد يكون صحيح في بعض الحالات، أن سوء استخدام الكحول يسبب مباشرة الإصابة بالاكتئاب عند عدد كبير من السكيريين. وقد قُيم أيضًا المشاركين المُجرى عليهم الدراسة خلال الأزمات وقُيسوا بمقياس الشعور السيء. وقّيموا بالإضافة إلى ذلك على اندماجهم مع أقرانهم المنحرفين، ومستوى البطالة، واستخدام شركائهم للمواد والمخالفات الجنائية.و تحدث حالات انتحار الأشخاص الذين يعانون من مشاكل متعلقة بالكحول بنسب عالية. ويمكن عادة التفريق بين الاكتئاب المتعلق بالكحول عن الاكتئاب غير المتعلق بتعاطي الكحول بالتأكد من تاريخ المريض الدقيق. ويمكن للاكتئاب والمشاكل الصحية النفسية المتعلقة بسوء استخدام الكحول أن تكون ناتجة عن تشوه كيمياء الدماغ، حيث يميلان للتطور بعد فترة من الامتناع عن تعاطي الكحول.
قد يكون للاستخدام طويل المدى للبنزوديازيبينات مثل: الديازيبام والكلورديازيبوكسيد تأثير مشابه للكحول على الدماغ. ويمكن أيضًا الإصابة بالاضطراب الاكتئابي الرئيسي نتيجة للاستخدام المتكرر للبنزوديازيبينات أو كجزء من أعراض الامتناع طويل الأمد. فالبنزوديازيبينات فئة من الأدوية المستخدمة عادة لعلاج الأرق، والقلق، والتشنجات العضلية. ومثل الكحول، يُعتقد أن آثار البنزوديازيبينات على الكيمياء العصبية، مثل انخفاض مستويات السيروتونين والنورابينفرين، هي المسؤولة عن الاكتئاب المتزايد. وقد يحدث الاضطراب الاكتئابي الرئيسي كجزء من أعراض الامتناع عن البنزوديازيبينات. ويختفي عادة الاكتئاب الناتج عن الامتناع عنها بعد أشهر قليلة، ولكن قد يستمر في بعض الحالات من 6 إلى 12 شهرًا.
تستخدم عبارة «الاضطراب المزاجي الناتج عن حالة طبية عامة» لوصف نوبات هوسية أو اكتئابية تحدث بشكل ثانوي لحالة طبية. ويوجد العديد من الحالات الطبية التي قد تثير النوبات المزاجية. وتشمل هذه الحالات الاضطرابات العصبية (مثل: الخرف)، والاضطرابات الاستقلابية (مثل: الاضطرابات الكهرلية)، والأمراض المعوية المعدية (مثل: تليف الكبد)، وأمراض الغدد الصماء (مثل: شذوذ الغدة الدرقية)، والأمراض القلبية الوعائية (مثل: النوبة القلبية)، والأمراض الرئوية (مثل: مرض الانسداد الرئوي المزمن)، والسرطان، والأمراض المناعية (مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي).
الاضطراب المزاجي غير المحدد (MD-NOS): هو اضطراب مزاجي يضعف الأداء ولكن لا يتوافق مع أي من التشخيصات المحددة رسميًا. ووُصف الاضطراب المزاجي غير المحدد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الرابع بـ «أي اضطراب مزاجي لا يتوافق مع معايير اضطراب محدد». ولا يستخدم الاضطراب المزاجي غير المحدد كوصف سريري ولكن كمفهوم احصائي بغرض الحفظ فقط.
تمثل أغلب حالات الاضطراب المزاجي غير المحدد اضطرابات مختلطة بين المزاج والقلق مثل: اضطراب القلق والاكتئاب المختلط أو الاكتئاب اللانمطي. والاكتئاب البسيط المتكرر في فترات مختلفة مثل مرة كل شهر أو مرة كل ثلاثة أيام هو مثال على حالة للاضطراب المزاجي غير المحدد. وتوجد خطورة في عدم ملاحظة هذا النوع من الاضطراب المزاجي وبالتالي يكون سبب لعدم علاجه.
أشار عدد من المؤلفين على أن الاضطرابات المزاجية عبارة عن تلاؤم تطوري. ويمكن للمزاج المكتئب أو المنخفض أن يزيد من قدرة الفرد على التعامل مع المواقف حيث قد ينتج عن الجهد المبذول لتحقيق هدف رئيسي قد ينتج عنه خطر أو خسارة أو جهد ضائع. وقد يكون للحافز المنخفض، في مثل هذه الحالات، فائدة لكبح تصرفات معينة. تساعد هذه النظرية في شرح سبب وقوع الأحداث السلبية قبل الاكتئاب في 80 بالمئة تقريبًا من الحالات، وسبب حدوثها، في أغلب الأحيان، للأشخاص خلال قمة سنواتهم الإنتاجية. وسيصعب فهم هذه الخصائص إن كان الاكتئاب خلل وظيفي.
يعتبر المزاج المكتئب استجابة متوقعة لأنواع معينة لأحداث الحياة مثل: فقدان المكانة الاجتماعية، أو الطلاق، أو موت طفل أو زوج. وهذه الأحداث تشير إلى فقدان القدرة الإنتاجية.
يُشاع المزاج المكتئب خلال المرض مثل الإنفلونزا. وقد نُوقشت هذه الآلية على أنها آلية متطورة تساعد الفرد على استرداد عافيته بالحد من نشاطه البدني. وقد يكون حدوث الاكتئاب منخفض المستوى خلال أشهر الشتاء، أو الاضطراب العاطفي الموسمي، تكيفي في الماضي وذلك للحد من النشاط البدني حيث كان الطعام وقتها شحيحًا. ولكن ما زال البشر محتفظين بتجربتهم للمزاج المنخفض خلال أشهر الشتاء غريزيًا حتى وإن لم يعد لتوفر الطعام ارتباطًا بالجو، وقد تم بالفعل مناقشة هذا الموضوع.
و يعتمد أغلب ما نعرفه عن التأثير الوراثي للاكتئاب السريري على الأبحاث التي أجريت على التوائم المتماثلة. يمتلك التوأمان المتماثلان نفس الراموز الجيني تمامًا. وقد وُجد أن إصابة أحد التوأمان المتماثلان بالاكتئاب تعرض الآخر للإصابة بالاكتئاب السريري بنسبة 76% تقريبًا. وسيصاب كلا التوأمان المتماثلان بالاكتئاب إن تربيا منفصلان عن بعضهما بنسبة 67%. وإن أصيب أحد التوأمان بالاكتئاب السريري فالآخر سيصاب به حتمًا، وسيكون الاكتئاب السريري على الأرجح وراثي كليًا.
يوجد أنواع مختلفة للعلاجات المتوفرة لاضطرابات المزاج مثل: المعالجة والأدوية. أظهر كلًا من العلاج السلوكي، والعلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الشخصي فائدة محتملة في الاكتئاب. وتشتمل أدوية الاضطراب الاكتئابي الرئيسي عادة على مضادات الاكتئاب، بينما قد تشتمل أدوية الاضطراب ثنائي القطب على مضادات الذهان، أو مثبتات المزاج، أو الليثيوم أو جميعهم.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
|ref=harv
Lokasi Pengunjung: 52.14.184.10