أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، وأسمه تيم اللات وقيل تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر الأنصاري الخزرجي المعاوي، وسمي النجار لأنه أختتن بآلة القدوم، وقيل ضرب وجه شخص بقدوم فنجره فقيل له النجار.[4][5]
اختُلف في وقت وفاة أبي بن كعب، فقيل مات بالمدينة المنورة سنة 22 هـ، وقيل سنة 19 هـ، وقيل سنة 32 هـ،[2] وقيل سنة 20 هـ، وقيل سنة 30 هـ وهو الراجح.[7] وقد شهد عتي بن ضمرة يوم وفاته، فقال: «رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت: «ما شأن هؤلاء؟»، فقال بعضهم: «ما أنت من أهل البلد؟!»، قلت: «لا»، قال: «فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب»».[8]
كان أبي رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير، نحيفًا، أبيض الرأس واللحية، وكان امرءًا فيه شراسة،[2] وقد ترك من الولد الطفيل ومحمد وأمهما أم الطفيل بنت الطفيل بن عمرو الدوسية، وعبد الله وأم عمرو لم يُذكر اسم أمهاتهم.[1]
منزلته عند المسلمين
روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ قوله: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، وَلكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.[9]» وقال عمرو بن العاص: «كنت عند رسول الله ﷺ في يوم عيد، فقال: «ادعوا لي سيد الأنصار». فدعوا أبي بن كعب، فقال: «يا أبي، ائت بقيع المصلى، فأمر بكنسه»».[2]
كان عمر بن الخطاب يُجل أبيًّا، ويتأدب معه، ويتحاكم إليه. وقد روى عن عمر بن الخطاب قوله: «أقضانا علي، وأقرؤنا أبي، وإنا لندع من قراءة أبي، وهو يقول: «لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ، وقد قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٠٦﴾ [البقرة:106]»». كما رُوي أنه طلب رجل حاجة إلى عمر، وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر، فقال الشيخ: «إن الدنيا فيها بلاغنا، وزادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة». فسأل الرجل: «من هذا يا أمير المؤمنين؟»، قال: «هذا سيد المسلمين أبي بن كعب». وحين خطب عمر بالجابية، قال: «من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيدًا، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذًا، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني؛ فإن الله جعلني خازنًا وقاسمًا».[2] ورُوي أن أبيًا بن كعب قال لعمر بن الخطاب: «مالك لا تستعملني؟»، قال: «أكره أن يدنس دينك».[10]
أبي بن كعب والقرآن
كان أبي بن كعب ممن يُحسنون الكتابة من العرب في الجاهلية قبل الإسلام، وكانوا معدودين.[1] فاختاره النبي محمد ﷺ ليكون كاتبه الأول للوحي من الأنصار.[9] جمع أبي بن كعب القرآن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرضه عليه.[2] روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي ﷺ أنه قال: «خُذُوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة.[11]» وقال أنس بن مالك: «قال النبي ﷺ لأبي بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، قال: «الله سماني لك؟»، قال: «نعم». قال: «وذُكرت عند رب العالمين؟»، قال: «نعم». فذرفت عيناه».[12] وقال أيضًا: «جمع القرآن على عهد رسول الله ﷺ أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي»،[13] كما روى أنس عن النبي محمد أنه قال: «أقرأ أمتي أبي». وكان أبي يُتم قراءة القرآن في ثمان ليال.[2]