ولد في المنستير لأسرة بسيطة، التحق بالمدرسة الصادقية ثم مدرسة ليسيه كارنو في تونس قبل حصوله على البكالوريا عام 1924. تخرج من جامعة باريس عام 1927 وعاد إلى تونس لممارسة المحاماة. في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، انخرط في السياسة الوطنية التونسية المناهضة للاستعمار وانضم إلى الحزب الحر الدستوري وشارك في تأسيس الحزب الحر الدستوري الجديد في عام 1934. نشأ كشخصية رئيسية في حركة الاستقلال واعتقلته الإدارة الاستعمارية مرارًا وتكرارًا، وبسبب تورطه في أعمال الشغب في 9 أبريل 1938 نُفي إلى مرسيليا خلال الحرب العالمية الثانية.
حياته
ولد في منزل أمام ساحة 3 أغسطس بمدينة[9]المنستير الساحلية، من عائلة من الطبقة المتوسطة (أبوه ضابط متقاعد في حرس الباي)، وكان أصغر ثمانية إخوة وأخوات، [10]
تلقّى تعليمه الثانوي بالمعهد الصادقيفمعهد كارنو بتونس، ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927، وعاد إلى تونس ليعمل بالمحاماة.
تزوج للمرة الأولى من الفرنسية ماتيلد وكانت تبلغ من العمر عندما تعرفت عليه 36 عاماً، وكانت أرملة أحد الضباط الفرنسيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى، كانت تكبره بحوالي 12 سنة، وهي التي أنجبت له إبنه الوحيد الحبيب بورقيبة الابن، وتطلقا بعد 22 عاماً من الزواج لكنه استمر على صلته بها كما قام بتوسيمها في أواخر حياتها قبل وفاتها سنة 1976.
تزوج للمرة الثانية من وسيلة بن عمار رسمياً في 12 أبريل العام 1962 وهي تونسية، في احتفال كبير بقصر المرسى. وسيلة بن عمار الثائرة التونسية التي قادت عدداً من عمليات النِضال الوطني ضد الإستعمار، حتى أُلقي القبض عليها عام 1948 وسُجنت.
تم اعتقاله في 3 سبتمبر1934 لنشاطه النضالي وأبعد إلى أقصى الجنوب التونسي ولم يفرج عنه إلا في مايو 1936.
ثم سافر إلى فرنسا وبعد سُقوط حكومة الجبهة الشعبية فيها اعتقل في 10 أبريل من العام 1938 إثر تظاهرة شعبية قمعتها الشرطة الفرنسية بوحشية في 8 و9 أبريل1938، ونقل بورقيبة إلى مرسيليا وبقي فيها حتى 10 ديسمبر1942 عندما نقل إلى سجن في ليون ثم إلى حصن «سان نيكولا» حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت فرنسا، فنقلته إلى نيس ثم إلى روما، ومن هناك أعيد إلى تونس حراً طليقاً في 7 أبريل1943
قرر السفر إلى المنفى الاختياري إلى القاهرة في 23 مارس1945، وزار من هناك الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى تونس في 8 سبتمبر1949 وسافر من جديد إلى فرنسا سنة 1950 ليُقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين القاهرة والهندواندونيسياوإيطالياوبريطانيا والولايات المتحدة والمغرب قبل أن يرجع إلى تونس في 2 يناير1952 معلنا انعدام ثقة التونسيين بفرنسا ولما اندلعت الثورة المسلحة التونسية في 18 يناير1952، اعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملاؤه في الحزب وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه فعاد إلى تونس في 1 يوينو1955 ليستقبله الشعب إستقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في 3 يونيو 1955 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي. وهي الاتفاقية التي عارضها الزعيم صالح بن يوسف واصفا إياها أنها خطوة إلى الوراء مما أدى إلى نشأة ما يعرف بالصراع «البورقيبي اليوسفي» ويتهمه خصومه السياسيون بالتهاون والتخاذل.
في 20 مارس1956، تم توقيع وثيقة الاستقلال التام وألف بورقيبة أول حكومة بعد الاستقلال.
ديسمبر1962: كشف عن محاولة انقلابية تورطت فيها مجموعة من العسكريين والمدنيين قدموا للقضاء العسكري وحكم على اغلبهم بالإعدام.
15 أكتوبر1963: جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي وتم جلاء المستعمرين عن الأراضي الزراعية،
كما تم إقرار عديد الإجراءات لتحديث البلاد كإقرار مجانية التعليم وإجباريته وتوحيد القضاء.
3 مارس1965: الرئيس الحبيب بورقيبة يدعو اللاجئين الفلسطينيين إلى عدم التمسك بالعاطفة وإلى الاعتراف بقرار التقسيم لسنة 1947 مع إسرائيل في خطابه التاريخي في أريحا.
في الستينات: وقع اتباع سياسة التعاضد وهي سياسة تتمثل في تجميع الأراضي الفلاحية ولكنها فشلت فشلا ذريعا دفع بالرئيس بورقيبة إلى تبني سياسة ليبرالية منذ بداية السبعينات قادها الوزير الأول (رئيس الوزراء) الهادي نويرة.
3 يناير1984: حدثت انتفاضة الخبز التي سقط خلالها الضحايا بالمئات. وشهدت صراعات دموية حادة بين المواطنين ورجال الأمن بسبب زيادة في سعر الخبز واستخدمت فيها القوة ضد المتظاهرين ولم تهدأ تلك الثورة إلا بعد تراجع الحكومة عن الزيادة بعد يوم واحد فقط من إقرارها، واستدعي زين العابدين بن علي من وارسو ليشغل منصب مدير عام الأمن الوطني.
قام زين العابدين بن علي في السابع من نوفمبر عام 1987 بإزاحة بورقيبة من الحكم بداعي المرض والتقدم في العمر[12] كما تم حجب أخبار بورقيبة عن وسائل الإعلام.
تم تسريب رسالة لبورقيبة بتاريخ الثاني من فبراير/شباط عام 1990 وجهها إلى ممثل النيابة العامة بولايةالمنستير يشكو فيها ظروف إقامته وعزله في قصره بالمنستير وحرمانه من التنقل والخروج من دون موجب قانوني.
ذكرت تقارير أن بورقيبة حاول الانتحار مراراً في مقر إقامته بعد أن أخضعه بن علي للإقامة الجبرية.[13]
بعد ثلاثة أشهر فقط من استلام بورقيبة للحكم، أصدر عن طريق البرلمان التونسي مجلة الأحوال الشخصية في 13 أغسطس1956، وفي هذه المجلة صدرت العديد من التشريعات لكن التطبيق الفعلي لها لم يبدأ إلا بعد ستة أشهر أي في أوائل سنة 1957. من التشريعات صدور قانون منع تعدُّد الزوجات ورفع سن زواج الذكور إلى عشرين سنة، والإناث إلى 17 سنة. كما شملت المجلة كذلك قوانين اجتماعية خاصة بالزواج والطلاق؛ مثل قانون يمنع الزوج من العودة إلى مطلقته التي طلقها ثلاثًا إلا بعد طلاقها من زوج غيره، وقانون يجعل من الطلاق إجراء قانوني لا يتم الاعتراف به إلا عن طريق القضاء. وأصدر أيضاً قانون يسمح للمواطن بالتبني وأقر بورقيبة قانوناً يسمح للمرأة بالإجهاض.
كان الحبيب بورقيبة يرى وجوب إلغاء الصيام عن العمال لأنه يُقلل الإنتاجية، وفي عام 1962 مَنع الصوم واقترح أن يقضي العامل الأيام التي أفطرها عندما يُحال إلى التقاعد أو في أوقات أخرى،[6][14]
حاول ثني الحجيج التونسيين من زيارة الأماكن المقدّسة وأداء مناسك الحج في السعودية لما فيه من إهدار لمقادير مالية من العملات الصعبة ودعى إلى التبرك بمقامات الأولياء والصالحين كأبي زمعة البلويوأبي لبابة الأنصاري بدلا عن الحج في خطاب ألقاه في صفاقس يوم 29 أبريل 1964.[5]
وفي عام 1981 أصدر قانونا اسمه المنشور 108، والذي فيه يأمر بمنع ارتداء النساء لغطاء الرأس «الحجاب» تحت دعوى أنه يمثل مظهرا من مظاهر الطائفية، وأنه ينافي روح العصر وسنة التطوير السليم ولقد ظهر بورقيبة على شاشة التلفزيون في احتفال شعبي وهو ينزع أغطية الرأس عن بعض النساء قائلا «انظري إلى الدنيا من غير حجاب».[15]
أيضا منع صلاة الفجر للشباب، وبدأت المخابرات تلاحق من يصلي باستمرار.[7][8]
رفض الشيخ الطاهر بن عاشور عام 1961 دعوة الرئيس الحبيب بورقيبة العمال إلى الإفطار في رمضان بدعوى زيادة الإنتاج، بعد أن طلب منه الأخير أن يفتي بذلك في الإذاعة، وذكر شهود أنه قرأ على المستمعين آية الصيام: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٨٣﴾ [البقرة:183]، ثمّ قال بعدها جملته الشهيرة: «صدق الله، وكذب بورقيبة».[16][17][18]
معارضوه
في عهده تم إعدام العديد من معارضيه، حدث ذلك مع «اليوسفيين» في مطلع الاستقلال، وعندما تدخل عرفات طالبًا تخفيف العقوبة على الشبان الذين قادوا عملية «قفصة» الشهيرة، أصدر بورقيبة أوامِرُهُ من الغد بتنفيذ حُكم الإعدام على 16 منهم.
أظهر شراسة شديدة في مواجهة خصومه السياسيين حتى لو كانوا رفاقه في الكفاح، وأجْهَزَ على المؤسسة الزيتونية الإسلامية التي كانت سنداً لخصمه اللدود بن يوسف المدعوم من الشرق العربي والقوى القومية خصوصاً عبد الناصر، ويطارد من عُرِفُو باليوسفيين الذين وقفوا مع الكاتب العام للحزب صالح بن يوسف، فقتل واعتقل العديد منهم، ولم يُغْلِق هذا الملف إلا بعد اغتيال زعيمهم اللاجئ بألمانيا.
كما استغل محاولة الانقلاب التي استهدفته عام 1962 ليجمد الحزب الشيوعي، ويعطل كل الصحف المعارضة والمستقلة، ويلغي الحريات الأساسية، ويقيم نظام الحزب الواحد، مستعينًا في ذلك بالإتحاد العام التونسي للشغل الذي تحالف مع الحزب الدستوري إلى درجة قبول التدخل في شؤونه وفرض الوصاية عليه وعلى قيادته. ومع تبني الاشتراكية في الستينيات غاب المجتمع المدني، وهيمنت على البلاد أحادية في التسيير وفي التفكير وفي الإعلام وفي التنظيم.
تقارب مع الغرب وكان من أوائل السياسيين العرب الذين رحبوا بالسياسة الأمريكية في المنطقة، ففي خطاب ألقاه في شهر مايو 1968م قال "إننا نعتبر أن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية يشكل عنصر استقرار يحمي العالم من نوع من الأنظمة الاستبدادية. دون أن يدخل في نزاع مع الاتحاد السوفييتي، رفض رفضا قاطعا إقامة علاقات اقتصادية وعسكرية معه، معتبرا أن دخول خرطوشه واحدة من هذا المعسكر قادرة على أن تفتح الباب واسعا أمام الخبراء والأفكار "الهدامة" حسب تعبيره، بل أنه صرح أكثر من مرة في خطبه الرسمية بأن "المعسكر الاشتراكي لن يستمر طويلا في الحياة، وأن سقوطه أمر محتم." وبنى علاقات جيدة مع الأنظمة الملكية والخليجية.
شهدت علاقاته مع عبد الناصر توترات مستمرة، حيث اختلف معه في الخطاب والأيديولوجيا ومواقف من قضايا جوهرية، مثل: الوحدة والقومية وفلسطين، ذات مرة قال «لو خيرت بين الجامعة العربيةوالحلف الأطلسي لاخترت هذا الأخير». كما كان حذرًا من حزب البعث، وحال دون امتداداته التنظيمية داخل تونس، ثم تجدد صراعه مع القذافي، ورأى فيه شابًا «مُتَهوِّرًا» في السياسة، وكان يخشى أن تُطَوَّق تونس بتحالف ليبي - جزائري، لهذا وثق علاقاته مع فرنسا والولايات المتحدة،
وعندما تسربت مجموعة معارضة مسلحة ذات توجه عروبي ومدعومة من ليبيا، وسيطرت على مدينة قفصة في يناير 1980، طلب المساعدة من باريس وواشنطن الذين قدما له مساعدات عسكرية ولوجستية، مكَّنَت النظام التونسي من إنهاء التمرد بأقل التكاليف.
توفي في 6 أبريل2000. منع بن علي وقتها نقل جنازته مباشرة على التلفاز، كما رفض عرض شريط فيديو يروي حياته إلى جانب رفضه لحضور وسائل الإعلام الأجنبية وشخصيات عالمية كانت مقربة من بورقيبة مراسم الجنازة. دفن في مسقط رأسه في مدينة المنستير[13]
^Antti Matikkala (2017). Suomen Valkoisen Ruusun ja Suomen Leijonan ritarikunnat (بالفنلندية). Helsinki: Edita. p. 497. ISBN:978-951-37-7005-1. QID:Q113680680.