يَعْقُوب (بالعبرية: יַעֲקֹב) هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم أحد الأنبياء المذكورين في التوراةوالقرآن، وبحسب بعض الروايات والآيات القرآنية فإن يعقوب كان على دين جده إبراهيم وكذلك كان أبناءه من بعده، ذكرت الروايات التاريخية أنه ولد وعاش فترة من الزمن في أرض كنعان، ومن ثم ارتحل إلى أرض حرّان وتزوّج هناك من ابنتي خاله، كان له كذلك جاريتان، وبعد مّدة من الزمن عاد هو وأولاده ومن بقي من زوجاته إلى أرض كنعان، ارتحل في آخر حياته إلى مصر، عاش هناك حتى وفاته، وكانت وصيّته أن يُدفن عند والده إسحاق وجدّه إبراهيم في أرض كنعان.
يعقوب أو ياكوف (بالعبرية: עֲקֹב) معناه «ماسك كعب القدم» ويُعرف أيضاً بإسرائيل أي أو «مصارع الله» حسب القصة الواردة في سفر التكوين 32 عندما صارع يعقوب الإله دون أن يدري.[1] كان ليعقوب دور رئيسي في الأحداث الأخيرة من سفر التكوين في العهد القديم.
ميلاده
وَلَدَ لإسحاقورفقة: عيسو ويعقوب بعد 20 سنة زواج، حيث كان إسحاق 60 من العمر (سفر التكوين 25:26)، وكان إبراهيم 160 من العمر. يختلف يعقوب عن أخيه عيسو بالمظهر والتصرفات. عيسو كان صياد، بينما كان يعقوب رجل يسكن الخيام.
عندما كانت رفقة حاملاً كان الطفلان يتصارعان مع بعضهما في داخل رحمها (سفر التكوين 25:22). خوفاً من هذه الحركة، سألت رفقة الله عن سببها، بعدها عَرَفَت أنها حامل بطفلين، وأنهم سيؤسسان أُمتين مختلفتين. ويكونان دائماً في تنافس وفي الحقيقة الأكبر سيخدم الأصغر. لَم تُخبر رفقة زوجها إسحاق بذلك بل احتفظت بذلك في قلبها. كان عيسو أول من ولد، وولد أخوه يعقوب (إسرائيل) بعده مُباشرةً وكان يمسك بكعب قدم عيسو. ولذلك سمي ياكوف أي (الكعب) المُشتق من الكلمة العبرية "עקב”. فضل إسحاق عيسو ولكن الأم فضلت يعقوب.
خلال فترة شباب الأخوان، تم تَنشئتهما في نفس البيئة وتعرضوا لنفس الأشياء التي تعرض لها أبيهما إسحاق وجدهم إبراهيم. وفي يوم من الأيام، عاد عيسو من الحقل وكان جائعا جداً. فانتهز يعقوب هذا الموقف وعرض على عيسو صحن من الحساء مُقابل أن يبيعه عيسو بكوريته كونه الأخ الأكبر. وافق عيسو وقال «إني سأموت، فما نفع البكورية لي؟». وفي الحقيقة فإن تنازل عيسو عن بكوريته يدل على ازدراءه للتقاليد التي كانت لدى أبيه إسحاق.
في كلمات الكتاب المقدس «وهكذا أحتقر عيسو امتيازات بكوريته» سفر التكوين 25:29-34. من مميزات البكورية هي: مرتبة عليا في العائلة «سفر التكوين 49:3»، وقيمة مضاعفة من الورث «سفر تثنية 21:15-18 الأشتراع 12:17» ومنصب في العائلة «سفر العدد 19-8:17» وأيضاً البركة الإبراهيمية «سفر التكوين».
استيلاء يعقوب على نبوة أخيه عيسو
كان اليهود يخصون الابن الأكبر سنا بالميراث كله سواء كان الميراث ماديا أو غير ذلك بما في ذلك النبوة والمُلك، وعلى هذا النحو كان «عيسو» الابن الأكبر لإسحاق هو الذي سيرث النبوة وكل شيء، ولكن «رفقة» أم يعقوب خططت لتجعل ولدها يعقوب يستولي على هذا اللقب، وانتهزت فرصة أن «عيسو» خرج ليحضر الطعام إلى أبيه المكفوف ثم نفذت خطتها.
كان إسحاق والد يعقوب كبيرا في السن وقد أصيب بالعمى، فلما قرَرَ أن يبارك ابنه الأكبر عيسو قَبلَ أن يموت، أمره أن يذهب إلى البرية ليصطاد له صيدا ويحضره له طعاما قبل أن يأخذ البركة، فسمعت رفقة أم يعقوب حديثهما، ولما خرج عيسو إلى البرية ليصطاد، أرشدت «رفقة» ابنها يعقوب بأن يصطاد لها نعجتين لتقوم بتحضير وجبة شهية لأبيه، فيستلم بذلك البركة من أبيه بدلاً من أخيه عيسو. ولكن يعقوب تردد وأصابه القلق من أن يلمس أبوه جلده فيتعرف عليه لأن عيسو كان شخص مُشعر ويعقوب كان أملس فيجلب بذلك على نفسه لعنة بدلا من بركة، فطمأنت رفقة ولدها يعقوب وأمرته بأن يضع جلد نعجة حول رقبته ويديه.
ثم ذهب يعقوب إلى خيمة أبيه مُتَنَكراً، فتفاجأ إسحاق من سُرعة «عيسو» في الصيد، فارتاب في الأمر ثم سأله بشك «من أنت يا ابني» ؟ فأجاب يعقوب «أنا عيسو ابنك البكر» وكان إسحاق لايزال شاكاً في الأمر فطلب منه أن يحسَهُ لكي يتأكد أنه عيسو لأن عيسو كان مُشعرا، وقد بدا أن جلد النعاج قد خدع إسحاق ولكنه قال «إن الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو»، ومع ذلك بارك إسحاق يعقوب.
ما إن غادر يعقوب الخيمة، وصل عيسو واكتشف الخدعة. كان إسحاق متفاجئ وأكد بأنه قد بارك يعقوب. وقد أشفق إسحاق على عيسو فأعطاه بركة أقل. فقال عيسو بأنه سيقتل أخوه.
وهذه هي التفاصيل كما حكاها سفر التكوين:
وكانت «رفقة» أم يعقوب سامعة إذ تكلم إسحاق مع عيسو إبنه، فذهب عيسو إلى البرية كى يصطاد صيداً ليأتى به، وأما «رفقة» فكلمت يعقوب ابنها قائلة إنى قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلاً: ائتنى بصيد واصنع لى أطعمة لآكل وأباركك أمام الرب قبل وفاتى، فالآن يا ابنى اسمع لقولى فيما أنا آمرك به: اذهب إلى الغنم وخذ لى من هناك جديين جيدين من المعزى فاصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب، فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك قبل وفاته، فقال يعقوب لرفقة أمه: هو ذا عيسو أخى رجل أشعر وأنا رجل أملس، ربما يجسنى أبى فأكون في عينيه كمتهاون وأجلب على نفسى لعنة لا بركة فقالت له أمه: .. اسمع لقولي فقط.. وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت، وألبست يعقوب ابنها الأصغر، وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديى المعزى.. فدخل إلى أبيه وقال: يا أبى فقال: ها أنذا، من أنت يا بنى ؟ فقال يعقوب لأبيه: أنا عيسو بكرك، قد فعلت كما كلمتنى، قم اجلس وكل من صيدى لكى تباركني نفسك.. فقال إسحق ليعقوب: تقدم لأجسك يا بنى.. أأنت هو ابنى عيسو أم لا.. فجسه وقال: الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو.. فباركه.. وقال: .. فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض.. لتستعبد لك شعوب وتسجد لك قبائل. كن سيداً لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك، ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين[2] (تكوين: 27)
علمت رفقة بنوايا عيسو للأنتقام من يعقوب، فأمرت يعقوب بالهرب إلى بيت أخيها لابان إلى أن يهدأ غضب عيسو. كان هناك غرضين لرحلة يعقوب وهما الهرب من عيسو وإيجاد زوجة له لأن لخاله لابان ابنتين ليئةوراحيل. في الطريق إلى حاران، أختبر يعقوب رؤية حيث رأى سلم يصل إلى السماء وملائكة يصعدون، وسميت الرؤية بسلم يعقوب. من أعلى السُلم سمع صوت الله الذي كرر العديد من البركات عليه.
استيقظ يعقوب في الصباح وأكمل طريقه إلى حاران. توقف يعقوب عند بئر حيث الرعاة يسقون ماشيتهم، وهناك قابل الابنة الصغرى للابان وهي راحيل. لقد أحبها على الفور، وبعد أن مكث شهراً عندهم طلب يدها للزواج مقابل أن يعمل 7 سنين لدى خاله.
بدت السبع سنين كأنها أيام معدودة لشدة حبه لها، لكن عندما انقضت هذه السنين، خدع لابان يعقوب وأبدل راحيلبليئة، ولم يعرف يعقوب لأنها لبست خماراً على وجهها.
في الصباح، عندما عرف يعقوب، ذهب إلى خاله لابان ولكن لابان برر فعلتة بأنه في بلادهم يجب أن تُعطى البنت الكُبرى أولاً. مع ذلك وافق يعقوب أن يعمل سبع سنين أخرى ليأخذ راحيل، فتزوج يعقوب براحيل بعد أسبوع من زواجه من ليئة وأكمل السبع سنين. أحب يعقوب راحيل أكثر من أي شيء في العالم وبذلك شَعَرَت ليئة بالكراهية.
عندما وُلد يوسف، أراد يعقوب أن يزور بيت ابيه، ولكن لابان كان مُتردد من أن يدعه لأن الله بارك ماشيته بسبب يعقوب. الآن لابان عرض ان يدفع ليعقوب ولكن يعقوب قام بأتفاق غريب مع لابان حيث اقترح على لابان أن يَزيل كل النعاج المنقطة البنية وما يولد منهم يكون ليعقوب. فجعل يعقوب النعاج الحوامل أن ينظروا على النعاج المنقطة فيتوحموا ويلدوا نعاج مُنقطة، بذلك أصبح يعقوب غنياً «انظر سفر التكوين».
رأى بنو لابان بأن يعقوب أصبح يملك أحسن الماشية، فتغيرت نظرة لابان له. ذكر أن يعقوب أراد أن يرحل ويأخذ زوجاته وأطفاله من دون أن يَعلم لابان. قبل أن يرحلوا قامت راحيل بسرقة تماثيل البيت من بيت لابان.
في حالة غضب للابان، قام بملاحقة يعقوب لسبعة أيام. في الليلة التي سبقت امساك لابان ليعقوب، ظهر الله للابان في حلم وحذره من أن يقول أي شيء جيد أو سيئ ليعقوب. عندما تقابل يعقوب ولابان، لَعَبَ لابان دور الحمى المجروح وطالب بأرجاع التماثيل. بدون أن يَعلم يعقوب بأن راحيل أخذت التماثيل، قال للابان بأن من أخذها يجب أن يموت وعرض عليه أن يفتش أغراضهم. عندما دخل لابان خيمة راحيل، قامت راحيل بتخبئة التماثيل فلم يراها لابان فمضى كل واحد في طريقه.
استعداده لملاقاة أخيه عيسو
في طريقه إلى كنعان سمع يعقوب من رسله أن أخاه عيسو قادم إليه ومعه 400 رجل، فخاف يعقوب كثيرا من انتقام أخيه منه، فقسّم يعقوب جيشه إلى نصفين لكي ينجو نصف الجيش على الأقل في حالة هجوم عيسو على نصفه الآخر، ثم دعا يعقوب رب آبائه إبراهيم وإسحاق أن ينجيه من بطش أخيه عيسو، وقد جهز هدايا كثيرة لكي يستعطفه بها مكونة من 200 عنزة و20 تيسا و200 نعجة و20 كبشا و30 ناقة مرضعة وأولادها و40 بقرة و10 ثيران و20 اتانا و10 حمير، وأمر يعقوب أتباعه أن يقسموا هداياه قطيعا قطيعا كل قطيع يقوده نفر من أتباعه وأن يجعلوا فسحة بين قطيع وقطيع وأمر كل نفر من أتباعه إذا صادفهم عيسو وسألهم أن يجيبوه بأنها هدايا من عبدك يعقوب إلى سيده عيسو وأن يقولوا له بأن عبدك يعقوب هو وراءنا يستعطف وجهك بهذه الهدية السائرة أمامه، وينظروا إلى وجهه عسى أن يرفع وجهه، فاجتازت الهدية قدامه وأما هو فبات تلك الليلة في المحلة.[3]
وبعد أن أخذ يعقوب لقب «إسرائيل» بعد صراعه مع الرب، عبر الأرض التي سمّاها فَنُوئِيلَ وهو يعرج على فخده المصاب أثناء المعركة، فرفع عينيه ونظر فرأى عيسو أخوه مقبل إليه ومعه 400 رجل، فأمر زوجتيه ليئة وراحيل وجارتيه وأبناءه من كل واحدة منهن أن يصطفوا ورائه، فسجد يعقوب إلى الأرض سبع مرات حتى اقترب إلى أخيه، فرَكَضَ إليه «عِيسُو» وَعَانَقَهُ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ، وَبَكَيَا، ثم تقدمت كل زوجة وجارية هي وأبنائها وسجدت كل واحدة منهن لعيسو، فسأل عيسو يعقوب عن جنوده الذين يحملون الهدايا فقال له يعقوب: «لأَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ سَيِّدِي»، رأى عيسو أن الهدايا كثيرة فرفض أن يأخذها فألح عليه يعقوب حتى أخذها وأخبره أنه رأى وجهه مثل وجه الرب الذي صارعه وأراده أن يكون راضيا عنه، وبعدها افترقا ورجع عيسو في طريقه إلى سعير أما يعقوب فارتحل إلى سكوت.[4]
صراع يعقوب مع الرب ولقب إسرائيل
هذا الوسيط قد لا يتقبله البعض.
لوحة الرسام الفرنسي أوجين ديلاكروا تعرض صراع يعقوب مع الرب
جاء في سفر التكوين الأصحاح 24ـ32 أن يعقوب نال لقب «إسرائيل» وتعني باللغة العبرية «مصارع الرب» بعد صراع مع الرب دام حتى طلوع الفجر، فقد جاء في سفر التكوين أن الرب جاء يعقوب على صورة إنسان (وفي سفر هوشع جاءه على صورة ملاك[5]) فصارعه، وعندما أدركهم الفجر رفض يعقوب أن يطلقه قبل أن يباركه، فدعا اسمه «إسرائيل» الذي مَعناه «مصارع الرب». ثم طلب يعقوب اسم الكائن الذي كان يصارعه، ولكنه لم يخبره، فسمى يعقوب المكان «بني ايل» أي معناه «وجه الله»، قال «أنا رأيت الله وجهاً لوجه ولم أمُت».
32 لِذلِكَ لاَ يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِرْقَ النَّسَا الَّذِي عَلَى حُقِّ الْفَخِذِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، َنَّ اليوم الذي ترع ف اليوم الذي تصارع فيه يعقوب مع الرب ونال لقب إسرائيليه مع الربةُ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِ يَعْقُوبَ عَلَى عِرْقِ النَّسَا[3].
بعدما ودع يعقوب أخيه «عيسو» وذهب كل واحد منهما إلى سبيله، ارْتَحَلَ يعقوب إِلَى مكان دعا اسمه «سُكُّوتَ»، أقام فيه وَبَنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا، وَصَنَعَ لِمَوَاشِيهِ مِظَلاَّتٍ وبعدها شد رحاله إلى مدينة شكيم قرب كنعان . وعندما وصل حدود كنعان[4]، كانت راحيل زوجته على وشك الولادة، فولدت الابن الأصغر ليعقوب الذي هو بنيامين وماتت . بعدها قام يعقوب بدفنها وشيد صرحا لقبرها الذي يقع خارج بيت لحم. ولايزال قبرها مزارا ليومنا هذا. وأخيرا وصل يعقوب إلى بيت أبيه إسحاق، فمات إسحاق وعمره 180 عاماً. قام يعقوب وعيسو بدفنه فِي مَغَارَةِ فِي حَقْلِ الْمَكْفِيلَةِ الْمُوَاجِهَةِ لِمَمْرَا فِي أَرْضِ كَنْعَانَ التي كان إبراهيم قد اشتراها.
يعقوب ويوسف:
كان يوسف قد فارق أباه يعقوب عندما كان عمره 17 عاماً، حيث أُخذ كعبد إلى مَصر بسبب أخوته الذين كانوا يغارون منه لأنه حلم حلماً وبه كان مَلكاً عليهم. حزن يعقوب جداً على فقدانه ليوسف.
وبعد 13 عاماً من أخذ يوسف كَعَبد، حَلَمَ فرعون بحلمين وكان يريد من يفسرهما له. وسمع فرعون أن يوسف الذي كان في السجن يستطيع أن يفَسر هذه الأحلام. فسّر يوسف هاذين الحلمين على أنه ستأتي 7 سنوات يزداد فيها خير الأرض ويتبعها 7 سنوات عجاف، لا تؤتي الأرض خلالها محاصيل كافية. تعجّب الفرعون من هذا التفسير، وجعل يوسف نائبا له، ووكل له مسؤولية جمع وتخزين جزءا من القمح والغلال خلال سنوات زيادة المحاصيل لاستهلاكها خلال سنوات المجاعة.
عندما جاءت سنوات المجاعة، فَذَهَبَ عَشَرَةٌ مِنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ لِيَشْتَرُوا قَمْحاً مِنْ مِصْرَ. فَلَمَّا رَآهُمْ يُوسُفَ عَرَفَهُمْ، أما هم فلم يعرفوه. وطلب منهم أن يرى أخوهم الصغير أي أخاه بنيامين . وأخذ يوسف شِمْعُونَ كرهينة إلى ان يجلبوا بنيامين معهم. صُدمَ يعقوب عندما عَلم بذلك، حيث كان خائفا على بنيامين؛ لأنه اخر ما بقي له من زوجته راحيل، ورفض أن يُرسله.
ولكن عندما ازدادت المجاعة، وافق يعقوب أن يُرسل بنيامين مع أبنائه إلى مصر، وقد وَعَدَه يَهُوذَا بأن يحمي بنيامين. بعد ذلك وصل الأخوان إلى يوسف، فعندما رأى يوسف أخاه بنيامين تأثر كثيراً وكشف نفسه لأخوته، بأنه هو يوسف أخوهم. دعى يوسف أخوته وعوائلهم وأباه إلى المجيء لمصر. عاش يعقوب آخر 17 سنة من عمره في مصر مع أولاده الإثنا عَشَر ومات عن عُمر 147. وقبل موته جَعَل يوسف بأن يعده بأن يدفنه في مَغَارَةِ حَقْلِ الْمَكْفِيلَةِ . فأقام يوسف جنازة كبيرة لأبيه.
قصة اغتصاب ابنته دينا
يروي سفر التكوين الإصحاح 34 قصة فتاة اسمها «دينة» ابنة يعقوب من إحدى زوجاته، أعجب بها ابن رئيس المدينة المجاورة فاتصل بها واضطجع معها وأذلها، ثم عزم أن يجعل هذه العلاقة مشروعة وقرر الزواج بها، فلاطفها وذهب إلى أبيها يعقوب لكي يكلمه في الأمر ويطلب مصاهرته ويمضى في إجراءات العقد، فلما كلم يعقوب في الأمر تظاهر هو أسرته بقبول المصاهرة، ولكنه اشترط عليه أن يختتن هو وجميع أفراد قبيلته حتى يتم هذا الزواج، وكذلك لتتسع دائرة العلاقات بين أبناء يعقوب وأهل المدينة جميعاً، وفي اليوم الثالث لإجراء الختان، وبينما ذكور المدينة متوجعين من الختان أغار أولاد يعقوب على المدينة وهي آمنة، فقتلوا الذكور كلهم وسبوا كل الأطفال والنساء ونهبوا ما وجدوه من ثروات، وهذه تفاصيل القصة كما يرويها سفر التكوين:
وخرجت دينة ابنة ليئة التي ولدتها ليعقوب .. فرآها شكيم ابن حمور الحوى رئيس الأرض وأخذها واضطجع معها وأذلها، وتعلقت نفسه بدينة ابنة يعقوب، وأحب الفتاة، ولاطف الفتاة، فكلم شكيم حمور أباه قائلاً خذ لى هذه الصبية زوجة، وسمع يعقوب أنه نجس دينة ابنته .. فسكت حتى جاءوا (أي أبناؤه) [ ثم بعد أن عرض عليهم حمور مصاهرتهم ] .. فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر .. فقالوا لهما: لا نستطيع أن نفعل هذا الأمر: أن نعطى أختنا لرجل أغلف .. إن صرتم مثلنا بختنكم كل ذكر نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم .. واختتن كل ذكر .. فحدث في اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين أن ابني يعقوب: شمعون ولادي أخوي دينة أخذا كل واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمن وقتلا كل ذكر وقتلا حمور وشكيم بحد السيف .. ونهبوا المدينة، وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم ونساءهم وكل ما في البيوت.[6] (تكوين: 34)
قصة ابنه يوسف مع إخوته
جاء في سفر التكوين أن يعقوب كان له اثنى عشر ابنا وكان يوسف هو الأحب إلى قلبه لأنه كان ابن شيخوخته فصنع له قميصا ملونا، ويوسف هو الابن الأول من زوجته راحيل التي توفيت سابقا بعد ولادة ابنها الثاني بنيامين عند وصولهم إلى أرض كنعان، وكان أبناء يعقوب يبغضون أخوهم يوسف لأنه كان يحبه ويهتم به أكثر منهم، وكان يوسف ابن 17 عاما عندما رأى أحلاما بأن حزمته التي حزمها في الحقل انتصبت فسجدت حزم إخوته لحزمته ثم رآى حلما آخر بأن الشمس والقمر واحدى عشر كوكبا سجدت له، فقرر إخوته التخلص منه فأرادوا قتله ولكن تدخل أخوه رَأُوبَيْنُ فمنعهم من قتله واقترح عليهم أن يرموه في بئر وهو ينوي في نفسه أن يرجع لإخراجه وإعادته إلى أبيهم ولكنهم قاموا ببيعه للإسماعليين بعشرين قطعة فضية، وأخذوا قميصه إلى أبيهم يعقوب وهو ملوث بدم تيس من الماعز ليوهموه بأن وحشا افترسه، فسار به الإسماعليين إلى أرض مصر حيث باعوه لفوطيفار خصي فرعون ورَئِيس الشُّرَطِ[7]، لكنه صار بعد ذلك أكثر الرجال نفوذًا في مصر إلى جانب فرعون. وعندما حلَّت المجاعة على البلاد، جلب يوسف بني إسرائيل إلى مصر حيث استقروا في أرض جوشين.
يؤمن المسلمون أن يعقوب من أنبياء الله ولا يجوز أن ينسب لهم الكذب أو الخداع أو الغدر والخيانة أو التدليس ولا يجوز انتقاصهم أو نسبة أي فعل شائن لهم. وقد عصمهم الله من كبائر الذنوب، والصغائر التي تدل على خساسة الطبع، صيانة لعلو مكانتهم.[8]
لم يخرج يعقوب إلى خاله بعيدا عن أبويه لولا جفوة عيسى توأمه له، فهو كان يرى ان يعقوب أحب إلى قلب أمه فكان يكرهه، لذلك فإن أباه اقترح عليه ان يبتعد فأخذ باقتراحه ولم يعد إلى مسقط رأسه الا بعد أن تزوج وعرف ان عيسي لان قلبه قليلا.
لم يكن تعدد الزوجات يمنا على يعقوب، بل كان سببا في كل محنته التي لاقاها فيما بعد بسبب كيد إخوة كانوا من أربع زوجات.
كانت راحيل والدة يوسف وبنيامين أحب إلى قلب يعقوب، لأنه أرادها زوجة له من البداية، لولا ان خاله قال: لا أزوجك الصغرى قبل الكبرى، فطلب منه يعقوب ان يزوجه إياها فقال اخدمني عشر سنوات أخرى حتى أزوجك إياها والآن تزوج لية فتزوجها، ثم تزوج راحيل بعد عشر سنوات عن عشق.
كان يوسف أيضا احب إلى قلب يعقوب، وقد كان يرى فيه النجابة وأثر النبوة، لكن هذا لم يرض إخوته فكادوا له فافتعلوا قصة الذئب الذي كان بريئا من دم يوسف. قاسى يعقوب من فقد يوسف كثيرا، ولكن ربما كان هو السبب لأنه قرب يوسف وأخاه بنيامين أكثر، مما جعل إخوته يفكرون في التخلص منه، وقبل أن يقدموا على فعلتهم رأى يوسف رؤيا فقال لأبيه: “يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين”، عندئذ أحس يعقوب بخطورة الموقف فقال ليوسف: “يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين”.
ذهب الاخوة ونفذوا مؤامرتهم واتفقوا على أن الأسلوب الأمثل أن يوضع يوسف في الجب فلعل قافلة تلتقطه وتأخذه بعيدا عن عيونهم وعين أبيه، فاحتالوا على الأب المسكين وأخذوا يوسف بحجة انه سوف يخرج معهم للتنزه، فقال الأب: “إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون، قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون”.
نعم ذهبوا به ووقع ما توقعه يعقوب فألقوه في الجب وجاؤوا يبكون ويتصنعون بالدم الكذب وقالوا الذئب أكله.
لم يصدقهم يعقوب وقال: “بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون”.
هذه الحادثة لم تمر على يعقوب بسلام، فحزن حزنا شديدا، وبكى حتى عميت عيناه واستسلم لقضاء الله.