الناصر هو اسم من أسماء الله الحسنى، اختلف العلماء في إثباته مع اتفاقهم على الإخبار به عن الله، وهو بمعنى المعين والميسر للغلبة.
الدليل
استدل المثبتون لهذا الاسم بقول الله عز وجل: ﴿بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ١٥٠﴾ [آل عمران:150].[1]
وقد ورد في السنة في حديث المسور بن مخرمة قال رسول الله ﷺ: «إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي»رواه البخاري (2731).[2]
معنى الاسم
قال القرطبي: «وله معان، منها: العون، يقال: نصره الله على عدوه ينصره نصرًا، فهو ناصر ونصير للمبالغة، والاسم: النصرة، والنصير: الناصر، الجمع: الأنصار مثل شريف وأشراف، جمع الناصر نصر، مثل صاحب وصحب، واستنصره على عدوه أي سأله أن ينصره عليه، وتناصروا: نصر بعضهم بعضًا. ونصر الغيث الأرض أي غاثها، ونصرت الأرض فهي منصورة أي مطرت، ومن النصر الانتصار الامتناع من الظالم والاستظهار عليه، كقوله تعالى:
﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ٤١﴾ [الشورى:41] وانتصر من انتقم، والنصر: العطاء. قال رؤبة:
فهذا الاسم في معنى المولى والمغيث والمجيب على ما تقدم، إلا أن النصر في الأغلب لا يكون إلا على الأكفاء أو ما يكون فوق الأكفاء، وفيما يحتاج فيه إلى الاستعداد والمناجزة بالمجاهدة والمرابطة والمصابرة، وأما الغياث والغوث فعند الشدائد قال رسول الله ﷺ: «واعلم أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا»، وقال الله تعالى: ﴿وَٱصۡبِرُوۤاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ ٤٦﴾ [الأنفال:46]، أاي بالنصر، والنصر: العون على ما تقدم، وإليه يرجع معنى نَ صَ رَ كيفا تصرف، فإن قيل: كيف قال تعالى: ﴿إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ﴾ [محمد:7]، والنصر هو العون والله سبحانه لا يجوز عونه قولًا ولا يتصور فعلًا؟ فالجواب من أوجه أحدها: إن تنصروا دين الله بالجهاد عنه ينصركم، الثاني: إن تنصروا أولياء الله بالدعاء، الثالث: إن تنصروا نبي الله، وأضاف النصر إلى الله تشريفًا للنبي ﷺ وأوليائه وللدين، كما قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة:245]، فأضاف القرض إليه تسلية للفقير. وجاء فعل النصر في مواضع كثيرة وهو من صفات الأفعال مضافًا إلى من خصه الله بالنصرة وهم الملائكة والمؤمنون لا غير، فإن حقيقة النصر المعونة بطريق التولي والمحبة، والمعونة على الشر لا تسمى نصرًا ولذلك لا يقال في الكافر إذا ظفر بالمؤمن: إنه منصور عليه، بل يقال هو مسلط عليه».[1]
بكر بن عبد الله أبو زيد، قال: «ومن هذا الغلطُ في التعبيد لأسماءٍ يُظنُّ أنَّها من أسماءِ اللهِ تعالى وليستْ كذلك؛ مثل: عبدِالمقصودِ، عبدِالستَّارِ، عبدِالموجودِ، عبد المعبودِ عبدِالهوه، عبد المُرْسِل، عبد الوحيد، عبد الطالب، عبد الناصر، عبد القاضي، عبد الجامع، عبد الحنان، عبد الصاحب - لحديث: «الصاحب في السفر» - عبد الوفي.. فهذه يكونُ الخطأُ فيهمن جهتين: - من جهةِ تسميةِ اللهِ بما لم يردْ بِهِ السَّمعُ، وأسماؤهُ سبحانه توقيفيَّةٌ على النصِّ مِن كتابٍ أو سنَّةٍ. - والجهةُ الثانيةُ: التَّعبيدُ بما لم يسمِّ اللهُ بهِ نفسه ولا رسولُه ﷺ. وكثير منها من صفات الله العُلى، لكن قد غلط غلطاً بيناً من جعل لله من كل صفة: اسماً واشتق له منها، فقول الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ [غافر:20] لا يشتق لله منها: اسم القاضي، لهذا فلا يقال: عبد القاضي».[8]
علوي بن عبد القادر السقاف: قال: «(الناصر): ليس من أسماء الله تعالى، وعليه؛ فلا يصح التعبد به؛ مثل: عبد الناصر».[9]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية قالت: «لفظ (المحسن) و (الإله) من أسماء الله سبحانه، وأما لفظ: (الناصر) و (العاطي) فليسا من أسماء الله تعالى، لهذا فلا يجوز التعبيد بهما».[10]
محمد بن خليفة بن علي التميمي، ذكر اسم الناصر في فصل الأسماء التي يرجح عدم ثبوتها.[7]
^ابن منده (1428هـ). كتاب التوحيد (ط. الأولى). دار الفضيلة - الرياض. ص. 420.
^أبو حامد الغزالي (1407هـ). المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى (ط. الأولى). الجفان والجابي - قبرص. ص. 164.
^محمد بن إبراهيم بن الوزير (1987). إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد (ط. الثانية). دار الكتب العلمية - بيروت. ص. 159.
^ ابمحمد بن خليفة بن علي التميمي (1419هـ). معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى (ط. الأولى). أضواء السلف - الرياض. ص. 256.
^بكر بن عبد الله أبو زيد (1417هـ). معجم المناهي اللفظية وفوائد في الألفاظ (ط. الثالثة). دار العاصمة للنشر والتوزيع - الرياض. ص. 371–372.
^علوي بن عبد القادر السقاف (1426هـ). صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة (ط. الثالثة). الدرر السنية. ص. 336.
^اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية. رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء - الرياض. ج. 10. ص. 506.