في مقابل انتظارات الطرف التونسي لالتزام فرنسا بجدول انسحابها من ولاية بنزرت وفق بروتوكول الاستقلال كانت الاطراف الاستعمارية الفرنسية تعزز تواجدها المدني باحداث مكاتب خدمات بريدية وفضاءات تجارية جديدة وغيرها من الضروريات والكماليات لجاليتها هناك في بنزرت ووسط الاجواء السياسية والعسكرية المشحونة وتذمّر فرنسا المتواصل من تحول تونس إلى قاعدة خلفيّة للثورة الجزائرية، بدأت رحى المعركة تستعد للدوران لتكون حادثة ثكنة سيدي احمد القشة التي قسمت ظهر البعير حيث انطلق الطرف الفرنسي يوم 30 جوان 1961 في إجراء اشغال توسعة للمطار العسكري بثكنة سيدي احمدببنزرت فتصدت قوات الحرس الوطني التونسي فورا للعملية واعادت الاسلاك الحديدية إلى مكانها الاصلي في حركة اغضبت الفرنسيين واستقبل القائم بالأعمال الفرنسي في غرة جويلية الباهي الأدغم الوزير الأول والصادق المقدم وزير الخارجية ليبلغهما انزعاج فرنسا الشديد من العملية، اجتمع الديوان السياسي للحزب الدستوري يوم 4 جويلية وأصدر بيانا يعلن فيه فشل المفاوضات حول جلاء قاعدة بنزرت من طرف الجيش الفرنسي ويدعو إلى ضرورة خوض الحرب لإستعادة بنزرت وانطلقت يوم 5 جويلية عملية التعبئة الشعبية في كامل انحاء الجمهورية وجرى ايفاد مئات المتطوعين من الشباب والكشافة والمقاومين إلى بنزرت[4]
اندلاع المواجهة والمعادلة المفقودة
في 19 جويلية 1961، قامت قوات الجيش التونسي صحبة آلاف من المتطوعين بحصار القاعدة وسارت المعركة في البداية لصالح التونسيين إذ تم اقتحام مركز التموين الفرنسي بالمصيدة، كما نجحت المدفعية التونسية في تحطيم سبع طائرات فرنسية في مدارج مطار سيدي احمد ومقتل وجرح العديد من المظليين الفرنسيين القادمين من الجزائر وجرت محاولات لاقتحام ترسانة ثكنة منزل بورقيبة، فأبرق الأميرال موريس أمان، إلى القيادة الفرنسية بباريس يطلب المساندة فأرسل الجيش الفرنسي معدات مدرعة وآليات مجنزرة وفرق هندسة ميدانية ومدافع بعيدة المدى وبطريات هاون وحوصرت المياه الإقليمية التونسية بالبوارج الحربية وحاملة الطائرات كليمونسو والبارجة الثقيلة جورج ليق والوحدات المظلية المنضوية تحت لواء ليجيون ايترونجار وقامت القوات الفرنسية بشن هجوم معاكس كاسح مستندة على تعزيزات إضافية من الجزائر وتمكنت من احتلال جزء كبير من المدينة فتعرّض بورقيبة لانتقاد شديد من معارضيه واتهموه بالغرور لعلمه المسبق بعدم تكافئ موازين القوى بين جيش تونسي ناشئ لم يمض على تأسيسه سوى خمسة سنوات وبين ثالث أكبر قوة عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدةوالاتحاد السوفيتي.[5]
تدخل مجلس الأمن الدولي
زحفت القوات الفرنسية خارج القاعدة تدعمها المدرعات وتقدمت يوم 21 جويلية نحو المدينة وخرج بورقيبة وحث الجيش التونسي على الاستبسال في القتال وتحولّت المواجهات إلى حرب شوارع حقيقية وكثّف الطيران الحربي الفرنسي قصفه للمدينة وتضاعف عدد القتلى خاصة من المدنيين، تواصلت الاشتباكات طيلة يومي الجمعة 21 والسبت 22 جويلية حتى صدور القرار 164 عن مجلس الأمن بوقف اطلاق النار بعد أن كان ذلك اليوم هو الأكثر دموية في المعركة، وصل يوم 25 جويلية 1961 داغ همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة إلى بنزرت وفي 21 أوت 1961 عقد اجتماع في الأمم المتحدة للنظر في قضية بنزرت وانتهى باصدار قرارات لفائدة تونس وفي 27 أوت 1961 صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية المطلقة على ضرورة فتح التفاوض بين تونسوفرنسا من أجل تحقيق الجلاء عن بنزرت وبعد ان انعقدت المفاوضات توصل الطرفان إلى أن يكون موعد الجلاء عن بنزرت يوم 15 أكتوبر 1961
معركة الجلاء في تواريخ
سبتمبر 1958: الحكومة التونسية تحدد لفرنسا أجلاً أقصاه 8 فيفري 1960 لتحديد تاريخ الجلاء عن بنزرت