وُلِدت ماغدا عام 1901 في برلينبألمانيا لشخصين غير متزوجين، لإمراة تدعى أوغست بهريند ومقاول البناء والمهندس أوسكار ريتشل.[4] تزوج الزوجان في وقت لاحق من نفس العام وتطلقا في عام 1904 أو 1905.[5][4] وتزعم بعض المصادر أن زواجهما تم قبل ولادة ماغدا، على الرغم من عدم وجود اي دليل يدعم حدوث حفل زفاف سابق.[6][7] عندما كانت ماغدا في الخامسة من عمرها، أرسلتها والدتها إلى كولونيا لتقيم مع زوجها السابق اوسكار. وفي عام 1908، تزوجت والدتها من ريتشارد فريدلاندر، وهو تاجر يهودي ثري كان يعيش في بروكسل، وتبنى ماغدا وأعطاها لقبه.[8] هناك في بروكسل، تم تسجيل ماغدا في دير أورسولين في فيلفورد،[9] حيث ذُكر أنها "فتاة صغيرة نشيطة وذكية".[10] تشير التقارير الإضافية مع ريتشل، وهو عضو في محفل كريفيلد في دويسبورغ، إلى أن ماغدا ربما تكون قد تعرفت على البوذية هناك.[11] في عام 2016، أفيد أن فريدلاندر الرجل الذي تبناها ربما كان هو الأب البيولوجي لماغدا، كما كان مذكور في بطاقة إقامته، التي عثر عليها الكاتب والمؤرخ أوليفر هيلمز في أرشيفات برلين.[8][9][12] ربما كان تبني ماجدة ضروريًا بسبب تأخر زواج والديها، وذلك لتحديث حالة الفتاة من "طفلة غير الشرعية" الى شرعية.[13]
من عام 1908 حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى، بقيت العائلة في بروكسل. واثناء الحرب أُجبر جميع الألمان على مغادرة بلجيكا كلاجئين لتجنب تداعيات الشعب البلجيكي بعد الغزو الألماني.[5] لذلك إنتقلت العائلة إلى برلين حيث إلتحقت ماغدا بمدرسة "كولمورجن ليسيه" الثانوية. طَلقت بهريند والدة ماغدا فريدلاندر في عام 1914، وفي عام 1919، تم تسجيل ماجدة في "كلية هولزهاوزن للسيدات" المرموقة بالقرب من جوسلار.[5] أثناء وجودها في برلين، أصبحت ماغدا صديقة ليزا أرلوسوروف وأصبحت فيما بعد على علاقة حميمة مع شقيقها حاييم، وهو صهيوني شغوف.[14] خلال علاقتها معه، إرتدت لفترة وجيزة نجمة داود التي أعطاها إياها ورافقته إلى اجتماعات نادي الشباب اليهودي. لم تدم العلاقة بينهما ولكن بقي الاثنان على اتصال خلال عشرينيات القرن العشرين حتى هجرة حاييم إلى فلسطين الانتدابية. حيث ترأس هناك فيما بعد قسم الوكالة اليهودية.[15] أُغتيل حاييم في تل أبيب في يونيو 1933 في قضية قتل لم تُحل الى الان، وربما كان يتعلق الأمر بمنصبه العام في حزب العمل اليهودي.[16]
زواجها وإبنها من غونتر كواندت
في عام 1920، أثناء عودتها إلى المدرسة بالقطار، التقت بغونتر كواندت، وهو رجل ألماني ثري يعمل بالصناعة وكان عمره ضعف عمرها.[17] وبعد إرتباطهم، كان يغازلها بلطف ويعاملها بسخاء.[18] طلب منها تغيير لقبها مرة أخرى إلى ريتشل (بعد أن حملت لقب فريدلاندر لسنوات عديدة)، لكي تُحول من الكاثوليكية إلى البروتستانتية التي انتمى لها كواندت.[19] تزوجا في 4 يناير 1921، ووِلِدَ طفلهما الأول هارالد في 1 نوفمبر 1921.[20]
سرعان ما شعرت ماغدا بالإحباط في زواجها؛ لأن كواندت كان يقضي القليل من الوقت معها، حيث كان إهتمامه الرئيسي هو توسيع إمبراطوريته التجارية.[17] كان عند الزوجين ستة أطفال، إبنهم هارالد، ابنيّ كواندت من زواج سابق، وثلاثة أطفال من صديق متوفى.[17]
في أكتوبر 1927، ذهب الزوجان في زيارة لمدة شهرين إلى الولايات المتحدة، لإجراء أعمال تجارية مع شركة Lloyd Electric Storage Battery في فيلادلفيا.[21] في عام 1929، اكتشف كواندت أن ماغدا خانته وكانت على علاقة غرامية، فانفصلا وتطلقا في وقت لاحق من العام نفسه. وكانت شروط الطلاق سخية للغاية بالنسبة لماغدا.[17]
الزواج والعائلة مع يوزف غوبلز
في عام 1930، حضرت ماغدا اجتماعًا للحزب النازي حيث أُعجبت بأحد المتحدثين، وهو يوزيف غوبلز، الذي كان آنذاك غاولايتر برلين. وإنضمت إلى الحزب في 1 سبتمبر 1930، وقامت ببعض الأعمال التطوعية، على الرغم من أنها لم تُوصف بأنها ناشطة سياسيًا. انتقلت ماغدا من مقر الفرع المحلي، إلى مقر الحزب في برلين وأصبحت لفترة وجيزة سكرتيرة لهانس ماينشاوزن، نائب غوبلز. وذلك قبل دعوتها لتولي أوراق غوبلز الخاصة.[22] أصبحت هي وغوبلز على علاقة عاطفية أثناء رحلة قصيرة مع الأصدقاء إلى فايمار في فبراير 1931.[17] بدأت العلاقة بين الأثنين وبحلول أبريل بدأوا في وضع خطط لمستقبلهم معًا.[23] حيث كتب غوبلز في مذكراته: "لقد قطعنا عهدًا رسميًا لبعضنا البعض: عندما نغزو الرايخ، سنصبح زوجًا وزوجة. أنا سعيد جدًا".[23] سرعان ما أصبحت شقتها في ثيودور هويس بلاتس مكان الاجتماع المفضل لأدولف هتلر وغيره من مسؤولي الحزب النازي.[24]
بحلول شهر سبتمبر، بدأت العلاقة بينهم تعاني من مشاكل. كان غوبلز يشعر بالغيرة في كثير من الأحيان، وكان لديه بعض القلق بشأن حقيقة أن هتلر أصبح مولعًا بماغدا.[25] فيما بعد قررت ماغدا تقديم موعد زفافهما،[23] وتزوج الزوجان في 19 ديسمبر 1931 بحضور هتلر كشاهد.[26] يدعي أوتو فاغنر أن زواج ماغدا من غوبلز كان مرتب ومُزين إلى حد ما. ونظرًا لأن هتلر كان ينوي البقاء غير متزوج، فقد أُقترح أنها بصفتها كزوجة لمسؤول نازي بارز وواضح للغاية، قد تكون هي "السيدة الأولى للرايخ الثالث". كانت ماغدا امرأة طموحة تتمتع بعلاقات اجتماعية وتَحَّمُل فاخر، وهو ربما ما أثر على ولع غوبلز بها.[27] واتفق كاتب سيرة غوبلز، بيتر لونجريش، مع هذا الاستنتاج "المعقول" أيضًا.[3] يؤكد المؤرخ مايسنر أن هتلر (على الرغم من إعجابه بماغدا بلا شك) كان صديقًا مقربًا بشكل استثنائي لكلا الزوجين في الأيام الأولى. وأصبح هتلر مغرمًا جدًا بأطفال غوبلز الستة،[3] واستمتع بالبقاء في شقتهم في برلين، حيث يمكنه الاسترخاء،[28] وكثيرًا ما كان يصل إلى هناك في وقت متأخر من الليل، ويجلس ويتحدث مع غوبلز، وطفلتهما هيلجا (من مواليد 1932) في حجره.[29]
وهكذا كانت ماغدا على علاقة وثيقة بهتلر، وأصبحت عضوًا في زمرته الصغيرة من الصديقات.[24] وعملت كممثلة غير رسمية للنظام، حيث كانت تتلقى رسائل من جميع أنحاء ألمانيا من نساء لديهن أسئلة حول الشؤون المنزلية أو قضايا حضانة الأطفال.[2] بعد عام 1933، اعتادت عائلة غوبلز على أسلوب الحياة الفاخر الذي يتماشى مع مكانتهم الاجتماعية العالية. وتم إعادة تصميم منزلهم في برلين الواقع في "غورينغ شتراسه" بواسطة البرت شبير وقضوا فصلي الربيع والصيف في كلادوف.[31] في عام 1936، إشتروا فيلا في جزيرة شوانينفيردر ثم اشتروا فيلا أخرى في بوغنسي بالقرب من فاندليتز في براندنبورغ.[32] كان ليوزيف وماغدا غوبلز ستة أطفال: هيلغا (1932)، هيلدا (1934)، هيلموت (1935)، هولدا (1937)، هيدا (1938)، وهايدا (1940).[33]
كان ليوزيف غوبلز العديد من العلاقات أثناء الزواج. في عام 1936، التقى غوبلز بالممثلة التشيكيةليدا باروفا، وبحلول شتاء عام 1937، بدأ علاقة غرامية عاطفية معها.[34] أجرت ماغدا محادثة طويلة مع هتلر حول هذه العلاقة في 15 أغسطس 1938.[35] ونظرًا لعدم رغبة هتلر في تحمل فضيحة تتعلق بأحد كبار وزرائه، طالب هتلر غوبلز بقطع العلاقة.[36] بعد ذلك، بدا أن غوبلز وماغدا قد توصلا إلى مصالحة حتى نهاية سبتمبر.[35] كان هناك خلاف آخر بين الزوجين في تلك المرحلة، ومرة أخرى انخرط هتلر في الأمر، وأصر على بقاء الزوجين معًا.[37] وفي أكتوبر 1938 رتب هتلر لإلتقاط صور دعائية لنفسه مع الزوجين المتصالحين.[38][ملاحظة 1] كان لدى ماغدا هي أيضًا علاقات، بما في ذلك علاقة مع كورت لوديكه في عام 1933،[39]وكارل هانكه في عام 1938.[40]
سنين الحرب
عند إندلاع الحرب، أصبح ابن ماغدا من زواجها الأول، هارالد كواندت، طيارًا في سلاح الجو الألماني اللوفتفافة وقاتل في الجبهة، بينما ماغدا كانت في المنزل ترقى إلى مستوى صورة الأم الوطنية من خلال التدريب كمُمرضة في الصليب الأحمر والعمل مع شركة الإلكترونيات والراديو تيليفونكن، وتذهب للعمل في الحافلة مثل زملائها.[6] وكانت تشارك أيضًا في الترفيه عن زوجات رؤساء الدول الأجنبية، وكذلك دعم القوات ومؤازرة أرامل الحرب.
استمد كل من غوبلز وماغدا المزايا الشخصية والمكانة الاجتماعية من إرتباطهما الوثيق بهتلر، وظل الزوجان مخلصين لهتلر ودعماه علنًا. لكن ماغدا كانت بين نفسها تُعبر عن شكوكها، خاصة بعد أن بدأت الحرب تسوء على الجبهة الشرقية. وفي 9 نوفمبر 1942، خلال إجتماع مع الأصدقاء الذين يستمعون إلى خطاب لهتلر، أغلقت الراديو وصرخت: "يا إلهي، يا له كثير من الهراء".[41] في عام 1944، ورد أنها قالت عن هتلر أنه: "لم يعد يستمع إلى أصوات المنطق. وأولئك الذين يخبرونه فقط بما يريد سماعه هم الوحيدون الذين يصدقهم".[42] لا يوجد دليل على أن ماغدا حاولت التدخل لإنقاذ زوج والدتها اليهودي "فريدلاندر" الذي تبناها من الهولوكوست. وعلى الرغم من عدم معرفة مصيره، فمن المفترض على نطاق واسع أنه لقي حتفه في احد معسكرات الاعتقال. وعندما سُئلت عن معاداة زوجها للسامية، أجابت: "الفوهرر يريد ذلك، ويجب على يوزيف أن يُطيع".[43]
إدعى فيليكس فرانكس، وهو يهودي ألماني أصبح فيما بعد جنديًا بريطانيًا، أن أجداده حصلوا على تأشيرة خروج من ألمانيا بمساعدة ماغدا غوبلز، قائلًا:
لقد تُرك والدي وزوجة أبي في ألمانيا، ولكن قبل يومين من بدء الحرب، طُلب منهم الحضور إلى مقر الجستابو الرئيسي وتم منحهم تأشيرة خروج. هناك قصة في العائلة تعود إلى الحرب العالمية الأولى عندما طُلب من أجدادي توفير المأوى لإمرأة شابة نزحت بسبب الحرب في بلجيكا (ماغدا). على الرغم من أن زوج أمها كان يهودي، إلا أنها تزوجت في النهاية من يوزيف غوبلز! تعتقد زوجة أبي أن هذه المرأة ربما كانت بمثابة يد الحماية وشاركت في منح تأشيرة الخروج. بالتأكيد، في الليلة التي سبقت ليلة السكاكين الطويلة، تلقوا مكالمة هاتفية من مجهولة تحذر والدي من العودة إلى المنزل في ذلك المساء والذهاب إلى مكان آمن. أقسمت زوجة أبي أنها كانت ماغدا غوبلز.[6][44]
كانت ماغدا تعاني من قلب ضعيف و"صحة حساسة"، وكانت ستعاني من المرض لفترات طويلة.[45] ومع إقتراب نهاية الحرب، من المعروف أنها عانت أيضًا من الاكتئاب الشديد وألم العصب الثلاثي التوائم.[46] تؤثر هذه الحالة على عصب في الوجه، وعلى الرغم من أنها غير ضارة عادةً، إلا أنها تُسبب ألمًا شديدًا ومن الصعب علاجها.[47] غالبًا ما تركها هذا طريحة في الفراش وأدى إلى ذهابها لنوبات من العلاج في المستشفى حتى أواخر أغسطس 1944.[48]
هارالد! ابني الحبيب! نحن الآن منذ ستة أيام في قبو الفوهرر، أبوك، وإخوتك الستة الصغار وأنا، من أجل إعطاء حياتنا الاشتراكية الوطنية النهاية المشرفة الوحيدة الممكنة. يجب أن تعلم أنني بقيت هنا ضد إرادة والدك، وأنه حتى يوم الأحد الماضي أراد الفوهرر مساعدتي على الخروج. لكنك تعرف والدتك، لدينا نفس الدم، بالنسبة لي لم يكن هناك أي تردد. لقد دُمرت فكرتنا المجيدة ومعها كل شيء جميل ورائع عرفته في حياتي. إن العالم الذي سيأتي بعد الفوهرر والاشتراكية الوطنية لم يعد يستحق العيش فيه، ولذلك أخذت الأطفال معي، لأنهم جيدون جدًا بالنسبة للحياة التي ستأتي فيما بعد. وسوف يفهمني الله الرحيم عندما أعطيهم الخلاص. الأطفال رائعون فلا توجد أبدًا كلمة شكوى منهم أو حتى بُكاء. تأثيرات القصف تهز القبو. والأطفال الأكبر سنًا يغطون الصغار، فوجودهم نعمة هنا وهم يجعلون الفوهرر يبتسم من حين لآخر. أعانني الله بأن لدي القوة لأداء الفعل الأخير والأصعب. لم يتبق لدينا سوى هدف واحد وهو: الولاء للفوهرر حتى في الموت. هارالد، بُني العزيز – أريد أن أعطيك ما تعلمته في الحياة: كُن مخلصًا! مخلص لنفسك، مخلص للشعب ومخلص لوطنك. كن فخوراً بنا وحاول أن تبقينا في ذاكرتك العزيزة.
أضاف غوبلز حاشية على وصية هتلر الأخيرة وكتب شهادة بتاريخ 29 أبريل تفيد بأنه سيعصي أمر هتلر بمغادرة برلين لأسباب إنسانية وولائية. علاوة على ذلك، ذكر أن ماغدا وأطفالهم يؤيدون رفضه مغادرة برلين وقراره بالبقاء في القبو والموت. وقد وصف ذلك لاحقًا قائلًا إن الأطفال سيؤيدون القرار (بالانتحار) إذا كانوا كبارًا بما يكفي للتحدث عن أنفسهم.[51]
كانت ماغدا من بين آخر من شاهدوا هتلر وإيفا براون قبل أن ينتحروا بعد ظهر يوم 30 أبريل.[52] وفي اليوم التالي، 1 مايو، رتبت ماغدا ويوزف لطبيب الأسنان هيلموت كونز من قوات الأمن الخاصة أن يحقن أطفالهما الستةبالمورفين بحيث يمكن بعد ذلك سحق أمبولة من السيانيد في أفواههم عندما يفقدون الوعي. أدلى كونز لاحقًا أنه أعطى الأطفال حقن المورفين فقط، لكن ماغدا والإس إس أوبرستورمبانفوريرلودفيغ شتومفيغر (طبيب هتلر الشخصي) هو من قام بإعطاء السيانيد.[53] إستنتج المؤلف جيمس بي أودونيل إلى أنه على الرغم من تورط لودفيغ على الأرجح في تخدير الأطفال، إلا أن ماغدا هي من قتلتهم بنفسها. ويعتقد أن الشهود ألقوا باللوم في وفيات الاطفال على لودفيغ لأنه كان هدفًا مناسبًا، وذلك لأنه توفي في اليوم التالي. علاوة على ذلك، كما ذكر أودونيل، ربما كان لودفيغ مخمورًا جدًا وقت وفاة الاطفال بحيث لم يتمكن من لعب دور موثوق به.[54]
ويبدو أن ماغدا فكرت وتحدثت عن قتل أطفالها قبل شهر.[55] وفقًا لشهادة صديقتها إلو كواندت وأخت زوجها (من زواجها الأول)، فقد أخبرتها أنهم جميعًا سيتناولون السم. قائلة:
لقد طالبنا الشعب الألماني بأشياء وحشية، وعاملنا الدول الأخرى بقسوة لا ترحم. ولهذا سينتقم المنتصرون انتقامهم الكامل... ولا يمكننا أن ندعهم يعتقدون أننا جبناء. ولكل شخص الحق في العيش. لكن ليس نحن، نحن ليس لدينا هذا الحق، لقد خسرناه. أنا أحمل نفسي المسؤولية. أنا أنتميت وآمنت بهتلر، وكذلك آمنت لفترة طويلة بما فيه الكفاية بيوزف غوبلز. لنفترض أنني بقيت على قيد الحياة، فيجب أن يتم القبض علي على الفور واستجوابي بشأن يوزف. إذا قلت الحقيقة، يجب أن أكشف عن نوع الرجل الذي كان عليه، ويجب أن أصف كل ما حدث خلف الكواليس. بعدها أي شخص محترم سوف يبتعد عني بإشمئزاز. وسيكون من المستحيل أيضًا القيام بالعكس، أي الدفاع عما فعله، أو تبريره أمام أعدائه، أو الدفاع عنه من مُنطلق اقتناع حقيقي. وهذا من شأنه أن يتعارض مع ضميري. إذن، كما ترين يا إلو، سيكون من المستحيل بالنسبة لي أن أستمر في العيش. سوف نأخذ الأطفال معنا، فهم جيدون جدًا، وجميلون جدًا بالنسبة للعالم الذي ينتظرهم فيما بعد. لأن في الأيام القادمة، سيُعتبر يوزيف واحدًا من أعظم المجرمين الذين أنتجتهم ألمانيا على الإطلاق. ولذلك سيصبح أبناؤه يسمعون ذلك الكلام يومياً، فيعذبهم الناس ويحتقرونهم ويهينونهم. وسيتحتم عليهم أن يتحملوا عبء خطاياه وسوف ينتقمون منهم. لقد حدث كل ذلك من قبل. هل تتذكرين كيف أخبرتك في ذلك الوقت بكل صراحة عما قاله الفوهرر في مقهى أناست في ميونيخ عندما رأى الصبي اليهودي الصغير، هل تتذكرين؟ قال انه يود أن يسحقه مثل حشرة على الحائط. لم أصدق ذلك واعتقدت أنه مجرد كلام استفزازي. لكنه فعلها ذلك حقًا في وقت لاحق. لقد كان الأمر كله مروعًا بشكل لا يوصف.[56][57]
ويبدو أن ماغدا رفضت عدة عروض، مثل العرض الذي قدمه ألبرت سبير، لتهريب الأطفال من برلين وأصرت على أن الأسرة يجب أن تبقى بجانب زوجها. في مخبأ الفوهرر أدلت لسكرتيرة هتلر تراودل يونغه قائلة: "أفضل أن يموت أطفالي بدلاً من العيش في العار، والسخرية منهم. ليس لأطفالي أي فرصة في ألمانيا بعد الحرب".[58] وقد روى روشوس ميش، آخر الناجين من مخبأ هتلر، هذه الرواية للأحداث لهيئة الإذاعة البريطانية قائلًا:
مباشرة بعد وفاة هتلر، نزلت السيدة غوبلز إلى المخبأ مع أطفالها. وبدأت تستعد لقتلهم. لم يكن بوسعها فعل ذلك فوق الأرض، إذ كان هناك أشخاص آخرون سيوقفونها. ولهذا السبب نزلت إلى الطابق السفلي، لأنه لم يكن مسموحًا لأي شخص آخر بالدخول إلى المخبأ. لقد نزلت عمدا لقتلهم.[59]
ساعدت ماغدا الفتيات على تغيير ملابسهن وارتداء قمصان النوم البيضاء الطويلة. ثم قامت بتمشيط شعرهم بهدوء. حاول ميش التركيز على عمله، لكنه كان يعلم ما سيحدث.[60] ثم عادت ماغدا إلى الفوربونكر مع الأطفال. بعد ذلك بوقت قصير، نزل فيرنر ناومن إلى قبو الفوهرر وأخبر ميش أنه رأى طبيب هتلر الشخصي، الدكتور لودفيغ شتومفيجر، يعطي الأطفال شيئًا "مُحلى" للشرب.[61] وبعد حوالي ساعتين، عادت ماغدا إلى قبو الفوهرر بمفردها. بدت شاحبة للغاية وعينيها حمراء للغاية ووجهها "متجمد". جلست على الطاولة وبدأت تلعب السوليتر.[61] ثم جاء إليها غوبلز، لكنه لم يقل كلمة واحدة في ذلك الوقت.[61]
بعد وفاة أطفالهما، توجهت ماغدا ويوزيف غوبلز إلى حديقة المستشارية، حيث انتحرا.[62] هناك عدة روايات مختلفة لهذا الحدث. تقول إحدى الروايات أنهم تناولوا كل قطعة من أمبولة السيانيد بالقرب من المكان الذي دفن فيه هتلر، وتم إعطاؤهم رصاصة الرحمة بعد ذلك مباشرة.[63] شهد مساعد غوبلز في قوات الأمن الخاصة (أس أس)، غونتر شفيغرمان، في عام 1948 أنهم ساروا أمامه فوق الدرج وخرجوا إلى حديقة المستشارية. انتظر على السلالم وسمع صوت الطلقات. ثم صعد شفاجرمان الدرج المتبقي ورأى بمجرد خروجه جثثهم هامدة. وبأمر من غوبلز مسبقًا، طلب شفاغرمان من جندي من قوات الأمن الخاصة إطلاق عدة طلقات على جسد غوبلز، الذي لم يتحرك.[62][ملاحظة 2] ثم تم صب البنزين على الجثث، لكن البقايا احترقت جزئيا فقط ولم يتم دفنها.[63]
عثرت القوات السوفيتية على الجثث المتفحمة بعد ظهر يوم 2 مايو 1945. لم يكن من الممكن التعرف على وجه ماغدا مقارنة بوجه زوجها غوبلز.[64] ووفقًا للتشريح المزعوم الذي اجراه السوفييت لجسدها، تم العثور على عظام فكها وبقايا أسنانها "منفصلة في تجويف الفم".[65][ملاحظة 3] تم العثور على جثث الأطفال في الفوربونكر وهم يرتدون ملابس النوم، مع ربط شعر الفتيات بأشرطة الشعر.[67] تم دفن واستخراج رفات عائلة غوبلز، والجنرال هانز كريبس، وكلاب هتلر بشكل متكرر.[68][69][70] وكانت آخر عملية دفن في منشأة سميرش في ماغدبورغ بتاريخ 21 فبراير 1946. وفي عام 1970، أذن مدير الكي جي بييوري أندروبوف بعملية لتدمير الرفات.[71] في 4 أبريل 1970، استخدم فريق الكي جي بي السوفييتي مخططات دفن مفصلة لاستخراج خمسة صناديق خشبية في منشأة سميرش ماغديبورغ. ولقد تم حرقهم وسحقهم ونثرهم في نهر بيديريتز، وهو أحد روافد نهر إلبه القريب.[72]
في وسائل الاعلام
تم تجسيد ماغدا غوبلز من قبل الممثلات التاليات في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني.[73]
هيلجا كينيدي دوهرن في فيلم ألمانيا الغربية عام 1955 بعنوان "الفصل الأخير (هتلر: الأيام العشرة الأخيرة)".[74]
يوليا ديوشي في الإنتاج المشترك عام 1971 بعنوان "التحرير: الاعتداء الأخير".[75]
إليونور هيرت في الإنتاج التلفزيوني الفرنسي عام 1972 بعنوان "لو بنكر".[76]
ماريون ماثي في الإنتاج التلفزيوني البريطاني عام 1973 بعنوان وفاة أدولف هتلر.[77]
كاثرينا هاير في مسلسل نتفلكس Charité at War عام 2019.[87]
المراجع
الملاحظات
^في عام 1939، وفي العرض الأول لفيلم "الرحلة إلى تيلسيت"، غادرت ماغدا القاعة بشكل متباهي لأن حبكة الفيلم كان بها تشابه عرضي مع وضعها والعلاقة بين زوجها وباروفا.(Romani 1994, p. 86)
^أخبر يوهانس هنتشيل لاحقًا روشوس ميش قصة متضاربة مفادها أن غوبلز قتل نفسه في غرفته في القبو، وماجدة في الفوربونكر، في الساعات الأولى من يوم 2 مايو.(Misch 2014, pp. 182, 183)
^قائمة أو بيان الركاب الأجانب لموظف الهجرة بالولايات المتحدة في ميناء الوصول (النموذج 500 وزارة العمل الأمريكية، دائرة الهجرة), صفحة. 7–8, الرقم على القائمة 3 & 4, بتاريخ 22 و 28 أكتوبر 1927.
^ ابMitchell، Charles P. (2002). The Hitler Filmography: Worldwide Feature Film and Television Miniseries Portrayals, 1940 through 2000. McFarland.
^"Library DVDs"(PDF). UCL SCHOOL OF SLAVONIC AND EAST EUROPEAN STUDIES (SSEES). 12 سبتمبر 2016. مؤرشف من الأصل(PDF) في 2023-04-04. اطلع عليه بتاريخ 2017-04-27.