تلقى تعليمه في الكويت، وكان يحب العلم والأدب والتاريخ ومعرفة الأنساب، وكان قبل توليه الإمارة يرعى الأطفال والأيتام[3]، كما كان له العديد من الأصدقاء الأدباء مثل يوسف بن عيسى القناعي، وقد اشتهر بولعه بالشعر فحفظ الكثير من الشعر العربي، خصوصًا شعر المتنبي لما فيه من الحماسة والحكمة، وكثيرًا ما كان يستشهد بشعره في العديد من المناسبات.[4]
وقد كان له مساجلات شعرية مع يوسف بن عيسى. وقد كان إنسانًا فذًا، وقد رد على قصيدة له بمناسبة الاستقلال بقوله:[4]
تولى الحكم في 25 فبراير1950[12]، وقد كان عند وفاة الشيخ أحمد الجابر الصباح في زيارة إلى الهند، وخلال تلك الفترة تولّى شؤون البلاد الشيخ عبد الله المبارك الصباح وذلك حتى عودته من الهند[13]، وعندما تسلم الحكم تنازل عن كل ما يملك إلى مالية الكويت لخدمة الشعب[14]، وقد تم إنشاء العديد من المدارس في عهده وتزويد جميع مناطق الكويت بالخدمات كتأمين العلاج المجاني للمواطنين والمقيمين، وإنشاء مستشفى الصباح، كما تم إنشاء أكبر محطة لتقطير مياه البحر في العالم في ذلك الوقت.[15]
وفي 1951 منحته الحكومة البريطانية «وسام K.C.M.G» بمناسبة عيد جلوسه الأول. وقد وضع أول نظام للجمارك في تاريخ الكويت في 15 مايو1951[16]، وفي إطار دعم الكويت للقضايا العربية صدر في 26 مايو1957 مرسوم أميري بمقاطعة جميع البضائع الإسرائيلية.[17]
وفي 25 فبراير1960 تم إصدار طابعان بريديان بمناسبة عيد جلوسه، الأول كان أخضرًا وعليه علم الكويت وفئته 40 بيزة، أما الثاني فكان أزرق اللون وعليه علم الكويت أيضا وكان من فئة 60 بيزة، وبعد أن صدر الدينار الكويتي تقرر إلغاء جميع الطوابع الكويتية التي كانت تحمل فئة البيزة وتم استبدالها بطوابع أخرى كانت تحمل اللون الأخضر والأحمر والبني والأزرق الغامق والبرتقالي والأحمر الغامق من فئات فلس وفلسان وأربعة فلوس وخمسة فلوس وثمانية فلوس وخمسة عشر فلسًا وكانت هذه الطوابع تحمل صورة الشيخ عبد الله السالم الصباح.[19]
وقد قام بعدد من التعديلات على مقر الحكم في قصر السيف، وقد بدأت التعديلات في 1961 واستمرت حتى 1962، وأطلق عليه اسم الديوان الأميري[20]، وفي 1963 تم دمج العيد الوطني بعيد جلوسه وذلك لكي يتمكن الكويتيون من الاحتفال في هذه المناسبة، علمًا بأن الاستقلال كان في 19 يونيو وهو في فصل الصيف الحار.[21]
استقلال الكويت
قام بالعديد من الإجراءات التي من شأنها إعطاء الاستقلال للكويت، حيث تسلّمت الكويت في 1 فبراير1958 مسؤولية الخدمات البريدية في الداخل، وقد تم إصدار طابع بريدي حمل صورته، وفي 1 فبراير1959 تسلمت الكويت المسؤوليات الخارجية للبريد، وقد تم إصدار طابع بريدي آخر يحمل صورته[22]، وقام بوضع قانون للجنسية في عام 1959[23]، وقام بحث دائرة المالية بإجراء دراسات عاجلة لإصدار عملة وطنية للكويت ووضع قانون النقد الكويتي في 19 أكتوبر1960 الذي قرر بأن يكون الدينار الكويتي هو وحدة النقد الكويتي، وينص القانون أيضًا على إنشاء مجلس للنقد ليتولى مسؤولية إصدار النقد والمسكوكات الجديدة، وينص القانون على أن ينقسم الدينار إلى ألف فلس وأن ما يعادل الدينار هو 2,48828 جرام من الذهب الخالص وأن تكون فئات النقد التي يصدرها المجلس من فئات عشرة دنانير وخمسة دنانير ودينار واحد ونصف دينار وربع دينار، أما المسكوكات فكانت من فئة مئة فلس وخمسين فلس وعشرين فلس وعشرة فلوس وخمسة فلوس وفلس واحد، وفي 1 ابريل1961 تم إصدار الدينار الكويتي للتداول وتم سحب أوراق النقد الهندية والمسكوكات الهندية وأعيدت إلى الهند وفق الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الكويتوالهند، وتم تزويد مجلس النقد الكويتي بالجنيه الإسترليني الذي يعادل للروبيات المسحوبة وذلك لتغطية الإصدار الأول من النقد الكويتي، وتم إعطاء مدة شهرين لإحلال الدينار الكويتي بدلًا من الروبية الهندية في جميع الدوائر والبنوك، وكان الدينار يحمل صورته وتوقيع رئيس مجلس النقد الشيخ جابر الأحمد الصباح وصور لمعالم النهضة في الكويت.[24]
وفي 19 يونيو1961 قام بالتوقيع على وثيقة استقلال الكويت من المملكة المتحدة مع السير جورج ميدلتون[25]، وكان من شروطها بأن تستمر العلاقات مع المملكة المتحدة التي تسودها روح الصداقة والتشاور بين البلدين عند الحاجة في القضايا المهمة، وأن لا يؤثر استقلال الكويت على استعداد الحكومة البريطانية بمساعدة الكويت عند الحاجة.[26]
وفي كلمته في يوم الاستقلال قال:
شعبي العزيز.. إخواني وأولادي في هذا اليوم الأغر من أيام وطننا المحبوب.. في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى من مراحل التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه لنفتح صفحة جديدة تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة.
وأضاف
ونحن على أبواب عهد جديد نرجو أن تبدأ الكويت انطلاقها بتقوية أواصر الصداقة والأخوة مع شقيقاتها الدول العربية للعمل بتكاتف وتآزر على ما فيه خير العرب وتحقيق أماني الأمة العربية كما أن الوضع الجديد يتطلب منا العمل على الانتماء للجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات التي تعمل لخير العالم وأمنه وسلامه كلما كان ذلك في الإمكان.[27]
وكان ينوي أن يقوم باستكمال بناء الدولة الدستورية. وفي 26 أغسطس1961 أصدر مرسوم أميري يدعو فيه إلى إجراء انتخابات عامة للمجلس التأسيسي وذلك كي يتولّى صياغة الدستور.[27]
بعد حصول الكويت على الاستقلال، طالب رئيس وزراء العراقعبد الكريم قاسم في 25 يونيو1961 بانضمام الكويت إلى العراق بحجة بأنها قضاء تابع للبصرة[28]، وكانت الكويت كيان له حدود معترف فيها من قبل العراقوالمملكة المتحدة من خلال الرسائل المتبادلة بينهم وخصوصًا الرسائل المتبادلة بين نوري السعيد والشيخ أحمد الجابر الصباح في عام 1932.[29] وكان للكويت في فترة ما قبل الاستقلال نشاط خارجي كبير من خلال الحوار مع العراقوإيرانوالسعودية، والانضمام إلى المنظمات الدولية المتخصصة والعامة منذ عام 1959، حيث كانت الكويت من الدول المؤسسة لمنظمة أوبك[30]، وقد هدد عبد الكريم قاسمالكويت وقال بأنه سيعيدها إلى حضن العراق سلمًا أو حربًا[31]، مما أدى إلى طلب الكويت الحماية من بريطانيا في 30 يونيو1961 وتقديم المساعدة العسكرية حسب اتفاقية الصداقة بين البلدين، وبعد انضمام الكويت إلى جامعة الدول العربية تم استبدال الجيش البريطاني بجيش عربي تحت اسم قوات الأمن العربية[30]، وخلال تلك الفترة حدثت مناوشات بين الصحافة العراقية والصحافة الكويتية، وكانت الصحافة العراقية تصفه بأوصاف نابية، فرد رئيس تحرير مجلة الهدف الكويتية الأسبوعية محمد مساعد الصالح ووصف فيها الرئيس العراقي بالجنون، فقام باستدعاء كافة رؤساء تحرير الصحف في الكويت وقال لهم بأننا يجب أن نرتقي ولا نرد على مثل هذه الأمور، فقال محمد الصالح بأنهم وصفوك بأمور أشد، فرد عليه وقال يجب أن لا ننحدر إلى هذا المستوى.[32]
الانضمام إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية
توقعت الكويت بأن يكون انضمامها إلى الأمم المتحدة سلسًا، ولكن المطالبات العراقية أدت إلى تعطيل الانضمام وطلب الكويت من بريطانيا الحماية العسكرية أدى إلى رفض الجمهورية العربية المتحدة انضمام الكويت إلى المنظمة الدولية ما دامت هناك قوات أجنبية في أرضها[30]، وقد رفض الاتحاد السوفيتي حليف العراق انضمام الكويت إلى الأمم المتحدة واتهم بريطانيا بإحياء الاستعمار وسياسة البوارج الحربية[33]، ولم تستطع الأمم المتحدة إتخاذ قرار حاسم لاستخدام الاتحاد السوفيتي حق الفيتو.[30]
وكانت الكويت قد قدمت شكوى للجامعة العربية في 28 يونيو1961 وطالبت بعقد جلسة لمناقشة المشكلة، وأكدت الكويت بأن وجود الجيش البريطاني على أراضيها هو إجراء مؤقت، وأرسلت الكويت وفدًا رسميًا برئاسة رئيس دائرة المالية الشيخ جابر الأحمد الصباح لزيارة عدد من الدول العربية، وفي 20 يوليو1961 انضمت الكويت إلى الجامعة العربية انضمامًا كاملًا.[30]
وبعد سقوط عبد الكريم قاسم في 8 فبراير1963، تشكلت علاقات دبلوماسية بين الكويتوالعراق، وقامت الكويت بإقراض العراق قرضا بقيمة 30 مليون دينار كويتي بفوائد رمزية بلغت 1%، وفي 7 مايو1963 عقد مجلس الأمن جولة ثالثة لانضمام الكويت إلى الهيئة الدولية، وطالب العراق بتأجيل الطلب إلا أن مجلس الأمن وافق بالإجماع على مطلب الكويت بما في ذلك الاتحاد السوفيتي، وفي 14 مايو1963 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على توصية مجلس الأمن وأصبحت الكويت العضو رقم 111.[30]
نفتتح الدورة الأولى لمجلس الأمة الذي نبدأ بانعقاده مرحلة العهد الدستوري في دولة الكويت المستقلة
في هذه المرحلة التي تعتبر حلقة من حلقات سير دولتنا الصاعدة نحو هدفها الأعلى يسعدني أن أهنئكم بثقة الشعب بكم حين إختاركم لتحملوا أمانة تمثيله وأن أكرر وصيتي لكم (كوالد لأبنائه) أن تحرصوا على وحدة الصف في هذه الدولة العربية المتمسكة بدينها وتقاليدها وإنه ليسعدني في هذا اليوم الأغر من تاريخ بلادنا أن أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه والله ولي التوفيق.
سميت العديد من الأماكن باسمه تقديرًا للأعمال التي قام بها، وقد قام تلفزيون الكويت بإنتاج فيلم وثائقي عن حياته عرض في 24 نوفمبر2005 في الذكرى الأربعين لوفاته.[52]
إننا مع الجزائر قلبًا ومالًا وكلما إتسعت أموالنا زدنا في إعانة الجزائر ولا نتقيد بميزانية ولا نحدد المدد بعدد، أثناء الثورة الجزائرية.[63]
إن الدستور الذي أصدرناه ليس أكثر من تنظيم حقوقي لعادات معمول بها في الكويت، فقد كان الحكم دائمًا في هذا البلد شورى بين أهله.[64]
ستستمر الكويت دائما بإذن الله في طريقها الذي خطته لنفسها، دولة عربية تتضامن مع شقيقاتها في كل ما يعود بالخير على الأمة العربية. دولة مستقلة تؤيد حق كل بلد في نيل حريته واستقلاله، دولة محبة للسلام تؤيد كل من يسعى إليه متمسكة في كل ذلك بميثاق الأمم المتحدة.[65]
^مجلة العربي، الكويت والعراق.. قراءة تاريخية وسيكولوجية " الأبوة المشوهة " تحاصر المستقبل العربي، محمد الرميحي، العدد 483، فبراير 1999، دخل في 12 ديسمبر 2008