وطيلة قرنين من الزمان بعد موت جورج الثاني، ظل التاريخ يذكره بازدراء، مسلطًا الضوء على كثرة خليلاته، وضيق مزاجه، وفظاظته. ومن ثم فقد أعاد بعض العلماء تقييم تركته والخلاص إلى أنه قد أثر تأثيرًا كبيرًا في السياسة الخارجية والشئون العسكرية.
لم يرغب والد جورج أن يتزوج ولده زواجًا عائليًا مُرتبًا تغيب عنه المشاعر كما حدث معه هو، كما رغب له أن يقابل فتاته قبل أن تجري أية ترتيبات رسمية للزواج.[10] وقد أسفرت المشاورات حول خطبة الأميرة صوفيا أميرة السويدالدوقةالأرملة ووريثة عرش هولشتاين-غوتورب عن لا شيء.[11] وزار جورج إمارة أنسباخ في يونية1705م تحت اسم مستعار «مسيو دي بوش» وزار البلاط الملكي في محل إقامتهم الصيفية في تريسدورف ليستطلع أمر زواج محتمل بكارولين أميرة أنسباخ. وقد أورد إدموند بولي المبعوث الإنجليزي إلى هانوفر أن جورج أُعجب «بشخصيتها الجميلة وما رآه منها يجعله لا يفكر في غيرها».[11]وعُقد قرانهما بنهاية يوليو،[12] وفي 22 أغسطس / 2 سبتمبر 1705من.ق./ن.ج. حضرت كارولين إلى هانوفر لزواجها، الذي جرى عقده ذات الليلة في كنيسة هيرنهاوزن.[10]
كان جورج حريصًا على المشاركة في الحرب على فرنسا في فلاندرز، ولكن أبوه رفض إعطائه التصريح للانضمام إلى الجيش والمشاركة بفاعلية فيه حتى يكون له ولد يرثه.[13] وقد تحققت آمال جورج عام 1707م عندما وضعت كارولين ولدها فريدريك.[14] وفي يوليو، سقطت كارولين على إثر إصابتها الشديدة بمرض الجدري، وانتقلت العدوى لجورج عندما بقى بجانبها خلال فترة إعيائها،[15] ثم تعافى كلاهما. وشارك جورج في معركة أودينارد عام 1708م وكان في طليعة سلاح الفرسان، وقُتل فرسه وأحد العقداء فورًا بجواره، ولكن جورج نجا منها دون أذى.[16] وكتب القائد البريطانيجون تشرشيل دوق مارلبورو أن جورج «قد ميز نفسه بشدة حيث شجع القيادات وكان مثالًا يحتذى به للجنود الهانوفريين بلعبه دورًا كبيرًا في النصر السعيد المحقق».[17] وبين عامي 1709مو1713م رُزق جورج وكارولين بثلاثة أبناء آخرين كلهم من البنات وهن آن أميرة أورانج وأمليليا وكارولين.[18]
سافر جورج ووالده من لاهاي إلى إنجلترا يوم 16/27 سبتمبر ووصلا إلى غرينيتش بعدها بيومين.[21] وفي اليوم التالي وصلا رسميًا إلى لندن في موكب احتفالي.[22] ومُنح جُورج لقب أمير ويلز. ولحقت كارولين بزوجها في بريطانيا في أكتوبر بصحبة بناتها، بينما بقي فريدريك في هانوفر ليربيه المعلمون الخصوصيون.[23] ولم تكن لندن مثل أي شيء رآه جورج من قبل، فقد كانت بحجم هانوفر مضاعفًا خمسين مرة،# وكان الحشد في انتظاره يُقدر بحوالي مليونٍ ونصف المليون.[24] وتملق جورج العامة بتعبيرات من الثناء على الشعب الإنجليزي وادَّعى أنه إنجليزي بكل قطرة من دمه [25]
في يوليو 1716م عاد الملك إلى هانوفر لقضاء ستة أشهر أخرى فيها، وخُوّل جورج بعض السلطات المحدودة بصفته قيِّم على المملكة، ليحكم لحين عودة أبيه. وقد أحرز تقدماً ملكياً في مدن شيشستر، وهافانت، وبورتسموث، وغيلدفورد في جنوب إنجلترا.[26] وسُمح للجمهور أن يشاهده وهو يتناول عشاءه في قصر هامبتون كورت[27] وكانت هناك محاولة واحدة للقضاء على حياته حدثت في مسرح دروري لين حيث قُتل شخصًا واحدًا بالرصاص قبل إحكام السيطرة على المُهاجم وأدى ذلك إلى رفع شعبية جورج بين العامة.[28]
ارتاب والده وظن في نفسه من شعبية جورج، مما أسهم في تدمير علاقتهما ببعضهما البعض،[29] وحفّز ميلاد ولد جورج الثاني الأمير جورج ويليام عام 1717م نشوب شجار عائلي، وعيّن الملك اللورد الياوردوقنيوكاسل راعيًا من رعاة معمودية الطفل، وثار غضب الملك عندما أهان جورج نيوكاسل -حيث كان يكرهها- أثناء التعميد، وهو ما لم يدركه الدوق وحسبه تحدياً للمبارزة.§ حُبس جورج وكارولين مؤقتاً في منزلهما بأمر الملك، الذي نفاهما بالتالي من قصر سانت جيمس منزل الملك.[30] وغادر أمير ويلز وأميرتها البلاط الملكي أما الأطفال فظلوا في رعاية الملك.[31]
افتقد جورج وكارولين أولادهما، ويأسا من رؤيتهما، وفي مناسبة ما ذهباً سراً لزيارة القصر دون موافقة الملك، وفقدت كارولين وعيها وبكى جورج كالأطفال،[32] ورضخ الملك جزئيًا وسمح لهما بزيارة أسبوعية، ومع ذلك فقد سمح لكارولين بالزيارة دون قيد أو شرط بعد ذلك.[33] وفي فبراير التالي مات جورج ويليام مع والده وبجانبه.[34]
المعارضة السياسية
عُرف جورج بمعارضته لسياسة والده جورج الأول بسبب منعه من دخول القصر وتجنُّب والده له،[35] تلك السياسة التي شملت توسيع الحرية الدينية في بريطانيا العظمى وتوسيع رقعة الأراضي الهانوفرية على حساب السويد،[36] وكان مقر إقامته الجديدة في لندن بيت لستر مقراً لاجتماعات خصومه السياسيين بمن فيهم السير روبرت والبول وتشارلز فيكونت توونشند اللذان تركا الحكومة عام 1717م.[37]
زار الملك هانوفر مجددًا من مايو إلى نوفمبر1719م، وبدلاً من توجيه جورج إلى الوصاية على العرش، أسس مجلساً للوصاية.[38] وشجع والبول الملك وولده على الصلح عام 1720م، وكان ذلك حرصاً على الوحدة أمام العامة مما جعلهم يقومون به بقلب غير صاف.[39] وعاد والبول وتوونشند إلى العمل السياسي العام، وعادا للعمل بالوزارة،[40] وسريعاً ما خابت آمال جورج بسبب أحكام الصلح، فلم تعد له بناته الثلاث وظلت مع الملك، وظل جورج ممنوعاً من الخلافة على العرش في غياب الملك.[41] ومال جورج للظن أن والبول خدعه ليتودد إلى الملك حتى يعود للسلطة. وقد عاش هو وكارولين خلال السنوات التالية معيشة هادئة بعيدة عن السياسة. ورُزقا بثلاثة أطفال آخرين هم ويليام، ماري ولويزا، ونشأوا في بيت ليستر ومصيف جورج.[42]
مات جورج الأول في 11/22 يونيو 1727م خلال إحدى رحلاته إلى هانوفر، وخلفه جورج الثاني على عرش بريطانيا ملكاً ناخباً عند سن 43. وقرَّر الملك الجديد ألَّا يسافر إلى هانوفر لحضور جنازة أبيه وأدى ذلك على عكس النقد المنتظر إلى مدح الإنجليز له حيث اعتبروا ذلك دليلًا على إنجليزيته الخالصة،[46] وانتهك جورج وصية أبيه حيث عهدت إلى تقسيم الخلافة بين أبناء جورج المستقبليين بدلاً من نقل كل الأراض إلى واحد منهم. (بما في ذلك الأراضي البريطانيةوالألمانية). واعتبر جميع الوزراء البريطانيين والهانوفريين الوصية غير قانونية حيث لا يملك جورج الأول الحق قانونياً لتحديد مصير الخلافة شخصياً.[47] ويفترض النقاد أن جورج الثاني قد خبَّأ الوصية تجنباً لضياع تركة أبيه.[48]
كان متوقعاً بشدة أن يستبعد جورج والبول الذي أحزنه بشدة انضمامه لحكومة أبيه، وأنه سيضع مكانه سبنسر كومتون[50] وطلب جورج من كومتون أن يكتب له خطابه الملكي الأول بدلاً من والبول، ولكن كومتون طلب من والبول مراجعته، ونصحت كارولين جورج بالإبقاء على والبول واستمر والبول في حصاد سبل الولاء عند الملك حيث أمّن له المصروفات الملكية التي يمنحها البرلمان للملك سنوياً وهي مبلغ 800.000 جنيه استرليني،[50] وكان والبول يتحكم في الغالبية المتمكنة من البرلمان فلم يكن أمام جورج بُدَّاً من استرجاعه أو المخاطرة باستقرار الوزارة.[51] ورُفع كومتون إلى طبقة النبلاء ورُقِّي إلى درجة لورد ولمنغتون العام التالي.[52]
كان والبول مسئولاً عن السياسة الداخلية حتى وفاة نسيبه توونشيند عام 1730م فأصبح مسئولاً عن السياسة الخارجية أيضاً.[53] ويذهب المؤرخون بشكل عام إلى أن جورج قد أدى دور مُشرّف في بريطانيا، واتبع نصائح والبولوالوزراء الأكبر وكانت لهم القرارات الهامة.[54] وبالرغم من حماس الملك للحرب على أوروبا فقد كان الوزراء أحصف منه.[55] وانتهت حرب الخلافة الإسبانية وضغط جورج على والبول لينضم إلى حرب الخلافة البولندية إلى جانب الألمان[56] ضغطاً انتهى بالفشل وسنَّ والبول مشروع قانون جديد للضرائب جمع ضده معارضة قوية شملت أعضاء من حزبه، وساند جورج والبول بأن أقصى معارضيه من مناصبهم بالبلاط الملكي.[57]
مشكلات عائلية
تفاقمت الخلافات الشخصية بين جورج الثاني وابنه وولي عهده فريدريك أمير ويلز خلال ثلاثينيات القرن الثامن عشر. كانا والدا فريدريك قد تركاه في ألمانيا عندما انتقلا إلى بريطانيا ولم يتقابلا معه طيلة أربعة عشر سنة. وأُحضر فريدريك إلى إنجلترا عام 1728م وسرعان ما أصبح من قادة المعارضة.[58] وعندما زار جورج هانوفر في صيف 1729م وعام 1732م، وعام 1935م جعل زوجته ترأس مجلس الوصاية بدلاً من ابنه،[59] وفي هذه الأثناء أدى الخلاف بين جورج الثاني ونسيبه فريدريك ويليام الأول ملك بروسيا إلى مشاحنات على الحدود الهانوفريةالبروسية، وانتهت المشاحنات بإعلان نقل الجنود من منطقة الحدود واقتراحات بعمل مبارزة بين الملكين. وجرت مفاوضات حول زواج أمير ويلز من ابنة فريدريك ويليامز ويلمن واستمرت المفاوضات لعامين لكن لم يقبل أي طرف بالتنازلات التي طلبها الآخر وعُلّقت الفكرة المطروحة،[60] وبدلاً من ذلك تزوج الأمير من الأميرة أوغستا أميرة ساكس غوثا في إبريل عام 1736م.[61]
وعاد جورج إلى هانوفر في مايو عام 1736م مما أدى إلى انخفاض شعبيته في إنجلترا، كما وصل الأمر إلى وضع ملاحظة ساخرة على بوابات قصر سان جيمس تستهزيء من غيابه كُتب عليها «ضلَّ الطريق أو ضلَّ منزله، رجلاً ترك زوجته وأولاده على أبواب الملاجئ»[62]، وخطَّط الملك إلى العودة في جو ديسمبر العاصف وعلقت سفينته في تلك العاصفة، وتناثرت الشائعات بأنه غرق، وأخيراً وصل إلى إنجلترا في يناير 1737م،[63] وسقط مريضاً بداء البواسيروالحمى فور عودته ولزم الفراش، وتعامل أمير ويلز على أن الملك يفارق الحياة، مما أدى إلى إصرار جورج على القيام وحضور إحدى المناسبات الاجتماعية لإبطال الشائعات.[64]
نشبت معركة عندما تقدم أمير ويلز بطلب للبرلمان لزيادة مخصصاته، وعرض عليه الملك تسوية خاصة رغم ما عرف عنه بالشح،[65] ولكن فريدريك رفض ذلك. ورفض البرلمان ذلك القدر، ومع ذلك فقد رفع جورج من مخصصات ولده عملاً بنصيحة والبول.[66] وزاد الشقاق بينهما عندما أقصى فريدريك والديه الملك والملكة عن ميلاد ابنته في يوليو عام 1737م وقام بذلك حيث جمع أغراض زوجته وسافر بها في الليل.[67] وقام الملك بنفيه هو وعائلته من البلاط الملكي بالضبط مثلما فعل والده معه باستثناء أنه قد أعاد لفريدريك حضانة أطفاله.[68]
وفي 20 نوفمبر 1737م توفيت كارولين زوجة جورج. تأثر جورج بموتها تأثراً شديداً وأظهر من اللين ما لم يظن العالم أنه يقدر عليه من قبل،[71] وكانت قد قالت له باكية وهي على فراش الموت أن يتزوج ورد على ذلك قائلًا «لا، فسيكون لدي الخليلات».[72] وقد كان معروفاً أن جورج كانت له خليلات خلال زواجه وقد أطلع زوجته كارولين على ذلك.[73] هنريتا هوارد التي أصبحت بعدها كونتيسة سوفولك كانت قد انتقلت إلى هانوفر مع زوجها خلال حكم الملكة آن،[74] وكانت واحدة من وصيفات الحجرة الملكية لكارولين، وكانت خليلته من قبل اعتلاء جورج الأول عرش بريطانيا وحتى نوفمبر1734م. وبعدها جاءت أمالي فون ولمودن التي أصبحت بعدها كونتيسة يارموث، وابنها يوهان لودويج فون ولمودن ربما يكون ابن جورج، فيوهان وُلد خلال فترة زواج أمالي، ولكن جورج لم يعترف به للعامة أنه ولده.[75]
قام فريدريك بحملة واسعة لصالح المعارضة في الانتخابات العامة البريطانية عام 1741م، وأصبح والبول غير قادر على تأمين الأغلبية، وحاول والبول شراء ذمة فريدريك بوعد برفع مخصصاته وعرض عليه سداد ديونه، ولكن فريدريك رفض.[79] وبانخفاض الدعم الذي يحصل عليه والبول تقاعد والبول عام 1742م بعد 20 عامًا من العمل في هذا المنصب. وخلفه على منصبه سبنسر كومبتون وهو من أراده جورج لمنصب رئاسة الوزراء منذ البداية عام 1727م.[80] وكان كومبتون مسئولاً صورياً وكانت المسئولية الفعلية على عاتق آخرين، مثل جون كارتريت الذي كان وزير جورج الأقرب إليه في حكومةوالبول وقد تولى رئاسة الوزراء عندما مات كومبتون عام 1743م.[81]
قاد الفصيل الموالي للحرب كارتريت، وادَّعى أن القوة الفرنسية قد تزداد إذا فشلت ماريا تريزا في اعتلاء عرش النمسا. ووافق جورج على إرسال 12 ألفاً من المرتزقة الهسي والدانماركيين المأجورين إلى أوروبا والهدف المعلن هو تأييد ماريا تيريزا. وأمرهم جورج بالبقاء في هانوفر لمنع الجنود الفرنسية المعادية من دخول الإمارة، وفعل ذلك دون مشاورة وزرائه.[83] لم يخض الجيش الإنجليزي حرباً كبرى منذ أكثر من عشرين عامًا وأهملت الحكومة أمر صيانته.[84] ودعى جورج لوجود حِرفية أكبر في أصحاب الرتب في الجيش وأن تكون الترقيات عن طريق الاستحقاق والجدارة وليس بيعها بالعمولات - وهي عادة قديمة معروفة بالجيش الإنجليزي - وبدون أي نجاح.[85] قامت مجموعة متحالفة من الجنود النمساوييينوالبريطانيينوالهولنديينوالهانوفريين والهس بإشغال الفرنسيين في معركة ديتنغن في الفترة بين 16-27 يونية 1743م. ورافقهم جورج بنفسه حتى قادهم إلى النصر، وبذلك أصبح آخر ملك بريطاني يقود الجنود في معركة.[86] وعلى الرغم من إعجاب الناس بتصرفات جورج في المعركة أصبحت الحرب غير مقبولة في الأوساط البريطانية حيث شعروا أن الملك وكارتريت كانوا يخضعون المصالح البريطانية إلى المصالح الهانوفرية.[87] وفقد كارتريت التأييد، فاستقال فازعاً جورج عام 1744م.[88]
وازداد التوتر بين حكومة بيلهام وجورج، حيث استمر في الأخذ بنصائح كارتريت ورفض الضغط الموجه له من باقي وزرائه بأن يضم ويليام بيت إلى الوزارة، الذي يمكن أن يزيد من قاعدة تأييد الوزارة.[89] كان الملك يكره بيت حيث كان يعارض سياسة الحكومة وهاجم تدابير وُصفت أنها مؤيدة للهانوفريين.[90] واستقال بيلهام وأتباعه في فبراير 1746م، وطلب جورج من كارتريت وويليام بالتني تشكيل إدارة جديدة، لكنهما رفضا تلك الحقائب السياسية بعد أقل من 48 ساعة لعدم قدرتهما على توفير الدعم البرلماني اللازم. وعاد بيلهام إلى مكتبه منتصراً، واضطر جورج إلى تعيين بيت في الوزارة.[91]
دشَّن أمير ويلز حملة نشطة لخوض الانتخابات العامة عام 1747م، ولكن حزب بيلهام فاز بسهولة.[95] واستضاف الأمير رموزاً للمعارضة في بيته في ميدان ليسستر تماماً كما فعل والده من قبل.[96] وعندما مات أمير ويلز فجأة عام 1751م، أصبح ولده الأكبر الأمير جورج هو وريث العرش. رثى الملك أمير ويلز مع زوجته أميرة ويلز وبكى وانتحب معها.[97] وبما أن ابنها لن يبلغ سن الرشد قبل 1756م صدر مرسوم وصاية بريطاني جديد جعل منها وصية على العرش، بمساعدة مجلس وصاية يرأسه دوق كمبرلاند في حال وفاة جورج.[98] وكتب الملك أيضاً وصية جديدة والتي حفظت لكمبرلاند حقها في أن يكون لها وصياً واحداً في هانوفر.[99] وبعد وفاة ابنته لويزا في نهاية العام رثاها جورج قائلًا: «كانت تلك السنة مهلكة لعائلتي، لقد فقدت ابني الأكبر، ولكنني سعيد بذلك.. والآن قد رحلت لويزا. أنا أعلم أنني لم أحب أبنائي عندما كانوا صغارًا، وكنت أكره أن أراهم يسعون في غرفتي، ولكنني الآن أحبهم كما يحب جميع الآباء أبنائهم.» [100]
قاد ابن جورج دوق كمبرلاند جنود الملك في شمال ألمانيا، تعرضت هانوفر للغزو عام 1757م، وأعطى الملك لدوق كمبرلاند كافة الصلاحيات لفرض السلام.[104] وكاد يميز من الغيظ بحلول سبتمبر بسبب التسوية التي تفاوض عليها دوق كمبرلاند التي شعر بتحيزها الشديد للفرنسيين.[105] وقال جورج عن ولده: «لقد دمرني وأهان نفسه»[106] واستقال دوق كمبرلاند باختياره من مناصبه العسكرية.[107] وألغى جورج اتفاق السلام على الأراض التي انتهكها الفرنسيون بنزعهم سلاح الجنود الهسيين بعد وقف إطلاق النار.[108]
احتلت القوات البريطانية كيبكوجوادلوب في عام 1759م المسمى بعام المعجزات، وأُحبط مخططاً فرنسياً لغزو بريطانيا على غرار معركتين بحريتين في لاغوس وخليج كيبرون،[109] وتوقف الزحف المُستأنف على هانوفر حيث أوقفته قوة بريطانية هانوفرية مشتركة في معركة مندن.[110]
وفاته
بحلول أكتوبر عام 1760م فقد جورج البصر في إحدى عينيه، وأصبح سمعه ضعيفاً.[111] وفي صباح 25 أكتوبر استيقظ في السادسة صباحًا على موعده المعتاد وتناول كوباً من الشيكولاتة الساخنة ومن ثم ذهب لاستخدام المرحاض بمفرده. سمع خادمه جلبة كبيرة بعد دقائق معدودة ودخل الغرفة ليجد الملك على الأرض.[112] نُقل الملك محمولاً إلى فراشه، وأُرسل في طلب الأميرة إميليا ولكنه مات قبل أن تصل إليه، مات جورج الثاني في عمر يناهر السابعة والسبعين وهو أطول عمراً من بين كل أسلافه من الملوك الإنجليز.[113] كشف فحص ما بعد الوفاة أن بُطين الملك الأيمن قد تمزق نتيجة لأم الدم الأبهرية.[114]
تبرع جورج بالمكتبة الملكية إلى المتحف البريطاني عام 1757م، بعد أربعة أعوام مرت على تأسيس المتحف.[117] لم يكن له أي اهتمام بالقراءة،[118] أو بالفنون والآداب، وكان يُفضل قضاء وقت تسليته في صيد الغزلان من على حصانه، أو في لعب الورق.[119] وأسَّس جامعة جورج أغسطس (جامعة غوتنغن) عام 1737م وكانت أول جامعة في هانوفر وزارها عام 1748م.[120] تسمى الكويكب جورجيا 359 على شرفه في الجامعة عام 1902م، وعمل أيضاً عميداً لكلية الثالوث (دبلن) في الفترة بين 1716م، و1727م، وأصدر ميثاق جامعة الملك في نيويورك التي أصبحت فيما بعد جامعة كولومبيا، تأسست مقاطعة جورجيا بمرسوم ملكي عام 1732م وسُميت باسمه.[121]
توسعت الأطماح البريطانية حول العالم في عهد جورج الثاني، وانتهى تحدي اليعاقبة للنيل من أسرة هانوفر، وتأسست النفوذ الوزارية والبرلمانية على أتم وجه في بريطانيا، ومع ذلك فعندما نذكر بعض الرجال الذين عاصروه مثل اللورد هيرفي وهوراس والبول نجد جورج مصوراً على أنه مهرجاً ضعيفاً تحكمه زوجته ووزرائه.[122] اعتمدت الكتابات المؤرخة لحياة جورج خلال القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين على تلك الروايات المتحيزة.[123] حتى ظهرت بعض التحليلات العلمية في الربع الأخير من القرن العشرين تشير إلى أن جورج لم يكن غير مؤثر إلى ذلك الحد الذي اعتقده الناس من قبل.[124] كانت هناك ملاحظات وحواشي كتبها جورج في رسائل من وزرائه وكانت مُحكمة الصلة وتدل على فهمه القوي واهتمامه الخاص بالسياسة الخارجية.[125] وأنه كان قادراً في معظم الأحوال على منع تعيينات الوزراء والقادة الذين لا يرغب فيهم، أو نقلهم وتهميشهم في وظائف أصغر.[126] لم تقض تلك التقييمات الأكاديمية كلياً على الاقتناع العام بأن جورج الثاني كان ملكاً هزيلاً لا حول له ولا قوة.[127] فعلى سبيل المثال، كان يُقال عنه أنه شحيح، ولكن المؤرخون يرون أن الشح أفضل من الإسراف.[128] وبرَّر اللورد تشارلمونت سوء مزاجه قائلاً أن صدق المشاعر أفضل من الخداع، فقال «كان سريع الانفعال وعنيف، لكنه كان طيباً بطبيعته وصادقاً، ولم يكن ماهراً في موهبة التملق الملكية. كان دائماً كما يبدو، وربما يهين لكن لا يخدع.»[129] وكتب اللورد وولدجريف «أنا مقتنع أنه يوماً ما في المستقبل عندما تُزال هذه النقاط السوداء والعيوب التي تلطخ تاريخ أنجح الشخصيات والتي لا يخلو منها أي إنسان، وقتها سيكون معدوداً ضمن أكثر الملوك وطنية الذين نعم الشعب بالسعادة الغامرة تحت حكمهم».[130] جورج - ربما - لم يؤد دوراً كبيراً في التاريخ لكنه أثر تأثيراً كبيراً في وقته وأسس حكومة دستورية.[131] وقالت عنه إليزابيث مونتاغو «كانت قوانيننا وحرياتنا في أمان معه، وقد استحوذ على ثقة شعبه بدرجة عظيمة وأيضًا على احترام الحكومات الأجنبية، ومنحته شخصيته الثابتة نهاية عظيمة في تلك الأوقات غير المستقرة... ربما لا تمنحه شخصيته محلاً في الشعر الملحمي لكن ستجعل له محلاً طيباً في صفحات التاريخ الرصينة».[132]
مسمياته وألقابه وشعاراته
مسمياته وألقابه
بداية من 9 نوفمبر 1706م: دوقاً ومركيزاً لكامبردج وإيرلاً لملفورد هافن، وفيكونتاً نورثاليرتون، وباروناً توكسبورياً ضمن نبلاء إنجلترا.[133]
1 أغسطس 1714م - 27 سبتمبر 1714م: صاحب السمو الملكي جورج أغسطس، أمير بريطانيا العظمى وأمير برانشفايغ لونيبورغ الناخب، ودوق كورنوال وروثيساي.[134]
27 سبتمبر 1714م - 11/22 يونية 1727م: صاحب السمو الملكي الأمير جورج الثاني أمير ويلز.
11/22 يونية 1727م - 25 أكتوبر 1760م: صاحب الجلالة الملك جورج الثاني ملك بريطانيا العظمى.
اللقب الكامل لجورج الثاني كان كما يلي: «جورج الثاني، ملك بريطانيا العظمى وفرنسا وأيرلندا وحامي العقيدة برحمة الرب، دوق براونشفايغ لونيبورغ، وحامل راية الامبراطورية الرومانية المقدسة وأميرها الناخب»[135]
شعاراته
شعار جورج الثاني أمير هانوفر الناخب 1698م - 1714م
شعار النبالة لجورج الثاني بصفته أمير ويلز 1714م - 1727م
شعار النبالة لجورج الثاني بصفته ملك بريطانيا العظمى 1727م - 1760م
ذريته
أسفر حمل كارولين عشر مرات عن ثمانية أبناء، مات منهم واحد في طفولته وسبعة عاشوا حتى البلوغ.[136]
^ن.ق./ن.ج. استُخدم تقويمان اثنان خلال حياة جورج: أولهما التقويم اليولياني (أو النمط القديم «ن.ق.»)، وثانيهما التقويم الغريغوري (أو النمط الجديد «ن.ج،»). تحولت هانوفر من التقويم اليولياني إلي الغريغوري في 19 فبراير (ن.ق.) / 1 مارس (ن.ج.) 1700، ثم تلتها بريطانيا العظمى في 3/14 سبتمبر 1752. كل التواريخ السابقة لسبتمبر 1752 في هذه المقالة يُشار إليها بأحد هذين ن.ق. ون.ج. أو بكليهما. أما التواريخ اللاحقة لسبتمبر 1752 فتتبع جميعها النمط الجديد. يُتخذ يوم 1 يناير في هذه المقالة بداية للسنة، وليس يوم 25 مارس رغم أنه كان رأس السنة الإنجليزية.
^# كان في هانوفر 1,800 منزلًا، في حين كان في لندن 100,000.[137]
^§ مد جورج قبضته نحو نيوكاسل قائلًا "You are a rascal; I shall find you out!"، والتي يبدو أن الدوق قد سمعها خطأً "You are a rascal; I shall fight you!"[138]
1 Not a British prince by birth، but created Prince Consort. 2 ليس أمير بريطاني قبل الولادة، ولكن إنشاء عهد المملكة المتحدة. 3 يرى قابل للنقاش الوضع جيمس، الفيكونت سيفيرن.