تولت الحكم بعد فترة انتقالية عرفت محاولة لتنصيب الليدى جين غراي (Lady Jane Grey) مكانها. بسبب عقيدتها الكاثوليكية، واجهت «ماري» الأفكار التي حملتها الإصلاحات البروتستانتية، والتي أخذت تنتشر في البلاد منذ عهد حكم أخيها الملك إدوارد السادس (Edward VI). بعد أن نجحت في إخماد عدة ثورات استهدفتها شخصيا، أعلَنَت حملتها على أصحاب المذاهب الأخرى، فاضطهدت أتباعها حتى أطلق عليها لقب ماري الدموية. تسببت بعد زواجها من الملك فيليب الثاني من أسبانيا (1554) في حرب كارثية مع فرنسا.
(كانت ماري الأولى ابنة الملك هنري الثامن ملك إنجلترا من زوجته الأولى كاترين أراغون، وكانت تتمتع بكل ميزات من ينشا تنشئة أميرية، وارثة للعرش. ثم في أواخر العشرينات من القرن السادس عشر، لما راح الملك يبدي إعجابه بامرأة أخرى هي آن بولين طردت كاترين وماري من البلاط، وضاعفت مساعيه الشهيرة لفسخ زواجه الذل الذي لحق بامرأته الأولى وابنتهما، ولا عجب أن جعل ذلك ماري تشعر بالمرارة وتصمم على الانتقام.
وفي عام 1553 م خلفت ماري أخاها غير الشقيق الملك إدوارد السادس (1547 م - 1553 م) على عرش إنجلترا بعد محاولة فاشلة قام بهادوق نورثمبرلاند؛ لوضع كنته اللايدي جين غراي على العرش، وعلى الفور صدر الامر إلى الأساقفة والعلماء بقبول برنامجها لإعادة المذهب الروماني، فلما رفضوا، حكم عليهم بالموت حرقاً.
وتزوجت ماري الملك فيليب الثاني الأسباني، وكان أصغر منها سناً، وفير مهتم بجمالها. وكانت تتوق إلى أن ترزق طفلاً يكون وارثاً للعرش، وحسبت لفترة من الوقت أنها حامل، ولكنها علمت في النهاية أنها لم تعد في سن تسمح لها بذلك، فاستسلمت إلى الرثاء الذاتي.
وفي السنة الأخيرة من عهدها الملكي القصير فقدت ميناء كاليه الذي كانت تحتله إنجلترا في فرنسا، وكان اخر الممتلكات الإنجليزية على البر الرئيسي الفرنسي).
النشأة كأميرة واستلام التاج بعمر متأخر
قد كانت ماري الابنة الأكبر والأجمل للملك هنري الثامن وطليقته (زوجته الأولى) كاثرين أراغون
عاشت مع أمها الحنونة تسعة سنوات حتى عشق والدها آن بولين وطلق أمها من أجلها وتزوجها من ثم لم تر أمها مجددا حيث كانت ماري الشقيقة الحنونة العاطفية حيث أحسنت زوجة أبيها الثانية آن بولين معاملتها كفتاة وحيدة حتى أنجبت شقيقتها الليدي إليزابيث إليزابيث الأولى وقد اعتنت بشقيقتها جيدا عند إعدام زوجة أبيها ظلما فربت كاليدي محترمة أنيقة ولية عهد وكبيرة بكل الكلمة وعند قدوم أخيها الثاني إدوارد أصبحت تبلغ السادس عشر من ثم توفي والدها بشبابها عندما كانت بالخامسة والعشرون وحكم شقيقها خمس سنوات بلغت فيها الثلاثين حيث غضبت عند
إجبار شقيقها الطفل وهو على فراش الموت بتسمية العرش على ليدي جين غراي، ومن ثم أعدمتها وتولت الحكم بعمرها الثلاثين، من ثم تزوجها الملك فيليب الثاني وقد شبت ثورات من قبل إسبانيا، ثم كبرت في السن وأجبرت على الطلاق، وقد عرفت بالملكة الدموية لإعدام ألوف الأشخاص في عهدها.
الزواج من الأمير الإسباني
في سن السابعة والثلاثين، انصب اهتمام ماري على إيجاد زوج وإنجاب وريث للعرش، لمنع إليزابيث البروتستانتية (التي لا تزال في المرتبة التالية بموجب شروط وصية هنري الثامن وقانون الخلافة لعام 1544) من تولي العرش. ورد اسما إدوارد كورتيناي وريجينالد بول كخاطبين محتملين، لكن ابن عمها تشارلز الخامس اقترح عليها الزواج من ابنه الوحيد، فيليب أمير إسبانيا. امتلك فيليب ابنًا من زواج سابق وكان الوريث الظاهر لمجموعة من الأراضي الشاسعة في أوروبا القارية والعالم الجديد. كجزء من مفاوضات الزواج، أرسلت إليها في النصف الأخير من عام 1553 لوحة لفيليب رسمها تيتيان.[1]
حاول غاردينر ومجلس العموم إقناعها بالعدول عن ذلك والزواج من رجل إنجليزي، خوفًا من دنو مستوى إنجلترا وتبعيتهم لآل هابسبورغ، ولكن باءت محاولتهم بالفشل. لم يحظَ الزواج بشعبية لدى الإنجليز؛ فقد عارضها غاردينر وحلفاؤه بناءً على أسس وطنية، بينما عارضها البروتستانت خوفًا من الكاثوليكية. عندما أصرت ماري على الزواج من فيليب، بدأت محاولات العصيان بالاندلاع. قاد توماس ويات الابن مجموعة من كينت لإقالة ماري وتنصيب إليزابيث، كجزء من مؤامرة أوسع تُعرف الآن باسم تمرد ويات. شمل التمرد أيضًا دوق سوفولك، والد جين. صرحت ماري علنًا أنها ستستدعي البرلمان لمناقشة الزواج، وإذا قرر البرلمان أن الزواج لا يخدم مصلحة المملكة، فإنها ستمتنع عنه. عند وصوله إلى لندن، هُزم ويات وأسر. أعدم ويات ودوق سوفولك وجين وزوجها غيلدفورد دادلي. سجن كورتيناي، المتورط في المؤامرة، ثم نفي. اعترضت إليزابيث مدعيةً براءتها من قضية ويات، ولكنها سجنت في برج لندن لمدة شهرين، ثم وضعت قيد الإقامة الجبرية في قصر وودستوك.[2]
كانت ماري أول ملكة حاكمة لإنجلترا، باستثناء فترات حكم الإمبراطورة ماتيلدا والسيدة جين غراي الخلافية الوجيزة. إضافةً لذلك، بموجب قانون حقوق الزوجة العام الإنجليزي، تصبح ممتلكات المرأة وألقابها ملكًا لزوجها بعد الزواج، وهذا ما كان يخشاه الشعب، إذ سيصبح أي رجل تتزوجه ملك إنجلترا في الواقع والاسم. احتفظ جدا ماري، فرناندو وإيزابيلا، بالسيادة على مملكتيهما أثناء زواجهما، ولكن لم يحدث في تاريخ إنجلترا أمر مماثل أبدًا. بموجب شروط قانون زواج الملكة ماري، تقرر إطلاق لقب ملك إنجلترا على فيليب، وتأريخ جميع الوثائق الرسمية (بما في ذلك قوانين البرلمان) باسميهما، وعقد البرلمان بسلطة مشتركة بين الزوجان، طوال حياة ماري فقط. لن تكون إنجلترا ملزمة بتقديم الدعم العسكري لوالد فيليب في أي حرب، ولا يمكن لفيليب التصرف دون موافقة زوجته أو تعيين أجانب في مناصب مهمة في إنجلترا. لم يكن فيليب سعيدًا بهذه الشروط ولكنه كان مستعدًا للموافقة لضمان الزواج. لم يكن لماري أي مشاعر غرامية، وسعى للزواج لحصد مكاسب سياسية واستراتيجية لا أكثر. كتب مساعده روي غوميز دي سيلفا لأحد مراسليه في بروكسل: «لم يعقد الزواج لرغبات جسدية، وإنما لعلاج اضطرابات المملكة والحفاظ على البلدان الدنيا».[3]
لرفع ابنه إلى رتبة ماري، تنازل الإمبراطور شارل الخامس لفيليب عن تاج نابولي بالإضافة إلى مطالبته بمملكة بيت المقدس، وهكذا تصبح ماري ملكة نابولي وملكة بيت المقدس الفخرية بعد زواجها من فيليب. عقد حفل زفافهما في كاتدرائية وينشستر في 25 يوليو 1554 بعد يومين فقط من لقائهما الأول. لم يكن فيليب قادرًا على التحدث باللغة الإنجليزية، ولهذا تحدثوا بمزيج من الإسبانية والفرنسية واللاتينية.[4]
الوفاة
لم تعقب الملكة بعدها أبنائًا ليرثوا عرش إنجلترا، فقد منعها زوجها السابق فيليب الثاني على أخذ ابنته الوحيدة التي تبلغ الخامسة ولية للعهد، من ثم توفت وتركت العرش لأختها المفضلة البروتستانتية إليزابيث الأولى.[5][6]