منذ انتخابه في أكتوبر 2019، انقسم البرلمان إلى شقين، شق معارض لحركة النهضة وشق حليف لها. ضم الطرف المعارض أحزاب التيار الديمقراطيوحركة الشعبوالحزب الدستوري الحر وآخرين بينما كان حلفاء النهضة هم «غريمها الإنتخابي» حزب قلب تونسوائتلاف الكرامة اللذان أوصلا الغنوشي رئيس حركة النهضة لرئاسة البرلمان. بسبب هذا الإنقسام تعرضت صورة البرلمان إلى «الترذيل» أمام الرأي العام التونسي والتي وصل الحد فيها إلى إحتلال منصة رئاسة المجلس في عدة مناسبات والتشويش على سير الجلسات بالإضافة إلى العنف المتبادل والشتائم والإعتداءات المتكررة بين النواب. كما قادت المعارضة محاولة لسحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي باءت بالفشل مما تسبب في تعمق الصراع داخل المجلس.[8][9][10][11][12][13][14]
الصراع بين البرلمان ورئاسة الجمهورية
اعتبرت المعارضة في البرلمان أن حركة النهضة هي من تدير البلاد عبر رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي أصبح مدعوما منها مما أدى إلى تقليص نفوذ رئيس الدولة قيس سعيد وعدم تحكمه الكامل في البلاد واقتصار دوره على ختم القوانين وهو ما أدى إلى أزمة سياسية في البلاد بين البرلمان الذي تسيطر عليه النهضة وحلفاءها ورئيس الجمهورية قيس سعيد. كما ساهمت جائحة فيروس كورونا بأزمة صحية متدهورة في البلاد في ظل إنقسام سياسي وعدم تكاتف للحصول على اللقاحات أدى إلى زيادة عدد الإصابات والوفيات.[15][16][17][18][19]
أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد في خطاب مفاجئ ألقاه مساء يوم 25 يوليو2021 عن تجميد عمل البرلمان (تعليق إختصاصاته) ورفع الحصانة عن جميع أعضاءه لمدة شهر واحد وحلّ حكومة هشام المشيشي.[20][21]
وفي 22 سبتمبر2021، أصدر الرئيس سعيد أمرا رئاسيا جديدا يقضي بتوليه إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم يتولى ختمها بنفسه ويأذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية مما يعني تولي الرئيس السلطة التشريعية بجانب التنفيذية. كل هذه القرارات جاءت في إطار «الإجراءات الإستثنائية» في ظل تدهور الوضع الصحي والإقتصادي بالبلاد.[22][23]
وفي 30 مارس2022، وقع حل برلمان 2019 رسميا بأمر رئاسي صادر عن الرئيس قيس سعيد بعد محاولة من المجلس «المجمد» لإلغاء الإجراءات الاستثنائية باءت بالفشل.[26][27]
قال الرئيس قيس سعيد في كلمته يوم 13 ديسمبر2021، أن الإنتخابات التشريعية الجديدة التي ستقام في ديسمبر2022 ستكون وفق قوانين إنتخابية جديدة ستتولى لجنة سيتم تحديد اعضائها وتنظيم اختصاصها ويشرف عليها رئيس الدولة التأليف بين مختلف المقترحات والقيام بإصلاحات في القوانين مثل قانون تنظيم الانتخابات كما ستعرض هذه القوانين والإصلاحات على الإستفتاء يوم 25 يوليو2022.[31][32]
قالت وكالة رويترز في 6 أبريل2022، نقلا عن الرئيس قيس سعيد أن التصويت في هذه الانتخابات سيتغير ليكون في دورتين وسيكون على الأفراد وليس على القوائم كما كان الحال في جميع الانتخابات السابقة.[33]
في 15 سبتمبر2022، أصدر الرئيس قيس سعيد مرسوما رئاسيا يقضي بتنقيح القانون الإنتخابي الصادر في مايو 2014 وذلك عبر إقرار عدة تغييرات من بينها:[34]
اتفق المعارضون للرئيس قيس سعيد واجراءاته الرئاسية المُتّخذة منذ 25 يوليو2021، على مقاطعة الانتخابات التشريعية المبكرة التي سبق وأن ٱعلن عن إجراءها السبت 17 ديسمبر2022:[39]
حركة النهضة: أكدت الحركة في بيان لها، الخميس 27 أكتوبر2022، عن مقاطعتها لما أسمته بـ "مهزلة الانتخابات التشريعية المقبلة في كلّ مستوياتها ترشحا وتزكية وانتخابا".[43]
الحزب الدستوري الحر: قالت عبير موسي رئيسة الحزب في مؤتمر صحفي يوم 7 سبتمبر2022، انّ حزبها لن يشارك في الانتخابات التشريعية القادمة، مؤكدة أنها وحزبها «لن يعترفوا بأي مسار مخالف للمعايير الدولية» وفق قولها.[44] كما طعنت موسي في قانونية هيئة الانتخابات ومشروعية السباق الانتخابي والتي سبق وان وصفته بـ«جريمة دولة» و«عملية تحيل».[45][46]
حزب العمال: أعلن الحزب اليساري بقيادة حمة الهمامي منذ أبريل 2022، مقاطعته الانتخابات البرلمانية المرتقبة والتي اعتبر الهمامي أنها «لن تكون مستقلة ونزيهة» خاصة بعد استحواذ الرئيس قيس سعيد على كافة السلطات، وتنصيب نفسه مشرفاً مباشراً عليها وفق قوله.[47][48]
نتائج المقاطعة
أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في 3 نوفمبر 2022 قوائم المُرشحين، وكان من اللافت للنظر عدم ترشح أي شخص في 7 دوائر انتخابية، وترشح فرد واحد في 10 دوائر انتخابية، وهو ما قوبل بحملة سخرية من هذه الانتخابات قبل بدايتها.[49] وأعلنت هيئة الانتخابات عن تسجيل ألف و58 مرشحا للانتخابات التشريعية، بينهم 120 امرأة فقط.
وأظهرت نتائج المرحلتين الأولى والثانية تدني مستوى إقبال الناخبين إلى أدنى مستوى محليًا وعالميًا، حيث بلغت نسبة الإقبال في المرحلة الأولى 11.2% وفي المرحلة الثانية 11.4%، وهو ما يعكس نحاج المقاطعة وتلاشي دعم الرئيس.[1]
في 28 أكتوبر2022، أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر عن تقدم 1429 مترشحا بشكل رسمي للانتخابات التشريعية، 1213 منهم من الذكور و214 من الإناث على أن يتم الإعلان عن قائمة المترشحين المقبولين يوم 2 نوفمبر القادم.[52][53]
أكدت القيادية بحركة الشعب ليلى حداد أن حظوظ حزبها وافرة في الانتخابات التشريعية وأن الحزب سيُكوّنُ كتلة وصفتها بـ«المحترمة» في البرلمان القادم.[54] كما أعلن أمين عام الحركة زهير المغزاوي في أكتوبر 2022، عن ترشيح منتمين للحركة في 120 دائرة على الأقل.[55]
أعلن عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة نيته الترشح لانتخابات المجلس النيابي القادم.[56] ويعتبر بودربالة من الداعمين للرئيس قيس سعيد وقراراته الرئاسية كما شغل منصب رئيس اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية صلب لجنة إعداد الدستور الجديد.[57][58]
تزامنا مع ختم طور التقاضي الابتدائي بخصوص نزاعات الترشح للانتخابات التشريعية أمام القضاء الإداري بتاريخ 11 نوفمبر 2022، رفض القضاء الإداري 50 طعنا ضد قرارات هيئة الانتخابات إما شكلا أو أصلا بينما اكتفى بإلغاء 4 قرارات للهيئة تقضي بعدم الترشح (أي قبول 4 طعون).[60][61]
التوقعات
قال رئيس الهيئة العليا للانتخاباتفاروق بوعسكر إنه "يأمل مشاركة أكثر من 2.8 مليون ناخب في الإنتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر2022" وهو ما يعادل عدد المشاركين في الاستفتاء قبل بضعة أشهر.[62] لكن عكس ذلك، فقد رجحت وسائل إعلام نقلا عن خبراء في الشأن السياسي وبعض أساتذة قانون فإن نسبة المشاركة ستكون "ضعيفة" كما ستسجل "تراجعا ملحوظا" وسط مناخ سياسي وصفوه بـ"الضبابية وعدم الوضوح" ومقاطعة أغلبية الأحزاب.[63][64][65]
الآراء والملاحظات
قالت الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، صباح السبت 17 ديسمبر2022، أنها رصدت مجموعة من الإخلالات في بداية المسار الانتخابي، ترتقي إلى جرائم إنتخابية من خلال "التأثير على الناخبين" كما أكدت الجمعية رصدها عملية نقل جماعي للناخبين إلى مراكز الاقتراع في معتمدية الشابة لصالح أحد الناخبين.[66][67] بينما أكد السفير خليل الذوادي رئيس بعثة جامعة الدول العربيّة لملاحظة الانتخابات في تونس أنّ "مؤشرات سير العملية الانتخابيّة في مختلف مراكز الاقتراع تتسم بالإيجابية".[68]
أبدى رئيس بعثة الملاحظين من الغرفة المدنية لروسيا الاتحادية، استغرابه من إنخفاض نسبة الإقبال على التصويت حيث صرح لإحدى الإذاعات: «الشيء الوحيد الذي نستغربه هو نسبة الإقبال على التصويت... فهي جد منخفضة» لكنه أكد على عدم رصد أي تجاوزات.[69][70]
أعلنت شبكة "مراقبون" ومرصد "شاهد" تسجيل العديد من الإخلالات التي شابت سير عملية الإقتراع من بينها عرقلة عمل بعض الملاحظين، تسجيل خرق للصمت الانتخابي، وخرق لمبادئ المساواة والشفافية والإستقلالية.[71][72][73]
بسبب ارتكابه مخالفات مالية، قررت هيئة الانتخابات إلغاء النتائج المتحصل عليها للمترشح طارق المهدي وفوز منافسته نوار الشرفي بنسبة مائة بالمائة.[77] بيد أن القضاء الإداري أبطل ذلك.[78]
أكد رئيس هيئة الإنتخابات فاروق بوعسكر، إجراء دورة ثانية من الإنتخابات التشريعية في 131 دائرة (بين مترشحين إثنين فقط في كل دائرة) بتاريخ 29 يناير 2022 على أن يتم الإعلان عن النتائج النهائية يوم 4 مارس.[79][80]
الدور الأول: بلغ العدد الجملي للمقترعين في الدور الأول الذي ٱجري يوم 17 ديسمبر2022، 1 مليون و25 ألف و418 ناخبا بنسبة 11.22% وهي أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الإنتخابات في تونس.[85][86]
الدور الثاني: بلغت نسبة المشاركة حسب ما أعلنته الهيئة يوم 30 يناير2023، 11.4% أي بعدد ناخبين يقدر بـ895 ألف و2 ناخب من إجمالي عدد المسجلين البالغ عددهم حوالي 7 ملايين و853 ألف و447 ناخب.[87]
نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية 2022–2023 (الدور الأول)
المشاركون
11.22%
الممتنعون
88.78%
نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية 2022–2023 (الدور الثاني)