ساحل مرسين مسكون منذ الألفية التاسعة قبل الميلاد. وقد كشفت الحفريات التي قام بها جون غارستانغ لتل «يوموكتيبي» بوجود 23 مرحلة استعمارية قامت في هذه المنطقة، أقربها يرجع لتاريخ 6300 ق.م. ولكن يبدو أن المنطقة تم التخلي عنها بين عام 3200 وعام 1200 ق.م.
في القرون اللاحقة، أصبحت المدينة جزءاً من العديد من الدول والحضارات بما فيها الحيثيونوالآشوريونوالفرسواليونانيونومقدونيوالإسكندر الأكبروالسلوقيونوالبطالمة. خلال فترة الحضارة الإغريقية، حملت المدينة اسم زيفيريون (باليونانية: Ζεφύριον) وأشير إليها عند العديد من المؤلفين القدامى. وبصرف النظر عن ميناءها الطبيعي وموقعها الاستراتيجي على طول الطرق التجارية لجنوب الأناضول، فقد استفادت المدينة من تجارة الموليبدنوم (الرصاص الأبيض) من المناجم المجاورة.
أصبحت المنطقة في وقت لاحق جزءاً من مقاطعة كيليكياالرومانية، التي كانت عاصمتها طرسوس، في حين كانت مرسين الميناء الرئيسي لها. تم تغيير اسم المدينة من اسمها اللاتيني «زيفيريون» إلى هادريانوبوليس، وذلك على شرف الإمبراطور الروماني هادريان.
في عام 395، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين وانقسمت هذه المنطقة إلى قسمين حيث حكمت من البيزنطة (القسطنطينية لاحقاً)، وأصبحت مركزاً للتجارة في هذا الجزء من العالم. ثم أصبحت مدينة مسيحية والمقر الرسمي للأسقف.
خلال الحرب الأهلية الأمريكية، أصبحت المنطقة المورد الرئيسي للقطن للتعويض عن ارتفاع الطلب. وتم تمديد خطوط سكك حديدية إلى مرسين عام 1866 لنقل وتصدير القطن عبر البحر، وتطورت المدينة لتصبح مركزاً تجارياً رئيسياً.
اليوم مرسين تعتبر مدينة كبيرة تنتشر على طول الساحل، وفيها ناطحة سحاب من 52 طابق اسمها «برج ميرتيم»، وكانت تعد أطول ناطحة سحاب في تركيا لمدة 13 عاماً، بين عامي 1987 و 2000 إلى أن تم الانتهاء من أبراج «بانكاسي» في إسطنبول، ويوجد في مرسين أيضاً الفنادق الضخمة ودار الأوبرا، والعقارات الغالية بالقرب من البحر وعلى التلال، والعديد من المرافق الحديثة. بالرغم من عدم وجود منشآت عريقة وحياة ليلية كتلك الموجودة في إسطنبول وإزمير. ساحل مرسين هو أطول ساحل في تركيا وفي شرق البحر الأبيض المتوسط. عدد سكان المدينة هو 843,429 نسمة (ومع كل المحافظة 1,647,899 نسمة) وفقاً لتقديرات عام 2010. والسكان موزعين بين بلديات مدينة مرسين على الشكل التالي:[6]
اسم البلدية
عدد السكان لعام 2010
أكدينيز Akdeniz
276,094
ميزيتلي Mezitli
126,112
طوروسلار Toroslar
250,034
ييني شاهير Yenişehir
191,189
بلدية العاصمة تسعى الآن إلى إنقاذ الواجهة البحرية الأمامية، بعد أن أقامت الحدائق والممرات والتماثيل، وما زال هنالك أشجار النخيل على جوانب الطرق خصوصاً أن جيل الشباب يرغب بالذهاب للمقاهي ومحلات الحلويات والأحياء الحديثة مثل Pozcu أو Çamlıbel. والتي أنشئت فيها الأسواق والمحلات المعروفة والمطاعم. مركز المدينة عبارة عن متاهة من الشوارع الضيقة والأزقة والممرات والمحلات التجارية والمقاهي. الحي القديم يقع بالقرب من سوق السمك حيث يوجد الأكشاك التي تبيع سندويشات التنتوني والكبد المشوي.
واحدة من أهم المعالم المميزة للمدينة ككل، هي وجود ألواح الطاقة الشمسية والتدفئة، فهي في كل مكان، وعلى رأس كل مبنى تقريباً.
تركيا الآن تخطط لبناء أول محطة للطاقة النووية على بعد 80 ميل تقريباً إلى الغرب من مدينة مرسين.[7] في أذار/مارس 2008، فتحت تركيا مناقصة لبناء المصنع. الجماعات البيئية، مثل منظمة السلام الأخضر، يعارضون هذه الخطة.[7]
المناخ
مرسين لديها مناخ متوسطي، حيث أنها حارة ورطبة جداً صيفاً وباردة وأقل رطوبة شتاءً. وهطول المطر يكون في أعلى مستوياته في الشتاء، وبشكل أساسي في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير مما يعطيها مناخاً صحياً. وأكثر الأشهر رطوبتاً هي أشهر الصيف ويتميز شهر آب أنه شديد الحرارة والرطوبة في أعلى مستوياتها مع عدم وجود أي هطول للأمطار.
الميناء هو الركيزة الأساسية للاقتصاد في مرسين. يوجد 45 رصيف بحري، إجمالي منطقة الميناء هي 785,000 متر مربع (194 فدان)، بسعة 6,000 سفينة سنوياً. وميناء مرسين مركزاً دولياً للكثير من السفن المتوجهة لأوروبا.
بجوار الميناء يوجد منطقة حرة والتي تم إنشاءها في 1986، كأول منطقة حرة في تركيا، وتتضمن المستودعات والمحلات التجارية والتفكيك والتجميع والورش الهندسية والمصارف وشركات التأمين والتعبئة والتغليف ومرافق المعارض. المنطقة الحرة هي ملكية عامة للمستثمرين الأجانب، فهي قريبة من الأسواق الرئيسية في الشرق الأوسطوشمال أفريقيا وشرق وغرب أوروبا والاتحاد الروسي وآسيا الوسطى. بلغ حجم التداول في المنطقة الحرة 51.8 مليار دولار وذلك عام 2002.
لدى مرسين طرق سريعة (أوتوستراد) تربطها بالشمال والشرق والغرب. ومرسين أيضاً مرتبطة بخط السكة الحديدية الجنوبي. مطار أضنة يبعد عنها 69 كيلومتر. يعمل 70% من الذكور و46% من الإناث. ومعدل البطالة حوالي 6.7%.
تأسست جامعة مرسين عام 1992 وبدأ فيها التدريس في العام الدراسي 1993-1994، وتضم 11 كلية و 9 مدارس و 6 مدرسة مهنية. تخرج من الجامعة حوالي 10 الآف خريج، وزاد عدد موظفيها الأكاديميين إلى أكثر من 2100 أكاديمي، ويلتحق بها حوالي 22,000 طالب.
الثقافة
لأن هذه المدينة كانت مفترق طرق لعدة قرون، فالثقافة المحلية هي مزيج من الحضارات. مرسين لديها دار أوبراوباليه، هو الرابع بعد إسطنبولوإزميروأنقرة. تم تأسيس مهرجان مرسين للموسيقى عام 2001 ويقام في تشرين الأول/أكتوبر من كل سنة. جمعية التصوير الفوتوغرافي "Mersin Fotograf Derneği"، هي واحدة من المنظمات الثقافية الأكثر شعبية والنشطة في المدينة. بعض الأنشطة الثقافية يرعاها نادي مرسين الفني "İçel Sanat Kulübü". وهنالك متحف كبير في وسط المدينة. المقبرة المحلية مثيرة للاهتمام، فيمكن دفن الناس من جميع الأديان والطوائف فيها.
من أجل السباحة في مياه البحر النظيفة، يتوجب الخروج من المدينة، وربما إلى بعد ساعة على طول الساحل. الشواطئ التي تفضلها العائلات هي Kızkalesi وAyaş وSusanoğlu (على بعد 50-70 كم إلى الغرب)، بينما الشواطئ التي يفضلها جيل الشباب Akyar وYapraklı Koy وNarlıkuyu.