وكان مواقفه إزاء الثورة الدستورية وقراره الجاد على مغادرة النجف متوجها إلى إيران للاحتجاج على احتلال أجزاء منها تعبر عن رفضه الكامل للاستعمار والاستبداد.
كان الآخوند يرى الحركة الدستورية آلية للحيلولة دون الظلم والاضطهاد في حق الشعب، وكان يرى أنّ من الواجب دعم تلك الحركة ؛ لذلك دعا إلى الجهاد والكفاح بعد أن قصف الشاه محمد علي القاجاري المجلس النيابي في 23 جمادى الأولى سنة 1326 هـ.[6][7]
هو:«محمد كاظم بن الملا حسين الهروي الخراساني النجفي»، يشتهر بأسم الآخوند الخراساني.[9]
أما عن سبب تلقيبة بالآخوند فيقول هبة الدين الشهرستاني: «إن الشيخ الآخوند كان يسافر إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين في أيام حياة أستاذه الشيخ الأنصاري وفي أحد الأيام وبعد إتمام الزيارة رأىٰ الآخوند الأردكاني جالساً على منبر التدريس والكل مصغون إليه فجلس الشيخ محمد كاظم الخراساني يستمع ويصغي بما يملي الأردكاني على تلاميذه ومن ثم ذكر مسألة للشيخ الأنصاري وأورد عليه إشكالين ثم أنهى درسه. وقد رأى الشيخ الخراساني بأن إشكالات الآخوند الأردكاني صحيحة ومتينة. وعندما رجع إلى النجف وحضر درس أستاذه الأعظم الأنصاري ذكر له القصة كاملة. فقبل الأستاذ الإشكال الأول ورّد الثاني، ولكن الخراساني أصرّ على صحة الإشكال الثاني وأن الحق مع الأردكاني.. واستمرت المناظرة مدة طويلة حتى انتبه أحد الطلاب ليقول إلى صديقه.. انظر لهذا الآخوند كيف يؤيد أقوال ذلك الآخوند. وقال طالب آخر.. قرت عيوننا بهذا الآخوند بعد ذاك الآخوند.فهكذا صار « الآخوند » لقباً ملازماً للشيخ محمد كاظم الخراساني حتى كاد يطغى علىٰ الاسم.»[10]
وكان للآخوند ستة أبناء ؛ خسمة أولاد وبنت واحدة، أما أسماء أولاده : مهدي، ومحمد، وأحمد، وحسين، وحسن وكلّهم كانوا طلبة العلوم الدينية، وأمّا بنته فقد كانت زوجة الشيخ إسماعيل الرشتي.[6]
ولادته وحياته
ولد الآخوند عام 1255 هـ / 1853 م في عهد محمد شاه ثالث ملوك الأسرة القاجارية وفي بيئة معروفة بالصلاح ومشهورة بالسداد فقد كان والده حسين تاجر الحرير المعروف في مشهد من أهل هراة، محباً للعلم والعلماء. وبلغ حبه لهداية الناس أن قصد كاشان وبقي فيها مدة من الزمان يؤدي وظيفته في الوعظ والإرشاد.[10]
دراسته في مشهد
بدأ الآخوند في مشهد بدراسة المقدمات، وأكمل هناك العربية والمنطق وشيئا من علمي الأصول والفقه، واستمرت هذه المرحلة من دراسته إلىٰ بلوغه الثالثة والعشرين من عمره.
تتلمذ الآخوند الخراساني على يد مجموعة من علماء عصره، في مشهد، وسبزوار، وطهران، والنجف، وسامراء، ومنهم: هادي السبزواري، مرتضى الأنصاري، محمد حسن الشيرازي، الميرزا أبو الحسن جلوه، حسين الخوئي، علي التستري، راضي بن محمد النجفي، وغيرهم.[6]
في الطريق إلى النجف
غادر الآخوند مشهد متوجهاً إلى النجف سنة 1277هـ ومرّ بمدينة سبزوار فقصد الشيخ هادي السبزواري، واستقر في مدرسة سبزوار من رجب 1277هـ إلى ذي الحجة، ثم سافر إلىٰ طهران وتتلمذ هناك على يد مجموعة من العلماء، واستقر في مدرسة الصدر، وكان شريكه في غرفته تلميذ آخر هو عبد الرسول المازندراني، وبقي في طهران ثلاثة عشر شهراً وعشرين يوماً.
ولم يكن للآخوند المال الكافي للوصول إلى النجف، فبقي في طهران، وفي وقت آخر التقى بزميله عبد الرسول وأخبره بأن لدىٰ زعيم المدرسة وجوهاً شرعية تتعلق بالصلاة والصوم ويمكن للشيخ أن يستفيد منها لمواصلة سفره بعد تأدية الواجب الشرعي، وكان المبلغ مائة تومان، وتعهّد الشيخ ان يصوم ويصلي مقابل هذه المائة تومان عن عشرين عاما.[10]
زعیم الدستور الایراني
اتفقت تغییر الحومة من السلطنة الی الدستوریة المشروطة فی عهد الخراساني وهو یعد من أبرز مؤیدیه وقائدیه.
الخدمات الاجتماعية
ومن ضمن الخدمات الاجتماعية التي قدمها الآخوند الخراساني بناء ثلاث مدارس دينية علمية حملت إسمه في مدينة النجف هي “مدرسة الآخوند الكبرى والوسطى والصغرى”، كما أنه أسس مدارس للعلوم الحديثة في النجفوكربلاءوبغداد.[6]
«عندما ذهب ربع الليل تفرق الناس عنه إلى دورهم لأن أكثر الناس مثله كانوا متأهبين إلى الرحيل معه، لكنه لم يزر عينيه الكرى بعد مفارقة الناس إياه وأخذه شبه الضعف في منتصف الليل فعالجوه حتى خفت الوطأة وعرق عرقاً كثيراً، فقالوا له : مرنا أن نحل أوزار المسير ونؤخر السفر إلى يوم آخر حتى يستقيم مزاجك وتصفو لك الاُمور، فقال : كلا، أنني راحل غداً إن شاء الله إلى مسجد السهلة، فإن الاستجارة فيها إلى الله تعالى محمودة ليلة الأربعاء، فسيروا غداً اليها ولو أشرفت على الموت لئلا يستوهن عزم المهاجرين معي ثم أخذ يوصي بما يجب ويرتب صورة مسيره إلى دفع الكفار حتى انفلق عمود الفجر وحيث قد بين في أول الليلة لأصحابه قائلاً : « أنني أشتهي أن أزور حضرة الإمام لأودعه فإني لا أظن بنفسي الرجوع بعد هذا ونصلي صلاة الصبح في حضرته ».
قيل له : إن ضعف مزاجك لا يسوغ لك الآن حركة، فصل الصبح هاهنا وخذ لنفسك بالمنام راحة إذ لم تنم ليلك ولا نهارك ثم زر الإمام عندما تنوي الخروج من النجف، فاستحسن هذا القول وصلى الصبح فريضة ونافلة ثم اشتكى من حدوث انقباض في قلبه وأنّ أنّة رقيقة ومدد كالمغمى عليه وتوفي وفاة هنيئة كما عاش عيشة شريفة، فجاؤوا بدكتور الحكومة فلما لمسه وامتحنه عزى أهله وصحبه بوفاة والد الاُمة وضج الحاضرون وذاع الخبر فأصبحت النجف ضجة واحدة وخرج الناس حيارى وسكارى لا يصدقون نعيه علماً منهم بكمال صحته واستقامته فتسلمته أيدي المنون على غرة في العالمين وانتشلته من صفوف الأحياء وهم في ذهول عنه وغفلة»
وقد رثاه جمع من الشعراء منهم حسن رحيم قال راثياً ومؤرخاً:[10]
وفريد قد حظى الترب به
ليتنا كنا له نمضي فدا
ايتم العلم بل الدين معا
كاظم للغيظ ينعاه الندا
ونعى جبريل أرخ « هاتفاً
هدمت والله أركان الهدى »
تلامذته
امتاز الآخوند الخراساني عن كل من معاصريه وسابقيه، بكثرة التلاميذ الحاضرين في درسه وتربية العلماء الأعلام، كما امتاز بحسن بيانه، كان الآخوند مدرس العلوم في حوزه النجف طوال أربعين سنة وفيها درس الفلسفةوالفقهوالأصول ويمكن لنا القول بان أكثر مراجع الشيعة في القرن الرابع عشر الهجري كانوا من تلامذته، ومنهم:[12]