تابع فرانتس الثاني دوره القيادي كمعارض لفرنسا النابليونية خلال حروبها في أوروبا، ومع ذلك عانى من عدة هزائم بعد أوسترليتز، ومع ذلك كان زواج ابنته الكبرى الأرشيدوقة ماريا لويزا من نابليون بونابرت نفسه في 10 مارس 1810 أشد هزيمة شخصية له، وبعد تنازل نابليون عن الحكم في أعقاب الحرب التحالف السادسة، شاركت النمسا كعضو بارز في التحالف المقدس خلال مؤتمر فيينا الذي كان يهيمن عليه مستشاره كليمنس فنتسل أمير فون مترنيخ الذي كان له دور في إعادة تنظيم الخراطة الأوروبية من جديد واستعادة السيادة القديمة لفرانتس (باستثناء الإمبراطورية الرومانية المقدسة التي تم حلها)، وبسبب تأسيس «تنظيم أوروبا» التي قاوم إلى حد كبير النزعات القومية والليبرالية الشعبية، أصبح يُنظر إليه على أنه رجعي في وقت لاحق من عهده.
سنوات المبكرة
كان فرانتس الطفل الثاني والذكر الأول لـ ليوبولدو الأول دوق توسكانا الأكبر (في المستقبل إمبراطور الروماني المقدس) وزوجته ماريا لودوفيكا من إسبانيا ابنة كارلوس الثالث ملك إسبانيا، ولد فرانتس (بالإيطالية: فرانشيسكو) في فلورنسا عاصمة والده الذي كان آنذاك دوق توسكانا الأكبر منذ 1765 حتى 1790، على الرغم من أنه عاش طفولة سعيدة بجانب أشقاءه الذين بلغ عددهم خمسة عشر،[4] إلا أنه كان من المحتمل أن يصبح الإمبراطور المستقبلي (بحيث أن عمه الإمبراطور يوزف الأول لم يكن لديه وريث من زيجاته)، وهكذا في 1784 مع بلوغه العام الخامسة العشر تم إرساله إلى عاصمة الإمبراطورية فيينا وذلك لتعليمه وإعداده وتحضيره لدوره المستقبلي.[5]
الإمبراطور يوزف الأول بنفسه تولى مسؤولية تطوير الشاب، بحيث كان نظامه التأديبي يتناقض تاماً مع تعليماته أثناء تواجده في البلاط الفلورنسي، بحيث كان الشاب فرانتس في ذاك الوقت طفل مدلل وضعيف البنية، وحتى أن طريقة العصا زادت الشاب خوفاً وعدم ارتياح،[6] ولهذا تم عزل الشاب لجعله أكثر اكتفاء ذاتياً، ومع ذلك كان فرانتس محط إعجاب عمه بحيث أنه لا يخاف في استكمال تدريباته لدى تم إرسالها إلى الفوج العسكري في المجر واستقر بسهولة في الروتين الحياة العسكرية.[7]
بعد وفاة عمه في 1790 أصبح والده الإمبراطور التالي وحتى قدومه إلى عاصمة فيينا شغل فرانتس منصب النائب لفترة وجيزة، اتبع والده سياسة الإصلاح إلا أنه وبحلول شتاء 1791 ساءت حالته، وأصبح مريضاً مع حلول 1792، وبعد ظهر 1 مارس من نفس العام توفي الإمبراطور ليوبولد من العمر يناهز 44 عاماً، وأصبح الآن فرانتس الإمبراطور التالي مع بلوغ عامه الأربع والعشرون، كان ذلك أسرع مما متوقع؛ بحيث كان عليه مواكبة التغييرات في جارته فرنسا.
الإمبراطور
بصفته قائد إمبراطورية هابسبورغ المتعددة الأعراق، شعر فرانتس بالتهديد من الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي قامت بها فرنسا الثورية والتي تم تصديرها إلى جميع إنحاء أوروبا مع توسعات الفرنسية الاحتلالية، ومع ذلك كان لفرانتس علاقات محفوفة بالمخاطر مع فرنسا، بحيث كانت عمته ماريا أنطوانيت زوجة الملك لويس السادس عشر من فرنسا، بذلك تعتبر ملكة فرنسا القرينة، أصبحوا الآن مع حلول 1793 مع بداية عهده في قبضة الثوار الفرنسيين، فعلى وجه الإجمال؛ لم تكن مبالية بمصيرها (بحيث أنها لم تكن مقربة من والده ليوبولد، وعلى الرغم من أنها إلتقت بفرانتس عندما كان صغيراً جداً، إلا أنه لم يكن له ذكريات مع عمته)، ومع ذلك حاول الثوري جورج جاك دانتون التفاوض مع الإمبراطور لإطلاق سراح عمته ماريا أنطوانيت، إلا أن فرانتس لم يكن راغباً في تقديم آية تنازلات في المقابل.[8]
في هذه المرحلة؛ موقفه كإمبراطور الروماني المقدس لا يمكن الدفاع عنه، لذلك تنازل عن العرش في 6 أغسطس 1806، على الرغم من أن تم انحلال الإمبراطورية مسبوقاً أثناء المعاهدة، إلا أن هذه الخطوة السياسية كانت لإفساد شرعية اتحاد الراين،[9] كان فرانتس متوقعاً فقدان العرش الروماني المقدس من قبل، لهذا كرد على جعل نابليون نفسه إمبراطور فرنسا، قام فرانتس برفع النمسا إلى مرتبة الإمبراطورية، ومن ثَّم بعد 1806 أصبح فرانتس الأول إمبراطور النمسا.[10]
في عام 1809 هاجم فرانتس فرنسا مرة أُخرى على أمل الاستفادة من الحرب في شبه الجزيرة الأيبيرية التي تورط فيها نابليون، مع ذلك انهزمت النمسا مرة أُخرى، هذه المرة أُجبرت على التحالف مع نابليون، وأيضا تخلت عن الهجوم على الأراضي الإمبراطورية، وكذلك كان عليها انضمام أيضا إلى الحصار القاري الذي فرضه نابليون على بريطانيا العظمى، وأيضا كان عليه تزويج ابنته الكبرى الأرشيدوقة ماريا لويزا من الإمبراطور نفسه، أدت الحروب النابليونية إلى إضعاف النمسا بشكل كبير، مما جعلها غير ساحلية بالكامل وأيضا هددت وجودها بين الولايات الألمانية، وهذا الموقف سوف تتخلى عنه لصالح مملكة بروسيا في النهاية المطاف مع منتصف القرن 19 لاحقاً.
أثرت أحداث الثورة الفرنسية العنيفة كثيراً في ذهن فرانتس (بجانب جميع الملوك الأوروبيين الأخرون)؛ وقد جاء في عدم الثقة في بالراديكالية بأي شكل من الأشكال، في 1794 تم اكتشاف عن مؤامرة «اليعقوبية» في أوساط الجيش النمساوي والمجري،[13] بحيث تم القبض على الكثير من الجناة، وإعدام وشنق اثنان من الضباط المتورطين في تلك المؤامرة، بينما قد تم حكم على العديد من الأشخاص بالسجن (مات العديد منهم في الظروف السيئة).[14]
بسبب التجارب المشبوهة قام فرانتس بإنشاء شبكة واسعة من جواسيس الشرطة السرية والرقابة على الاشتباك[14] (في هذا كان يتبع سياسة والده ليوبولد، بحيث كانت الشرطة توسكانا السرية أكثر شرطة فعالة في أوروبا آنذاك)[5] حتى أن عائلته لم تلتفت من الانتباه، بحيث قام إخوانه الأرشيدوق كارلويوهان بعقد عدة الاجتماعات والأنشطة مع ذلك كانوا تحت الرقابة،[15] وحتى أن المؤلف النمساوي فرانتس جريلبارتسر كان له مسرحية تم إلغائها كتدبير «احترازي»، وعندما إلتقى جريلبارتسر بالمسؤول الرقيب عن سبب اعتراض أجابه «لا شيء على الإطلاق».[16]
في الشؤون العسكرية سمح فرانتس لشقيقه الأرشيدوق كارل بالسيطرة على الجيش خلال الحروب النابليونية، ومع ذلك بسبب عدم الثقة لأي فرد بدرجة كبيرة من السلطة، فقد حافظ على خلاف ذلك في فصل وظائف القيادة بين هوفكريسرات (مجلس الحرب) وقادته الميدانيين،[17] وفي السنوات الأخيرة من حكمه كان الإنفاق العسكري محدوداً، بحيث لم يتطلب أكثر من 40 مليون فلورين سنوياً، وبسبب التضخم أدى إلى عدم كفاية التمويل بحيث تقلصت حصة الجيش من الميزانية من النصف في 1817 إلى 23% فقط في 1830.[18]
كان فرانتس في صباح كل أسبوع يستمع لمقابلة لرعاياه الإمبرياليين؛ بعض النظر على طريقة التعيين في مكتبه،[19] ومع ذلك لم يكن هناك تناقض حول إعلان من خلال سلطته إمبراطور الروماني المقدس أن يعلن نفسه إمبراطور النمسا (في ذلك الوقت مصطلح جغرافي كان له صدى قليل)، بعد عامين حل فرانتس الإمبراطورية الرومانية المقدسة للأمة الألمانية، ومع ذلك كانت كلتا الأفعال قانونية ودستورية.[20]
سنواته الأخيرة
في 2 مارس 1835 أي بعد يوم واحد من ذكرى وفاة والده ليوبولد 43، توفي فرانتس من حمى مفاجئة في فيينا من العمر البالغ 67 عاماً، مع حضور العديد من أفراد عائلته ومع كل وسائل طاقم رجال الدين،[21] كان جنازته منظمة، حتى أن رعاياه في فيينا قاموا له احتفال في كنيسة قصر هوفبورغ[22] لمدة ثلاثة أيام،[23] وتم دفنه في مكان دفن التقليدي لملوك هابسبورغ في السرداب الكبوشي الإمبراطوري في ساحة نوير ماركت في فيينا، بحيث دفن في القبر 57 تحيط به زوجاته الرابعة.
بعد ستة شهور من وفاة زوجته الثالثة تزوج من قريبته كارولين أوغستا من بافاريا ابنة ماكسيمليان الأول يوزف ملك بافاريا؛ وأيضا هي شقيقة الكبرى لكنته الأميرة صوفي زوجة ابنه الأرشيدوق فرانتس كارل، لم تنجب كارولين لفرانتس آي أبناء؛ عاشت لمدة 37 سنة من بعده ولم تتزوج قط أيضا.