من المقبول عمومًا أن الإِنْسال مُتماثل الجاميتات هو سلف الحيوانات المنوية والبويضات. ومع ذلك، لا توجد سجلاتٌ أحفورية لتطور الحيوانات المنوية والبويضات من الإِنْسال مُتماثل الجاميتات، مما يؤدي إلى التركيز على النماذج الرياضية لفهم تطور الحيوانات المنوية.[5]
تنصُ فرضية واسعة الانتشار على أنَّ الحيوانات المنوية تطورت بسرعة. ومع ذلك، لا يوجد دليلٌ مباشر[الإنجليزية] على أنَّ الحيوانات المنوية قد تطورت بمعدلٍ سريعٍ أو قبل الخصائص الذكرية الأخرى.[6]
في الإنسان والحيوانات
الوظيفة
تتمثل الوظيفة الرئيسية للحيوانات المنوية في الوصول إلى البويضة والاندماج معها، وذلك لتوصيل بنيتين خلويتين فرعيتين: الأولى هي النواة الأولية الذكرية التي تحتوي على المادة الوراثية، والثانية هي المريكزات، وهي هياكلٌ تُساعد على تنظيم الهيكل الخلويللأنيبيبات الدقيقة.
الرأس: يحتوي على نواةٍ مع أليافٍ كروماتينية ملفوفةٌ بكثافةٍ، ويُحاط من الأمام بجرابٍ رفيعٍ مسطحٍ يسمى الجسيم القمي، والذي يحتوي على إنزيماتٍ تُستخدم لاختراق بويضة الأنثى. كما يحتوي أيضًا على فجواتٍ.[7]
الذيل: يُطلق عليه أيضًا اسم السوط، وهو أطول جزءٍ ويتحرك بشكلٍ يُشبه الموجة، حيث تدفعه للسباحة وتساعده في اختراق البويضة.[8][9][10] كان يُعتقد سابقًا أن الذيل يتحرك بشكلٍ متماثلٍ للشكل الحلزوني.
ادعى علماءٌ في جامعة نانجينغ الطبية[الإنجليزية] عام 2016 أنهم أنتجوا خلايًا تُشبه طليعة الحيوانات المنوية للفئران باستعمال خلايًا جذعية جنينية للفأر بشكلٍ اصطناعي. حقنوا هذه الطلائع المنوية في بويضات الفئران وأنتجوا الجراء.[16]
يمكن إصلاح أضرار الحمض النووي الرايبوزي منقوص الأكسجين (الدنا) الموجودة في خلايا الحيوانات المنوية في الفترة التي تلي الانقسام المنصف ولكن قبل الإخصاب في البويضة المخصبة، ولكن إذا لم تُصلح، فإنها قد تؤدي إلى آثارٍ ضارةٍ خطيرةٍ على الخصوبة والجنين النامي. تُعد خلايا الحيوانات المنوية البشرية معرضةً بشكلٍ خاص لهجمات الجذور الحرة وإحداثٍ ضررٍ مؤكسدٍ للدنا.[18]
إنَّ مرحلة ما بعد الانقسام المنصف في تكوين الحيوانات المنوية لدى الفئران تُعد حساسةً جدًا للعوامل البيئية السامة للجينات؛ وذلك لأنَّ الخلايا الجنسية الذكرية تُشكل حيواناتٍ منويةٍ ناضجةٍ، ولكنها تفقد تدريجيًا القدرة على إصلاح تلف الدنا.[19] قد يؤدي تعريض ذكور الفئران إلى الإشعاع أثناء تكوين الحيوانات المنوية المتأخر إلى تلفٍ يستمر لمدة 7 أيام على الأقل في خلايا الحيوانات المنوية المُخصبة، كما يؤدي تعطيل مسارات إصلاح كسر الشرائط المزدوجة للحمض النووي للأم إلى زيادة الانحرافات الكرومومسومية المُشتقة من خلايا الحيوانات المنوية.[20] يؤدي علاج ذكور الفئران بالميلفالان، وهو عامل مؤلكلٌ ثنائيُ الوظيفة يُستخدم كثيرًا في العلاج الكيميائي، يتسبب في حدوث آفاتٍ في الدنا أثناء الانقسام المنصف، والتي قد تستمر في حالةٍ تالفة حيث تتقدم الخلايا الجنسية عبر مراحل تطور تكوين الحيوانات المنوية التي تكون قادرة على إصلاح الدنا.[21] قد يؤدي تلف الدنا في خلايا الحيوانات المنوية بعد الإخصاب، إلى إنجابٍ نسلٍ يُعاني من تشوهاتٍ مُختلفة.
الحجم
يرتبط حجم الحيوانات المنوية بكفاءتها، وذلك على الأقل في بعض الحيوانات. مثلًا، يصل طول الحيوانات المنوية في بعض أنواع ذبابة الفاكهة إلى 5.8 سم، أي حوالي 20 ضعف طول الذبابة نفسها. تُعد خلايا الحيوانات المنوية الأطول أفضل من نظيراتها الأقصر في إبعاد المنافسين عن المستلم المنوي الأنثوي. يُعود هذا على الإناث بالفائدة، حيث أنَّ الذكور الأصحاء فقط هم من يحملون الجينات «الجيدة» التي يُمكنها إنتاج حيواناتٍ منويةٍ طويلة بكمياتٍ كافيةٍ للتغلب على منافسيها.[22][23]
أسواق الحيوانات المنوية البشرية
تحتوي بعض بنوك الحيوانات المنوية على ما يصل إلى 170 لترًا (37 غالونًا إمبراطوريًا، أي 45 غالونًا أمريكيًا) من الحيوانات المنوية.[24]
تمتلك الدنمارك نظامًا متطورًا لتصدير الحيوانات المنوية البشرية على مستوى الأسواق العالمية، ويأتي هذا النجاح أساسًا من سُمعة المتبرعين الدنماركيين بالحيوانات المنوية؛ وذلك كونَّ هذه الحيوانات تتمع بكفاءةٍ عالية،[25] وذلك على عكس القانون في بلدان شمال أوروبا الأخرى، حيث يُمنح المتبرعون حرية الاختيار في أن يكونوا مجهولين أو غير مجهولين للزوجين المتلقيين.[25] إضافةً لهذا، فإنَّ المتبرعين في بلدان شمال أوروبا عادةً ما يكونوا طويلي القامة وحاملين لشهاداتٍ عُليا[26] ولديهم دوافع إيثارية لتبرعاتهم،[26] ويرجع ذلك جزئيًا إلى التعويضات النقدية المنخفضة نسبيًا في دول الشمال. تستورد أكثر من 50 دولة حول العالم الحيوانات المنوية الدنماركية، وتتضمن الباراغوايوكنداوكينياوهونغ كونغ.[25] ومع ذلك، فقد حظرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) استيراد أي حيوانٍ منويٍ؛ وذلك بسبب خطر انتقال مرض كروتزفيلد جاكوب، على الرغم من أنَّ هذا الخطر ضئيلٌ، حيث أنَّ الإمناء الاصطناعي يختلف تمامًا عن طريق انتقال مرض كروتزفيلد جاكوب.[27] يبلغُ معدل انتشار هذا المرض بين المتبرعين واحدًا في المليون على الأكثر، وإذا كان المتبرع ناقلًا، فلا يزال يتعين على البروتينات المٌعدية عبور الحاجز الدموي الخصوي ليكون انتقال المرض ممكنًا.[27]
التاريخ
لُوحظ وجود الحيوانات المنوية للمرة الأولى في عام 1677 بواسطة أنطوني فان ليفينهوك[28] باستخدام المجهر، وكان قد وصفها بأنها حييويناتٌ (حيواناتٌ صغيرة)، وربما يُرجع ذلك إلى اعتقاده بالتكون المسبق للكائنات، والذي يتحدث أنَّ كل حيوانٍ منويٍ يحتوي على إنسانٍ مُكتمل التكوين ولكنه صغير.[بحاجة لمصدر]
التحليل الشرعي
تُستعمل الأشعة فوق البنفسجية للكشف عن "السوائل المقذوفة"، وذلك بغض النظر عن بنية السطح أو لونِه.[29] أما رؤوس الحيوانات المنوية، مثلًا في المسحات المهبلية، يُكشف عنها عن طريق الفحص المجهري باستخدام طريقة صبغة شجرة عيد الميلاد (الاسم العلمي: Christmas Tree Stain)، والتي تُسمى أيضًا صبغة كيرنشتروت بيكروينديجوكارمين (اختصارًا KPIC).[30][31]
تتحرك الحيوانات المنوية المُتحركة عادةً عبر الأسواط، ولكنها تحتاج لوسطٍ مائي لتسبح فيه نحو البويضة لإخصابها. تُستمد معظم الطاقة اللازمة لحركة الحيوانات المنوية في البشر والحيوانات من أيض الفركتوز الموجود في السائل المنوي. يحدث هذا في الميتوكوندريا الموجودة في الجزء الأوسط من الحيوانات المنوية (عند قاعدة رأس الحيوان المنوي). لا تستطيع هذه الخلايا السباحة للخلف بسبب طبيعة دفعها. يُشار إلى خلايا الحيوانات المنوية وحيدة السوط في الحيوانات باسم الحيوانات المنوية المتحركة (الاسم العلمي: spermatozoa)، وتختلف في الحجم.[بحاجة لمصدر]
تُسمى الحيوانات المنوية غير المتحركة بالأبواغ الذكرية (الاسم العلمي: spermatia)، وهي لا تمتلكُ أسواطًا، وبالتالي غير قادرةٍ على السباحة. تُنتج هذه الحيوانات المنوية في المعرس.[33]
نظرًا لأنَّ الأبواغ الذكرية لا تستطيع السباحة، فإنها تُعتمد على بيئتها لنقلها نحو خلية البويضة. تُنتج بعض الطحالب الحمراء، مثل الطحالب الحمر، حيواناتٍ منويةٍ غيرُ متحركةٍ تنتشر عبر التيارات المائية بعد إطلاقها.[33] تكون الأبواغ الذكرية في الشقرانيات مغطاةً بمادةٍ لزجةٍ، حيث تُنتج في هياكل تُشبه القارورة تحتوي على رحيق، والتي تجذب الذباب الذي ينقل الأبواغ الذكرية إلى خيوطٍ فطريةٍ قريبة للإخصاب، ويكون هذا في آليةٍ مشابهةٍ لتلقيح الحشرات في النباتات المزهرة.[35]
قد يُخلط بين الأبواغ الذكرية الفطرية مع الغبيرات، وهي أبواغٌ تنبتُ بشكلٍ مستقل عن الإخصاب، في حين أنَّ الأبواغ الذكرية هي جاميتاتٌ مطلوبةٌ للإخصاب. تتطابق الأبواغ الذكرية في بعض الفطريات، مثل العصيباء المبوغة السميكة، مع الغبيرات، حيث يمكنها أداء وظيفتي الإخصاب وكذلك إنتاج كائناتٍ حيةٍ جديدة بدون إخصاب.[36]
النواة
في جميع النباتات الجنينية تقريبًا، بما في ذلك مُعظم عاريات البذور وجميع كاسيات البذور، فإنَّ النابتات العرسية الذكرية (حبوب اللقاح) تُعد الشكل الأساسي للانتشار الحيوي، على سبيل المثال عن طريق التأبير بالرياح أو الحشرات، مما يُلغي الحاجة إلى الماء لسد الفجوة بين الذكر والأنثى. تحتوي كل حبة لقاح على خلية منوية (مُولدة). بمجرد هبوط حبوب اللقاح على ميسم الزهرة المستقبلة، فإنها تُنبت وتبدأ في إنماء أنبوب اللقاح عبر المتاع، وقبل أن يصل الأنبوب إلى البويضة النباتية، تنقسم نواة الخلية المُنتجة في حبوب اللقاح وتنتج نواتين من الحيوانات المنوية، ثم تُفرغ من خلال الأنبوب إلى البويضة للإخصاب.[33]
في بعض الطلائعيات، يتضمن الإخصاب أيضًا هجرة نوى الحيوانات المنوية، بدلًا من الخلايا، نحو خلية البويضة من خلال أنبوب الإخصاب. تُشكل الطلائعيات البيضية نوى الحيوانات المنوية في معفرٍملتحمٍ خلويٍ يُحيط بخلايا البويضة. تصل نوى الحيوانات المنوية إلى البويضات عبر أنابيب الإخصاب، وذلك على غرار آلية أنبوب اللقاح في النباتات.[33]
المريكزات
تحتوي معظم خلايا الحيوانات المنوية على مريكزاتٍ في عنقها.[37] تحتوي الحيوانات المنوية للعديد من الحيوانات على مريكزان نموذجيان يعرفان باسم المريكز الدانٍ والمريكز القاصِ. يمتلك الإنسان وبعض الحيوانات مثل والأبقار مريكزًا نموذجيًا واحدًا، يُعرف باسم المريكز الدانِ، ومريكز ثانٍ له بنيةٌ غير نمطية. ليس لدى الفئران والجرذان مريكزاتٍ يمكن تحديدها في الحيوانات المنوية. تمتلك ذبابة الفاكهة الشائعة (الاسم العلمي: Drosophila melanogaster) مريكزًا واحدًا ومريكزًا غيرُ نمطيٍ يُسمى المُريكز شبيه الدانِ.[38]
^Hewitson, Laura & Schatten, Gerald P. (2003). "The biology of fertilization in humans". في Patrizio, Pasquale؛ وآخرون (المحررون). A color atlas for human assisted reproduction: laboratory and clinical insights. Lippincott Williams & Wilkins. ص. 3. ISBN:978-0-7817-3769-2. مؤرشف من الأصل في 2022-02-03. اطلع عليه بتاريخ 2013-11-09.
^Gavriliouk D، Aitken RJ (2015). "Damage to Sperm DNA Mediated by Reactive Oxygen Species: Its Impact on Human Reproduction and the Health Trajectory of Offspring". The Male Role in Pregnancy Loss and Embryo Implantation Failure. Advances in Experimental Medicine and Biology. ج. 868. ص. 23–47. DOI:10.1007/978-3-319-18881-2_2. ISBN:978-3-319-18880-5. PMID:26178844.
^ ابSteven Kotler (26 September 2007). "The God of Sperm". مؤرشف من الأصل في 26 حزيران 2018. اطلع عليه بتاريخ 26 نيسـان 2018. {{استشهاد بخبر}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
^Phatlane William Mokwala؛ Phetole Mangena (6 يونيو 2018). Pollination in Plants. BoD – Books on Demand. ص. 8. ISBN:978-1-78923-236-3. مؤرشف من الأصل في 2022-02-10. اطلع عليه بتاريخ 2022-02-10.
^ ابجدهوRaven، Peter H.؛ Ray F. Evert؛ Susan E. Eichhorn (2005). Biology of Plants, 7th Edition. New York: W.H. Freeman and Company Publishers. ISBN:0-7167-1007-2.