يُتيح التصوير الوظيفي بمشاهدة مباشرة لمعالجة المعلومات في المراكز الموجودة في المخ، ففي أثناء هذه المعالجة يزداد التمثيل الغذائي في المنطقة المسؤلة عنها و«تتوهج» مما يمحكن من تصويرها، ويُعتبر «تحديد الأفكار» أو قراءة العقل أحد أكثر استخدامات التصوير العصبي إثارة للجدل.
التاريخ
يعود الفصل الأول من تاريخ التصوير العصبي إلى عالم الأعصاب الإيطالي أنجيلو موسو الذي اكتشف «توازن الدورة الدموية البشرية» التي مكنت من القياس الغير تدخلي لإعادة توزيع الدم في الدماغ خلال النشاط العاطفي والفكري.[2] وبالرغم من أن وليام جيمس قد ذكر هذا التوازن قبل فترة وجيزة (عام 1890) إلا أن تفاصيل هذا التوازن والأعمال الدقيقة والتجارب التي أجراها موسو ظلت غير معروفة بشكل كبير حتى حدث مؤخرا اكتشاف أداته الأصلية وتقاريره التي كتبها ستيفانو ساندرون وزملاؤه.[3]
تطور بعد ذلك التصوير بالرنين المغناطيسي من قِبل باحثين منهم بيتر مانسفيدوبول لاوتربر، اللذان حصلا على جائزة نوبل في الطلب أو علم وظائف الأعضاء عام 2003، وقد قُدم التصوير بالرنين المغناطيسي في أوائل الثمانينيات سريريًا، إلا أنه خلال ثمانينيات القرن العشرين حدث تطور هائل في التحسينات الفنية والتطبيقات التشخيصية له، وبسرعة أدرك العلماء أن التغيرات الكبيرة في تدفق الدم المقاسة التي يقيسها التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني يمكن أيضا تصويرها بنوع مناسب من أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، تبع ذلك ميلاد التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، الذي سيطر منذ التسعينيات على مجال رسم خرائط الدماغ نظرًا لانخفاض تدخليته ونقص التعرض للإشعاع وتوافره النسبي على نطاق واسع.
وصل مجال التصوير العصبي أوائل عام 2000 إلى المرحلة التي أصبحت فيها التطبيقات العملية المحدودة للتصوير الوظيفي للدماغ ممكنة، مجال التطبيق الرئيسي حاسوب العقل الوسيط.
دواعي الاستعمال
يتبع التصوير العصبي الفحص العصبي، وذلك إن رأى الطبيب سببًا لإجرائه بهدف إجراء فحوصات أعمق للمريض الذي يعاني من اضطراب عصبي.
يُعتبر الإغماء البسيط أحد أكثر المشاكل العصبية التي قد يوجهها الشحص شيوعًا،[4][5] فتشخيص حالات الإغماء البسيط، الذي لا يشير فيه تاريخ المريض إلى أعراض عصبية أخرى، يتضمن الفحص العصبي دون استدعاء تصوير عصبي بشكل روتيني، لأن احتمال العثور على سبب في الجهاز العصبي المركزي يكون ضئيلا للغاية ومن غير المحتمل أن يستفيد المريض منه. [5]
يُعتبر التصوير العصبي غير مطلوب بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الصداع المستقر والذي تم تشخيصه على أنه صداع نصفي.[6] وتشير الدراسات إلى أن وجود الصداع النصفي لا يزيد من خطر إصابة المريض بأمراض داخل الجمجمة. [6] كما أن تشخيص الصداع النصفي الذي يدل على غياب مشاكل أخرى (مثل الوذمة الحليمية) لا يشير إلى الحاجة إلى إجراء تصوير عصبي. [6] ويجب على الطبيب أثناء محاولته الوصول إلى تشخيص دقيق أن يفكر فيما إذا كان سبب الصداع شيا آخر غير الصداع النصفي، كما قد يتطلب الأمر إجراء تصوير عصبي. [6]
تُعتبر الجراحة المجسمةوالتي يتم توجيهها بالتصوير المقطعي المحوسب أو الرنين المغناطيسي لعلاج الأورام داخل الجمجمة والتشوهات الشريانية الوريدية وغيرها من الحالات الجراحية القابلة للعلاج أحد دواعي إجراءات التصوير العصبي.[7][8][9][10]
تقنيات تصوير الدماغ
التصوير المقطعي المحوري
يستخدم التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير المقطعي المحوري سلسلة من صور الأشعة السينية للرأس مأخوذة من عدة اتجاهات مختلفة، ونظرا لاستخدام التصوير المقطعي المحوسب للعرض السريع لإصابات الدماغ، فإنه يستخدم برنامج كمبيوتر يقوم بإجراء عملية حسابية متكاملة (تحويل رادون عكسي) على سلسلة الأشعة السينية المقاسة لتقييم مقدار الأشعة السينية الممتصة في حجم صغير من الدماغ، عادة ما يتم تقديم المعلومات على شكل مقاطع عرضية من الدماغ.[11]
التصوير البصري المنتشر
الإشارة البصرية ذات الصلة بالحدث
التصوير بالرنين المغناطيسي
يستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي المجال المغناطيسي والأمواج الراديوية لإنتاج صور عالية الجودة لهياكل المخ، ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، دون استخدام الإشعاعات المؤينة (الأشعة السينية) أو أجهزة التتبع الإشعاعي.
التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي
يعتمد التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وتوسيم الدوران الشرياني على الخواص المغنطيسية للهيموغلوبين المؤكسج والمختزل بهدف معرفة رؤية تغيرات تدفق الدم المرتبطة بالنشاط العصبي في المخ، ويسمح ذلك للصور الملتقطة أن تعكس هياكل الدماغ المنشطة (وكيفية تنشيطها) أثناء أداء المهام المختلفة أو في حالة الراحة، ووفقًا لفرضية التأكسج فإنه يمكن ربط تغييرات استخدام الأكسجين في مناطق الدماغ المختلفة، أثناء النشاط المعرفي أو السلوكي، بعصبونات المنطقة باعتبارها مرتبطة بشكل مباشر بالمهام المعرفية أو السلوكية التي تتم معالجتها.
تخطيط الدماغ المغناطيسي هو تقنية تصوير مستخدمة في قياس المجال المغناطيسية الناتج عن النشاط الكهربائي للدماغ، وذلك بالستعانة بأجهزة حساسة للغاية، ويوفر تخطيط الدماغ المغناطيسي قياسًا مباشرًا للنشاط الكهربائي العصبي، وتتمثل ميزة قياس المجال المغناطيسي الناتج عن النشاط العصبي في أنه من المحتمل أن يكون أقل تشويهًا من قِبل الأنسجة المحيطة (كالجمجمة وفروة الرأس) مقارنةً بالمجال الكهربائي الذي يقيسه تخطيط كهربية الدماغ.
التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني
يقيس التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني انبعاثات المواد الكيميائية النشطة أيضيا والتي سبق وصمها بنظائر مشعة، عبر حقنها في مجرى الدم، وتتم معالجة بيانات الانبعاثات عبر الحاسب لإنتاج صور ثنائية أو ثلاثية الأبعاد لتوزيع المواد الكيميائية في جميع أنحاء الدماغ.[12] يتم إنتاج نظائرالبوزيترون المشعة بواسطة المسرع الدوراني، وتوصم المواد الكيميائية بهذه النظائر المشعة، وبحقن المركب السابق في مجرى الدم فإنه يتجه في النهاية إلى المخ، وتكتشف المستشعرات الموجودة على أجهزة التصوير المقطعي النشاط الإشعاعي حيث يتراكم المركب في مناطق مختلفة من الدماغ، ويعالج الحاسب البيانات التي تجمعها المستشعرات لإنشاء صور ثنائية أو ثلاثية الأبعاد توضح المكان الذي يعمل الذي يتراكم فيه المركب في المخ.
عادةً ما تُستخدم الموجات فوق الصوتية عبر الجمجمة في الأطفال الصغار، حيث يكون اليافوخ لا يزال مفتوحا كنافذة صوتية تمكن من إجراء التصوير بالموجات فوق الصوتية للدماغ، وتشمل مزاياه عدم وجود إشعاعات مؤينة وسهولة إجراء المسح بجوار السرير، إلا أن نقص تفاصيل الأنسجة الرخوة يجعل من التصوير بالرنين المغناطيسي الخيار الأفضل في بعض الحالات.
معرض صور
مراجع
^Filler، Aaron (12 يوليو 2009). "The History, Development and Impact of Computed Imaging in Neurological Diagnosis and Neurosurgery: CT, MRI, and DTI". Nature Precedings. DOI:10.1038/npre.2009.3267.5.