إشمول مدينة تقع على سفح جبل إشمول شرق ولاية باتنة، الجزائر.[2] وسكانها من الشاوية (من عرش أولاد داود «أيت داوذ»).إذا كان ارتفاع جبل إشمول يبلغ 2066م، على مستوى سطح البحر، فإن لبلدية إشمول تاريخ عميق يمتد لآلاف السنين. اسم البلدية مأخوذ من الجبل الذي تنام في أسفله، وأصل كلمة «إش أمول»، أمازيغي، معناه قرن القلب، وذلك لتشابه قمته بقرن القلب. كما تحمل البلدية اسم لمدينة، هذا الاسم اختلفت الآراء حول أصله.
تاريخيا، وقف سكان المنطقة في مناسبات عديدة ضد الغزاة، ومن أهم بطولاتهم القيام بثورة ضد فرنسا سنة 1879م، ألّف المؤرخ الجزائري الدكتور عبد الحميد زوزو كتابا حولها، صدر عن المؤسسة الوطنية للكتاب سنة 1986م. هذه الثورة انطلقت من قرية الحمام التابعة إداريا للبلدية، وبعد فشلها قام الاحتلال الفرنسي بمصادرة أجود الأراضي الزراعية خاصة سهل لمدينة ومنحها للآباء البيض، الذين جلبهم للمنطقة بغرض تنصيرها، لكن ورغم استقرار هؤلاء لفترة زمنية طويلة نسبيا إلا أنهم عجزوا عن تنصير ولو شخص واحد من السكان. ومن الآثار الدالة على مرور الآباء البيض بإشمول أن القرية التي عاشوا فيها أي قرية «لمدينة القديمة» تسمى محليا «بار بلون» أي الآباء البيض، كنيستهم تعرضت للهدم عقب استرجاع السيادة الوطنية، بينما لا يزال المستشفى قائما إلى اليوم، يستعمل في تخزين الكلأ؟ !
في سهرة يوم 31 أكتوبر 1954، اجتمع القائد مصطفى بن بولعيد بأفواج المنطقة الأولى أوراس النمامشة بدشرة أولاد موسى (بلدية إشمول)، ووزع الأسلحة على هذه الأفواج إيذانا بميلاد الثورة التحريرية المباركة، وقد شيّد متحف بهذه القرية يخلّد بطولات الثوار وجدارية رخامية سجّلت عليها أسماء شهداء الناحية.
في مطلع تسعينيات القرن الماضي عثر بالبلدية على آثار تعود إلى العهد الروماني، وعلى الطريق الولائي 45 الرابط بين إشمول وآريس، توجد مغارة بالمكان المسمى«دوبّر» تعود لفترة ما قبل التاريخ.
كان بإشمول، أثناء عهد الاستعمار الفرنسي منجم خاص بإنتاج الكحل، ولا تزال آثاره بادية إلى اليوم، خاصة هيكل البناء وعديد المغارات، هذه المغارات تستخدم اليوم في استخراج الكحل من قبل بعض الشباب العاطل عن العمل.
تجاريا، تشتهر البلدية في الماضي بسوقيها الأسبوعيين، سوق الإثنين المخصص لبيع الماشية، وسوق الثلاثاء الخاص ببيع مختلف السلع الغذائية، الألبسة والأواني المنزلية.. وكانت هذه الأسواق تجذب التجار والمواطنين من مختلف بلديات جنوب باتنة وبلديات غرب خنشلة، لبيع أو اقتناء المحاصيل الزراعية التي لا تستعمل الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية في إنتاجها، إلى جانب شراء المواشي التي تتغذى على الشعير والكلأ. ومما زاد من شهرة البلدية انتشار الحرفيين خاصة في مجالات: صناعة الفضة، النجارة التقليدية، صناعة البارود، صناعة الأدوات الفلاحية (المحراث، المنجل...)، صناعة الحلويات التقليدية (الزلابية، صبع لعروس..)، الخياطة التقليدية (القشابية، البرنوس، الملحفة..)، الحدادة، الأعشاب الطبية... الخ.
فنيا، تشتهر البلدية بمطربها التقليدي المعروف ـ في سنوات الستينات والسبعينات ـ موحند أو الساكر. وتنتشر بالمنطقة الفرق الغنائية التقليدية التي تؤدي طابع الرحابة، وبرزت عدة أسماء نسوية في مجال الرقص التقليدي.
الفن التشكيلي بدوره له عشاقه بإشمول، ومن أهم هؤلاء، الرسام جمال مرزوقي، الذي تزيّن لوحاته مقرات بلديات جنوب باتنة: آريس، إشمول، إينوغيسن.. الفنان علي بعقيقي موهبة أخرى متميزة تركت بصماتها في عالم الرسم والغناء خاصة بأدائه لأغاني المطرب السعودي محمد عبدو ومواويل الرحابة، وقد وهب صوته في السنوات الأخيرة لرفع الآذان؛ حيث يعد أعذب صوت في هذا المجال محليا.
في عالم الكتابة، برزت عدة أسماء من أبناء البلدية، أهمها: الأستاذ محمد الطاهر عزوي مؤلف كتاب: "ذكريات المعتقلين"، منشورات المتحف الوطني للمجاهد، الجزائر 1996، وابن عمه د. أمحمد عزوي (أستاذ الأدب الشعبي بجامعة سطيف)، مؤلف كتاب "القصة الشعبية الجزائرية في منطقة الأوراس" (سلسلة الدراسات الشعبية)، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مصر، ط1، 2006". والباحث في المسرح، الإعلامي الذي يجمع بين الإعلام المكتوب، المسموع والمسموع المرئي د. حميد علاوي (أستاذ الأدب العربي بجامعة الجزائر)، مؤلف كتاب "نظرية المسرح عند توفيق الحكيم" (دراسة)، منشورات المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر 2008.
تضاريسيا، مقر البلدية يقع بين قمتين جبليتين شاهقتين، بين قمة جبل شيليا (2328م) وقمة جبل إشمول (2066م)، هذا المقر شيّد على ارتفاع 1550م. بالشارع الرئيس للبلدية نشاهد إلى غاية اليوم، ظاهرة اجتماعية فريدة من نوعها في الأوراس، وهي تجوال العجائز في هذا الشارع وجلوسهن على الأرصفة مع الشيوخ. وبوسط المدينة يوجد منبع يرتوي منه سكان البلدية وبعض البلديات المجاورة نظرا لمذاق مياهه الطيب.
للبلدية موعد سنوي لالتحاف البرنوس الأبيض مع مطلع فصل الشتاء، من خلال تساقط الثلوج، وتصبح هذه الثلوج ناصعة البياض شبيهة باللؤلؤ بعد إطلالة الشمس عليها، هذا اللون الأبيض يدعو للتفاؤل بسنة مليئة بالخير والبركات، ويدخل الفرحة على نفوس الفلاحين والأطفال، الجلوس في هذا الجو أمام مدخنة تنبعث منها حرارة الحطب المشتعل متعة كبيرة.
انخفاض درجة الحرارة في هذا الفصل إلى اقل من 5 درجات يؤدي إلى تجمّد المياه والثلوج، وهي مناسبة لممارسة التزحلق بالنسبة للصغار والصيد بالنسبة للكبار، كما يؤدي هذا الانخفاض في درجة الحرارة إلى مغادرة طائر اللقلق مقر إقامته بأعلى صومعة مسجد المدينة مع الوعد بالعودة مطلع فصل الاخضرار.
دخول فصل الربيع فرصة أخرى للفرح؛ حيث كانت تقام سنويا في مطلع هذا الفصل تظاهرة رياضية تقليدية، من خلال اللعب بكرة مصنوعة من القش تسمى محليا «هاكورث» شبيهة بلعبة «البيزبول» الأمريكية. في نفس الفصل ـ أي الربيع ـ تخرج العائلات بحثا عن حشائش صالحة للأكل، تعرف محليا بـ«آغزاز»، أهمها «هالما»، «هيلفاف»، «مار أوزالاغ» أي لحية ذكر الماعز..وقد يعود استهلاك هذه الحشائش إلى المجاعات التي عاشها سكان الجزائر في القرنين 19 و20، خاصة خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 1929، وما حدث سنة 1945، فعدم توفر الطعام دفع بالإنسان إلى تناول الحشائش للبقاء حيا.
تحتل بلدية إشمول مكانة هامة في إنتاج التفاح وطنيا، وأمام مدخل كل بيت إشمّولي تغرس شجرة دالية تساهم باخضرارها في بهاء الشوارع. وتلقّب البلدية بعاصمة الاستجمام الصيفي في الأوراس، يتميز مناخها بالاعتدال نهارا والبرودة النسبية ليلا، مما يساهم في استقطاب الكثير من العائلات البسكرية.
هذه المدينة، خصصت لها الكاتبة الفرنسية Liliane Raspail الفصل الثاني من كتابها « La Chaouia d’auvergne » الصادر عن منشورات القصبة بالجزائر سنة 2000، وتساءل المطرب عميروش عن مآل رجالها في أغنيته التي تحمل عنوان «إغزر أملال» أي الوادي الأبيض.
جزء معتبر من زمن إشمول الجميل ذهب بذهاب عهد المصافحة وتبادل تقبيل الأيدي من جهة، ومن جهة أخرى بروز التحزّب السلبي والتعرّش أي تقسيم العرش إلى أعراش.
المناخ
وهي أعلى بلدية وأبرد في الجزائر تصل شتاء إلى -15 درجة ليلا و-5 إلى 0 و 4 درجة نهارا وفي الصيف تتراوح بين 20 و25 وتصل إلى 28 درجة نهارا وبين 10 و15 ليلا. ضباب وأمطار غزيرة.
وصلات أخرى
وصلات داخلية
وصلات خارجية
المصادر
في كومنز مواد ذات صلة بـ
إشمول.