يعرّف المؤيدون أن أرض لبنان كانت مأهولة بالسكان دون انقطاع منذ العصور الفينيقية، وأن السكان الحاليين ينحدرون من السكان الأصليين، مع بعض الاختلاط بسبب الهجرة على مر القرون. وهم يجادلون بأن التعريب يمثل مجرد تحول إلى اللغة العربية باعتبارها اللغة العامية للشعب اللبناني، وأنه، حسب رأيهم، لم يحدث أي تحول فعلي في الهوية العرقية، ناهيك عن أصول الأجداد. في ضوء هذا "الجدل القديم حول الهوية"، [2] يفضل بعض اللبنانيين رؤية لبنان والثقافة اللبنانية وأنفسهم كجزء من حضارة "البحر المتوسط" و"الكنعانية"، في تنازل عن طبقات تراث لبنان المختلفة، كلاهما أصلي، أجنبية غير عربية وعربية. يعتبر البعض مخاطبة جميع اللبنانيين كعرب غير حساسين إلى حد ما ويفضلون تسميتهم لبنانيين كعلامة على احترام ماضي لبنان الطويل غير العربي.
لغة
اللغة العربية
تعتبر اللغة العربية موجودة في أشكال متعددة: اللغة العربية الرسمية، والمعروفة باسم اللغة العربية الفصحى الحديثة (تجسيد حديث للقرآن أو العربية الفصحى)، والتي تستخدم في الوثائق المكتوبة والسياقات الرسمية؛ والمتغيرات اللهجة، التي يبلغ عددها حوالي ثلاثين شكلاً من أشكال الكلام العامية، تُستخدم في السياقات اليومية، وتتفاوت على نطاق واسع من بلد إلى آخر. يُطلق على اللغة التي يتم التحدث بها في لبنان «اللغة اللبنانية» أو ببساطة «اللبنانية»، وهي نوع من العربية المشرقية، والتي تُصنَّف، جنبًا إلى جنب مع لغة بلاد ما بين النهرين العربية، على أنها نوع من العربية الشمالية.
تكمن نقطة الخلاف بين القوميين الفينيقيين وخصومهم في ما إذا كانت الاختلافات بين الأصناف العربية كافية لاعتبارها لغات منفصلة. استشهد السابق البروفيسور ويلر ثاكستون من جامعة هارفارد: «اللغات التي يكبر ’العرب‘ وهم يتحدثون بها في المنزل، تختلف عن بعضها البعض وعن اللغة العربية نفسها، مثلما تختلف اللاتينية عن الإنجليزية».[3]
هناك نقص في الإجماع على التمييز بين الأصناف اللغوية مثل اللغات واللهجات. المصطلح المحايد في علم اللغة هو «التنوع اللغوي» (المعروف أيضًا باسم «المحاضرة»)، والذي يمكن أن يكون أي شيء من لغة أو مجموعة من اللغات إلى لهجة أو سلسلة متصلة من اللهجات، وما وراء ذلك. المعيار الأكثر شيوعًا والأكثر لغويًا بحتًا هو معيار الوضوح المتبادل: يُقال إن نوعين من اللهجات من نفس اللغة إذا كان المتكلم لنوع واحد يمنح المعرفة الكافية لفهم وفهم المتحدث الآخر؛ خلاف ذلك، يقال أنها لغات مختلفة. وفقًا لهذا المعيار، يعتبر العلماء اللغويون بالفعل أن التنوع المعروف باسم اللغة العربية ليس لغة واحدة بل عائلة من عدة لغات، ولكل منها لهجاتها الخاصة. لأسباب سياسية، من الشائع في العالم ناطق العربية (المعروف أيضًا باسم العالم العربي أو العربوفوني) للمتحدثين من مختلف الأنواع العربية التأكيد على أنهم جميعًا يتحدثون لغة واحدة، على الرغم من القضايا الهامة المتعلقة بعدم الفهم المتبادل بين اللهجات المنطوقة المختلفة.[4]
اليوم الغالبية العظمى من الناس في لبنان يتحدثون العربية اللبنانية كلغة أولى. في الآونة الأخيرة، تم بذل بعض الجهود لإعادة تنشيط الآرامية الغربية الجديدة كلغة يتم التحدث بها يوميًا في بعض المجتمعات اللبنانية العرقية.[6] أيضًا، لدى النوع الحديث للآرامية الشرقية ما يقدر بـ 2 إلى 5 ملايين متحدث، لا سيما بين الآشوريين، [7] جماعة مسيحية إثنية دينية تتعلق لكن تتميز عن الموارنة من لبنان.
علم الوراثة
وفقًا للدراسات الجينية التي أجريت على الجماهير اللبنانية، فإن اللبنانيين يتشاركون أكثر من 90٪ من تركيبتهم الجينية مع الكنعانيين القدماء.[8] الكنعاني هو اسم آخر للفينيقيين؛ في الواقع، الفينيقي، المشتق من اليونانية "Phoínikes"، هو الاسم الذي أطلقه الإغريق القدماء على الكنعانيين (على الرغم من وجود أصول أخرى لإسم فينيقيا يرتبط بلغة الفينيقيين).
دين
يشير مؤيدو الاستمرارية الفينيقية بين المسيحيين الموارنة إلى أن الهوية الفينيقية، بما في ذلك عبادة الآلهة الفينيقية ما قبل المسيحية مثل بعلوإيلوعشتروتوأدون كانت لا تزال قائمة حتى منتصف القرن 6 بعد ميلاد المسيح في فينيقيا الرومانية، ولم تكن موجودة إلا بشكل تدريجي. حلت محلها المسيحية خلال القرنين 4 و5، حيث اعتنق العديد من الفينيقيين الديانة المسيحية على يد مبشرين ونساك، وأكبر دليل على هذا تبشير إبراهيم القورشي في شمال لبنان للفينيقيين. علاوة على ذلك، كل هذا حدث قبل قرون من الغزوالعربي الإسلامي.[9]
بسبب مدى تشابك الهويات الدينية والعرقية في لبنان، فإن القومية الفينيقية شائعة بشكل خاص بين أولئك اللبنانيين الذين يلتزمون بالمسيحية، والذين يتعاطفون أكثر مع تاريخ وثقافة وحضارة ما قبل الإسلام. ومع ذلك، وجدت القومية الفينيقية طريقها منتشرةً في جميع أنحاء لبنان منذ نشأتها عبر جميع الطوائف، مسيحيين ومسلمين.
يميل عدد كبير من المنتمين للتيار الوطني الحر إلى هذه القومية خاصةً أولئك الذين كانوا ينتمون إلى الفكر اليميني وانتسبوا للتيار، وهناك العديد من الأعضاء الفاعلين وأركان التيار الوطني الحر أكانوا نواب، وزراء، أو أعضاء معروفين يعبرون عن انتمائهم لهذا الفكر والقومية علنًا بلا يخجلون كالنائب زياد أسود والدكتور ناجي الحايك... حتى أن مؤسس التيار بذاته، ميشال عون، كان له رأيه المؤيد لهذه النزعة؛ لا بل كان أحد الأصدقاء المقربين للفيلسوف سعيد عقل الذي جاهر بأفكاره المتطرفة عن القومية الفينيقية للبنان حتى طلب من ميشال عون رفع شعار «يا شعب لبنان العظيم!» مفتتحًا كل خطاباته، إذ كان رمز هذا الشعار الذي اقترحه سعيد عقل لميشال عون آنذاك دليل تفوق الحضارة والشعب الفينيقي واللبناني على بقية الشعوب الأخرى. وظل ميشال عون متمسكًا بهذا الشعار ورمزيته طيلته حياته السياسية وحتى بعد وصوله إلى سدة رئاسة الجمهورية.[10]
يقول المؤرخ كمال صليبي، وهو لبناني پروتستانتي مسيحي: «بين فينيقيا القديمة ولبنان في العصور الوسطى والحديثة، يصعب ايجاد ارتباط تاريخي يمكن إثباته».[12]
يتجلى المعنى الأول للهوية اللبنانية الحديثة في كتابات المؤرخين في أوائل القرن 19، عندما برزت هوية لبنانية في ظل الإمارة الشهابية «منفصلةً ومتميزةً عن بقية سوريا، جاعلة الموارنةوالدروز، ومعهم طوائفهم المسيحية والمسلمة تحت حكومة واحدة».[13] أول تاريخ متماسك لجبل لبنان كتبه طنوس الشدياق (توفي عام 1861) الذي صور البلاد على أنها رابطة إقطاعية من الموارنة، الدروز، الملكيين، السنة، والشيعة تحت قيادة إمارة آل معن الدرزية وبعدها إمارة آل شهاب السنة الذين اعتقنوا المارونية. «معظم المسيحيين اللبنانيين، حريصين على التنصل من العروبة والاتصالات الإسلامية، سرورهم أن يقال أن بلدهم كان الوريث الشرعي للتقليد الفينيقي» يلاحظ كمال صليبي، ما يوضح سبب الكتّاب المسيحيين مثل شارل قرم (توفي 1963) ومعه الكتابة بالفرنسية، وسعيد عقل الذي حث على التخلي عن اللغة العربية الأدبية مع نصها، وحاول الكتابة باللغة اللبنانية العامية باستخدام الأبجدية الرومانية.
تمتلك الأصول الفينيقية جاذبية إضافية للطبقة الوسطى المسيحية، حيث أنها تقدم الفينيقيين كتجار، والمهاجر اللبناني كمغامر فينيقي معاصر، بينما بالنسبة لبعض السنة، كان الأمر مجرد حجب للطموحات الإمپريالية الفرنسية، بهدف تقويض العروبة.[14]
يعتقد النقاد أن القومية الفينيقية هي أسطورة الأصل تتجاهل التأثير الثقافي واللغوي على اللبنانيين. وينسبون القومية الفينيقية إلى التأثيرات الطائفية على الثقافة اللبنانية ومحاولة الموارنة اللبنانيين النأي بأنفسهم عن الثقافة والتقاليد العربية.
^El-Husseini، Rola (2012). Pax Syriana: Elite Politics in Postwar Lebanon. Syracuse University Press. ص. 199. ISBN:978-0-8156-3304-4. مؤرشف من الأصل في 2021-03-08. Phoenicianism. The "Phoenicianist" discourse of Lebanese identity was adopted by Christian (primarily Maronite) intellectuals at the time of the creation of Greater Lebanon. The Maronites' stated goal of establishing a Christian refuge in the Middle East was instrumental in convincing the French authorities to designate Lebanon as a separate nation-state. The origin myth adopted by the Christian advocates involved a purportedly independent cultural legacy that was said to have existed in Lebanon since ancient times.
^Salameh، Franck (Fall 2011). "Does Anyone Speak Arabic". Middle East Quarterly. ج. 18 ع. 4: 50. مؤرشف من الأصل في 2021-05-31. اطلع عليه بتاريخ 2014-10-26.
^Leonard C. Biegel, Minderheden in Het Midden-Oosten: Hun Betekenis Als Politieke Factor in De Arabische Wereld, Van Loghum Slaterus, Deventer, 1972, (ردمك 978-90-6001-219-2)
^Salibi, Salibi, A House of Many Mansions: The History of Lebanon Reconsidered, 1988:177; Salibi is equally critical of an "Arabian" cultural origin.
^Kamal S. Salibi, "The Lebanese Identity" Journal of Contemporary History6.1, Nationalism and Separatism (1971:76-86).
Plonka Arkadiusz ، L'idée de langue libanaise d'après Sa'īd 'Aql ، Paris ، Geuthner ، 2004 (بالفرنسية)(ردمك 2-7053-3739-3)
Plonka Arkadiusz ، «Le nationalisme linguistique au Liban autour de Sa'īd 'Aql et l'idée de langue libanaise dans la Revue«لبنان» في الأبجدية الجديدة»، أرابيكا، 53 (4)، 2006، ص. 423-471. (الفرنسية)