وكان من الفصحاء البلغاء، مهابًا مسموع الكلمة من أشراف العرب.[7][6] شهد فتوح بلاد فارس مع أبي موسى الأشعري، ثم شهد فتوح خراسان.[8] وفي سنة 29 هـ ولاه عثمان بن عفان مدينة هراة،[9] ففتح بعض البلاد من رساتيق هراة.[10] وكان ابن شيمان عثمانيًا ممن طالب في دمه، وهو صاحب راية الميسرة في حرب الجمل، وقتل ابنه شيمان في هذه المعركة.[11] ثم شهد مع علي بن أبي طالب وقعة صفين وحروبه، وكان من أمراء حرب صفين،[12] وكان على راية أزد البصرة.[13]
ولي بيت المال زمن ولاية عبد الله بن عباس على البصرة. وفي سنة 38 هـ، غزا ابن الحضرمي البصرة بأمر معاوية بن أبي سفيان، وكان على تصريف البصرة زياد بن أبيه من جهة علي،[5] فنزل زياد بن أبيه إلى الأزد، وأجاره صبرة بن شيمان حتى وصل مدد علي بن أبي طالب من الكوفة، فحاصروا ابن الحضرمي وهو بدارٍ في تميم، ثم حرق عليه الدار.[14] ولما آلت إلى معاوية بن أبي سفيان الخلافة، وفد صبرة على معاوية سنة 41 هـ،[15] وكانت وفود نزار عنده، فتكلموا فأكثروا، فقام صبرة، فقال: «يا أمير المؤمنين، إنا حي فعال، ولسنا حي مقال، ونحن بأدنى فعالنا، عند أحسن مقالهم! فقال: صدقت».[16][17]
سيرته وحياته
النسب
صبرةُ بن شيمان بن عُكيف بن كيّوم بن عبد بن باقل بن عبد شمس بن الحدان، بطن من زهران من الأزد.[18]
إسلامه
أسلم بني الحدان في أواخر سنة 8 هـ، وكان وفودها على النبي بعد فتح مكة وغزوة حنين،[19] وكانت بنو عبد شمس بن الحدان وثمالة من أزد عمان وفي وفودهم روى ابن سعد البغدادي:« قدم عبد الله بن علس الثمالي ومسلية بن هزان الحداني على رسول الله ﷺ في رهط من قومهما بعد فتح مكة، فأسلموا وبايعوا رسول الله ﷺ على قومهم. وكتب لهم رسول الله ﷺ كتابا بما فرض عليهم من الصدقة في أموالهم، كتبه ثابت بن قيس بن شماس، وشهد فيه سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة».[20]
لم تذكر التراجم اسم صبرة بن شيمان صريحا في الوفد، لكن من المؤكد أنه كان من ضمن وفد الحدان فهو من كبار زعمائها ، حيث أجمعت المصادر بأن صبرة كان رأس شنوءة في خلافة عمر بن الخطاب، ثم رأس الأزد في البصرة زمن خلافة علي بن أبي طالبوبني أمية، وكان مقدمًا قائدًا في الأزد منذ زمن عمر بن الخطاب، وكان عمر لا يؤمر في الفتوح إلا الصحابة.
ولى عثمان بن عفان نواحي هراة من خراسان لصبرة بن شيمان، وأمره بإخماد التمرد، فتوجه إليها وأستطاع إخماد نواحي من هرات، وافتتح بلاداً جديدة من رساتيق هراة.[10] وعصت على ابن شميان مدينة هراة، لمناعتها وشدة بأس أهلها. فوجه عثمان بعد ذلك عبد الله بن عامر بن كريز في جيشٍ جرار وأخضع هرات مرة أخرى لسيطرة الدولة العربية،[9]وكان صبرة بن شيمان من أهم قادات عبد الله بن عامر والي البصرة بعد أبو موسى الأشعري، وشهد معاه أغلب فتوح خراسان.[28]
وكان صبرة عثمانيًا متحمساً للثأر من قتلته، فسارع لننصرة، ولبى نداء السيدة عائشة ودعاها من الحفير إلى الحدان، فلبت دعوته. وفي ذلك روى سيف بن عمر: «وأهل البصرة فرق: فرقة مع طلحة والزبير، وفرقة مع علي، وفرقة لا ترى القتال مع أحد من الفريقين. وجاءت عائشة من منزلها التي كانت فيه حتى نزلت في مسجد الحدان في الأزد، وكان القتال في ساحتهم، ورأس الأزد يومئذ صبرة بن شيمان، فقال له: كعب بن سور إن الجموع إذا تراءوا لم تستطع وإنما هي بحور تدفق فأطعني ولا تشهدهم واعتزل بقومك فإني أخاف ألا يكون صلح وكن وراء هذه النطفة ودع هذين الغارين من مضر وربيعة فهما أخوان فإن اصطلحا فالصلح ما أردنا وإن اقتتلا كنا حكاما عليهم غدا - وكان كعب في الجاهلية نصرانيا - فقال صبرة: أخشى أن يكون فيك شئ من النصرانية؟! أتأمرني أن أغيب عن إصلاح بين الناس وأن أخذل أم المؤمنين وطلحة والزبير؟. إن ردوا عليهم الصلح وأدع الطلب بدم عثمان ، لا والله لا أفعل ذلك أبدًا. فأطبق أهل اليمن على الحضور».[30] وروى البلاذري عن أبو مخنف نحو ما سبق وقال: «وبايعهم الأزد رئيسها صبرة بن شيمان الحداني، فقال له: كعب بن سور بن بكر أطعني واعتزل بقومك وراء هَذِهِ النطفة، ودع هذين الغارين من مضروربيعة يقتتلان. فأبي وقال: أتأمرني أن أعتزل أم المؤمنين، وأدع الطلب بدم عثمان، لا أفعل».[29]وكان كعب بن سور معتزلاً في
بنو دوس، فقيل لعائشة وهي في بني الحدان: إن خرج معك كعب لم يتخلف من الأزد أحد، فركبت إليه وكلمته، فأجابها.[31][32]وكان يومها يقود خطام الجمل والسيدة عائشة على الهودج.[33]
وكانت الأزد على ميسرة الجيش فيما روى سيف بن عمروعمر بن شبةوالشيخ المفيد، فيما شذ عن ذلك أبو مخنف وزعم أنهم في الميمنة وتميم في الميسرة.[34][35] وكانت بيد صبرة بن شيمان راية ميسرة أهل الجمل، وقاتلت الأزد تحت رايته قتال شديد، وقتل منهم عدد كبير قدره المسعودي بأربعة الآف،[36] ومن أبرز من قتل كعب بن سور وبنوه يحمون الجمل وهم يمسكون خطامه لكي لا يقع، وفي ذلك روى الشيخ المفيد :«قال محمد بن الحنفية، قال لي أمير المؤمنين: يا بني تقدم باللواء، وصف اصحابه فجعل الحسن في الميمنة، والحسين في الميسرة. وكان في ميمنة أهل الجمل هلال بن وكيع وفي ميسرتهم صبرة بن شيمان. وتزاحف الفريقان بعضهم إلى بعض، قال: فوالله لقد رأيت أول قتيل من القوم كعب بن سور بعد أن قطعت يمينه التي كان فيها الخطام، فأخذه بشماله وقتل بعد ذلك، وقتل معه أخوه وأبناه»،[37] فأخذ الخطام ابن صبرة بن شيمان،[11] وقتل وهو يقول:
روى الجاحظوالمبرد وغيرهما، قالوا: «ولما قامت خطباء نزار عند معاوية فذهبت في الخطب كل مذهب، قام صبرة بن شيمان، فقال: يا أمير المؤمنين، إنا حي فعالٍ، ولسنا بحي مقالٍ، ونحن بأدنى فعالنا عند أحسن مقالهم. فقال: صدقت».[16][17]