شرح أسماء الله الحسنى كتاب يشرح أسماء الله الحسنى كاملة ويقف على أدق التفاصيل ليفسرها بشكل صحيح، وقد ذكر التقرب بهذه الأسماء وخواصها ويليه «شرح منظومة الدمياطي لخواص أسماء الله» وكلاهما تأليف الإمام أحمد بن أحمد البرنسي الفاسي المغربي المشهور بـ (زرّوق) (ت 899 هـ).[1]
سبب تأليف كتاب
قال الشيخ أحمد زرّوق: «فالغرض من هذا المقصد الأسمى ذكر شيء مما يتعلق بجملة الأسماء، آتي به على حسب الوسع والتيسير، وطبق ما انتهى إليه عملي القاصر والقصير، وعلى الله أعتمد في تحقيقه وتكميله، وإليه أستند في نفعه وتحصيله، ومنه أسال أن يجعله نوراً ساطعاً وروضاً يانعاً، يكون رحمه لعباده، وبركة في أرضه وبلاده، وهو حسبي ونعم الوكيل».[2]
مقاصد التخلق بأسماء الله الحسنى
قال الشيخ أحمد زروق: «... فجعل من أسمائه ما للجمال، وما للجلال، وما للكمال بالقدرة، وما للتجلي والتحلي والتملي، فنال ذو الخبرة، منها ما هو لطلب المناصب العالية، ومنها ما هو لتعمير القلوب الخالية، ومنها ما من أسراره فك الكروب، ومنها ما هو لجمع المحب مع المحبوب، ومنها ما هو لتكميل الناقص من الناس، ومنها ما هو للطهارة من سائر الأدناس، فسبحان من أودع سره في كلماته، وجعل فضائل بره في بديع آياته...».[3]
مقدمات ضرورية في الأسماء الحسنى
يقول الشيخ
أحمد زروق:
|
لابد من مقدمه قبل الكلام في الغرض المقصود، ليكون توطئة وتكميلاً، فيرجع إليها تعريفاً وتأصيلاً، ويحضرني من ذلك مسائل:
- أولها: أن الكلام في الأسماء دار على خمسة أنحاء: وهي جملة ما يحتاج إليه في مبانيها اللفظية، ومناحيها المعنوية، ومقتضياتها الوجودية، ووجوهها العرفانية، وخواصها الوجدانية، ولكل فريق طريق، ونذكر ما تيسر بحسب السعة والضيق، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
- الثانية: أن الأسماء توقيفية، فلا تثبت إلا بنص أو إجماع على الصحيح، وأثبتها قوم بالاشتقاق من الأفعال والصفات وما جاء من الصيغ في الدعوات وغيرها، وهو مرجوح عند العلماء ملحوظ عند المتصوفة، وعليه جرى الشيخ أبو العباس البوني في تقسيمها، وانتهى بها إلى مائة ونيف وخمسين، والله تعالى أعلم.
- الثالثة: أن الأسماء عين المسمى، وأباه قوم، وفصّل آخرون، وتوقف آخرون امتناعاً، لكن السلف لم يتكلموا في الاسم ولا في المسمى، ولا في الصفة والموصوف، ولا في التلاوة والمتلو؛ طلبا للسلامة، وحذرا على الغير وهو الورع، والله تعالى أعلم.
- الرابعة: الأسماء أقسام أربعة:
- أسماء الذات: وهي التي يقال هي هو.
- وأسماء الصفات: وهي التي لا يقال هي هو ولا هي غيره ولا هي فيما بينهما اعتبار.
- وأسماء التنـزيه: وهي مبنية على التقديس المطلق كالقدوس ونحوه.
- وأسماء الأفعال: قال إمام الحرمين: (وهي كل ما دلت التسمية به على فعل في الخلق والرزق) ونظر في ذلك بعض المشايخ بأن المغايرة فيما منه الاشتقاق لا في الاسم، وهو الصحيح والله تعالى أعلم.
- الخامسة: قد صح (أن لله تبارك وتعالى تسع وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة) الحديث. فحصر هذا الثواب للتسعة والتسعين، ولم يحصر الأسماء في التسع والتسعين، فجاز أن يكون ثمة غيرها ولا علم لنا به، أو علمناه وليس له هذا الثواب. وقال بعضهم: هذه موضوعة للتعبد والسلوك بها بخلاف غيرها، ونبه عليه القاضي أبو بكر العربي -- في الأمد الأقصى فانظره.
- السادسة: قد وقع في الترمذي عد هذه التسعة والتسعين، وكذا في غيره باختلاف وتقديم وتأخير، فرجح الحافظ أن سردها إنما هو من الرّاوي، وسامح قوم في حملها على الرفع، وقالوا: يقبل فيها خبر الواحد؛ لأنها عبادة وعمل، والله تعالى أعلم.
- السابعة: الاشتقاق حيث ذكر في الأسماء فالمراد به أن المعنى المذكور ملحوظ في الاسم المذكور، و إلا فشرط المشتق أن يكون مسبوقاً بالمشتق منه، وأسماء الله تعالى قديمة، لأنها من كلامه، و أنكر قوم إطلاق الاشتقاق للإيهام، وقالوا: إنما يقال بمثل اسمه السّلام: فيه معنى من السلامة، وفي مثل اسمه الرّحمن: فيه معنى من الرّحمة، قالوا: والأشياء مشتقة من الأسماء لحديث: (هي الرّحم وأنا الرّحمن اشتققت لها اسماً من اسمي)؛ ولما أنشده حسّان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:
واشـتق له من اسمه لِيُجِلَّهُ فذو العرش محمود وهذا محمد
- الثامنة: الإحصَاء على خمسه أوجه: الحفظ، والذكر، والعلم، والتعلق، والتخلق، والكل أقوال، ثم الذكر إما للتعبد، أو للتوسل، أو لطلب الخاصية، ولكل شرط وجه ومادة.
وأنواعه خمسة: تقضي بمواده ووجوهه، لأنه إما نكتة: تنصبغ بها الحقيقة فيخرق الظاهر والباطن بلا تعمد؛ وإما نقطة: يثلج لها القلب فينبسط في عوالمه فيقع التصرف على وفقه؛ وإما هيئة: تشغل الظاهر بمبانيها، وتوجه الباطن لمعانيها فيقع التأثير على إثره؛ وإما رسم: يعمر الوقت ويحصل التعبد؛ وإما عادة: لا تفيد ولا تجدي، وهو الذي يجري على ألسنه العوام من غير قصد، أو بقصد غير جازم، أو بجازم لا يستشعر معه الذكر ولا المعنى ولا المذكور، فالأول للعارفين، ثم للواجدين، ثم للمريدين، ثم للمبتدئين، ثم لعامه المتوجهين، ثم لا عبرة إذ ليس بذكر بحقيقة، والله تعالى أعلم.[4]
|
|
مراجع