في الكيمياء،الكمون الكيميائي أو الجهد الكيميائي [2] (بالإنجليزية: chemical potential) يرمز له بالرمز µ، وقد وضعه الفيزيائي والرياضي الأمريكي ويلارد جيبس، الذي عرفه كما يلي:
«إذا أضفنا كمية متناهية في الصغر من مادة ما لأي كتلة في حالة التوازن، بحيث تبقى الكتلة متجانسة ويبقى الأنتروبي والحجم ثابتين، عندئذ يُعطى الكمون الكيميائي بالزيادة في طاقة الكتلة مقسومة على المادة المضافة لتلك الكتلة».
وأشار جيبس أيضا إلى أن أي عنصر كيميائي، أو تركيب من عناصر بأي نسب معروفة قد يعتبر مادة متجانسة.
في بعض الحقول العلمية، وبالذات علم الكيمياء الكهربائية يستخدم التعبير «الجهد الكيميائي» لوصف شيء آخر تماما، لكنه ينتمي إلى نفس الطبيعة وهو «الجهد الكيميائي الداخلي»، (انظر أسفله: الجهد الكيميائي الداخلى والخارجي، والكلي).
إمكانية مادة على توزيع نفسها في حجم معين (نفاذية).
ويتم التفاعل الكيميائي، أو تحول طور المادة (مثل من ثلج إلى ماء)، أو النفاذية والتوزع من نفسه إذا كان الكمون الكيميائي للحالة الابتدائية أكبر منه للحالة النهائية.
في الشكل العلوي نجد جزيئا واحدا يتحرك عشوائيا في صندوق.
ويبين الشكل الوسطي انتشار مجموعة كبيرة من جزيئات الغاز بعد إزالة الحائل بين الجزء الفارغ والجزء الممتلئ بالغاز من الصندوق، وهي أيضا تتحرك عشوائيا،
وفي الشكل السفلي يبين الحالة عندما نملأ الصندوق بعدد أكثر كثرة من جزيئات الغاز، وهي تتحرك أيضا عشوائيا بحيث تشغل كل الصندوق. وتتحرك الجزيئات من المنطقة عالية الكثافة إلى المنطقة منخفضة الكثافة حتى تتساوى كثافة الغاز في جميع أجزاء الصندوق، وذلك طبقا ل قانون فيك للانتشار.
انتشار الغاز يعادل انتشار الكمون الكيميائي.
لنفرض توزيع كمون كيميائي كما في الشكل على مساحة ثنائية البعد. تميل الجزيئات إلى التحرك من المناطق ذات الكمون الكيميائي العالي (اللون الغامق) إلى المناطق ذات الكمون الكيميائي المنخفض (اللون الفاتح).
مختلف صفات الحركة الحرارية تحدد ماهية الكمون الكيميائي. لنعتبر مثلاً ذرات مشحونة موجودة في سائل ما. فبحسب تدرج الضغط في السائل تندفع جزيئات من جهة عالية الضغط إلى أخرى منخفضة الضغط حتى يتساوى الضغط في جميع أجزاء النظام. وبالنسبة لتدرج الكمون الكهربائي (للشحنات) تندفع الجزيئات ذات الشحنة من الأماكن عالية الشحنة إلى أماكن منخفضة الشحنة حتى يتساوى توزيع الشحنات، وقد يكون ذلك في اتجاه معاكس بالنسبة للانتشار تحت ضغط.
تاريخ
قدم جيبس في عام 1873 مقالة وضح فيها الخطوط الأولية لمعادلته الجديدة القادرة على تنبؤ أو تخمين نشوء مختلف النظم الطبيعية وذلك عند احتكاك الأجسام أو النظم ببعضها. استطاع جيبس بعد دراسة تفاعل مواد متجانسة مع بعضها، تحديد ثلاث حالات للتوازن: مستقر، متعادل، غير مستقر، وإذا كان التفاعل سيتم أم لا. في عام 1873، اعتمد جيبس على هذه الهيكلية في تقديم مبدأ الكمون الكيميائي الذي يأخذ بعين الاعتبار التفاعلات الكيميائية وحالة الأجسام المختلفة كيميائيا عن بعضها.
يقول جيبس ملخصا نتائجه في عام 1973:
إذا أردنا ان نعبر في معادلة واحدة عن الشرط اللازم والكافي لتوازن ترموديناميكي لمادة عندما توضع في وسط ذي ضغط P ودرجة حرارة T ثابتين، تكتب عندها المعادلة بالشكل:
عندما تشير إلى التغير الناتج عن أي تغيرات في حالة أجزاء الجسم، والجسم موجود بحالات مختلفة. فإن شرط استقرار التوازن يكون بأصغر قيمة لما بين القوسين.
ومع أن التعبير «جهد كيميائي» أو «كمون كيميائي» تعني أساسا «الجهد الكيميائي الكلي» إلا أن البعض لا يراعي ذلك دائما.
[3]
وفي مجال الكيمياء الكهربائية يستخدم تعبير «الجهد الكيميائي» للتعبير عن «الجهد الكيميائي الداخلي» بينما يستخدم التعبير «الجهد الكيميائي الكهربي» لتعريف «الجهد الكيميائي الكلي».
[4]
الكمون الكيميائي الدينامي الحراري
الكمون الكيميائي لنظام دينامي حراري هو كمية التغير في طاقة النظام عند إضافة جزيء واحد، مع بقاء الأنتروبية والحجم ثابتين. إذا احتوى النظام على صنفين من الجزيئات، فإنه يعرف كتغير في الطاقة عند ازدياد عدد جزيئات الأصناف جزيئا واحدا. الكمون الكيميائي هو متغير أساسي في الديناميكا الحرارية وهو يقترن بعدد الجزيئات.
للكمون الكيميائي أهمية كبيرة عند دراسة نظم الجزيئات المتفاعلة. لنفترض حالة بسيطة من صنفين، حيث يتحول جزيء من الصنف الأول إلى جزيء من الصنف الثاني والعكس. فلنفترض مثلا مزيج مشبع من الماء (الصنف الأول)، وبخار الماء (الصنف الثاني). فإذا كان النظام في حالة توازن، فإن الكمونين الكيميائيين لكلا الصنفين يجب أن يكونا متساويين، وإلا نتجت حرارة من المزيج. ومن جهة أخرى، فإن أي زيادة في إحدى الكمونات الكيميائية سينتج عنه تحرير جزء من طاقة النظام على هيئة حرارة (عملية غير عكوسية) (انظر القانون الثاني للديناميكا الحرارية).
عندما تتحول أصناف ذات «جهد كيميائي» كبير إلى أصناف أخرى يصدر النظام طاقة على هيئة حرارة، أما إذا أردنا عكس التفاعل فيلزم إمداد النظام بحرارة من الخارج. وفي التفاعلات الكيميائية تكون حالة التوازن الحراري معقدة كثيرا حيث تمتزج أكثر من صنفين اثنين. عندئذ نحسب العلاقة بين الجهود الكيميائية عند التوازن بواسطة قانون فاعلية الكتلة.
ونظرا لأن الجهد الكيميائي هو كمية ترموديناميكية فهي تُعرّف بصرف النظر عن تصرفها الصغري في النظام، أي بخصائص الجزيئات المكونة للنظام.
مثال توضيحي:
نفترض أن لدينا 1 مول من الميثان و 2 مول من الأكسجين. فإذا قرّبنا شعلة من من ذلك المخلوط يحدث التفاعل التالي:
ونتج عن التفاعل حرارة (طاقة). نتجت تلك الطاقة من الفرق في الجهد الكيميائي للميثان
CH4 والأكسجين O2 الداخلين في التفاعل (كمون عالي)، والجهد الكيميائي ل ثاني أكسيد الكربون
CO2 والماء H2O الناتجين من التفاعل (كمون منخفض).
وهذه المعادلة تبين أن التفاعل يسير من اليسار إلى اليمين وينتج عنه حرارة، يسمى تفاعل ناشر للحرارة. وتبين أيضا أنه لكي نسيّر التفاعل العكسي من اليمين إلى اليسار، فلا بد لنا من تزويد التفاعل بحرارة من الخارج لكي يتم في هذا الاتجاه العكسي.
توضيح التعريف
نفترض نظاما ترموديناميكيا يحتوي على عدد
n من اصناف الجزيئات. فتكون الطاقة الداخليةU معتمدة على الإنتروبياS, والحجم V وعدد ذرات كل نوع N1,..., Nn. أي أن:
وعندما نرمز للطاقة الداخلية ب U فإننا نعني أن الطاقة ناتجة من التفاعل بين أصناف جزيئات النظام، ولا تشترك أي مؤثرات خارجية على النظام.
ويعرف الجهد الكيميائي للنوع
i بالرمز μi وهو يعتبر الجزء النسبي الموجود في النظام المكون من عدد N من الجزيئات:
حيث الحروف السفلى تبين أن إنتروبيا والحجم، وأعداد الذرات الأخرى ثابتة.
كما يتضح من هذا التعبير أن وحدة الكمون الكيميائي هي جول/مول، بصفة عامة.
وعند اعتبار الإنثالبي يمكننا كتابة معادلة الجهد اكيميائي كالآتي:
في الأنظمة العملية يصعب عادة المحافظة على الإنتروبيا ثابتة حيث يحتاج ذلك إلى عزل ممتاز للنظام عن الخارج. ولذلك يستحسن لتعريف طاقة هلمهولتز الحرةA التي هي دالة لدرجة الحرارة T والحجم V وعدد الجزيئات N كالآتي:
يكون الكمون الكيميائي للمواد الداخلة في التفاعل مساويا للكمون الكيميائي للمواد الناتجة من التفاعل عند التوازن الكيميائي. ذلك مثلما يحدث في حالة تساوي درجة الحرارة لنظامين كانا منعزلين وفي درجتي حرارة مختلفتين ثم وصلناهما ببعضهنا لبعض أو تساوي الجهد الكهربائي عند التوازن.
ويمكننا عن طريق التحكم في بعض المتغيرات السيطرة على التوازن الكيميائي في حالات متعددة:
ونظرا لعملنا في المعامل الكيماوية يكون في ظروف ثبات درجة الحرارة وثبات الضغط فإننا نحصل على طاقة غيبس الحرةG وهي الطريقة الشائعة. ولكن حالة التوازن بصفة عامة تعبر عن اختفاء الفرق بين الكمونات الكيميائية (أي تساويها).
مصطلحات
يعتمد مصطلح الكمون الكيميائي على السياق الذي يستخدم فيه:
عند الكلام عن الأنظمة التحريكية الحرارية، يشير الكمون الكيميائي إلى الكمون الكيميائي التحريكي الحراري. في هذا السياق، فإن الكمون الكيميائي هو تغير الخصائص التحريكية الحرارية لدالة الحالة خلال التغير في عدد الجزيئات. حسب شروط التجربة، فإن التغير في خصائص الحركة الحرارية لدالة الحالة يكون إما الطاقة الداخلية، أو السخانة، أو طاقة جيبس أو طاقة هلمهولتز الحرة. إن الاستخدام للكمون الكيميائي في هذا السياق محصور في الكيميائيين التجريبيين، والفيزيائيين، والمهندسين الكيميائيين.
يستخدم الكيميائيون النظريون والفيزيائيون غالبا مصطلح الكمون الكيميائي للدلالة على الكمون الكيميائي الكهربائي.
يستخدم الفيزيائيون أحيانا مصطلح الكمون الكيميائي في توصيف الأنظمة النسبية للجسيمات الأولية.