قوبلت سنوات عديدة من الحكم المطلق للسلطان عبد الحميد الثاني بمعارضة حركة تركيا الفتاة، وهي حركة فكرية إصلاحية ليبرالية تسعى إلى الملكية الدستورية، وقد اضطهدتها الحكومة. وجادلت الحركة بأن تدوين القانون العلماني في السلطنة العثمانية على شكل دستور يعزز الشعور بالقومية العثمانية التي لن تعد تستلزم سيطرة أوروبية على أراضي الدولة لمنع النزاع العرقي. وفي سنة 1908 أجبرت جمعية الاتحاد والترقي عبد الحميد على إعادة الدستور بعد ثورة تركيا الفتاة، فأجريت الانتخابات مرة أخرى. وحاول عبد الحميد استعادة سلطته المطلقة في واقعة 31 مارس في العام التالي ولكنه فشل، مما أدى إلى عزله من السلطنة وتنصيب أخوه محمد الخامس. أدت سلسلة من الانتخابات وغيرها من الأحداث خلال الفترة إلى الصعود التدريجي لهيمنة الاتحاد والترقي على السياسة. أما ثاني أكبر حزب شارك مع الاتحاد والترقي في صراع على السلطة لمدة عامين، هو حزب الحرية والائتلاف (المعروف أيضًا باسم الاتحاد الليبرالي أو الوفاق الليبرالي). ولكن بعد نجاحها في الانقلاب العسكري 1913 أقام حزب الاتحاد والترقي دولة ذات حزب واحد، واعتبرت الأولى في تاريخ العالم.[1]
وفي 1918 خسرت الدولة العثمانية الحرب، وهرب معظم قادة الاتحاد والترقي إلى الخارج. فاستلم الاتحاد الليبرالي الحكم. أثناء احتلال الحلفاء للقسطنطينية أثار قرار البرلمان بالتعامل مع الثوار الأتراك في أنقرة من خلال التوقيع على بروتوكول أماسيا والموافقة في 1920 على ميثاق ملي (الميثاق الوطني) غضب الحلفاء، الذين أجبروا السلطان محمد السادس على حل المجلس البرلمان، وبذلك انتهت مرحلة المشروطية الثانية. نتج عن الاجتماع الأخير في 18 مارس 1920 رسالة احتجاج إلى الحلفاء، وغطت قطعة قماش سوداء منبر البرلمان للتذكير بغياب أعضائه. واصل العديد من نواب وأعضاء مجلس الشيوخ في البرلمان العثماني حياتهم السياسية في الدول التي خلفت السلطنة. تمكن الكثير من الهروب من الأستانة نحو أنقرة والاستمرار في تمثيل ناخبيهم في الجمعية الوطنية الكبرى خلال حرب الاستقلال التركية، واستمروا في نهاية المطاف في حياتهم المهنية في الجمهورية.
وطوال حقبة المشروطية الثانية كانت السلطنة في حالة طوارئ. وفي الوقت الذي كان الدستور موجود قانونًا، إلا أن تطبيقه كان يتم بصعوبة، وبالنهاية انهارت سلطة الدستور بعد ثورة 1913.
كان السبب وراء الثورة الذي كان لا يزال محليًا في تلك المرحلة، هو سياسات السلطان القمعية (الاستبداد كما ميزها المعاصرون، على الرغم من أن الكثيرين عبروا عن شوقهم لاستبداده قديم الطراز بعد سنوات قليلة من النظام الجديد)، والتي كانت قائمة على مجموعة واسعة من الجواسيس، بالإضافة إلى تدخلات القوى الأوروبية المستمر إلى حد عرض سيادة الدولة للخطر.
كان الإطار القانوني لتلك المشروطية هو القانون الأساسي لسنة 1876 في حقبة المشروطية الأولى. وبعد أن أعلن السلطان أنه لم يحل البرلمان العثماني الأول رسميًا، وجد ممن بقي حيًا من البرلمانيون السابقون الذين اجتمعوا قبل 33 عامًا أنفسهم فجأة يمثلون الشعب مرة أخرى عند استعادة الدستور.
وكما هو الحال في برلمان 1876، كان البرلمان العثماني يتألف من مجلسين: مجلس أعيان (مجلس الشيوخ) ومجلس مبعوثان (مجلس النواب). يتم انتخاب مجلس النواب من قبل الشعب بنسبة عضو واحد لكل 50,000 ذكر من السكان فوق سن 25 الذين دفعوا الضرائب. من ناحية أخرى تم ترشيح أعضاء مجلس الشيوخ من قبل السلطان مدى الحياة، ويجب أن تكون أعمارهم فوق 40 سنة، ولا يجوز أن يتجاوز عددهم ثلث أعضاء مجلس النواب.
كان من المقرر إجراء الانتخابات العامة كل أربع سنوات. ومع ذلك لم يصوت عامة الناس بشكل مباشر للنائب الذي كان يرغب في تمثيله في البرلمان. في كل منطقة من الدوائر الانتخابية الخمس عشرة، كان يحق للناخب المسجل اختيار مندوبين بنسبة مندوب واحد لكل 500 ناخب، وكان هؤلاء المندوبين (المجالس الإدارية المنتخبة) يتمتعون بالسلطة الفعلية في اختيار الممثلين في الغرفة. بالإضافة فقد تم تكليف هؤلاء المندوبين بإدارة المناطق في المجالس الإدارية المنتخبة. وهكذا تنتخب تلك المجالس التس عملها ليس مجمع انتخابي فقط، ولكن أيضًا حكومة محلية في المقاطعات والولايات.
انعقد البرلمان القديم بعد الثورة لفترة وجيزة فقط وبشكل رمزي. ومهمته الوحيدة هي الدعوة إلى انتخابات جديدة.
تألف أعضاء مجلس المبعوثان الجديد من 142 تركيًا و60 عربيًا و25 ألبانيًا و23 يونانيًا و12 أرمنيًا (منهم 4 من الطاشناق و2 من الهنشاق) و5 يهود و4 بلغاريين و3 صرب و2 بلاخ[الإنجليزية]وأشوري واحد (من محافظة الموصل)، ونال حزب الاتحاد والترقي على 60 مقعدًا، وبذلك يكون هو أكبر الأحزاب في البرلمان المجزأ.[2][3] تمكن الاتحاد والترقي وهو القوة الدافعة الرئيسية وراء الثورة، من أن تكون له اليد العليا على الفصيل الآخر من تركيا الفتاة وهو حزب الحرية العثماني ذو نظرة ليبرالية، وتحمل سلوكياته بصمة بريطانية قوية، وقريبة إلى القصر.
في 30 يناير 1909 صعد وزير الداخلية حسين حلمي باشا على المنصة للإجابة على استفسارات قدمها نواب مسلمين وغير مسلمين، وجميعهم من البلقان عدا واحد. كان الأمر يتعلق بكيفية تعامل الحكومة مع ما وصفه هؤلاء النواب بانعدام القانون والنظام، وتصاعد الاغتيالات والاعتداءات المسلحة، وانتشار قطاع الطرق. والعنف العرقي والطائفي بين مختلف المجتمعات في السلطنة الذي كلف الأرواح والموارد. وهذا هو الحدث المهم لأن النظام الذي تم إنشاؤه حديثًا عليه اجتياز الاختبار الأول فيما يتعلق بالسلوك البرلماني «السليم». كان هناك أعضاء من مختلف البعثات الدبلوماسية من بين الحضور. كفل الدستور الجديد حرية الصحافة وكان الصحفيون وغيرهم من الضيوف يراقبون الإجراءات. تحقق القسم الأول من البروتوكول (خطاب الوزير معارضة النواب). ومع ذلك بدأت الخلافات تندلع بين النواب وسرعان ماانعدمت اللياقة، وكان الصراع اللفظي بسبب المشاكل العرقية التي ابتليت بها السلطنة. وجرت تقاطعات في الخطوط القومية بين النواب غير المسلمين، وفقًا لأصولهم العرقية والدينية والعثمانية كان رد على هذه الأيديولوجيات المتنافسة.
في 16 أغسطس 1909 أصدرت الحكومة «قانون الجمعيات» الذي حظر الأحزاب السياسية ذات الأساس العرقي.[4] وبعد شهر أقرت الحكومة «قانون منع اللصوصية والتحريض على الفتنة»، الذي أنشأ كتائب مطاردة خاصة لمطاردة المتمردين في مقدونيا، وحظر على المواطنين العاديين امتلاك أسلحة نارية وفرض عقوبات قاسية على من يفعل ذلك. للإبلاغ عن أنشطة حرب العصابات.[4] كما وسعت الحكومة نظام التعليم من خلال إنشاء مدارس جديدة، بينما أعلنت في نفس الوقت أن اللغة التركية من الآن فصاعدًا ستكون لغة التدريس الوحيدة.[4]
سرعان ما ظهرت تهديدات للتجربة الديمقراطية في الحكومة الدستورية والبرلمانية. فبعد تسعة أشهر من الولاية البرلمانية الجديدة، ظهرت مشاعر السخط ضد الحكم الدستوري تعبيرًا لحركة أصولية سُميت باسم االانقلاب العثماني المضاد 1909. ففي 12 أبريل 1909 ثارت بعض القوات المسلحة ومعها من الأهالي في إسطنبول ضد النظام الدستوري الحالي مطالبين بعودة الحكم المطلق لعبد الحميد الثاني وتأمين القسطنطينية. قبل عبد الحميد مطالب المتظاهرين، وأوقف العمل بالدستور مرة أخرى لصالح الشريعة. ولكن أدى الانقلاب المضاد إلى واقعة 31 مارس المضادة لذلك الانقلاب (وجرت فعليا في 13 أبريل 1909)، حيث تمكن الدستوريون من استعادة السيطرة على الحكومة العثمانية من اتباع السلطان بمساعدة جيش الحركة بقيادة محمود شوكت باشا. اجتمع مجلس النواب المنتخب شعبيا في جلسة سرية بعد يومين وصوت بالإجماع لتنحية عبد الحميد الثاني. فأصبح شقيقه الأصغر محمد الخامس السلطان الجديد. وأصبح حلمي باشا الصدر الأعظم مرة أخرى، لكنه استقال في 5 ديسمبر 1909، فخلفه حقي بك. وتم تعديل الدستور لتقوية مجلس المبعوثان المنتخب شعبياً على حساب مجلس الأعيان غير المنتخب وسلطات السلطان الشخصية.
السياسات
عاد الاتحاد والترقي إلى السلطة مرة أخرى. معتبرًا أن الانقلاب المضاد كان بوحي وتنظيم السلطان، الذي أفسد الجنود حتى يعيد النظام القديم، فقرر إنهاء حكمه. فجرت إزالة صلاحيات السلطان من الدستور وعزله عن العرش. أدى ذلك إلى إزاحة ماتبقى من التهديدات الكبرى على البرلمان والدستور. وحظرت التعديلات الدستورية الجديدة أيضا جميع الجمعيات السرية. ثم نال البرلمان إجازة لمدة ثلاثة أشهر. خلال العطلة عقد الاتحاد والترقي مؤتمرًا في سالونيكا عدل فيه قواعده الخاصة، بحيث لم يعد جمعية سرية. واعتبر ذلك تعبيرا عن الثقة في البرلمان الذي تم إصلاحه، والذي أرسى أسس الإصلاحات المالية والإدارية المهمة.
بمجرد وصوله إلى السلطة قدم الاتحاد والترقي عددًا من المبادرات الجديدة التي تهدف إلى تحديث السلطنة العثمانية. فدعا إلى برنامج إصلاح منظم في ظل حكومة مركزية قوية، فضلاً عن استبعاد كل النفوذ الأجنبي. فعزز التصنيع والإصلاحات الإدارية، فأدت الإصلاحات الإدارية للإدارة الإقليمية إلى درجة أعلى من المركزية.
على الرغم من تعاون الاتحاديين مع الليبراليين، إلا أن أهداف كل منهما تتعارض بشدة. فالليبراليون يرغبون في اللامركزية الإدارية والمساعدة الأوروبية لتنفيذ الإصلاحات، كما شجعوا التصنيع. بالإضافة فإن الاتحاد والترقي نفذ علمنة النظام القانوني وقدم إعانات لتعليم النساء، وغير الهيكل الإداري للمدارس الابتدائية التي تديرها الدولة. وسعى البرلمان إلى تحديث شبكات الاتصالات والنقل في السلطنة، محاولا بأن ينأى بنفسه عن التكتلات الأوروبية والمصرفيين غير المسلمين. فقد امتلكت ألمانيا وإيطاليا السكك الحديدية العثمانية[الإنجليزية] الرديئة (5,991 كم من السكك الحديدية أحادية المسار في كل المناطق الخاضعة للسيطرة العثمانية في 1914) ومنذ سنة 1881 أصبحت إدارة الديون الخارجية العثمانية المتعثرة في أيدي أوروبا. فقد أضحت السلطنة العثمانية عمليا تحت الاستعمار الاقتصادي.
في نوفمبر 1911 تجمعت المعارضة حول حزب الحرية والوفاق (المعروف أيضًا باسم الاتحاد الليبرالي)، والذي قويت شوكته. بعد 20 يومًا فقط من التشكيل، تم اعتبار الانتخابات التكميلية في ديسمبر 1911 (التي غطت دائرة انتخابية واحدة) وفاز فيها مرشح الاتحاد الليبرالي بمثابة تأكيد على مناخ سياسي جديد وكانت تداعياته واسعة النطاق.
الفترة الثانية 1912
كانت فترة 1912-1913 فترة شديدة الاضطراب بالنسبة للحكومة العثمانية من حيث الشؤون الداخلية والخارجية. فظهر صراع سياسي على السلطة بين الاتحاد والترقي وبين الاتحاد الليبرالي، واحتوت تلك الفترة تبادل سريع للسلطة وانتخابات مزورة، وتمرد عسكري، وأخيراً انقلاب بسبب حروب البلقان الكارثية.
في منتصف الحرب ضد إيطاليا، دعا الاتحاد والترقي الآن إلى انتخابات وطنية مبكرة لمنع حزب الحرية والائتلاف الجديد على التنظيم والنمو بشكل أفضل.[5] وفي الانتخابات العامة للحزبين التي أجريت في أبريل 1912، والتي أُطلق عليها اسم «انتخابات الهراوات» بسبب التزوير والعنف الانتخابي الواسع النطاق الذي قام به الاتحاد والترقي ضد مرشحي الحرية والائتلاف، أظهرت النتائج فوز الاتحاديين بأغلبية ساحقة (269 مقعدًا من أصل 275 مقعدًا في مجلس النواب).[5] تم تشكيل مجلس وزراء من أعضاء الاتحاد والترقي برئاسة الصدر الأعظم محمد سعيد باشا.
بسبب خسارتها في الانتخابات، سعت قيادة الاتحاد الليبرالي إلى طرق غير قانونية لاستعادة السلطة من الاتحاديين، حيث اشتكت بصوت عالٍ من التزوير الانتخابي. وفي ذلك الوقت كانت هناك مجموعة من الضباط غير مرتاحين من الظلم الجاري داخل الجيش، قاموا بتنظيم أنفسهم في منظمة مسلحة تعرف باسم «ضباط الانقاذ» وأعلنوا وجودهم لحكومة السلطنة.[6] وسرعان ما أصبح هذا التنظيم من أنصار الحرية والائتلاف، فتسبب باضطرابات في العاصمة إسطنبول. وبعد نيلهم دعم الأمير صباح الدين[7] أحد أقطاب المعارضة، نشر ضباط الإنقاذ تصريحات عامة في الصحف.
أخيرًا وبعد تقديم مذكرة إلى المجلس العسكري، نجح هذا التنظيم في إقناع محمد سعيد باشا (الذي ألقى باللوم عليه في السماح بإجراء انتخابات مبكرة أدت إلى هيمنة الاتحاديين على المجلس)[5] وحكومته المكونة من وزراء من الاتحاد والترقي على الاستقالة في يوليو.[8][9] فخلفت حكومته حكومة غير حزبية لأحمد مختار باشا (ما يسمى «مجلس الوزراء الكبير».[10] وبدعم من ضباط الإنقاذ قام أحمد مختار باشا أيضًا بحل المجلس، داعيا إلى انتخابات جديدة في 5 أغسطس. ولكن اندلاع حرب البلقان في أكتوبر أدى إلى تعطيل خطط الانتخابات التي ألغيت، فاستقال أحمد مختار باشا من منصبه. فشكل الصدر الأعظم الجديد كامل باشا مجلس وزراء من الاتحاد الليبرالي وبدأ جهدًا لتدمير ماتبقى من حكومة الاتحاد والترقي بعد ثورة ضباط الإنقاذ.[5] وباستخدام علاقاته مع البريطانيين، جلس كامل باشا لإنهاء حرب البلقان الأولى دبلوماسيًا. ومع ذلك استمرت الاضطرابات العسكرية العثمانية الشديدة خلال الحرب في تقويض الروح المعنوية، حيث انتشرت شائعات عن ضرورة نقل العاصمة من إسطنبول إلى داخل الأناضول، بعدما وصل الجيش البلغاري حتى جتالجة، المنطقة الغربية من إسطنبول الحديثة.[11] وفي تلك اللحظة وقعت حكومة كامل باشا هدنة مع بلغاريا في ديسمبر 1912 وجلست لوضع معاهدة لإنهاء الحرب في مؤتمر لندن للسلام.
استغلت القوى العظمى - بريطانياوفرنساوإيطالياوروسيا - الخسائر الضخمة التي تكبدها الجيش العثماني في الحرب، وبدأت بالتدخل في علاقة بلغاريا مع السلطنة. وبحجة معاهدة برلين (1878) طلبت من الباب العالي أن يتنازل عن أدرنة لبلغاريا وجزر بحر إيجة لتلك القوى نفسها. فكان توجه حكومة كامل باشا إلى قبول «خط ميدي-إنيز» ليكون حدودها الغربية، وفي حين لم تمنح أدرنة صراحةً إلى بلغاريا، مفضلة نقل سيطرتها إلى لجنة دولية.[12]
تمت الإطاحة بحكومة الاتحاد الليبرالي بقيادة الصدر الأعظم كامل باشا في انقلاب (عرف باسم الغارة على الباب العالي)، بهندسة قادة الاتحاد والترقي أنوروطلعت بك مستخدمين حجة أن كامل باشا كان على وشك بيع الأمة من خلال الموافقة على هدنة في حرب البلقان الأولى والتخلي عن أدرنة للبلغار. في 23 يناير 1913 اقتحم أنور بك مع بعض رفاقه الباب العالي بينما كان مجلس الوزراء منعقدا، فأُجبر كامل باشا على الاستقالة من منصبه تحت تهديد السلاح، وقتل وزير الحرب ناظم باشا. فشكل الاتحاد والترقي حكومة جديدة برئاسة الصدر الأعظم محمود شوكت باشا، والذي اغتيل بدوره بعد أشهر أي يوم 11 يونيو 1913 انتقاما لمقتل ناظم باشا، على الرغم من أنه كان لطيفا تجاه المعارضة من الاتحاد الليبرالي بعد الانقلاب. بعد وفاته خلفه سعيد حليم باشا وبدأ الاتحاديون بقمع الاتحاد الليبرالي وأحزاب المعارضة الأخرى، مما أجبر العديد من قادتها (مثل الأمير صباح الدين) على الفرار إلى أوروبا.
أنور بك (وسط) يتحدث إلى الملحق البريطاني، بعد فترة وجيزة من الانقلاب.
السياسات
بعد حروب البلقان أصبحت الدولة العثمانية كيانًا مكونًا من عنصرين رئيسيين؛ الأتراك والعرب. فارتفعت في الإطار الجديد نسبة الممثلين من المقاطعات العربية من 23٪ (1908) إلى 27٪، والتركمان 14٪ (1908) إلى 22٪، وإجمالي أعضاء الاتحاد والترقي من 39٪ (1908) إلى 67٪.
في التشكيلة الجديدة هيمنت على السياسة الرئيسية قضايا الأقليات، مثل تلك التي تؤثر على الأرمن. كان السياسيون الأرمن يدعمون الاتحاد والترقي، لكن عندما تشكل البرلمان كانت النتيجة مختلفة تمامًا عن النتيجة المتوقعة. فتحولت الدولة العثمانية بعد حروب البلقان من أمة متعددة الأعراق والديانات إلى أمة ذات قالب مسلم. وأثبت حجم الأغلبية للاتحاديين في البرلمان أنه مصدر ضعف وليس مصدر قوة حيث خرجت الأقليات. والمسلمون المرحّلون (الأتراك) من البلقان كانوا موجودين في الأجزاء الغربية من الأناضول وقد جلبوا معهم قضاياهم الخاصة. كان الأرمن يتوقعون المزيد من التمثيل من خلال البرلمان، لكن طبيعة الديمقراطية أبقتهم في موقف الأقلية. كانت هذه نتيجة غير متوقعة للأرمن بعد أن كانوا في وضع محمي منذ 1453.
وفي 1913 تركزت السياسة في إسطنبول حول إيجاد حل لمطالب الجماعات الإصلاحية من العرب والأرمن. تعاملت سياسات السلطنة في القرن التاسع عشر مع المطالب اللامركزية لدول البلقان. وفي 1913 نشأ نفس النمط في المقاطعات الشرقية. بعد الخروج الفعلي لمعظم السكان المسيحيين من الدولة بعد حروب البلقان، تم إعادة تعريف السياسة العثمانية بالتركيز بشكل أكبر على الإسلام كقوة ملزمة. يجب اعتبار اختيار هذه السياسة أيضًا على اعتبار أن القوى الخارجية (الإمبريالية) هي مسيحية. فكانت السياسة هم ضدنا.
مع الأخذ في الاعتبار خسارة العثمانيين للبلقانوليبيا، وعلى الرغم من نظام الحزب الواحد الذي وضعه الاتحاديون، إلا أن تمثيل الأقليات العرقية العثمانية تم بنسب مماثلة خلال فترة 1914-1918 للبرلمان العثماني، مع 11 أرمنيًا ودزينة من اليونانيين تم انتخابهم نوابًا وعملوا بهذه الصفة. [2]
جرت الانتخابات الأخيرة في ظل الاحتلال العسكري للقسطنطينية من قبل الحلفاء، ولكن تم استدعائه بموجب بروتوكول أماسيا الموقع في 22 أكتوبر 1919 بين الحكومة العثمانية والحركة الوطنية التركية، من أجل الاتفاق على حركة مقاومة تركية مشتركة ضد الحلفاء. وعندما انعقدت الجلسة الجديدة لمجلس النواب في 16 مارس 1920 صادق على ميثاق ملي (الميثاق الوطني) مع الحركة الوطنية التركية، مما أثار غضب الحلفاء. فتم القبض على العديد من النواب وترحيلهم. وأجبر الحلفاء السلطان محمد السادس بحل البرلمان في 11 أبريل.[5]
في 13 أكتوبر 1918 استقال طلعت باشا وبقية حكومة الاتحاد والترقي، وتم توقيع هدنة مودروس على متن سفينة حربية بريطانية في بحر إيجه في نهاية الشهر. عقدت المحاكم العسكرية التركية 1919–1920 حيث تمت محاكمة قيادة جمعية الاتحاد والترقي وبعض المسؤولين السابقين بتهم تقويض الدستور، والاستغلال في زمن الحرب، ومذابح كل من اليونانيينوالأرمن.[13] وقد توصلت المحكمة إلى حكم قضى بإعدام منظمي المجازر طلعت وأنور وجمال وآخرين.[14][15] ولكن تمكن الباشاوات الثلاثة في 2 نوفمبر من الهروب من العاصمة نحو المنفى.
قضايا الاحتلال يناير 1920
جرت الانتخابات الأخيرة للبرلمان العثماني في ديسمبر 1919. وافتتح الأعضاء الجدد وعددهم 140 الدورة الرابعة (والأخيرة) للبرلمان في 12 يناير 1920، حيث الأغلبية الساحقة هم من مرشحي «جمعية الدفاع عن حقوق الأناضول وروملي» برئاسة مصطفى كمال باشا الذي بقي في أنقرة.
في ليلة 15 مارس بدأت القوات البريطانية في احتلال المباني الرئيسية واعتقلت خمسة من أعضاء البرلمان. قاومت الفرقة العاشرة ومدرسة الموسيقى العسكرية الاعتقال. فلقي حوالي 10 من الطلبة حتفهم بنيران جيش الهند البريطاني. ولم يعرف العدد الإجمالي للقتلى. ومع ذلك فقد اجتمع البرلمانيون العثمانيون الاجتماع الأخير يوم 18 مارس. وغطوا منبر البرلمان بقطعة قماش سوداء للتذكير بغياب أعضائه وأرسل البرلمان خطاب احتجاج إلى الحلفاء أعلن فيه عدم قبول اعتقال خمسة من أعضائه.
من الناحية العملية كان اجتماع 18 مارس نهاية النظام البرلماني العثماني والبرلمان نفسه، وهو الرمز النبيل لسعي جيل من أجل «الحرية الأبدية» (حريتي أبدي) التي ضحى الرجال بأنفسهم من أجلها. فقد كان تحرك البريطانيين ضد البرلمان جعل من السلطان السلطة الوحيدة في الدولة. فأعلن حل البرلمان في 11 أبريل. تم إرسال حوالي 100 سياسي عثماني إلى المنفى في مالطا.
وسرعان ماأخذ أكثر من مائة من الأعضاء المتبقين طريقهم نحو أنقرة وشكلوا نواة الجمعية الجديدة. وفي 5 أبريل أغلق السلطان محمد السادس وحيد الدين بضغط من الحلفاء البرلمان العثماني رسميًا، فانتهت حقبة المشروطية الثانية تمامًا.
^Bozarslan, Hamit (2019). "Afterword: Talaat's Empire: A Backward Country, but a State Well Ahead of Its Time". End of the Ottomans - The Genocide of 1915 and the Politics of Turkish Nationalism (بالإنجليزية). I. B. Tauris. p. 330. ISBN:978-1-7867-3604-8.
^Myron E. Weiner, Ergun Özbudun (1987) Competitive Elections in Developing Countries, Duke University Press, p334
^Kuyaş, Ahmet (Jan 2013), "Bâb-ı Âli Baskını: 100. Yıl", NTV Tarih (بالتركية), p. 26, ISSN:1308-7878
^Armenien und der Völkermord: Die Istanbuler Prozesse und die Türkische Nationalbewegung. Hamburg: Hamburger Edition. 1996. ص. 185.
^Herzig، edited by Edmund؛ Kurkchiyan, Marina (2005). The Armenians past and present in the making of national identity. Abingdon, Oxon, Oxford: RoutledgeCurzon. ISBN:0203004930. {{استشهاد بكتاب}}: |الأول= باسم عام (مساعدة)
^Andreopoulos، ed. by George J. (1997). Genocide : conceptual and historical dimensions (ط. 1. paperback print.). Philadelphia, Pa.: Univ. of Pennsylvania Press. ISBN:0812216164. {{استشهاد بكتاب}}: |الأول= باسم عام (مساعدة)
فهرس المصادر
Akmeșe، Handan Nezir (2005)، The Birth of Modern Turkey: The Ottoman Military and the March to World War I، London: IB Tauris.
Kieser، Hans-Lukas (26 يونيو 2018)، Talaat Pasha: Father of Modern Turkey, Architect of Genocide، Princeton University Press (نُشِر في 2018)، ISBN:978-0-691-15762-7
Shaw، Stanford؛ Shaw، Ezel (1975)، History of the Ottoman Empire and Modern Turkey، Cambridge University Press، ج. II، ISBN:0 521 29166 6
What's My Age Again?Berkas:WhatsMyAgeAgain.jpgSingel oleh Blink-182dari album Enema of the StateDirilis13 April 1999DirekamJanuari–Maret 1999[1]GenrePop punkDurasi2:26LabelMCAPencipta Mark Hoppus Tom DeLonge ProduserJerry FinnKronologi singel Blink-182 Josie (1998) What's My Age Again? (1999) All the Small Things (1999) What's My Age Again? adalah lagu dari band rock Amerika Blink-182. Lagu ini dirilis pada bulan April 1999 sebagai single utama dari album studio ketiga grup, Enema ...
1915 film by James Kirkwood The MasqueradersTheatrical release posterDirected byJames Kirkwood, Sr.Based onplay The Masqueraders by Henry Arthur Jones(c.1894 London)Produced byDaniel FrohmanAdolph ZukorStarringHazel DawnElliott DexterFrank LoseeNorman TharpIda DarlingEvelyn FarrisCinematographyEmmett A. WilliamsProductioncompanyFamous Players Film CompanyDistributed byParamount PicturesRelease date October 28, 1915 (1915-10-28) Running time60 minutesCountryUnited StatesLanguage...
Maine State MuseumThe Maine State Museum shares a building next to the capitol building with the State Library and the State Archives.Established1971Location230 State StreetAugusta, MaineCoordinates44°18′21″N 69°46′58″W / 44.3059°N 69.7827°W / 44.3059; -69.7827TypeHistory, natural historyWebsitemainestatemuseum.org The Lion steam locomotive display at the Maine State Museum in Augusta Burrowes Model E. Tourabout (1908) by the E. T. Burrowes Company of Portl...
Mississippi River railroad bridge Crescent BridgeCoordinates41°30′42″N 90°35′41″W / 41.51167°N 90.59472°W / 41.51167; -90.59472Carries1 Rail lineCrossesMississippi RiverLocaleDavenport, Iowa and Rock Island, IllinoisCharacteristicsDesignSwing bridgeHistoryOpened1899Location The Crescent Bridge carries a rail line across the Mississippi River between Davenport, Iowa and Rock Island, Illinois. It was formerly owned by the Davenport, Rock Island and North West...
Allium cernuum Klasifikasi ilmiah Kerajaan: Plantae Divisi: Tracheophyta Kelas: Liliopsida Ordo: Asparagales Famili: Amaryllidaceae Genus: Allium Spesies: Allium cernuum Nama binomial Allium cernuumRoth Allium cernuum adalah spesies tumbuhan yang tergolong ke dalam famili Amaryllidaceae. Spesies ini juga merupakan bagian dari ordo Asparagales. Spesies Allium cernuum sendiri merupakan bagian dari genus bawang Allium.[1] Nama ilmiah dari spesies ini pertama kali diterbitkan oleh Roth. ...
Artikel ini bukan mengenai Alexander Gelfond. Nama ini menggunakan aturan penamaan Slavia Timur; nama patronimiknya adalah Moiseevich dan nama keluarganya adalah Gelfand. Israïl Moiseevich GelfandLahir(1913-09-02)2 September 1913Okny, Kegubernuran Kherson, Kekaisaran RusiaMeninggal5 Oktober 2009(2009-10-05) (umur 96)New Brunswick, New Jersey, Amerika SerikatKebangsaanUni SovietRusiaAlmamaterUniversitas Negeri MoskwaKarier ilmiahBidangMatematikaInstitusiUniversitas Negeri MoskwaUnive...
Extinct in the wild (EW): 1 species Critically endangered (CR): 195 species Endangered (EN): 343 species Vulnerable (VU): 608 species Near threatened (NT, LR/cd): 301 species Least concern (LC): 2,843 species Data deficient (DD): 1,702 species Insect species (IUCN, 2016.1) 5993 extant species have been evaluated 4291 of those are fully assessed[a] 3144 are not threatened at present[b] 1146 to 2848 are threatened[c] 59 t...
Milk-based food product Soured milkRussian and Ukrainian prostokvasha (kysliak), traditional fermented milkMain ingredientsMilk Media: Soured milk Soured milk denotes a range of food products produced by the acidification of milk. Acidification, which gives the milk a tart taste, is achieved either through bacterial fermentation or through the addition of an acid, such as lemon juice or vinegar. The acid causes milk to coagulate and thicken, inhibiting the growth of harmful bacteria...
Legislative election in Arizona Not to be confused with 2022 United States Senate election in Arizona. See also: 2022 United States state legislative elections and 2022 Arizona elections 2022 Arizona Senate election ← 2020 November 8, 2022 2024 → All 30 seats of the Arizona Senate16 seats needed for a majority Majority party Minority party Leader Karen Fann (retired) Rebecca Rios (retired) Party Republican Democratic Leader since January 7, 2019 Januar...
Ця стаття потребує додаткових посилань на джерела для поліпшення її перевірності. Будь ласка, допоможіть удосконалити цю статтю, додавши посилання на надійні (авторитетні) джерела. Зверніться на сторінку обговорення за поясненнями та допоможіть виправити недоліки. Мат...
Jarak beralih ke halaman ini. Untuk kegunaan lain, lihat Jarak (disambiguasi). Jarak bali Jatropha podagrica TaksonomiDivisiTracheophytaSubdivisiSpermatophytesKladAngiospermaeKladmesangiospermsKladeudicotsKladcore eudicotsKladSuperrosidaeKladrosidsKladfabidsOrdoMalpighialesFamiliEuphorbiaceaeGenusJatrophaSpesiesJatropha podagrica Hook., 1848 lbs Jarak bali (Jatropha podagrica) adalah terna tegak yang berkhasiat obat, adapun tumbuhan ini bersifat meredakan nyeri (analgesik), antiradang, menghi...
Национальное аэрокосмическое агентство Азербайджана Штаб-квартира Баку, ул. С. Ахундова, AZ 1115 Локация Азербайджан Тип организации Космическое агентство Руководители Директор: Натиг Джавадов Первый заместитель генерального директора Тофик Сулейманов Основание Осн�...
Il grande e potente OzUna scena del filmTitolo originaleOz the Great and Powerful Lingua originaleinglese Paese di produzioneStati Uniti d'America Anno2013 Durata130 minuti Dati tecniciB/N (prologo), colorerapporto: 2,35:1 Genereavventura, fantastico RegiaSam Raimi SoggettoLyman Frank Baum (libri), Mitchell Kapner SceneggiaturaMitchell Kapner, David Lindsay-Abaire ProduttoreJoe Roth Produttore esecutivoGrant Curtis, Joshua Donen, Palak Patel, Philip Steuer Casa di produzioneWalt Disney Pi...
Замок Опперсдорфів у Глогувку Вигляд верхнього замку 50°21′20″ пн. ш. 17°51′40″ сх. д. / 50.3557694° пн. ш. 17.8611500° сх. д. / 50.3557694; 17.8611500Координати: 50°21′20″ пн. ш. 17°51′40″ сх. д. / 50.3557694° пн. ш. 17.8611500° сх. д. / 50.3557694; 17.8611500Ти...
Primary constitutional document of Canada This article needs additional citations for verification. Please help improve this article by adding citations to reliable sources. Unsourced material may be challenged and removed.Find sources: Constitution Act, 1982 – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (April 2018) (Learn how and when to remove this message) Part of a series on theConstitution of Canada Constitutional history Bill of Rights (1689) Ac...
British ocean liner For other ships with the same name, see SS Alcantara (1913). Alcantara off Rio de Janeiro between 1934 and 1939 History United Kingdom Name RMS Alcantara (1926–39; 1943–58) HMS Alcantara (1939–43) Kaisho Maru (1958) NamesakeAlcántara Owner RMSP Meat Transports (1926–32) Royal Mail Lines (1932–58) Operator Royal Navy (1939–43) Port of registry Belfast RouteSouthampton – South America BuilderHarland & Wolff, Belfast Yard number586 Launched23 September 1926...
Overview of the law of the U.S. state of Pennsylvania This article's lead section may be too short to adequately summarize the key points. Please consider expanding the lead to provide an accessible overview of all important aspects of the article. (April 2021) The law of Pennsylvania consists of several levels, including constitutional, statutory, regulatory and case law. The Pennsylvania Consolidated Statutes form the general statutory law. Sources See also: Government of Pennsylvania Title...
Filmmaking in the Middle East Cinematic street poster in Tunis, Tunisia for the Egyptian film Saladin the Victorious (1963) directed by Youssef Chahine starring Ahmed Mazhar, Salah Zulfikar, Nadia Lutfi and others. Middle Eastern cinema collectively refers to the film industries of West Asia and part of North Africa. By definition, it encompasses the film industries of Egypt, Iran, Bahrain, Iraq, Israel, Jordan, Kuwait, Lebanon, Palestine, Oman, Qatar, Saudi Arabia, Syria, United Arab Emirate...
2008 New South Wales local elections ← 2004 13 September 2008 2012 → First party Second party Third party IND Leader N/A N/A N/A Party Independents Liberal Labor Fourth party Fifth party Sixth party UNI Leader No leader No leader Fred Nile Party Greens Unity Christian Democrats Seats before 0 Seats won 1 Seventh party Eighth party NPM DLP Leader Charles Matthews No leader Party No Parking Meters Democratic Labor Last...