أثر العرب في الحضارة الأوربية كتابٌ من تأليف عباس محمود العقاد عام 1946م. يدور الحديث في هذا الكتاب حول التفوق العلمي والأدبي لدى العرب سواء عن طريق ما اكتشفوه وابتدعوه هم أو عن طريق ما نقلوه من تراث الحضارات القديمة وكيف سبقوا الغرب في الكثير من العلوم وكيف استفاد الغرب من ذلك حيث يسرد العقاد كيف امتدَّ التأثير العربي فشمل مجالات الفنوالعمارةوالموسيقى، كما امتدَّ إلى الأدب وباقي العلوم حيث الحوار الحضاري هو موضوع الكتاب من منطلق تفاعل الثقافة العربية مع الثقافات الشرقية والثقافات الغربية وضع العقاد فصولًا عدة، إذ يتحدث كل فصل عن موضوع معين أثرث فيه العرببالحضارة الأوروبية، وختم كتابه بأثر الحضارة الغربية الحديثة في الثقافة العربية.[1]
موضوع الكتاب
يمثل هذا الكتاب بحث شامل لكافة الآثار التي خلفت أو نقلت، عن العالم العربيوالحضارة العربية والأسلامية للحضارة الاوربية وعلمائها ومؤسساتها ومتلقيها، لتصبح أشبه بالخليط المتكامل من حضارات مختلفة، مثلت علم واحد واسع فعنوان الكتاب يتحدث عن محتواه فقد كان الدور الأبرز والأساسي في ما وصل إليه الغرب الآن في أوروبا ما كانث لتظهر على شاكلتها التي هي عليها الآن لولا الشعلة التي أشعلها العرب، وأنارت بذلك ظلام أوروبا في العصور الوسطى كما أن العقاد قد قسم الحضارات إلى نوعين: إحداها أبدعت ولم تنقل (العرب) وأخرى لم تبدع ولكن نقلت (الغرب)
يرصد هذا الكتاب تأثير الحضارة العربية في أوروبا من عدة جوانب ويرى في الشق الأول من الكتاب ان هذا الأثر في مختلف العلوم والمجالات الروحية والمادية حيث يبدا في العلوم علما بعد علم، ليذكر دور العرب فيه أو الحضارات السابقة على العرب، ثم يذكر كيف وصلت إلى الحضارة الغربية لاحقا منها العقائد السماوية والآدابوالصناعاتوالطبوالعلوموالفنون والمشاريع الناشئة من مجالات الحياة المتعددة بدأ العقاد كتابه بالحديث عن العرب وتسائل من هم فهو يرى ان العرب أمه أقدم من اسمها المعروف عنهم حاليا الآن ومن هؤلاء العرب القدامى نقل الاوروبيون الكثير من عقائدهم وآداب ومن حياتهم، وصناعات السلم والحرب، والطبوالعلوم، الفنونوالآداب نقلوا من هذا الكثير، وقد أورد العقاد نماذج لما نقلوه
اما الشق الآخر من الكتاب فجاء عن أثر أوروبا الاجتماعية، وبين تلك العلاقة بين الحضارة العربية والأخرى على أكمل وجه، وهى على ذلك نقطة في خضم «العقاد» الفكري.
أراد العقاد من خلال هذا الكتاب أن يعزز الفكرة القديمة القائلة بأن أصل وجود العلوم وإنتشارها هم العرب ويأكد ذلك من خلال أدلة وإثباتات
ينهي العقاد كتابه بالصفحة الأخيره بفكرتين الأولى كانت: أن الأمم الشرقيةوالغربية دائنه ومدينه، والثانية: أن الحضارات تتناقل بين الأمم الشرقيةوالغربية
أخيراً إستشهد العقاد بقوله تعالى (و تلك الأيام نداولها بين الناس).[2]
كان في قرطبة وحدها دكان نسخ واحد، يستخدم مائة وسبعين جارية في نقل المؤلفات
ينقل العقاد عن الرحالة ابن جبير ان الحرب بين المسلمين بقيادة صلاح الدينوالنصارى لم يقطع العلاقات التجارية بينهم حتى يقول: والاتفاق بينهم على الاعتدال في جميع الأحوال وأهل الحرب مشتغلون بحربهم والناس في عافية والدنيا لمن غلب[7]
فان الولع بكل جديد كالولع بكل قديم، دليل على نقص التمييز وعلى اتباع يخلو من الابتداع
التشبه بالأمم الغالبة في عاداتها ومظاهر معيشتها هو نفسه العادات الأصيلة في طبائع الناس
الحق ان الحضارة الأوربية زودت الفساد بمسحة من الطرافة تستهوي النظر وتنفي عنه الشين الذميم الذي كان يصل اصحاب المروءات فاستباحه من لم يستبحه قبل ذلك[8]
آراء النقاد
يرى بعض النقاد ان هذا الكتاب من الكتب التي تعيد للإنسان العربي توازنه الحضاري، وموقعه الثقافي الحقيقي في تاريخ البشرية بعد أن حاول ويحاول كثيرون تشويه سمعته بأنه لا يصلح لشيء من شأن الحضارة. كعادة العقاد في طرحه الحازم والجازم يفخر بإنجازات العرب قديما وتاثيرها على أوروبا في بداية العصر الحديث ويرى النقاد ان العقاد عاش في فترة 1889 - 1964 ، حيث أن نشأته كانت في زمن كانت فيه الأمة ذات الأرث الكبير بحالة يرثى لها، تحت يد الإحتلالوالاستعمارو نكبة، ولأن العقاد بشخصيته العنيدة وشجاعته الفكرية رفض الهزيمة الذاتية والشعور بالدونية تجاه الغرب المتطور، وأراد أن يذكر بحال ربما تم نسيانه، وبحضارة وإرث علمي يتم تجاهل فضله جحودا ونسب الفضل الذي فيه أوروبا الآن وإن الإحتكاك بالشرق ساهم بشكل عظيم بالنهضة الأوربية، إن كان عن طريق الأندلس أو عن طريق الحروب الصليبية أو عن طريق التجارة.[9][10]