ثم توالت الوعود من طرف إدارة الاحتلال الفرنسي للجزائر قصد منح الحقوق السياسية للأهالي الجزائريين بعد سنة 1919م لأن خسائر المقاتلين الجزائريين كانت قد بلغت 25,711 قتيلا إضافة إلى 72,035 جريحا.
وقد سمح قانون جونار بفتح أبواب بعض المناصب الثانوية في الوظيف العمومي المحلي أمام الأهالي الجزائريين، رغم أن 44 وظيفة حساسة كانت مستثناة بنص القانون من تعيين جزائريين أصليين فيها.
وقد كانت «العريضة رقم 30» بتاريخ 18 جويلية1920م، الموجهة إلى مجلس الأمة، تهدف إلى توسيع حقوق وصلاحيات المندوبين المنتخبين من الأهالي الجزائريين المسلمين.[8]
ومن بين مزايا المشاركة السياسية في الهيئات الانتخابية الفرنسية حصول محمد بويسري على بيت أرضي في مدينة الثنية في وسط مستوطنة مينيرفيل Ménerville الخاصة بالأوروبيين.[19]
واستفاد من قطعة أرضية قوامها حوالي 40 هكتارا من أراضي أجداده التي استحوذت عليها إدارة الاحتلال الفرنسي، وذلك إلى الجنوب من سكة الحديد وملعب الحجرة قرب «مقبرة الغربة».[21]
وقد سمح هذا التغلغل في النسيج الاجتماعي الحضري باستقدام الكثير من بني عمومته في قرى عرش آيث عيشة للسكن في وسط الأوروبيين والمتاجرة معهم والاشتغال عندهم، بما سمح بتسجيل أبنائهم في المدارس الابتدائية لنيل التعليم الأساسي.[22]
تنمية المنطقة
كان محمد بويسري من خلال مشاركته السياسية الماصلة كمندوب بلدي يسعى لجلب المنافع والمصالح إلى السكان الأصليين ودرء المفاسد عنهم، رغم اقتناعه أن وضعية الاحتلال الفرنسي للجزائر لن تسمح أبدا للأهالي المقموعين بالوصول إلى عتبة المساواة التامة في الحقوق والواجبات مع المسطنين الأوروبيين.
ورغم مرارة الإحساس بأن المحتلين الفرنسيين يستغلون المندوبين البلديين المسلمين من أجل تخدير الجزائريين في الأرياف حول جدية مطلب استعادة السيادة الوطنية المسلوبة، إلا أن هؤلاء الآلاف من المندوبين المسلمين قد انخرطوا مؤقتا في «اللعبة السياسية الفرنسية» وفق مقتضيات المتاح والمباح في انتظار فر الشروط الموضوعية لتحرير البلاد الجزائرية من المغتصبين الأجانب بعد استنبات جيل أو جيلين يتميز الشباب حينها بالوعي السياسي الكامل ويفرون على أدوات التحرر التام.
كما أدلى محمد بويسري برأيه في قضية تأهيل وترميم واستصلاح منابع الماء في قرى عرش آيث عيشة بالإضافة إلى استغلال مياه سد الثنية الذي تم إنشاؤه خلال عام 1913م.
وتمثل تأهيل هذه الينابيع في أشغال بناء غرف إسمنتية حولها لتجميع المياه داخل خزانات يمكن الولوج إليها بواسطة أبواب حديدية يتم تكليف شيخ كل قرية بالإشراف على تنظيفها والحفاظ عليها من التلوث والانسداد والسهر على ديمومة وقوة تدفق المياه منها.
ومن أجل السماح للجزائريين بالانخراط في الأندية الرياضية، خاصة الخاصة بكرة القدم، فإن هذه اللجنة قد أقرت مشروع بناء ملعب ثنية بني عائشة.
وقد اقترح المندوب محمد بويسري على المجلس البلدي استقدام «وكالة القرض الزراعي للفلاح الصغير» إلى مقر «البلدية المختلطة» المتمثلة في الثنية بعد أن نجح وأثبت هذا القرض نجاعته في دعم الفلاحين الجزائريين في «البلديات كاملة الصلاحيات».
ذلك أن هذا «القرض الزراعي للفلاح الصغير» كآلية احتياطية لدعم التنمية الريفية يسمح، عبر دفع كل فلاح جزائري عيشاوي زواوي اشتراكا مقداره 6 فرنك فرنسي سنويا، بالاستفادة من دعم وتأطير هذه الآلية المالية التضامنية الخاصة بالفلاحين الجزائريين المسلمبين.
وبمجرد وصول أعضائها إلى مدينة تيزي نايث عيشة، تم استقبالهم من طرف رئيس البلدية «جيروم زيفاكو» (بالفرنسية: Jérôme Zévaco) رفقة المندوب المسلم محمد بويسري وكثير من الممثلين السياسيين الفرنسيين والجزائريين الذين أوضحوا ماهية مطالبهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان المندوب محمد بويسري الزواوي يساهم في جمع الأموال والمؤونة لمساعدة عائلات الشباب الجزائريين الذين تم تجنيدهم من طرف الجيش الفرنسي في جبهات القتال داخل أوروبا.