في مفاجأة هزت النخبة الفاسية وافق محمد بن عرفة على قرار المقيم العام ليصبح خليفة لمحمد الخامس في حالة خلو العرش العلوي وهو ما خلق بداية العامين من حكمه موجة من الاضطرابات والتفجيرات.[2] سرعان ما أدرك خلالها بن عرفة أنه ٱرتكب أكبر خطأ في حياته ... وبعد ثلاثة أسابيع من تنصيبه على العرش، حاول علال بن عبدالله ... إغتياله
ولد حوالي 1886 (1303 هـ) في فاس، التي كانت آنذاك عاصمة العلويين، وهو أيضا، من جهة والدته، للا نفيسة، مرتبط بعائلة الڭلاوي، لأنها ابنه عم شقيق التهامي الكلاوي (الذي لعب دورا هاما في صعوده إلى العرش سنة 1953): المدني الكلاوي، وزير الحرب تحت مولاي عبد العزيز والصدر الأعظم تحت مولاي عبد الحفيظ، الذي ساعده، كآخرين، ليحل محل شقيقه مولاي عبد العزيز في عام 1908.
حياة عائلية
تزوج سيدي محمد بن عرفة من للا هنية بنت الطاهر: الشقيقة الكبرى لـللا عبلة بنت الطاهر، والزوجة السابقة للسلطان الذي لم يحكم طويلا مولاي عبد الحفيظ، بعد أن تركته عندما ذهب إلى الخارج (عقب توقيعه للمعاهدة التي فرضت الحماية الفرنسية على المغرب وتنازله عن العرش في عام 1912)، تاركا مكانه لمولاي يوسف، والد السلطان سيدي محمد (الذي أخذ مكانه بن عرفة خلال منفاه المفروض من طرف الفرنسيين بين 1953 و 1955).
وكان لديهم معا أربعة أبناء وابنة واحدة:
مولاي امحمد (1913)
مولاي أحمد (1918)
مولاي عبد الحميد (1920)
مولاي حسن (1941)
للا حليمة (1952).
من الصعود للعرش إلى السقوط
وضع سيدي محمد بن عرفة 21 أغسطس 1953 على عرش المملكة الشريفة — الذي أطيح منه ابن عمه السلطان سيدي محمد بن يوسف (الملك محمد الخامس مستقبلا) — من طرف السلطات الفرنسية التي تفرض نظام الحماية في المملكة منذ معاهدة فاس لـ1912. قاد الجنرال أوغستين غيوم، المقيم العام في المغرب منذ 1951، مع المستعمرين الفرنسيين وبعض السلطات المغربية - بما في ذلك التهامي الكلاوي، باشا مراكش - حملة للإطاحة ببن يوسف بعدما دخل معه صراع مفتوح معهم بعد أن أيّد مطالبات الاستقلال. السلطان، مُنصب منذ عام 1927، تم توقيفه وأرسل إلى المنفى على الفور عن طريق الجو، في حين أن علماءفاس، على الرغم من رفضه التنازل عن العرش، اعترفوا ببن عرفة مكانه.
تميزت فترة حكمه القصيرة بتزايد العنف وتطرف الوطنيين، الذين رفضوا الاعتراف به خلال الترحيل القسري لبن يوسف إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر. ونجا يوم 11 سبتمبر 1953 لمحاولة اغتيال من طرف علال بن عبد الله. سلطته، المحدودة من طرف صلاحية المقيم العام (الجنرال غيوم ثم، من عام 1954، فرانسيس لاكوست[الفرنسية]) وتأثير باشا مراكش، تأثرت أيضا من تطرف المستوطنين المتشدد منهم الذين أسسوا « الاتحاد من أجل الوجود الفرنسي ».
افتقاره للشرعية والشعبية بين سكان المغرب، تصاعد وتيرة العنف ارتباطا مع تلك الموجودة في تونس ومع الحرب في الجزائر، أدى بالسلطات الفرنسية للنظر في إبعاده وعودة بن يوسف بعد عامين. قرر جيلبير غراندفال[الفرنسية]، الذي عُيّن مقيما عاما، اللقاء بالصدر الأعظم محمد المقري. سافر هذا الأخير إلى فرنسا، حيث التقى بغراندفال في فيشي، وجعلته يفهم أن بن عرفة مستعد للمغادرة أمام الاضطرابات الشعبية التي امتدت في أنحاء البلاد. طرحت مسألة العرش، وسمحت المناقشات النظر في عودة بن يوسف إلى السلطة. وفي فاتح أكتوبر تنازل بن عرفة.
العودة المظفرة لبن يوسف إلى المغرب يوم 16 نوفمبر 1955، بعد اتفاقات لا سيل سان كلو، شهدت على حد سواء نهاية الحكم القصير لبن عرفة والعودة إلى السيادة الكاملة، رسميا في عام 1956 بنهاية الحماية الفرنسية، والإسبانية كذلك (على مناطق النفوذ الفرنسية منذ 1912).
منفى ووفاة
بعد تنحيه ذهب بن عرفة أوائل أكتوبر 1955 إلى طنجة، التي كانت آنذاك منطقة دولية. عندما انضمت إلى المغرب، انتقل إلى نيس، حيث وفٌرت له السلطات الفرنسية سكناً فاخراً. أصبح حينها أكثر عزلة، وخاصة بعد وفاة زوجته، ولم يتحدث أبدا، كما نعلم، ما أدى به إلى التعاون في إزالة ابن عمه بن يوسف. باعتباره خائنا، كانت عودته إلى المغرب ممنوعة. في أواخر الستينيات، انتقل إلى بيروت ولكن، بعد سرقة ختمه الملكي السابق، عاد إلى نيس حيث توفي يوم 17 يوليو 1976 ، الموافق لـ 19 رجب 1396.[4]