يمثل فأر الرمل السمين نموذجاً حيوانياً ممتازاً لدراسة السمنةوداء السكري من النوع الثاني الذي تشبه خصائصه الظاهرية تلك التي لوحظت على الإنسان.[4]
وصف الحيوان
فأر الرمل هو نوع كبير من اليرابيع قوي الجسم ذو رأس كبير مغطى بطبقة من الفرو الطويل، الذكور أكبر من الإناث ولهذه الأخيرة زوجين من الأثداء الصدرية وأخرى إربية. الأطراف الأمامية قصيرة نسبيًا مقارنة بالخلفية، الجزء الخلفي من الساقين أبيض مصفر وباطن القدمين مغطى جزئيا بالشعر ومخالب داكنة اللون. يبلغ طوله (الرأس والجسم) من 13 إلى 19 سم وذيله بين 11 و15 سم. له آذان صغيرة مستديرة وذيله مشعر بالكامل وينتهي بخصلة سوداء،[4] بطول 14 مم.[5] الجزء العلوي من جسم الفئران الرملية بني محمر أو ضارب إلى الحمرة أو مصفر في حين الجانب السفلي مصفر أو مائل إلى البياض.[4] مع بقعة بيضاء خلف كل أذن.[6]
أظهرت الدراسة الجينية النمط النووي لهذا الحيوان وهو:
2ن = 48
ع أ = 74-78 (ع أ هو العدد الأساسي ويمثل عدد أدرع الكروموسومات الرئيسية المرئية لكل مجموعة من الكروموسومات.)
ينشط هذا الحيوان ليلا ونهارا على حد سواء ولكن نشاطه على السطح متعلق بدرجة الحرارة المحيطة. في فصل الشتاء يكون النشاط الرئيسي خلال النهار من 9 صباحاً حتى 5 مساء وأثناء الأشهر الباردة يتمدد في الشمس ولكن خلال أشهر الصيف يفضل الظل ويمكن العثور عليه في الجحور أو في ظل الشجيرات المحيطة في الصباح الباكر وبعد الظهيرة.[4] يظهر الحيوان في ساعات الصباح الباكر عند مدخل الجحر حيث ينظف الأوساخ والبراز وبعد الانتهاء من نشاط التنظيف يبدأ في البحث عن الطعام.[4]
يبني فأرالرمل جحوره وهي أنظمة أنفاق واسعة ومعقدة تحت الشجيرات، يبلغ عمق الأنفاق حوالي 50 سم وطولها عدة أمتار مع العديد من المداخل، تحتوي جحوره على غرف منفصلة للتعشيش والتربية وتخزين الطعام وتخصص إحدى الغرف للاستخدام كمرحاض.[4] في هذه الجحور يعيش فأر الرمل وحيداً باستثناء الإناث مع صغارها خلال موسم التكاثر.[4]
نادرا ما يشرب فأر الرمل المياه وإنما يتحصل عليها من غذائه ولعقه لندى الصباح.[4]
سلوك فأر الرمل السمين متناقض لأنه يتغذى في الصحراء على نباتات يتراوح محتواها من الماء بين 84 إلى 88٪ في حين يصل محتواها من الصوديوم إلى 1.5 غرام و0.84 غ من الكلور لكل 100 غ من الوزن الطازج للنبات.[8] عصائر هذه النباتات مالحة مثل مياه البحر.[8] يستهلك الحيوان من الطعام ما يقرب من 80 ٪ من وزنه يوميا وهذا يعني أنه يمتص في اليوم الواحد حوالي 70 مل من الماء و1.2 غرام من الصوديوم بالنسبة لكل 100 غرام من وزن الجسم ويطرح كميات وافرة من البول شديد الملوحة يفوق تركيزه 4 مرات تركيز مياه البحر،[8] يواجه فأر الرمل الكميات الكبير من الملح التي يبتلعها عن طريق كلى فعالة جدا تنتج بول عالي تركيز الملوحة دون أن يكون ذلك سام للحيوان.[4]
من ناحية أخرى عندما يستهلك 80 غرام من القطف الملحي فإنه يمتص 2 غرام من حمض الأكساليك (الإنسان لا يستطيع تحمل جرعة من 5 غرام).[8]
تشريح الجمجمة
جمجمة فأر الرمل السمين مثلثة وقوية وبارزة العظام، غير أن الخطوط الفاصلة بين مكوناتها بارزة قليلاً.[9]
وبذلك يكون المجموع الكلي للأسنان لدى فأر الرمل هو 16 وقواطعه لا تنمو خلافا للجردان.[4][10]
التكاثر
تحدث حالات الحمل خلال الأشهر الباردة والجافة من السنة، بين سبتمبروأفريل مع ذروة بين شهري أكتوبروفيفري. في سنوات انخفاض هطول الأمطار ونقص الغذاء يكون التكاثر محصوراً بين شهري جانفيوأفريل. مدة الحمل عادة هي 25 يومًا ولكن يمكن أن تمتد إلى 36 يومًا في حال التزاوج بعد الوضع.[4] تضع الأنثى عادة ما بين 2 إلى 8 صغار كل 35 إلى 44 يومًا، عند الولادة يزن الصغار 6 إلى 7 غ ويتم الفطام في حوالي 3 أسابيع من العمر، تصل الصغار إلى حجم الكبار بعد 4 أشهر. تكون الإناث جاهزة للتزاوج والحمل للمرة الأولى في عمر 3 إلى 3.5 شهر تقريبًا.[4] العمر المتوقع في الطبيعة هو 14 إلى 18 شهرا في حين يرتفع إلى 6 سنوات في الأسر.[4]
الأهمية الطبية
الإصابة بالسكري
يمكن لفأر الرمل بسهولة الاٍصابة بداء السكري عندما يتم تغديته بغداء قوارض عادي غير القطف الذي يتغذى به عادة. ولذلك يستخدم كحيوان نمودجي لدراسة داء السكري.[11]
تَطورُ الوزن وتَغير متوسط بعض المعاملات الكيميائية الحيوية البلازمية لدى فئران الرمل (5 البدينة و4 مصابة بالسكري) من خلال اتباع نظام غذائي مُفرط السعرات الحرارية خلال 6 أشهر.[12] لا يتغير سكر الدم في الحيوانات البدينة ويستقر في قيمة 0.85 ± 0.25 غ/ل. من ناحية أخرى في الحيوانات المصابة بداء السكري يصل إلى 1.89 ± 0.43 غ/ل، الزيادة هي 166.1 ٪ مقارنة مع الحيوانات الشاهدة في نفس المجموعة.[12]
تُظهر ليبيدات الدم زيادة كبيرة، فبعد 3 أشهر من حمية غذاء مخبري قياسي، تصل الدهون الثلاثية إلى 1.38 غ/ل لدى الحيوانات البدينة و1.45 غ/ل في مرضى السكري.[12] بعد 6 أشهر كانت الزيادة 116.4 ٪ في الحيوانات البدينة و222.38 ٪ في الحيوانات المصابة بالسكري مقارنة بالشواهد.[12]
نسبة الكولسترول في الدم بقيمة 0.67 غ/ل لدى الشاهد، ترتفع بعد 3 أشهر من إدخال النظام الغذائي القياسي إلى 1.03 غ/ل و1.20 غ/ل، على التوالي في المرضى الذين يعانون من البدانة المفرطة والسكر وهذه الزيادة تصبح كبيرة وتتراوح بين 1.23 غ/ل و1.54 غ/ل في مجموعتي الحيوانات في نهاية التجربة.[12]
قيمة الأنسولين في الحيوانات الشاهدة هي 30.60 ± 2.06 ميكرووحدة دولية/مل تصل إلى 265,30 ± 21,20 ميكروود/مل في الحيوانات البدينة وإلى 384,00 ± 24,00 ميكروود/مل لدى مرضى السكري، في الحالتين الأخيرتين الزيادة كبيرة للغاية.[12]
فأر الرمل السمين نموذج حيواني مهم بشكل خاص لدراسة اعتلال الكلية السكري للإنسان فهذا الحيوان يعيش في بيئة صحراوية طبيعية على نظام غذائي منخفض الطاقة، ولكن عند تربيته في ظروف مختبرية مع نظام غذائي عالي الطاقة تظهر عليه تغييرات أيضيةمرضية تشبه تلك الخاصة بمرض سكري النوع الثاني وذلك بتقييم التشريح النسيجي المرضي والتغيرات الكلوية الأيضية والوظيفية التي تحدث في سكري فأر الرمل.[14]
يتم تحديد وظيفة الكلى عن طريق قياس معدل الترشيح الكبيبي (GFR) وطرح البروتين والنسبة بروتين/كرياتينين والشكل والكيمياء المناعية الخلوية التقييمات أجريت على مرضى السكري بحمية عالية الطاقة ومقارنت النتائج مع حيوانات شاهدة بنظام غذائي منخفض الطاقة. الحيوانات المصابة بالسكري تظهر زيادة بنسبة 54٪ في معدل الترشيح الكبيبي بعد شهر واحد من حالة فرط سكر الدم وانخفاض 47 ٪ من قيم خط الأساس بعد 4 أشهر، زيادة إفراز البروتين في الحيوانات المصابة بالسكري 5 أضعاف بعد 4 أشهر. أظهر الفحص بالمجهر الضوئي زيادة في حجم الكبيبات لدى فئران الرمل مرضى السكري. التقييمات الكمية بالمجهر الإلكتروني والكيمياء المناعية الخلوية كشفت تراكم مواد الغشاء القاعدي وكذلك تقسيم متكرر للغشاء القاعدي الكبيبي.[14]
المضاعفات الكلوية لدى فأر الرمل بما في ذلك التغيرات في معدل الترشيح الكبيبي والبيلة البروتينية الكثيفة بسبب التغيرات الفسيولوجية والنسيجية مشابهة جدا لاعتلال الكلية السكري لدى الإنسان.[14]
كذلك البكتيريا من جنس البوريليا وهو العامل المسبب للحمى الانتكاسية.[15]
الخصائص البيولوجية
علاقة الإخصاء بنشاط قشرة الكظر
من أجل دراسة تأثير الخصية على نشاط الغدة الكظرية تم تقدير التأثيرات الوزنية والنسيجية والهرمونية للإخصاء الثنائي بعد شهر واحد لدى ذكور بالغين من فأر الرمل السمين خلال موسم التكاثر (أكتوبر) والذين تم القبض عليهم في منطقة بني عباس:[17]
من وجهة نظر الوزن: تظهر النتائج التي تم الحصول عليها تضخما واضحا للغدتين الكظريتين وبشكل أكبر اليسرى.[17]
من وجهة نظر نسيجية: التغييرات تتمثل في زيادة واضحة جدا في الحجم الكلي لقشر الكظر بسبب الزيادة في المنطقة الشبكية أساسا التي تظهر تضخم في الحشوةالخلوية وزيادة في حجم الخلايا. هناك أيضا زيادة في ارتفاع الخلايا الحزمية الغنية بمشتملات الدهون في حين أن المنطقة الكبيبية تبقى دون تغيير.[17]
الإحساس بزيادة الكورتيزول في البلازما يكون في وقت مبكر وذلك من الدقيقة الثالثة لتصل إلى الحد الأقصى في الدقيقة 15 مع سعة مماثلة للشاهد، يبدأ الانخفاض في الدقيقة 30 كما في الشاهد ويستمر في الدقيقة 45 مع عدم العودة إلى القيم الأساسية في الدقيقة 60. إن عدم أخذ العينات بعد الدقيقة 60 لم يمكن من تقييم الانخفاض في مدة الاستجابة لدى الفأر المخصي لأن النقص الإجمالي الذي لوحظ في الدقيقة 60 أكثر أهمية لدى هذا الأخير.[17]
لذلك يبدو أنه على الرغم من التغييرات الهيكلية الطفيفة التي لوحظت في المنطقة الحزمية، الإخصاء الثنائي للذكور يؤدي إلى تغييرات وظيفية حقيقية في نشاط الهرمونات القشرية السكرية ويسلط الضوء أيضاً على العلاقة بين الخصية والغدة الكظرية وخاصة تأثير الغدد التناسلية الذي تستحق التحقق بحقن التستوستيرون للحيوانات المخصية.[17]
الخلاصة هي أن فأر الرمل السمين نموذج ممتاز لدراسة تأثير الأندروجينات على وظيفة القشرة الكظرية.[18]
فأر الرمل والمادة المظلمة الأحيائية
عند إعداد تسلسل جينوم فأر الرمل وبالتحديد الجينات المتعلقة بإنتاج الأنسولين لفهم سبب تعرض هذا الحيوان لسكري النوع الثاني، عند البحث عن جين يدعى Pdx1 المتحكم في إفراز الأنسولين، وجدنا أنه مفقود وكذلك 87 مورثة أخرى تحيط به. بعض هذه الجينات المفقودة، بما في ذلك Pdx1 ، ضرورية ومن دونها لا يستطيع الحيوان البقاء على قيد الحياة.[19] هذه الجينات لم تكن مفقودة في الواقع ولكنها كانت مخفية وذلك لأن المواد الكيميائية التي تتنتجها تعليمات هذه الجينات وجدت وهذا لن يكون ممكنًا إلا إذا كانت الجينات موجودة بالفعل.[19]
إن تسلسلات الدنا لهذه الجينات غنية جداً بجزيئات G وC ، وهما جزيئان من «الجزيئات» الأربعة التي تشكل الدنا. نحن نعلم أن تسلسلات الدنا الغنية بـ GC تتسبب في مشاكل لبعض تقنيات فك-تسلسل الحمض النووي. هذا يجعل من الأرجح أن الجينات التي كنا نبحث عنها يصعب اكتشافها وليست مفقودة. لهذا السبب، نسمي التسلسل الخفي بالمادة المظلمة الأحيائية وهي الأشياء التي نعتقد أنها تشكل حوالي 25 ٪ من الكون ولكن لا يمكننا في الواقع اكتشافها.[19]
من خلال دراسة جينومات فأر الرمل أكثر وجد أن جزءا منها على وجه الخصوص لديه العديد من الطفرات أكثر مما هو موجود في جينومات القوارض الأخرى. فجميع الجينات الموجودة في هذه البقعة أصبحت الآن تحتوي على جينات غنية جدا بجزيئات GC وقد تحورت إلى درجة يصعب معها اكتشافها باستخدام الطرق القياسية. فغالباً ما تؤدي الطفرات الزائدة إلى إيقاف عمل الجين، لكن مع ذلك فإن الجينات الموجودة في فأر الرمل تمكنت من تحقيق أدوارها على الرغم من تغيير جذري في تسلسل حمضها النووي.[19]
التغيرات الموسمية في افراز البنكرياس الداخلي
تم جمع فئران الرمل السمينة الحية بانتظام خلال العام فأظهرت في موطنها الطبيعي اختلاف في افراز البنكرياس الداخلي، فكانت مستويات الجلوكوز أعلى في الفترتين الأولى والثالثة (الخريفوالربيع) مقارنةً بالفترتين الثانية والرابعة (الشتاءوالصيف) وكانت محتويات الأنسولين البنكرياسية أعلى في الفترتين الأولى والثانية مقارنة بالفترتين الثالثة والرابعة. اختلف مستوى الإنسولين البلازمي فصلياً أيضًا طرديا مع اختلافات الغلوكوز باستثناء الفترة الرابعة، حيث ارتبطت مستويات الأنسولين المرتفعة مع مستويات منخفضة من الجلوكوز.[20]
كانت مستويات الانسولين العالية التي لوحظت في فترة الصيف مقاومة لتأثيرات شح الغذاء في تلك الفترة وربما كانت مرتبطة بوجود مستويات أعلى من الأنسولين في فترة الربيع، يبدو أن موسم الجفاف (الصيف) ذو الحمية الشحيحة ضروري لاعادة المستويات المرتفعة للأنسولين إلى قيمها الأساسية. قياس الأَشكال الكَمي للأنسولين والغلوكاغون وخلايا جزيرة سوماتوستاتين الإيجابي لم تكشف أي اختلافات موسمية ومع ذلك فإن كثافة حجم الخلايا أ ود في فأر الرمل السمين بلغت قيم عالية تساوي 32 و15 ٪ على التوالي. بلغت كثافة حجم خلايا الأنسولين حوالي 53 ٪.[20]
يعيش فأر الرمل السمين في وسطه الطبيعي يعيش سليما وغير مصاب بالسكري متكيفاً مع الكفاف الصحراوي بفضل ردود الفعل الداخلية التي يفرضها التباين الموسمي في توافر الغذاء.[20]
^ ابالمؤلف = Aulagnier, S., Haffner, P., Mitchell-Jones, A. J., Moutou, F. y Zima, J. |العنوان = Guía de los Mamíferos de Europa, del norte de África y de Oriente Medio |سنة = 2009 |اللغة= الإسبانية|عدد الصفحات = 274 |الموقع = برشلونة، إسبانيا|editorial = Lynx Edicions |isbn = 978-84-96553-52-1
^Aharonson Z.؛ وآخرون (1969). "Hypoglycaemic effect of the salt bush (Atriplex halimus) — a feeding source of the sand rat (Psammomys obesus)". Diabetologia. ج. 5 ع. 6: 379–83. DOI:10.1007/BF00427975. PMID:5372889. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Explicit use of et al. in: |مؤلف= (مساعدة)