النسوية في مصر

مظاهرة نسوية قومية في مصر عام 1919.

النسوية في مصر تضمنت العديد من التجمعات الاجتماعية والسياسية عبر تاريخها. ورغم أن مصر كانت رائدة في العديد من الحقول الإصلاحية، خاصةً «في تنمية الحركات الوطنية، ومقاومة الإمبريالية، والنسوية»[1]، فلم تكن مسيرتها في قضايا المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة بالأمر الهين.

المرأة في التاريخ المصري

في التاريخ المصري القديم (انظر مصر القديمة)، يُعتقد أن وضع المرأة في المجتمع المصري كان مساويًا للرجل. فعلى سبيل المثال، لعبت الآلهة المصريات دورًا حيويًا في الديانات المصرية يوازي أهمية دور الآلهة الذكور. فآلهة مثل موط، إيزيس، وحتحور، حكمن وسيطرن على العديد من حقول النشاط الإنساني. ويعتقد العديد من الباحثون أن ذلك الوضع السامي لتلك الآلهة يشير لوضع المرأة في المجتمع الفرعوني. ومما يشير بقوة لتلك المساواة حقيقة حكم مصر من قِبَل ملكات- فراعنة إناث مثل سبك نفرو، حتشبسوت، وكليوباترا السابعة، حكامًا مثل مريت نيت وأحمس نفرتاري، أو حاملات لألقاب تشريفية كزوجة آمون أثناء الفترة المتأخرة. ولكن منذ أن مناصب الأخيرات تُعد متوارَثَة، فتُعد نساء مثل الطبيبتان مريت بتاح وبسشيت، الوزيرة نبت، والكاتبة إرتيراو، القادمات من عامة الشعب، أمثلة فضلى لوضع المرأة في مصر. ومن الممكن أيضًا الاستشهاد بأمثلة من الأعمال الفنية المصرية المبكرة للدلالة على وضع المرأة في مصر؛ فرسومات الفترات المبكرة رسمت الرجال والنساء في نفس الطول.[1] ويرى كومباري جيْوردينا أنه من بعد عام 2000 قبل الميلاد، صارت النساء تُصور بشكل ما أصغر من الذكور، مما قد يشير لتضآل وضعهن.[1]

الاستعمار الغربي

كانت السيطرة على مصر دلالة مميزة للإشارة للدولة المهيمنة في ذلك العصر. فقد تتابعت أشكال الاستعمار على مصر، بدءًا من السيطرة الرومانية، إلى تحولها للحكم العربي في القرن السابع، ثم خضوعها للإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر (انظر تاريخ مصر، مصر). ورغم كل ذلك، إلا أن الاستعمار الذي بدأ حقًا في تغيير وضع المرأة المصرية كان الاستعمار الفرنسي، الذي أشعل شرارة التغيرات الاجتماعية في البلاد.

كان للحملة الفرنسية على مصر، والتي قادها نابليون الأول، عام 1798، إسقاطات هامة على البلاد. فقد سببت تلك الحملة في تدفق سريع للأفكار الأوروبية لمصر، من ضمنها أفكار الثورة الفرنسية.[1] فقد كانت هناك زيجات فيما بين ضباط فرنسيين اعتنقوا الإسلام ونساء مصريات. وكانت هناك «حالات لمصريات تحاكين سلوكيات وملابس نساء الحملة».[2] مثل تلك الأفكار والممارسات لم يكن مرحب بها على الإطلاق في مصر. نتيجةً لذلك، حدثت انتفاضة عنيفة ضد تلك الأفكار. حتى أن المؤرخ التاريخي الجبرتي علق مرارًا على «الابتكارات الخبيثة وإفساد النساء الحاصل بسبب الاستعمار الفرنسي».[1]

ومن بعد سلسلة من الحروب الأهلية [بحاجة لتوضيح]، شهدت مصر نهاية الاستعمار الفرنسي. وقبض محمد علي باشا يده على حكم مصر من بعد الاستعمار، وعُين واليًا لمصر للإمبراطورية العثمانية (انظر استيلاء محمد علي باشا على السلطة). وخلال فترة حكمه نُفذت العديد من الإصلاحات العصرية في مصر. وقد شملت تلك الإصلاحات إدخال مصر في مرحلة التصنيع، والتي شملت العديد من الإصلاحات في التعليم. ورغم اعتباره للتعليم على أنه «وسيلة لإعداد الشباب للخدمة العامة»[1]، فقد حصلت تطورات عديدة في تعليم المرأة. فقد استطاعت البنات من الطبقات العليا في مصر تلقي التعليم في بيوتهن، أما البنات الفقيرات فقد واظبن على حضور الكُتاب، حيث كان يُعلم القرآن مع بعض دروس القراءة والكتابة. وفي عام 1832، أقام محمد علي مدرسة لإعداد البنات والنساء على أن يكن ربات بيوت. وفي عهد إسماعيل باشا، خليفة محمد علي، حدث تقدم أقوى لوضع النساء في المجتمع المصري. في عام 1873، قامت زوجته الثالثه، جاشم عفت هانوم، بإنشاء مدرسة سولية للبنات، والتي وفرت لهن تعليمًا في العديد من المواد، بدءًا من التاريخ والدين إلى علم الحساب.[1] ورغم تلك التحسينات، إلا أن تعليم النساء ظل محدودًا. فوفقًأ لعبد القادر، كان «الهدف محصورًا في إعداد البنات كي يكن أمهات فاعلات وزوجات جيدات، واقتصرت الفائدة بالكاد على بنات الطبقات الغنية».[3]

ورغم الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي نفذها إسماعيل باشا، إلا أن مصر وقعت تحت طائلة الديون للدول الأوروبية. وبهدف حماية مصالحها المالية، خاصةً تلك التي في قناة السويس، قامت بريطانيا بتوسيع سيطرتها على الحكومة المصرية (1882).

في تلك الفترة، بدأت المعارضة تجاه التدخل الأجنبي بالنمو. وقد أدى رد الفعل ضد الحركات المناهضة للاحتلال الغربي والمستاءة من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية إلى انصهار الحركة الوطنية. ولكن مع الوقت، بدأت الحركات الإصلاحية والنسوية، والتي كانت متصلتان بشدة في البداية، بالتباعد عن بعضهما البعض.

نمو النزعة القومية

شهد القرن العشرين نموًا في الوعي الوطني. «نتج عن التواجد الطاغي لأوروبا وانهيار الكثير من النظم التقليدية في مصر لإعادة تفكير في موقعها وشكل علاقاتها مع الغرب. لذلك بدت قضية الاستقلال الوطني إجابةً للسيطرة الغربية».[4] زاد الاستياء بداخل المجتمع المصري، ما أدى به للمطالبة بالإصلاح، والذي كان جزءًا منه تحسين وضع المرأة. «منذ نهاية القرن التاسع عشر، ادعى الوطنيون المصريون أنه لن يكون هناك تحسن في الأوضاع إذا لم يقابله تحسن في وضع المرأة».[4]

قاد سعد زغلول وحزب الوفد الحركة الوطنية. كان الحزب هو أول تجمع شعبي منظم في مصر. ورغم تحقيق سعد زغلول والوفد للأغبية بالمجلس التشريعي، إلا أن هذا لم يوقف بريطانيا من نفي زغلول وبعض من رفاقه إلى مالطا في 8 مارس 1919. ما شكل القشة الأخيرة لظهر المصريين، وقد انتفض المصريون ضد البريطانيين، ما اعتُبر أول ثورة في التاريخ الحديث للبلاد.

ثورة 1919

حفز القمع الغربي المتوازي مع نفي زعيم الوفد سعد زغلول على إحداث تغيير أدى لاشتعال مظاهرات عنيفة. شاركت كل طبقات المجتمع المصري، وكانت تلك المرة الأولى التي تشارك فيها المرأة في مثل تلك الأحداث. في الواقع «فإن التحريض السياسي المفتوح والمشاركة السياسية للمرأة بدأت باشتراكهن في الحركة الوطنية ضد البريطانيين».[1]

«صاحت نساء القاهرة المحجبات في الشوارع بشعارات الحرية والاستقلال عن الاستعمار الغربي. ونظمن إضرابات ومظاهرات، ومقاطعات للبضائع البريطانية، وكتبن عرائض تستنكر الأفعال البريطانية في مصر».[5] ويُنظر لتلك المظاهرات على أنها أولى مراحل تكون النسوية المصرية. في 16 مارس 1919، خرجت ثلاثمائة امرأة في مسيرة إلي «بيت الأمة» (منزل سعد زغلول)، للمطالبة بالاستقلال الوطني وحرية المرأة في نفس الوقت. ومع مرور الوقت، ونتيجة قمع جنود الاحتلال، ازدادت حدة المظاهرات، وخرجت النساء من جميع طبقات المجتمع. خلال تلك المظاهرات، سقطت أول شهيدة مصرية برصاص الاحتلال تسمي «شفيقة بنت محمد». تحولت جنازتها إلى مظاهرة كبرى، اشترك في الآلاف من النساء، سقط خلالها أربع شهيدات أخريات هن: «عائشة بنت عمر» و «فهيمة رياض» و «حمدية بنت خليل» و «نجيبة بنت إسماعيل».[6]

الاتحاد النسوي المصري

تُعتبر الفترة فيما بين 1923-1939 المرحلة الأولى من الحركة النسوية في مصر. شكلت الزعيمة السابقة للجنة المرأة بحزب الوفد، هدى الشعراوي، الاتحاد النسوي المصري. أدى ذلك لاشتراكها في مؤتمر نسوي دولي بروما، ومنذ عودتها، قامت مع نبوية موسى وسيزا نبراوي، بفعل ضد السلطات والتقاليد المصرية، والذي أثار غضبًا واسعًا، برمي برقعها في البحر. اعتُبر هذا الفعل فضيحة لشعراوي، والتي كانت زوجة باشا مرموق. ولكن رغم ذلك، فقد استطاعت إلهام نساء أخرياء لخلع براقعهن.[7]

كرس الاتحاد النسوي المصري نفسه لخدمة قضايا التعليم، والرفاه الاجتماعي، وإحداث تغييرات في القانون الخاص بهدف توفير مساواة بين الرجال والنساء في مصر. اعتبر الاتحاد أن المشاكل الاجتماعية في مصر، كالفقر، والدعارة، والأمية، والحالة الصحية المتردية، ليست ناتجة عن خلل اجتماعي اقتصادي بعينه، ولكن بسبب إهمال الدولة لمسؤولياتها تجاه شعبها.[8] رأى الاتحاد أن على الدولة مسؤولية تجاه حفظ أخلاق الشعب تمامًا كسعيه لتحقيق الرفاه. ولكن رغم ذلك، فقد ركزت بشكل ضيق على القضايا الخاصة بالمرأة من منظور طبقي يخص نساء الطبقات العليا.[8]

بدا ذلك واضحًا في مجلة L'Egyptienne (المصرية) النسوية، والتي أصدرها الاتحاد. فقد كانت تُكتب وتُنشر باللغة الفرنسية، وكانت الجريدة متاحة فقط للمصريين المتحدثين باللغة الفرنسية، والذين كانوا في الأغلب من الطبقات العليا. رغم ذلك، فقد كانت القضايا التي تُناقش في المجلة تتضمن الإصلاحات التركية تجاه المرأة، والتي أثرت على النساء المصريات والإسلام. نصت محررة المجلة سيزا نبراوي عام 1927 على «أننا النسويات المصريات، نحترم ديننا بشكل عميق. وهدفنا أن نراه يُمارس بروحه الحقيقية».[9] كما صُدرت جريدة أخرى عام 1937، وسُميت بـالمصرية.

ورغم أن الدستور 1924 قد غير بعضًا من أوضاع المرأة، مثل رفع سن الزواج لـ 16 عامًا، إلا أن مسألة حقوق المرأة السياسية قد تجوهلت، وكذلك الحق في الطلاق وإلغاء تعدد الزوجات. في عام 1935، حاضرت هدي الشعراوي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة حول وضع النساء، ونادت بإلغاء تعدد الزوجات. قوبل خطابها بمعارضة شيخين من جامعة الأزهر. ولكن رغم ذلك الاعتراض، وفقًا لكومباري جيوردينا، قابل الجمهور ذلك الخطاب بالترحاب، وأخذ صف شعراوي، ما مَثَل موقفًا رمزيًا للتغير الحاصل في الرأي المتعلم.[1] ومن شدة الترحاب بذلك الخطاب، فقد نُشر نص الخطاب في إحدى الجرائد الرائدة، وانتشرت بشكل واسع وسط العالم العربي.[9] تعرقل صعود نجم النسوية في مصر نظرًا للتوجهات النخبوية والتحيزات الطبقية المتبقية لديها. فلم تكن النسوية ممثلة بشكل منصف للقطاع العريض من النساء المصريات. حتى أنه يُرى أن الحركة النسوية «اتبعت الممارسات السياسية لغالبية الأحزاب في مصر فيما بين العشرينات والثلاثينات، والتي اعتبرت السياسة امتيازًا للنخبة المتعلمة».[8] بدأ النشاط النسوي في التباطؤ نظرًا للمناخ السياسي والنقد الذي زاد تجاه الحركة.

أمثلة للانتقادات التي واجهت الحركة النسوية المبكرة

نظر العديد للتغيرات الحاصة لوضع المرأة في مصر على أنها «الغزو النهائي في الميدان الأخير الذين يستطيعون التحكم فيه تجاه الكفار العدوانيين، منذ أن أُخذت سيادة الدولة وكثير من اقتصادها من قِبَل الغرب».[10] رأى طلعت حرب، أحد الوطنيين البارزين في ذلك الوقت، في كتابه «تربية المرأة والحجاب»، عام 1905، أن «تحرير المرأة مجرد مؤامرة أخرى لإضعاف الأمة المصرية ونشر الفجور والانحطاط في المجتمع. وانتقد المصريين الطامحين لمحاكاة الغرب، ورأى أن هناك مخطط أوروبي استعماري لتصدير صورة سلبية عن وضع المرأة المسلمة»[بحاجة لتوضيح].

لم تكن كل الانتقادات ضد فكرة تحرير المرأة بالكامل. فعلى سبيل المثال، يطمأن أحمد السيد قادته في الحركة الوطنية على أنه بالرغم الأحداث العاصفة بأوروبا التي «سعت فيها النساء لإشباع مطالبهن للحقوق الفردية وبدأن بمنافسة الرجال في السياسة» «ليست قضيتنا تسوية الرجال بالنساء فيما يخص حق الانتخاب وتولي المناصب. فنساؤنا، بارك الله فيهن، لا يطالبن بمثل تلك المطالب، والتي ستؤدي للإخلال بالسلم العام»«هن يطالبن فقط بالتعليم والإرشاد».[4] أي تغيير في الوضع الاجتماعي للمرأة المصرية كان في الأغلب «مُبَرر لحاجة المجتمع، ليس لحقوقهن كأفراد».[4] سمح ذلك بإقامة حدود لمنع إجراء إصلاحات زائدة عن الحد لأوضاعهن. وعبر تحسين عدة جوانب من حقوقهن في المجتمع المصري، كمنحهن حق التعلم، أدى ذلك لإرضاء الطبقات العليا والوسطى.

النسوية المصرية من بعد الحرب العالمية الثانية

تولدت عن نهاية الحرب العالمية الثانية، والظروف الاقتصادية الصعبة، والفساد السياسي للنظام القديم (النظام الملكي للملك فاروق الأول)، دفعة قوية لتطرف أخر في السياسة المصرية. وقد تأثرت الحركة النسوية بتحول مشابه.

رغم رؤية بعض الكتاب لأن النسوية بدأت في الانحدار في الفترة اللاحقة للحرب العالمية الثانية، إلا أن البعض الأخر يرى أن في تلك الفترة بالذات، بلغت الحركة النسوية نضوجها. فوفقًا لنلسون، حينها فقط بدأت الأفكار والأيدلوجيات والأهداف والاساليب تتعدد في الحركة النسوية، كما بدأت تتجاوز ميولها النخبوية.[4] اتسمت تلك المرحلة الجديدة من الحركة النسوية بنهج أكثر تطرفًا. وتعالت أصوات الأجيال الشابة من النساء المصريات المتأثرات بصعود الحركات الطلابية والعمالية، حيث بُدئ في السماع إليهن، ولم يكن راضيات عن الوضع الحالي للاتحاد النسوي المصري. فقد استُشعر أن تكتيكات وأساليب الاتحاد قد ولى عليها الزمن، واحتاجت للتجديد، فلم يعد كافيًا إنشاء مصحات علاجية، دون إنكار أهميتها. كما استشعر أعضاء الاتحاد أن توزيع العطايا الخيرية ليس بحل سليم للمشاكل الاجتماعية. وبشكل أساسي، تطور مفهوم المساواة في الحقوق، فلم يعد يعني فقط الحق في التعليم، ولكن تعدى ذلك المنظور بكثير.

عام 1942، أُنشى الحزب النسائي المصري، والذي ترأسته فاطمة نعمت راشد، حيث نادى الحزب باستكمال مسيرة التسوية بين النساء والرجال في التعليم، والعمل، والتمثيل السياسي، والحقوق. كما نادى في أجازة مدفوعة الأجر للنساء العاملات.[2] كما تشكت اتحاد نسائي أخر عام 1948، ألا وهو بنت النيل. كان شاغلهم الرئيسي هو الحصول على كافة الحقوق السياسية للنساء.[11] هدف ذلك الاتحاد للتركيز على إشراك المرأة في عمليات اتخاذ القرار. كما دعمت برامج محور الأمية، ودعت لتحسين الخدمات الصحية بين الفقراء، وهدفت لتعزيز حقوق المرأة والعناية بالأطفال.[12]

كانت درية شفيق هي قائدة الحركة، وقد عكست التوجه الليبرالي للنسويات الحديثات، والذي تحدث نشاطهن الدولة بشكل مفتوح. في عام 1951، قبل ثورة 1952، اقتحمت درية شفيق و1500 امرأة البرلمان، مطالبات بحقوقهن السياسية كاملةً، وإصلاح لقانون الأحوال الشخصية، ومقابل عادل لساعات العمل.[13] عام 1954، شاركت شفيق ومعها عدد من النساء في إضراب عن الطعام لعشرة أيام، اعتراضًا على لجنة دستورية لم يكن للنساء فيها مكان. وقد كانت أكثر المواجهات مباشرةً بينها وبين عبد الناصر في عام 1957، فقد بدأت في إضراب أخر عن الطعام في مظاهرة ضد احتلال مساحات من الأراضي المصرية من قِبل القوات الإسرائيلية، واعتراضًا (كما رأت) على «الحكم الديكتاتوري للسلطات المصرية والتي تدفع البلاد نحة الإفلاس والفوضى».[14]

من الخمسينات إلى بدايات السبعينات

عام 1952، استولى الجيش على السلطة في مصر، وخلع الملك عن العرش. وقد أصدر مجلس قيادة الثورة بيانًا يعلن فيه عن حل جميع الأحزاب السياسية. نتج عن ذلك حظر جميع الحركات النسوية المستقلة. وقد استُبدلت تلك المنظمات والحركات بالأحزاب السياسية التابعة للنظام. خلال تلك الفترة، ارتدت الحركة النسوية للعمل الخيري. ورغم تلك الظروف، إلا أن عددًا من الحقوق قد مُنحت للنساء، ليس فقط فيما يخص التعليم والعمل، ولكن أيضًا بمنحهن حق الانتخاب والترشح عبر دستور 1956 للمرة الأولى.[2]

منذ بدايات السبعينات

مثل انحدار نظام عبد الناصر عصرًا جديدًا للحركة النسوية في مصر. ففي عام 1972، نُشر كتاب نوال السعداوي المرأة والجنس، صار رمزًا لإعادة إحياء الحركة. طالب الكتاب بمعيار موحد لمفهوم الشرف لكلي النساء والرجال، وهجر الممارسات الاجتماعية التي تستغل الدين لتبرير اضطهاد المرأة.[2] سبب الكتاب رد فعل عنيف داخل المجتمع المصري، خاصة لأنه جاء مع صعود الأصولية الدينية في البلاد.

أثناء الثمانينات، تكونت مجموعات نسوية جديدة لمواجهة الأصولية الدينية. مثل حركة المرأة الجديدة في القاهرة، والتي ركزت على دراسة التاريخ النسوي للبلاد بهدف تحديد برنامج جديد لاتخاذ أخر ما توصلت له الحركة النسوية كنقطة انطلاق جديدة.[2] وتشكلت منظمة أخرى وهي لجنة الدفاع عن النساء وحقوق الأسرة عام 1985. تكونت تلك اللجنة بهدف دعم حملة تعديل قانون الأحوال الشخصية.[2]

النسوية في مصر في القرن الحادي والعشرين

اليوم، هناك العديد من التجمعات النسوية في مصر. بعض تلك الحركات تابعة للدولة بشكل أو بأخر، فهناك لجان للمرأة في الأحزاب السياسية، مثل اتحاد المرأة التقدمية التابع لسكرتارية حزب العمل للمرأة. هناك أيضًا العديد من التجمعات النسوية المستقلة مثل مركز أبحاث المرأة الجديدة، وجمعية بنت الأرض. ورغم أن تلك المنظمات ذات أهداف مختلفة، إلا أنهم بشكل عام يعملون على تحسين وضع المرأة في المجتمع المصرية، عبر محو الأمية، وتحسين الوعي بالديمقراطية وبحقوق الإنسان، وزيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وتنمية صحتها.

كما ظهرت مجددًا حركة نسوية إسلامية، والتي تتسم بانطلاقها من الإسلام كمرجعية.[15] ترى النسوية الإسلامية أن الاختلاف في الجنس ليس اختلافًا في القدرة، وإنما اختلاف في صفات وأدوار كلًا من الجنسين. يرى معتنقو تلك الأفكار أن الإسلام قد أقام إطارًا من المساواة، وبدلًا من الدعوة لتغير القوانين الموجودة، فيدعو الإسلاميون للعودة للإسلام الصحيح، حتى يخرج كلًا من المرأة والرجل طاقاتهم الكاملة.[16]

من الظاهر أن النسوية صارت أولوية للدولة منذ عام 2000، مع إنشاء المجلس القومي للمرأة، والذي يعمل بمنتهى النشاط للإعلاء من حقوق المرأة في مصر. وفي تشريع صدر بعام 2000، مُنح للنساء حق الخلع، ولتمرير الجنسية لأطفالهن الطبيعيين في 2004. تُعد تلك الخطوات دفعة هامة للأمام، والتي تعود لوجود حكومة مصرية في صف النسوية، ووجود جماعة ضغط بداخل الحكومة وخارج نطاق مؤسسات الدولة عبر مؤسسات المجتمع المدني.

النسوية والتعليم المصري

راجعت الحكومة المصرية التشريع الصادر عام 1994، ونصت على منع الفتيات تحت سن الـ12 عامًا من تغطية شعورهن وأوجههن بارتداء الحجاب أو النقاب. اعتُبر ذلك كحركة مناهضة للإسلام، وواجهت نقدًا عنيفًا من القادة الإسلاميين عبر البلاد. وقد انقلب المنع عام 1996 بحكم من المحكمة العليا في مصر. وفي أغسطس 2015، مُنع الحجاب مرة أخرى من قِبَل وزير التربية والتعليم، محب الرفاعي، دون تحديد سنًا معينًا يُسمح بارتدائه فيه. وقال الرفاعي بأن القرآن لا يفرض الفتيات اللاتي بلغن بارتداء الحجاب أو النقاب، وبالتالي فليس عليهن ارتدائه قبل الدراسة الإعدادية.[17]

جُلبت قضية الحجاب لساحة الرأي العام في مارس 2015، بعد أن قُبض على معلمة تربية دينية في مدرسة ابتدائية بالفيوم، نظرًا لأنها ضربت فتاة لم ترتدِ الحجاب. ورغم أن العقاب الجسدي مقبولًا في أغلب المدارس، إلا أن درجة وطبيعة العقاب كانتا غير مسبوقتان.[18]

التحرش الجنسي في مصر

في 4 يونيو 2014، مُرر قانون يجرم التحرش الجنسي. يُعد ذلك القانون هو الأول في مسألة التحرش في التاريخ المصري. نص القانون على أن التحرش اللفظي، أو الجسدي، أو السلوكي، أو الهاتفي، أو عن طريق الإنترنت، يمكن أن يؤدي لعقوبة الحبس فيما بين 6 أشهر إلى 5 أعوام، وغرامة تصل إلى 50 ألف جنيه.[19] العديد من المنظمات المنشغلة بحقوق الإنسان ترى أن تغليظ القوانين ليس كافيًا للقضاء على مناخ يحرض على التحرش والعنف الجنسي.[20] نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة تقريرًا على إحصائيات التحرش في مصر.[21] تُعد مصر الثانية على مستوى العالم في معدلات التحرش، بعد أفغانستان التي تحتل المرتبة الأولى.[19]

بينت الدراسة أن 99.3% من النساء المصريات تعرضن لنوع من أنواع التحرش الجنسي. بين المسح أن أكثر شكل منتشر من التحرش كان اللمس غير المرغوب، يليه التحرش اللفظي. تضمن المسح تقارير أخرى عن التحرش الجنسي وفقًا لوقت اليوم، ومهن المتحرشين ومحافظاتهم.[21] البحث في «دراسة حول طرق ومناههج القضاء على التحرش الجنسي في مصر»، والذي أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2013، ذكرت أن 82.6% من النساء قد ذكرن أنهن يشعرن بقلة الأمان، خاصةً حين يستعملن مواصلة من المواصلات العامة.[19]

استجابةً لتلك الإحصائيات، قامت مصر بعدة محاولات لمكافحة التحرش. وأطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان برنامجًا لمواجهة التحرش في الجامعات. وتعد وزارة التعليم العالي سياسة جامعية لتقوية الآليات المؤسسية لمواجهة العنف ضد المرأة. وسيبتكر البرنامج قناة رسمية تبلغ من خلاله النساء عن حالات التحرش والعنف. وسوف تقوم المؤسسة التعليمية بعد ذلك بالاستجابة للتقرير بما هو ملائم من عقوبات وغيرها من الوسائل.[19]

الأنثوية في مصر تشمل عدداً من الفئات الاجتماعية والسياسية طوال تاريخها. وعلى الرغم من أن مصر كانت في كثير من النواحي رائدة في مجال الإصلاح خصوصاً في تطوير الحركات القومية، وحركات مقاومة الإمبريالية والحركات الأنثوية،[22] إلا أن تطورها في النضال من أجل المساواة للمرأة وحقوقها لم يكن سهلاً.

وضع المرأة في التاريخ المصري

في التاريخ المصري القديم، كانت للمرأة في المجتمع المصري نفس مكانة الرجل؛ فعلى سبيل المثال، لعبت الإلهات الإناث دوراً حيوياً في الديانة المصرية القديمة، لدرجة أنها امتلكت ذات الأهمية التي كانت للآلهة الذكور. إلهات مثل موط وإيزيس وحتحور حكمن مناطق عديدة من الأنشطة البشرية.[22]

ويعتقد الكثير من الباحثين أن المكانة العالية للإلهات يعكس المكانة العالية للمرأة في المجتمع المصري القديم. وهو ما تؤكده حقيقة أن مصر قد حُكِمَت بواسطة ملكات مثل: سبك نفرو وحتشبسوت وكليوباترا، وأوصياء مثل: مريت نيت أو أحمس-نفرتاري أو حاملات اللقب المرموق «زوجة آمون» خلال العصور المتأخرة. ومن أمثلة المرأة ذات المكانة المرموقة التي انتمت إلى عامة الشعب: الطبيبة مريت بتاح وبسشيت والوزيرة نيبيت. كذلك توضح الأعمال الفنية المصرية القديمة مكانة المرأة؛ حيث تُظهِر رسومات عهد الدولة القديمة الرجال والنساء بنفس المستوى والحجم.[22]

كان للحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت في 1798 آثار اجتماعية كبيرة على مصر؛ حيث تسببت في تدفّق سريع للأفكار الأوروبية بما في ذلك فكر الثورة الفرنسية.[22] تمّت زيجات بين ضباط فرنسيين اعتنقوا الإسلام ومصريات. كما قامت بعض المصريات بتقليد سلوك وملابس الغربيات.[23] لكن ظهر رد فعل قوي تجاه مثل تلك الأفكار الغربية؛ حيث كتب المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي معتبراً إياها: «ابتكارات خبيثة وفساد من النساء ناجم عن الاحتلال الفرنسي».[22]

وفي عهد محمد علي باشا، حدثت إصلاحات في تعليم الفتيات؛ حيث كانت بنات الأسر العليا في مصر تتلقى التعليم منزلياً، بينما استطاعت الفتيات الفقيرات الذهاب إلى الكتاتيب لدراسة القرآن وتعلم القراءة والكتابة. وفي 1832، بنى محمد علي مدرسة للتمريض للفتيات.[22] وتم إجراء المزيد من التحسينات على وضع المرأة في المجتمع المصري في عهد الخديوي إسماعيل، خليفة محمد علي، والذي قامت زوجته الثالثة بإنشاء مدرسة للفتيات لتدريس الدين والتاريخ والحساب.[22] لكن مع ذلك، ظل تعليم الفتيات مُقيداً؛ حيث كان الغرض منه مقتصراً على إعداد الفتيات ليكنّ زوجات وأمهات جيدات.[24]

في بداية القرن العشرين، ازداد الحس القومي لدى المصريين وظهرت دعوات للتطور والإصلاح، ورأى القوميون المصريون أنه لا يمكن أن يحدث أي تحسن للدولة دون تحسن وضع المرأة.[25] وقد شهدت ثورة 1919 مشاركة نسائية واسعة ضد الاحتلال البريطاني لمصر؛[22]؛ حيث شاركت المصريات في مواكب في الشوارع ورددن هتافات من أجل الاستقلال والتحرر من الاحتلال البريطاني، كما شاركن في حملات مقاطعة البضائع الإنجليزية، وكتابة منشورات احتجاجية ضد الممارسات البريطانية في مصر.[26]

انظر أيضاً

مصادر

  1. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط Jeyawordena, Kumari(1986). النسوية والقومية في العالم الثالث (كتاب). Zed Books Ltd. ISBN 0-86232-264-2.
  2. ^ ا ب ج د ه و The Feminist Movement in the Arab World, Intervention and Studies from Four Countries’ Nadia Abdel Wahab Al–Afifi, Amal Abdel Hadi ISBN 977-239-110-4
  3. ^ Abdel Kadar 1973:118-19 ‘Reformism and women’s rights in Egypt’ in ‘Feminism and Nationalism in the third world’ ISBN 0-86232-264-2
  4. ^ ا ب ج د ه Feminism and Nationalist Politics in Egypt’ Thomas Philip, ‘Women in the Muslim world’ edited by Lois Beck and Nikki Keddie ISBN 0-674-95480-7
  5. ^ Marsat 1978:269 ‘Reformism and women’s rights in Egypt’ in ‘Feminism and Nationalism in the third world’ ISBN 0-86232-264-2
  6. ^ al-Marʼah al-Miṣrīyah wa-maʼāziq al-fiʻl al-siyāsī fī Miṣr : al-intikhābāt al-shaʻbīyah al-maḥallīyah (Abrīl 1997) namūdhajan. al-Qāhirah: Markaz Iʻlām al-Waṭan al-ʻArabī "Ṣāʻid". 1998. ISBN:9775720052. OCLC:46820701. مؤرشف من الأصل في 2019-12-12.
  7. ^ Mirai 1981:69 ‘Reformism and women’s rights in Egypt’ in ‘Feminism and Nationalism in the third world’ ISBN 0-86232-264-2
  8. ^ ا ب ج ‘Women in Middle Eastern history’ edited by Nikki R. Keddie and Beth Baron ISBN 0-300-05006-2
  9. ^ ا ب Minai 1981:72 ‘Reformism and Women’s Rights in Egypt’ in Feminism and Nationalism in the Third World’ Kumari Jayawardena ISBN 0-86232-264-2
  10. ^ Nada Tomiche ‘The situation of Egyptian women in the first half of the 19th century’ in ‘Beginnings of modernization in the middle east’ edited by W. R. Polle and R. C. Chambers. Chicago University Press
  11. ^ (1988:469) ‘Secularism, Gender and the State in the Middle East. The Egyptian Women’s Movement’ Nadje Al-Ali ISBN 0-521-78022-5
  12. ^ (Shafik, 1955: 191) ‘Secularism, Gender and the State in the Middle East. The Egyptian Women’s Movement’ Nadje Al-Ali ISBN 0-521-78022-5
  13. ^ (Nelson, 1996: 168-177) ‘Secularism, Gender and the State in the Middle East. The Egyptian Women’s Movement’ Nadje Al-Ali ISBN 0-521-78022-5
  14. ^ (ibid:238) ‘Secularism, Gender and the State in the Middle East. The Egyptian Women’s Movement’ Nadje Al-Ali ISBN 0-521-78022-5
  15. ^ Bhaduri, Aditi Feminism in the Muslim World نسخة محفوظة 13 ديسمبر 2010 على موقع واي باك مشين.
  16. ^ ‘Back to basics. The discourse of Muslim feminism in contemporary Egypt’ Ghada Osman. In ‘Women and language’, Vol XXVI, Nr 1
  17. ^ "Egypt has just banned girls from wearing hijabs to school"The Independent. Retrieved 2015-11-12. نسخة محفوظة 02 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ "Egyptian elementary school teacher beats girl for not wearing hijab | Pamela Geller"pamelageller.com. Retrieved 2015-11-12 نسخة محفوظة 02 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  19. ^ ا ب ج د "UNFPA Egypt - Sexual Harassment"egypt.unfpa.org. Retrieved 2015-11-12. [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 13 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
  20. ^ Masr, Mai Shams El-Din for Mada; network, part of the Guardian Africa. "Uber in Egypt to teach drivers how not to sexually harass women"the Guardian. Retrieved 2015-11-12. نسخة محفوظة 09 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  21. ^ ا ب "99.3% of Egyptian women experienced sexual harassment: report"Daily News Egypt. Retrieved 2015-11-12. نسخة محفوظة 24 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ ا ب ج د ه و ز ح Jeyawordena، Kumari (1986). Feminism and Nationalism in the Third World. Zed Books Ltd. ISBN:0-86232-264-2.
  23. ^ ‘The Feminist Movement in the Arab World, Intervention and Studies from Four Countries’ Nadia Abdel Wahab Al–Afifi, Amal Abdel Hadi ISBN 977-239-110-4
  24. ^ Abdel Kadar 1973:118-19 ‘Reformism and women’s rights in Egypt’ in ‘Feminism and Nationalism in the third world’ ISBN 0-86232-264-2
  25. ^ ‘Feminism and Nationalist Politics in Egypt’ Thomas Philip, ‘Women in the Muslim world’ edited by Lois Beck and Nikki Keddie ISBN 0-674-95480-7
  26. ^ Marsat 1978:269 ‘Reformism and women’s rights in Egypt’ in ‘Feminism and Nationalism in the third world’ ISBN 0-86232-264-2

Read other articles:

Bangladeshi cuisine refers to the food and culinary traditions prevalent in Bangladesh. Dating far in the past, the cuisine emphasizes fish, vegetables and lentils served with rice. Because of differences in history and Bangladeshi geography, the cuisine is rich in regional variations. While having unique traits, Bangladeshi cuisine is closely related to that of surrounding Bengali and North-East Indian, with rice and fish as traditional favorites. Bangladesh also developed the only multi-co...

 

 

Artikel ini sebatang kara, artinya tidak ada artikel lain yang memiliki pranala balik ke halaman ini.Bantulah menambah pranala ke artikel ini dari artikel yang berhubungan atau coba peralatan pencari pranala.Tag ini diberikan pada Januari 2023. Brueghel atau Bruegel (dibaca /ˈbɾøːxəl/ dalam bahasa Belanda) adalah nama keluarga beberapa orang pelukis dari Belanda/Flanders/Flemish yang berasal dari satu keluarga besar. Brueghel dapat mengacu pada beberapa hal berikut: Pieter Bruegel yang T...

 

 

Royal Captaincy of Rio de JaneiroCapitania Real do Rio de Janeiro1567-1821 Flag of the United Kingdom of Portugal, Brazil, and the Algarves Coat of arms of the United Kingdom of Portugal, Brazil and the Algarves First Section of Capitaincy of St. Vincent, which later, after being abandoned by its grantee captain, Estacio de Saa, became its grantee captain.Rio de Janeiro Capitaincy in 1750, after the conquest of territories of St. Paul Capitaincy 'n Treaty of MadridRio de Janeiro after the Per...

Eyalet dello YemenEyalet dello Yemen - LocalizzazioneL'eyalet dello Yemen nel 1609 Dati amministrativiNome completoEyalet-i Yemen Lingue ufficialiturco ottomano Lingue parlateturco ottomano, arabo CapitaleSana'a Dipendente daImpero ottomano PoliticaForma di StatoEyalet Forma di governoEyalet elettivo dell'Impero ottomano Capo di StatoSultani ottomani Nascita1517 Fine1864 Territorio e popolazioneBacino geograficoYemen EconomiaCommerci conImpero ottomano Religione e societàReligioni preminenti...

 

 

Voce principale: Football Club Forlì. Football Club ForlìStagione 2012-2013Sport calcio Squadra Forlì Allenatore Bardi Attilio Presidente Conficconi Romano Lega Pro Seconda Divisione 2012-20139º posto nel girone A Coppa Italia Lega Pro1° turno ad eliminazione Maggiori presenzeCampionato: P. Ginestra (32) Miglior marcatoreCampionato: Petrașcu (14) StadioTullo Morgagni Football Club Forlì 2011-2012 Football Club Forlì 2013-2014 Si invita a seguire il modello di voce Questa voce ra...

 

 

Disambiguazione – Eudaimonia rimanda qui. Se stai cercando l'album musicale di Mezo, Kasia Wilk e Tabb, vedi Eudaimonia (album). L'eudemonismo è la dottrina morale che riponendo il bene nella felicità (eudaimonia)[1] la persegue come un fine naturale della vita umana.[2] Dall'eudemonismo va distinto l'edonismo che si propone come fine dell'azione umana il «conseguimento del piacere immediato»[2] inteso come godimento (come pensava la scuola cirenaica...

106SgSeaborgiumKonfigurasi elektron seaborgium Sifat umumNama, lambangseaborgium, SgPengucapan/sèaborgium//siborgium/Seaborgium dalam tabel periodik 106Sg Hidrogen Helium Lithium Berilium Boron Karbon Nitrogen Oksigen Fluor Neon Natrium Magnesium Aluminium Silikon Fosfor Sulfur Clor Argon Potasium Kalsium Skandium Titanium Vanadium Chromium Mangan Besi Cobalt Nikel Tembaga Seng Gallium Germanium Arsen Selen Bromin Kripton Rubidium Strontium Yttrium Zirconium Niobium Molybdenum Technetium Rut...

 

 

2015 single by Guy Sebastian Tonight AgainSingle by Guy Sebastianfrom the album Madness Released7 April 2015Recorded2015GenreFunkLength3:23 (original version)2:55 (ESC version)Label Columbia Sony Songwriter(s) Guy Sebastian David Ryan Harris Louis Schoorl Producer(s)Louis SchoorlGuy Sebastian singles chronology Spirit of the Anzacs (2015) Tonight Again (2015) Black & Blue (2015) Eurovision Song Contest 2015 entryCountryAustraliaArtist(s)Guy SebastianLanguageEnglishComposer(s)Guy Sebastian...

 

 

1964 Nepali novel by Parijat Shirishko Phool Cover-pageAuthorParijatOriginal titleशिरीषको फूलCountryNepalLanguageNepaliGenreNovelPublisherSajha PrakasanPublication date1964Media typePrint (Paperback)Pages65AwardsMadan PuraskarISBN9993340995OCLC470313792 Shirishko Phool (Nepali: शिरीषको फूल; translated into English as Blue Mimosa), published in 1964, is a Nepali language novel by Parijat. It was the author's first and most successful novel. It ...

Sinotrans&CSC GroupCompany typeState-owned enterpriseIndustryShipping and LogisticsFounded2008HeadquartersBeijing, People's Republic of ChinaArea servedWorldKey peopleExecutive Director and President: Song Dexing[1]Revenue89.044 billion renminbi (2015)[2]Number of employees51,511 (2015)[2]Websitewww.sinotrans-csc.com Sinotrans Changhang, or Sinotrans&CSC Holdings, is the largest logistics company of the People's Republic of China, with further interests in ship...

 

 

此條目可参照英語維基百科相應條目来扩充。 (2021年5月6日)若您熟悉来源语言和主题,请协助参考外语维基百科扩充条目。请勿直接提交机械翻译,也不要翻译不可靠、低品质内容。依版权协议,译文需在编辑摘要注明来源,或于讨论页顶部标记{{Translated page}}标签。 约翰斯顿环礁Kalama Atoll 美國本土外小島嶼 Johnston Atoll 旗幟颂歌:《星條旗》The Star-Spangled Banner約翰斯頓環礁�...

 

 

Сельское поселение России (МО 2-го уровня)Новотитаровское сельское поселение Флаг[d] Герб 45°14′09″ с. ш. 38°58′16″ в. д.HGЯO Страна  Россия Субъект РФ Краснодарский край Район Динской Включает 4 населённых пункта Адм. центр Новотитаровская Глава сельского пос�...

يفتقر محتوى هذه المقالة إلى الاستشهاد بمصادر. فضلاً، ساهم في تطوير هذه المقالة من خلال إضافة مصادر موثوق بها. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. (ديسمبر 2018) جزء من سلسلة مقالات سياسة تونستونس الدستور دستور تونس 2022 السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية (المكتب) قيس سع�...

 

 

Australian and New Zealand army corps formed in 1916 II ANZAC CorpsMembers of II Anzac Corps during the Battle of Fromelles, 1916Active1916–1917CountryAustraliaNew ZealandAllegianceBritish EmpireTypeCorpsSize3 infantry divisions and support elementsEngagementsWorld War I Western Front CommandersNotablecommandersAlexander GodleyMilitary unit The II ANZAC Corps (Second Anzac Corps) was an Australian and New Zealand First World War army corps. Formed in early 1916 in Egypt in the wake of the f...

 

 

General election in Greece You can help expand this article with text translated from the corresponding article in Greek. (April 2023) Click [show] for important translation instructions. View a machine-translated version of the Greek article. Machine translation, like DeepL or Google Translate, is a useful starting point for translations, but translators must revise errors as necessary and confirm that the translation is accurate, rather than simply copy-pasting machine-translated text ...

This article may be too technical for most readers to understand. Please help improve it to make it understandable to non-experts, without removing the technical details. (March 2024) (Learn how and when to remove this message) Philosophical view that some states of mind, as commonly understood, do not exist Eliminative materialism (also called eliminativism) is a materialist position in the philosophy of mind. It is the idea that the majority of mental states in folk psychology do not exist....

 

 

1973 1981 Élections législatives de 1978 dans les Vosges 4 sièges de députés à l'Assemblée nationale 12 et 19 mars 1978 Corps électoral et résultats Inscrits 269 663 Votants au 1er tour 225 049   83,46 %  1,1 Votes exprimés au 1er tour 218 511 Votants au 2d tour 229 906   86,23 % Votes exprimés au 2d tour 224 735 Majorité présidentielle Liste Rassemblement pour la RépubliqueUnion pour la démocratie françaiseDivers droite V...

 

 

Type of earthquake at convergent plate boundaries Part of a series onEarthquakes Types Mainshock Foreshock Aftershock Blind thrust Doublet Interplate Intraplate Megathrust Remotely triggered Slow Submarine Supershear Tsunami Earthquake swarm Causes Fault movement Volcanism Induced seismicity Characteristics Epicenter Epicentral distance Hypocenter Shadow zone Seismic waves P wave S wave Measurement Seismometer Seismic magnitude scales Seismic intensity scales Prediction Coordinating Committee...

Set of three serine threonine-specific protein kinases AKT redirects here. For other uses, see AKT (disambiguation). It has been suggested that portions of this article be split out into another article titled AKT1. (Discuss) (September 2017) AKT1Ribbon Representation of crystal structure of Akt-1-inhibitor complexes.[1]IdentifiersSymbolAKT1NCBI gene207HGNC391OMIM164730RefSeqNM_005163UniProtP31749Other dataLocusChr. 14 q32.32-32.33Search forStructuresSwiss-modelDomainsInterPro AKT...

 

 

Open standard for office applications Uniform Office FormatFilename extension .uof, .uot, .uos, .uopInitial releaseApril 30, 2007; 17 years ago (2007-04-30)Latest release2.02011; 13 years ago (2011) Type of formatDocument file formatExtended fromXML, SVGStandardGB/T20916-2007Open format?Yes Uniform Office Format (UOF; Chinese 标文通, literally standard text general[1]), sometimes known as Unified Office Format, is an open standard for office...