أمير سلطان، هو السيد شمس الدين محمد بن علي آل حسين البخاري (وُلد في بخارى عام 770هـ /1368م؛ توفي في مدينة بورصة833هـ/1429م)، شَرِيفُ النَّسَبِ، وجده الأكبر محمد بن الحسن المهدي، من نسل الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد النبي محمدﷺ. عالم ومفكر إسلامي ومُربِّي ومتصوف عاش في بورصة خلال فترة تأسيس الدولة العثمانية. اسمه محمد بن علي ولقبه «شمس الدين» هو اسم جده، وكان يُدعى «محمد بخاري» لأنه ولد في بخارى، وأُضيف له لقب «أمير» لأنه من نسل الرسول محمدﷺ ولقب «سيد» لأنه من نسل الحسين بن علي، ثم أُلحق بلقبه «سلطان» بعدما تزوج ابنة السلطان بايزيد الأول، فكانت كنيته «أمير سلطان»، لشرف نسبه ولاتصاله بالإمارة.
وُلد شمس الدين البخاري (أمير سلطان) في بُخارى، وربّاه والده «سيد علي أفندي» الذي كان لقبه «أمير كولال» (بالتركية: Emir Külal)، وتوفي الوالد عندما كان عمره حوالي 17-18 عاماً.[1]
اجتمع له في بورصة أول مجموعة من طلابه، ومن بعدها اجتمع من حوله الكثير من الطلاب والمريدين.[2]
حاز تقدير الناس ورجال الدولة في بورصة، بسبب تمكنه من العلم، وسجاياه الأخلاقية النادرة. وسرعان ما ذاعت شهرته حتى وصلت السلطان بايزيد الأول الذي زوجه ابنته «خوندي فاطمة سُلطان خاتون» عقب رؤيا رأت فيها النبي محمد ﷺ يأمرها بالزواج من «أمير سلطان» [1]، فأنجبت له ثلاثة أطفال، ابن يُسمى «على چلبي» وابنتان.[2]
من خلال هذا الزواج أصبحت له مكانة كريمة ومنزلة محمودة في نفس السلطان بايزيد الأول الذي كان أول من تراخى من الأُسرة العُثمانيَّة فاحتسى الخمر لفترة قصيرة [3]، ولكن «أمير سلطان» أقنع السلطان بالإقلاع عن شرب الخمر والتوبة إلى الله تعالى [4]، فتاب ورجع، وبنى مسجد «أولو جامع» عام 1399م الذي مايزال قائما إلى اليوم في بورصة.
تدريس وتربية وتعليم الطلبة
على الرغم من اجتماع الكثيرين من المريدين حوله، إلا أن دوره الكبير يبرز في تدريسه، حيث ربَّى الكثير من الطلبة وعلَّمهم. وكان دوره كبيراً في إصلاح الأخلاق، من خلال تركيزه على الآداب الإسلامية لدى الناس. وقد كانت هناك أزمة أخلاقية، اشتكى المؤرخون منها، في عهد السلطان بايزيد الأول (يلدرم الصاعقة)؛ فقد بدأ القضاة بارتكاب الرشوة، وتساهل أركان الدولة، بمن فيهم السلطان، في اللهو والميسر؛ حيث انتقلت الأخلاقيات الفاسدة، من البلقانوبيزنطة إلى الأناضول، وانعكست على الحياة العامة في الأناضول.[2]
كسب أمير سلطان حب الناس وودهم، وقام بإرشاد الناس إلى الحق والعدل، كما قام بالعمل ضد إجراءات الحكومة التي ينبغي أن تكون قدوة الناس. بل إنه لم يتردد في توجيه كلمات قاسية إلى السلطان بايزيد الأول (يلدرم الصاعقة)، إذ أنه لمّا اكتمل مبنى الجامع الكبير في "بورصة" (أولو جامع)، عام 802هـ/1400م، وسأله السلطان بايزيد الأول عن رأيه في هذا الجامع وكان ينتظر منه كلمات تقديرية، رد عليه "أمير سلطان" قائلاً: إن بَنَيتم على كل زاوية من زوايا الجامع حانة (خمّارة) لأنفسكم فلا يبقى فيه نقص. ولما سأله السلطان، متعجباً، كيف يمكن بناء الحانة حول بيت من بيوت الله! رد عليه هذا المرشد الكبير قائلاً: "إن بيت الله هو هذا الجسم، الذي خلقه الله تعالى. ألا تخجل من نفسك أنك حولته إلى حانة، وتخجل من وضع الحانة في أطراف هذا المبنى!".[2]
نسبه
محمد شمس الدين بن علي بن برهان الدين (البخاري) بن شمس الدين (أمير كُلال) بن سيف الدين حمزة (أمير كُلال) بن إبراهيم بن محمد بن (محمد) حسن بن عبد الله الشهيد بن جعفر بن حسين بن علي بن حسن القيم بن (محمد) حسين بن (أحمد) حسين بن (محمد) علي الدينوري بن موسى أبوصبحة الثاني بن إبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط (وأمه فاطمة بنت محمدﷺ) بن الإمام علي بن أبي طالبالهاشميالقرشي[بحاجة لمصدر] .
جلس السلطان مراد خان الثاني على العرش بعد وفاة والده السلطان محمد الأول وكان عمره حينئذ 18 عاماً، وكان أول عمل له هو أمره بدفن والده في قبر «الضريح الأخضر» ببورصة، إذ كان أول أمر يصدره السلاطين العثمانيون عندما يجلسون على العرش هو أمرهم بدفن سلفهم.
لم يكن التاج رمزا للسلطنة عند العثمانيين، بالرغم من ورود تعبير صاحب التاج في المتون الرسمية، إلا أن الرمز الحقيقي للسلطنة في الدولة العثمانية كان البيعة وتقليد السيف. واستمر هذا الوضع حتى السلطان وحيد الدين محمد السادس الذي كان ترتيبه السادس والثلاثين في السلاطين العثمانيين.[5][6]
شارك «أمير سلطان» شمس الدين البخاري في حصار القسطنطينية عام 1422م وسار معه كل السادة والدراويش في 500 نفر للجهاد مع الجيش، وشجع ذلك الجيش العثماني بنفوذه المعنوي.[2]
ولكن لم يصل الحصار إلى النتيجة المطلوبة بسبب ظهور الحوادث المختلفة في الأناضول والتي حدثت بتحريض من بيزنطة، فتم رفع الحصار.[5]
وفاته
توفي أمير سلطان عام 1429م بسبب الطاعون وعمره 63 عاماً. وافته المنيّة وهو في مدينة بورصة، فصلى عليه «الحاج بيرم ولي» الذي كان يعيش في بورصة في ذلك الوقت.
هناك عالمان كبيران عملا على فتح القسطنطينية الأخير. أحدهما، «أمير سلطان» الذي وضع اللبنة الحسنة في الدولة قبل وفاته عام 1429م واستمرت في جيل من العثمانيين شبّ على تعاليم الإسلام الحنيف والعمل به؛ والثاني، العالم الكبير «آق شمس الدين» (الشيخ محمد شمس الدين بن حمزة) (792هـ،1389-1459م) الذي ربى السلطان محمد الفاتح بالفعل، ورافقه واشترك معه في الفتح عام 1453م.
قبره
يقع قبره خارج جامع أمير سلطان في نهاية الفناء الخلفي للمسجد خلف نافورة ماء الوضوء، بمدينة بورصة التي بها العديد من قبور سلاطين ورجال الدولة العثمانية الأوائل.
J. H. Mordtmann, F. R. Taeschner: المادة: Emīr سلطان السيد الشافعي شمس الدين محمد آل الدين Meḥmed بن ʿAlī آل Ḥüseynī البخاري في: موسوعة الإسلام، 2nd Edition, المجلد الثاني، بريل: ليدن، 1991, p. 697