وقف تعليمي
الوقف التعليمي أو الاوقاف التعليمية[1][2][3] هو حبس أصول وقفية في مجالات العلم والتعليم وما ينوط بها[4]، وهناك أربعة أنواع للوقف التعليمي وهي أوقاف خاصة بالمساجد، أوقاف خاصة بدور العلم، أوقاف خاصة بالمعلمين والمتعلمين، أوقاف خاصة بالمكتبات[4][5][6]، وتكمن أهمية الوقف التعليمي في تطور وتعقد الحياة العصرية مما جعل الدولة لا تستطيع أن تتكفل بجميع الاحتياجات، الاقتصادية والاجتماعية[4]، وبذلك ظهرت ضرورة وجود الوقف لسد كثير من الحاجات[7]، وللوقف التعليمي مقاصد عظيمة وشريفة من أهمها إيجاد مورد دائم لتحقيق مسيرة المؤسسات العلمية والتعليمية[4][8]، ومن مجالات الوقف التعليمي التي يدعمها، مراكز الأبحاث والموسوعات والدوريات العلمية وكراسي الأبحاث العلمية ومراكز التميز البحثي ودعم الجامعات[7]، ويواجه الوقف التعليمي مجموعة من التحديات من أهمها تحدي دعوى الإرهاب، والتوتر بين ما هو عالمي ومحلي، وبين التقليد والحداثة، وتحدي العولمة، وتحدي التكنولوجيا وغيرها.[4][9][10]
مفهوم الوقف التعليمي: هو حبس الأصل وتسبيل الثمرة في كل مجالات العلم والتعليم وما ينوط بها.[11][4]
أنواع الوقف التعليمي
أولاً: أوقاف خاصة بالمساجد
المسجد هو المؤسسة الدينية التعلمية والتربوية التي تنشر من خلالها رسالة الإسلام، وشتى العلوم الشرعية وعلى رأسها تعليم القرآن الكريم وعلومه، والحديث وعلومه، فقد سارع المسلمون في وقف ما عندهم في تشييد المساجد[6] وتمويلها وتوفير ما تحتاجه من أثاث وأفرشة وإنارة وغيرها من المستلزمات، ويدل دلالة واضحة على أثر الأوقاف في إنشائها ورعايتها، وقيامها بكثير من النشطات في مجال التعليم والدعوة إلى الله تعالى.
ثانياً: أوقاف خاصة بدور العلم
إن لدور العلم مسميات عديدة تختلف بحسب الزمان والمكان لكن تنصب في معنى واحد (دور العلم) ومن جملة مسمياتها، المحاضر، الزوايا، الخوانيق، المدارس وغيرها...، أما في العصر الحديث ظهرت هذه الدور بحلة جديدة ومن جملة مسمياتها (الجامعات، المعاهد، المدارس الابتدائية، والمتوسط والثانوي وغيرها...)، فقد رأى العلماء بأن المدارس هي خير وسيلة للتعلم والتعليم فشجعوا على وقف الأراضي والعقارات وتمويلها بما يلزم من تشييد للأبنية وأقسام التدريس، والمراقد، والمطاعم، وقاعات المطالعة والمحاضرات، والصرف عليها لضمان السير الحسن لها[5]، لتحقيق هذه الرسالة النبيلة السامية وهي رسالة التعليم.[6]
ثالثاً: أوقاف خاصة بالمعلمين والمتعلمين
أسهم الوقف في إرساء دعائم ثقافية متنوعة في المجتمعات الإسلامية على مدى قرون طويلة من التاريخ الإسلامي، ومن بين ذلك، تعيين المدرسين من علماء وأساتذة ومعلمين والإنفاق عليهم وإعطائهم رواتب ليتفرغوا بذلك للعملية التعليمية، وذلك من خلال الأوقاف التي وقفت عليهم خاصة، والأوقاف التي سبلت لصالح الطلبة للتكفل بمتطلباتهم المعاشية ونحوها كالغذاء، واللباس، والأفرشة وغيرها، كي يسخروا أوقاتهم في طلب العلم، ولا ينشغلوا بأمور المعاش.[4]
رابعاً: أوقاف خاصة بالمكتبات
إن وقف الكتب والمكتبات والمطابع في سبيل العلم لينتفع بها العلماء وطلبة العلم والمؤسسات التعليمية، من الصدقة الجارية التي حث الشارع الحكيم عليها، وتعد من أبواب البر النافعة في المجتمعات لرفع الجهل عنها والرقي بها إلى مستوى تعليمي عال، وقد أدرك كافة الواقفين للمدارس وحلقات الدرس في المساجد أهمية الكتاب في العملية التعليمية فاهتموا بوقف الكتب عليها لتكون معينة على التحصيل والمراجعة وأصبح من المعتاد في البلاد الإسلامية وجود مكتبة في كل مدرسة أو جامع فيه زوايا للعلم أو رباط موقوف على طلبة العلم وغيرهم.[5]
نوع الموقوف على الخدمات العلمية
- العقار كالأراضي والمباني: وتخصص لبناء الجامعات ومراكز البحث المختلفة، مع رصد أوقاف أخرى تجارية أو زراعية لخدمة هذه الجامعات والمراكز البحثية لتستمر في تقديم ما أقيمت لأجله.
- المنقول كالأموال النقدية والبنايات المتحركة والأجهزة وغيرها، لأن متطلبات خدمة العلم في هذا العصر تنوعت وتعددت، فالعالم والمتعلم يحتاج إلى اتصال بالعالم الخارجي الأمر الذي يفرض توافر وسائل وأجهزة تمكنه من ذلك.
- المنافع، كالدور ووسائل النقل وغيرها، فقد لا تجد من يوقف ملك العين عقارا أو منقولا، لكنك تجد من يوقف منافعهما، فيضعها في خدمة العلم وأهله.[12]
تعزيز ثقافة الوقف العلمي
يعد الوقف باعتباره أحد الأسس المهمة للنهضة الإسلامية الشاملة، الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، وكان الرافد لمالية الدول الإسلامية المتعاقبة، وهو جوهر عناصر قيام الحضارة الإسلامية، وهو بؤرة النهضة العلمية والفكرية العربية والإسلامية على مر القرون.[13]
أهداف الوقف العلمي
للوقف العلمي دورا فاعلا ومؤثرا في نمو واتساع الحركة التعليمية نمواً متسارعا أدى إلى تحقيق نهضة علمية واسعة كان لها مصب في شتى المجالات العلمية وقد ساعد على هذا الدور المؤثر انتشار الأوقاف التعليمية بصورة تدعو إلى الإعجاب والتقدير، يدفع الواقفين لهذا العمل الخيري الإيمان الذي يملأ النفوس، وحب العلم والمعرفة.[14]
أهمية الوقف التعليمي
- تطور وتعقد الحياة العصرية مما جعل الدولة لا تستطيع أن تتكفل بجميع الاحتياجات، الاقتصادية والاجتماعية، وبذلك ظهرت ضرورة وجود الوقف لسد كثير من الحاجات.
- في ترتيب الموازنة في بلادنا الإسلامية، تحظى موازنة البحث العلمي بأقل المخصصات، وهذا ما ينجر عنه تخلف علمي ينسحب على باقي القطاعات.
- عصرنا الحالي هو عصر المعرفة، وتقدم الدول بمقدار إنتاجها للمعارف والعلوم، ولا يمكن إنتاجها وتطويرها إلا بالاهتمام بالبحث العلمي.
- الإسلام دين العلم والأوقاف الإسلامية تاريخياً أول ما اتجهت اتجهت إلى البنية التعليمية كأساس لصناعة المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة.
- الأمة الإسلامية إذا ما أرادت أن تلحق بركاب الدول المتطورة، فما عليها إلا إحياء ثقافة الوقف بصفة عامة، وتوجيهه الواقفين لخدمة المشاريع البحثية العلمية.
- عمل الغرب على استثمار الأوقاف لأغراض علمية، وإيجاد أوقاف متنوعة، الهدف منها خدمة البحث العلمي بالدرجة الأولى، حتى أصبحت الأصول الوقفية للجامعات ومراكز البحث تقدر بمئات المليارات من الدولارات.[15]
مقاصد الوقف التعليمي
- إيجاد مورد دائم ومستمر لتحقيق سيرورة المؤسسات العلمية والتعليمية.
- في الوقف التعليمي ضمان لبقاء المال ودوام الانتفاع به والاستفادة منه مدة طويلة، لأن الشيء الموقوف محبوس مؤبداً على ما قصد له، لا يجوز لأحد التصرف فيه.[8]
- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى بالإنفاق والتصدق في وجوه البر، وامتثال أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالصدقة والحث عليها، وهذا أعلى مقاصد الوقف، وبهذا الامتثال يكون الوقف سبباً لحصول الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى ومحو السيئات.
- الوقف على المساجد والمعاهد والمدارس، كل هذا مما يضمن لهذه المرافق العامة بقائها وصيانتها.
- الرغبة في استمرار عمل المسلم بعد موته، ومن أهم ما يحقق هذا المقصد هو الوقف لله جل وعلا فهو من الصدقات الجارية التي دلت عليها النصوص الشرعية.
- يحقق الوقف التعليمي التكافل والتعاون والتكامل بين أفراد المجتمع الإسلامي بما يحقق الأخوة الإسلامية في أرقى معانيها ويزرع التعاطف والتراحم والتواد بين عامة المسلمين.[4]
مصارف الوقف التعليمي
إن مصارف الوقف التعليمي تتمثل في كل المؤسسات التي تعني بالجانب التعليمي، من مساجد ومدارس ومكتبات ونحوها، والاهتمام بالعلماء وطلبة العلم، وقد حرص مؤسسو هذه المراكز التعلمية على توفير مصدر دخل ثابت، يكفل لمنشآتهم التعلمية الاستمرار في تقديم خدماتها، من أجل ذلك رصدوا لها الأوقاف الوفيرة، التي تضمن للملتحقين بها العيش الرغيد، كي يمكنهم من التفرغ لطلب العلم دون عناء، ومن بين أهم هذه المصارف:[4]
- أوقاف تصرف في إطعام الطلاب.
- أوقاف تصرف في إيواء وكسوة الطلاب والمعلمين.
- أوقاف تصرف في علاج الطلاب والمعلمين ورعايتهم صحياً.
- أوقاف تصرف في نقل الطلاب.
- أوقاف تصرف في توفير الأدوات والكراريس والكتب.
- أوقاف تصرف في توفير رواتب للعلماء والأساتذة والمعلمين، والقائمين على المؤسسات التعلمية.
- أوقاف تصرف في ترميم المنشآت التعليمية ولواحقها.
مجالات الوقف التعليمي التي يمكن دعمها
تبرز أهمية توفير الموارد المالية بصيغة الوقف الاستثماري الذي يصرف ريعه لدعم البحث العلمي، وسنعرض فيما يأتي أبرز المجالات البحثية التي يمكن صرف ريع الأوقاف فيها:[15]
مراكز الأبحاث المتقدمة
يتطلب انجاز بحوث علمية ذات قيمة مضافة إلى كلفة مالية تختلف حسب طبيعة البحث ومتطلباته، وعادة تلجأ كثير من الدول إلى انشاء مراكز متطورة للأبحاث، وتخصص لها ميزانية معتبرة لتغطية مصروفات هذه المراكز، فالطاقم الإداري والبحثي لهذه المراكز يلعب دوراً رئيساً في تنمية البلاد من خلال بحوث نوعية ينجزها طاقم متفرغ، تتوافر لدية كافة التسهيلات البحثية، وتوفير الجو المناسب لهذه المراكز يمر حتماً عبر تغطية مالية ثابتة لجميع المصروفات، سواءً كانت مصروفات إدارية أو مكافآت للباحثين وهيئات التحكيم أو مصروفات المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية.[1]
الموسوعات والدوريات العلمية
تقدم الموسوعات العلمية المتخصصة خدمات نافعة للباحثين، وتسهل عليهم حصر المواضيع في سياقاتها، كما أنها توفر الوقت والجهد، إن خاصية الموسوعية تتطلب جهوداً كبيرة، وتخصصات مختلفة، وكفاءات علمية متميزة في تخصصاتها، وهذا عادة يثقل كاهل الجامعات والمراكز البحثية، ويتطلب وفرة مالية يمكن للأموال الوقفية أن تغطيها.
كراسي الأبحاث العلمية
الكرسي العلمي، هو برنامج بحثي أو أكاديمي في الجامعة يهدف لإثراء المعرفة الإنسانية وتطوير الفكر وخدمة قضايا التنمية المحلية، ممول عن طريق منحة نقدية دائمة أو مؤقتة، يتبرع بها فرد أو مؤسسة أو شركة أو شخصية اعتبارية، ويعين فيه أحد الأساتذة المختصين المشهود لهم بالتميز العلمي والخبرة الرائدة والسمعة الدولية، يعمل ضمن البرنامج فريق من الباحثين المؤهلين ذوي الكفاءة والخبرة في مجال البرنامج، وعادة ما تدون مخرجات الكراسي العلمية ذات قيمة مضافة للجهات الداعمة، كإنتاج منتوج جديد أو تطوير تقنية معينة، بحيث تتحقق الثمرة والنتائج العملية التي تخدم الهدف الذي أنشئ الكرسي البحثي من أجله.[1]
مراكز التميز البحثي ودعم الجامعات
وتختلف هذه المراكز عن مراكز البحوث السابقة من حيث أنها مرتبطة بالجامعات المختلفة، فهي تساعد على تطوير الإمكانات البحثية والأنشطة المهنية في التخصصات الحيوية التي يحتاجها المجتمع، مما يمكن من شراكة حقيقة وفاعلة بين مختلف الشركاء، سواءً كانوا باحثين أو مهنيين أو أصحاب مؤسسات إنتاجية، ولقد تبنت فكرة مراكز التميز البحثي كثيراً من الدول وفق سلسلة من الخطوات، تبدأ على شكل بحثية متخصصة تعمل على تطوير البحث العلمي في المجالات المختلفة بالجامعة، لتصبح هذه المراكز مع مرور الوقت الأداة الفعالة لصياغة أهداف ورسالة الجامعة في حد ذاتها ضمن المحيط الذي توجد به الجامعة للتوسع بربط جميع مراكز التمييز بالجامعات، مما يحقق التوازن البحثي لخدمة سياسة الدولة المعنية في مجال البحث العلمي، ويمكن التوسع في إنشاء مثل هذه المراكز البحثية المميزة بدعم من الأوقاف، وكذلك التوسع في دعم ميزانيات المراكز القائمة من الأوقاف الموجودة، والأوقاف التي يدعى الناس للمشاركة فيها.[16]
مراكز البيئة الابتكارية
وتعمل هذه المراكز على تأسيس بيئة ابتكارية بتوفير الموارد المالية والبشرية من أجل الابتكار في مختلف المجالات، ثم تحويل هذه الأفكار والابتكارات إلى منتوجات تلبي حاجيات السوق المحلية، وتنافس على مستوى السوق الدولية، إن توفير البيئة الإبداعية للباحث تعمل على صناعة إبداعية تنمي المنتوج الإبداعي وتساهم في تنمية المجتمع من خلال تحقيق مداخيل إضافية للدولة.[1]
تحديات تواجه الوقف التعليمي في العالم الإسلامي
إن من أهم التحديات التي تواجه الوقف التعليمي في العالم الإسلامي:[4][9]
- تحدي دعوى الإرهاب.
- تحدي التوتر بين ما هو عالمي وما هو محلي.
- تحدي التوتر بين التقليد والحداثة.
- تحدي العولمة.
- تحدي التكنولوجيا.
- ضعف الوعي بأهمية الوقف الخيري على المؤسسات التعليمية.
- تراجع ثقة الراغبين في الوقف بالجهة المشرفة على الأوقاف، ويأتي اهتزاز تلك الثقة، بسبب عدم الفاعلية الادارية والرقابية للجهة المشرفة على الأوقاف.[17]
إن هذه التحديات لها انعكاسات سلبية على الوقف الإسلامي وتوجهه الاقتصادي لتمويل التعليم ويجب أن يتعامل مع هذه التحديات بحذر وذلك لكون هذه التحديات هي المسؤولة عن اضمحلال دور الوقف الإسلامي على مدار عقود طويلة[18].
نماذج من الوقف على العلم
جامعة الملك سعود
تتوزع وتتنوع أوقاف جامعة الملك سعود بين أبراج عقارية وأبراج علمية وأبراج صحية وأخرى تجارية، وقد بلغ عدد الأبراج الوقفية على الجامعة أحد عشر برجا، الجزء الأكبر منها تبرع بها وتكفل ببنائها مجموعة من رجال المال والأعمال والشخصيات الاعتبارية في البلد، ومن هذه الأبراج:
- برج الفندق الخمسة نجوم
- برج مصرف الراجحي الطبي
- برج الشيخ صالح كامل
- برج الأجنحة الفندقية
- برج المعلم محمد بن لادن المكتبي
- برج الأمير سلطان بن عبد العزيز للأبحاث الصحية وطب الطوارئ
- برج الدكتور ناصر الرشيد
- برج الشيخ محمد حسين العامودي
- برج الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الهليل[19]
ويهدف مشروع هذه الأوقاف إلى تعزيز الموارد الذاتية للجامعة، والمساهمة في الأنشطة التي تعمل على نقل الجامعة للعالمية، ودعم أنشطة البحث والتطوير والتعليم، ودعم العلاقة بين الجامعة والمجتمع.[12]
أثر الوقف الاسلامي في النهضة العلمية
لعب الوقف الإسلامي بنوعيه سواءً أكان وقفاً خيرياً أو أهلياً دوراً رئيسياً في نشر ّالتعليم والتربية، وفي التقدم العلمي الذي شهدته الحضارة العربية الإسلامية، وكان السبب الرئيسي لأغلب الإنجازات العلمية والحضارية التي شهدها العالم في العصر الوسيط[20]، ثم برزت الأوقاف بعد ذلك على التعليم بشكل جلي، عندما استقلت الدراسة العلمية في عصور لاحقة.
احتاجت المؤسسات الخاصة لوجود الفقهاء وأخذ الأجور على القيام بالواجبات والشعائر الدينية العامة من تعليم القرآن والعلم، والقيام بالإمامة والخطابة[21]، وعندها اتجه الوقف اتجاها ًجديداً في هدفه نحو المؤسسات العلمية وأهل العلم، مما نشأ عنه ًاتجاه جديد أيضا في الأموال الموقوفة نفسها، وهكذا تطورت الأوقاف على التعليم حتى أضحى هناك توجه عام بأن إنشاء أي مدرسة أو مؤسسة تعليمية لا بد وأن يواكبه وقف ثابت يفي بمتطلباته[22]، حتى أن المطلع على تاريخ التعليم الإسلامي، يلمس بوضوح الدور الفاعل والمؤثر الذي قامت به الأوقاف التعليمية في نمو واتساع الحركة التعليمية نمواً متسارعاً، أدى بها في نهاية المطاف إلى تحقيق نهضة علمية شاملة.
وهذا ما يؤكد "أن الوقف كان وما زال بؤرة النهضة العلمية والفكرية العربية والإسلامية على مدار القرون" لذا فقد اتجهت الأنظار مرة أخرى إلى الوقف بعد تغييب دوره العظيم لعقود طويلة، باعتباره البذرة الصحيحة لبداية النهضة الشاملة لجميع مجالات الحياة في البلاد الاسلامية[23]، لأنه أداة اجتماعية تحقق مقاصد الشريعة، وتشارك بفاعلية في بناء المجتمعات بما يشيعه من روح التكافل الاجتماعي، وفي نفس الوقت باعتباره سبيلاً لإصلاح المشكلات المجتمع الإنساني "المالية والاقتصادية والاجتماعية"[24]، مما جعل الوقف يشكل الإجابة العملية للمجتمع المسلم على جميع الإشكاليات والحاجات والمستجدات التي تطرأ على حياته وتواجه ّتطوره وحركته التأريخية، ومن هنا نشأت ثقافة الوقف التي ّجعلت منه قوة تعظّم دور المجتمع ولو على حساب الدولة، وفي نفس الوقت جعلته هدفاً تسعى بعض الدول لامتلاكه ووضع اليد عليه أو تقليصه والقضاء عليه.[25]
أسباب تراجع دور الأوقاف في الحياة العلمية والثقافية
هناك أسباب وعوامل عدة، اجتمع فيها دور جمهور المتصدقين مع دور الدولة ومؤسساتها العمومية[21]، فبالرغم من كثرة الدراسات والمؤلفات والفعاليات العلمية حول الوقف عامةً والوقف العلمي خصوصاً، إلا أنها تبقى رهينة الكتب والمكتبات، فضلاً عن تدني مستوى المشاركة الشعبية في الأوقاف العلمية، وانحصارها في المقابر والمساجد، بالإضافة إلى استيعاب الوقف والمؤسسات التعليمية والعلمية، ضمن ثلاثة قطاعات حكومية تشير كل المؤشرات الكمية والنوعية إلى تدن واضح في مستويات أدائها رغم ما يرصد لها من أموال.
وتوصلت دراسة بعنوان أثر الوقف الإسلامي في النهضة العلمية في اليمن إلى عدد من النتائج نذكر من أهمها:[26]
- أن الوقف كان هو المصدر المالي الأساسي والوحيد للمدارس اليمنية، حتى أن الفضل الأول في الصرف عليها واستمرار مهامها يعود له، إضافة إلى ما كان يقدمه الحكام من أوقاف كممثلين للدولة.
- أن هناك حرصاً شديداً من أصحاب المدارس على مدارسهم، لأجل استمرار عملها وقيامها بمهامها وعدم تعثرها، وللحفاظ عليها وعلى أوقافها قاموا بتحديد خط الوقفيات أو ما يعرف بالوثائق الوقفية.
- تركيز الواقفين على التنويع في أوقافهم حسب حاجة المدرسة، فقد تنوعت الأوقاف ما بين أراض زراعية وأودية وعقارات، تم تأجيرها والاستفادة من مالها، وما بين كتب نادرة ونفيسة يحصل الطلاب على المعرفة منها.
- أن كثرة أموال الأوقاف وتسخيرها في الطريق الصحيح في صالح التعليم، انعكس بدوره على العلاقات العامة بين الناس، وخفف من الفوارق الاجتماعية بينهم.
انظر أيضاً
روابط خارجية
المراجع
|
---|
الوقف في التاريخ | |
---|
كيانات وقفية | |
---|
الوقف حسب البلد | |
---|
| |
---|
| |
---|
أنواع الوقف | تصنيف حسب المجال | |
---|
حسب العين الموقوفة | |
---|
تصنيف حسب الجهة الموقوف عليها | |
---|
|
---|
ذات صلة | |
---|
|