هو محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق، ينتهي نسبه إلى أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. اشتهر بالسيد المرتضى الحسيني الزبيدي اليماني الواسطي العراقي الحنفي، ويكنى أبا الفيض وأبا الجود وأبا الوقت.[2]
اشتغل على المحدث محمد فاخر بن يحيى، والدهلوي فسمع عليه الحديث وأجازه، ثم ارتحل لطلب العلم، فدخل مدينة زبيد وأقام بها مدة طويلة حتى قيل له الزبيدي، وبها اشتهر، وحجّ مرارًا وأخذ العلم عن نحو من ثلاث مائة شيخ ذكرهم في معاجمه الكبير والصغير وألفية السند وشرحها، حتى قال عن نفسه في ألفيته:
وقل أن ترى كتابًا يُعتمد
إلا ولي فيه اتصال بالسند
سافر إلى مصر، ودخلها في تاسع صفر سنة ألف ومائة وسبع وستين، وسكن بخان الصاغة، وأول من أخذ عنه السيد علي المقدسي الحنفي من علماءمصر، وحضر دروس أشياخ الوقت كالشيخ أحمد الملوي، والجوهري والحنفي والبليدي والصعيدي والمدابغي، وتلقى عنهم وأجازوه وشهدوا بعلمه وفضله وجودة حفظه.
ولقد أعتنى به «إسماعيل كتخدا عزبان» وتولاه برعايته حتى راج أمره، واشتهر ذكره عند العام والخاص، وسافر إلى الصعيد ثلاث مرات، واجتمع بأعيانه وأكابره وعلمائه، وأكرمه شيخ العرب همام، وإسماعيل أبو عبد الله وأبو علي وأولاد نصير وأولاد وافي وهادوه وبرّوه.
قال عنه الزركلي في ترجمته: «زاد اعتقاد الناس فيه حتى كان في أهل المغرب كثيرون يزعمون أن من حج ولم يزر الزبيدي ويصله بشئ لم يكن حجه كاملا!».[3]
وقال عنه من أعلام المغرب الحافظ ابن عبد السلام الناصري في رحلته لما ترجمه فيها: (ألفيته عديم النظير في كمال الاطلاع والحفظ واللغةوالأنساب، فهو والله سيوطي زمانه، انخرق له من العوائد ما انخرق لابن شاهين وابن حجر والسيوطي).
وقال عنه عالم مصر الشمس محمد بن علي الشواني الأزهري: (شيخ الإسلام علامة الأنام ناشر لواء السنة المحمدية، وواصل الأسانيد النبوية أبو الجود وأبو الفيض).
وقد ترجمه من متأخري المصريين محمد إبراهيم فني المصري في جزء صغير سماه (الجوهر المحسوس في ترجمة صاحب القاموس).
مؤلفاته وكتبه
خلف حوالي (107) عملا أدبيا، بين رسالة وكتاب، أهمها وأضخمها شرحه على القاموس المسمى بتاج العروس من جواهر القاموس، ومنها شرح كتاب إحياء علوم الدين للغزالي أملاه في (11) عاماً وفرغ منه سنة 1201هـ ولامه سلطان المغرب على تضييع وقته فيه، في رسالة ذكرها الجبرتي، وطبع الكتاب في عشرة مجلدات ضخمة. ومنها رسالة سماها (قلنسوة التاج) في إجازة الشيخ محمد بن بدير المقدسي برواية تاج العروس من جواهر القاموس.
توفي المرتضى الزبيدي بمرض الطاعون في شهر شعبان من سنة 1205 للهجرة، بعد أن صلى صلاة الجمعة في مسجد الكردي القريب من داره، فدخل داره واعتُقل لسانه في تلك الليلة، وظل في فراشه مريضا حتى توفي في يوم الأحد.