ولد البلاغي في شهر رجب1282 هـ بمدينة النجف في جنوب العراق وكانت نشأته وحياته الأوليّة فيها، وينتسب إلى أسرة آل البلاغي وهي من الأُسَرْ النجفية المشهورة، وترجع بنسبها إلى ربيعة، ويصفها جعفر آل محبوبة بأنّها: ”من الأسر العلمية الأدبية السابقة في العلم والفضل والمحلقة بقوادم المجد والسؤدد العريقة في العروبة، والمتقدمة في الهجرة“، ويواصل: ”عُرفت هذه الأسرة في النجف، واشتهر ذكرها في أواسط القرن العاشر للهجرة“، ويقول: ”وقد نبغ منها رجال تقدّموا في معارفهم“.[4]
أدبه
مع أن الرجل رحمه الله كان من رجال الدين والمراجع المعروفين، إلاّ أنّه وجد أنّ الشعر من العناصر التي تُوصل الكثير من الحقائق إلى الأمّة، ووجده وعاءً يحفظ الخواطر في إطارٍ فنّي، فضلاً عن كونه وثائق تاريخيّة ترسم روح العصر وأحوال الناس والأفكار والآراء والمشاعر في صياغات لذيذة.
اندفع الشيخ البلاغي منذ صباه نحو الأدب واستمرّ فيه إلى آخر حياته، حتّى صار يُودِعُه كثيراً من آرائه في العقائد. ولانشغاله بشؤون الأمّة، لم يتفرّغ الشيخ لجمع أشعاره، فذهب الكثير منها أدراج الضياع، لا سيّما خلال أسفاره وتنقّلاته، فلم يَبقَ منه إلاّ القليل الذي سجّله لنا السيّد محسن الأمين العامليّ في أعيانه، كان منه:
قول الشيخ البلاغي في ذكر مولد الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السّلام في الثالث من شعبان الخير:
وخُـذي هُـداكِ، فتلك أعلامُ الهدى زُهْـرٌ سَـواطعُ في الطريق المَهْيَعِ
وتَـروَّحي بـشَذى الطريقِ، وأمِّلي عُـقبى سُـراكِ إلى الجَنابِ المُمْرِعِ
• وأجاب الشيخ البلاغي رحمه الله أحدَ شعراء بغداد، الذي بعث قصيدةً رائية إلى العلماء يتساءل متحيّراً أو متشكّكاً في أمر الإمام المهديّ الموعود المنتظر ( عجّل الله تعالى فرَجَه الشريف ) بقوله في صدرها:
أيا علماءَ العصرِ يا مَن لهم خُبْـرُ بكلِّ دقيقٍ حارَ في مِثلـهِ الفِكـرُ
لقد حار منّي الفكرُ في القائمِ الذي تَنازَعَ فيه الناسُ والتبَسَ الأمـرُ!
فكان من الشيخ البلاغي أن أجاب بقصيدةٍ طويلة أوّلها:
أطَعْتُ الهوى فيهم فعاصانيَ الصَّبْرُ فـها أنا ما لي فيه نهـيٌ ولا أمـرُ
إلى أن يقول:
وفـي خـبر الـثِّقْلَينِ هادٍ إلى الذي تَـنازَعَ فـيه الـناسُ والتبَسَ الأمرُ
إذا قـال خـيرُ الـرُّسْلِ: لن يتفرّقا فكيف إذن يخلو من العِترةِ العصرُ ؟!
ومــا إن تَـمسّكْتُمُ تُـنْبيكَ أنّـهم هـمُ الـسادةُ الـهادون والقادةُ الغُرُّ
أتَـحصُرُ أمـرَ اللهِ بالعجزِ، أم لدى إقـامةِ مـا لَفَّفْتَ أقعَدَك الحصرُ ؟!
آلاء الرحمن في تفسير القرآن. تفسير غير تام، لم يمهل الأجل مؤلِّفه لإتمامه، وقد وصل فيه إلى سورة النساء، وقد جعل المؤلف قبل الشروع في التفسير مقدمة ذات فصول ثلاثة؛ أولها في إعجاز القرآن، والثاني في جمعه في مصحف واحد، والثالث في قرائته.[5]
الهدى إلى دين المصطفى. في الرد على كتاب الهداية الذي كتبه بعض مبشري الپروتستانتية.[6]
قالوا في الشيخ البلاغي
• قال الشيخ كاشف الغطاء في ( الحصون المنيعة 186:9 ): الشيخ البلاغي رجلٌ فاضل، مُجِدّ في تحصيل العلوم، وأديب شاعر مصنّف، وهو من بيت كلّهم علماء أتقياء، وله شعرٌ حسَنُ الانسجام.
• وذكره الشيخ جعفر النقديّ في ( الروض النضير 304 ) فقال: البلاغي، عالِمٌ عَيلَمٌ مهذّب، وفاضلٌ كامل مدرّب، آباؤه كلّهم من أهل العلم. اشتغل في طلب العلم، وصنّف كتاب ( داعي الإسلام وداعي النصارى )، وكتاباً في الردّ على جرجيس سايل وهاشم العربي، وله في الأدب يدٌ غير قصيرة، وشعره جيّد حسن.
• وكتب الشيخ محمّد السماوي في مؤلّفه ( الطليعة 65 ): الشيخ البلاغي.. هذا الفاضل من سلسلة علماء أتقياء، مُقتَدىً بهم سامٍ عليهم بالتصانيف المطبوعة المفيدة، عاشرتُه فكان مِن خير عشير، يضمّ إلى الفضل أدباً، وإلى التقى إباً، وله شعر حسن الانسجام.
• كذا ذكره السيّد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة ) فكتب: كان عالماً فاضلاً، أديباً شاعراً، حسن العِشرة سخيّ النفس، صرف عمره في طلب العلم وفي التأليف والتصنيف، صنّف عدّة تصانيف في الردود. ثمّ ذكر مؤلّفاته وعدّها ثمانيةً وثلاثين مؤلّفاً، ما بين كتابٍ وحاشيةٍ ورسالة عمليّة وردّ، منها: رسالة في بطلان العَوَل والتعصيب ـ في الإرث، العقود المفصّلة في حلّ المسائل المشكلة، حاشية على المكاسب، رسالة في ردّ الفتوى بهدم قبور أئمّة البقيع عليهم السّلام، الهدى إلى دين المصطفى صلّى الله عليه وآله، نصائح الهدى في الردّ على البهائية، مصابيح الهدى في ردّ القاديانية، نسمات الهدى، آلاء الرحمان في تفسير القرآن، أجوبة المسائل البغدادية.. وغيرها.