مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّٰهِ الشَّوْكَانِيُّ الصَّنْعَانِيُّ، الملقب بـبدر الدين الشوكاني، أحد أبرز علماء أهل السنة والجماعةوفقهائها، ومن كبار علماء اليمن ولد في هجرة شوكان في اليمن 1173 هـ ونشأ بصنعاء، وولي قضاءها سنة 1209 هـ ومات حاكمًا بها في سنة 1250 هـ.[1]
حياته
ولد في وسط نهار الاثنين الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 1173 هجرية في بلده هجرة شوكان،[2] ونشأ في صنعاء، وتلقى العلم على شيوخها. اشتغل بالقضاء والإفتاء.[3]
نشأ بصنعاء اليمن، وتربى في بيت العلم والفضل فنشأ نشأة دينية طاهرة، تلقى فيها معارفه الأولى على والده وأهل العلم والفضل في بلدته، فحفظ القرآن الكريم وجوّده، ثم حفظ كتاب «عيون الأزهار» للإمام المهدي في فقه الزيدية ومختصر الفرائض للعُصيفيري[4] وملحة الأعراب في صناعة الإعراب للحريري، والكافية والشافية لابن الحاجب، وغير ذلك من المتون التي اعتاد حفظها طلاب العلم في القرون المتأخرة.
وكان ـ رحمه اللّه تعالى ـ كثير الاشتغال بمطالعة كتب التاريخ، والأدب، وهو لايزال مشتغلاً بحفظ القرآن الكريم.
ومما ساعد الإمام الشوكاني على طلب العلم والنبوغ المبكر: وجوده وتربيته في بيت العلم والفضل، فإن والده ـ رحمه اللّه تعالى ـ كان من العلماء المبرزين في ذلك العصر، كما أن أكثر أهل هذه القرية كانوا كذلك من أهل العلم والفضل قال الشيخ «الشوكاني» عن والده وأهل قريته:
«... وهذه الهجرة معمورة بأهل الفضل والصلاح والدين من قديم الزمان، لايخلو وجود عالم منهم في كل زمن، ولكنه يكون تارة في بعض البطون، وتارة في بطن أخرى، ولهم عند سلف الأئمة جلالة عظيمة، وفيهم رؤساء كبار، ناصروا الأئمة، ولاسيما في حروب الأتراك، فإن لهم في ذلك اليد البيضاء، وكان فيهم إذ ذاك علماء وفضلاء، يعرفون في سائر البلاد الخولانية بالقضاة».[5]
استطاع «الشوكاني» أن يستفيد من علماء عصره، وما أكثرهم، فأخذ يطلب العلم بجميع فنونه: فقرأ «شرح الأزهار» على والده، و «شرح الناظري» على «مختصر العصيفيري».
وظل هكذا ينتقل بين العلماء، يتلقَّى عليهم، ويستفيد منهم، حتى صار إماماً يشار إليه بالبنان، ورأسا يرحل إليه، فقصده طلاب العلم والمعرفة للأخذ عنه، من اليمنوالهند، وغيرهما حتى طار صيته في جميع البلاد، وانتفع بعلمه كثير من الناس.
وقد تأثر الإمام الشوكاني بشخصيَّات كثيرة من العمالقة الذين كانوا قبله:
منهم من بلده اليمن، وأشهرهم: العلامة محمد بن إبراهيم الوزير، والعلامة محمد بن إسماعيل الأمير (ت 1182هـ)، والعلامة الحسن بن مهدي المقبلي (ت 1108هـ)، والحسين أحمد الجلال (ت 804 هـ) ومنهم من غير بلده ولم يكونوا في عصره، وعلى رأسهم: إمام الدنيا ابن حزم الأندلسي (ت 456هـ)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ).
- العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي[7] (ت 1208هـ): وقد وصفه الشوكاني بأنه كان يقبل عليه إقبالاً زائداً، ويعينه على الطلب بكتبه، وهو من أرشده إلى شرح «المنتقى»، وأنه تأثر به في تقوية حياته الروحية، وتكوينه الخلقي، وخاصة خلق التواضع، وقد سمع منه «التنقيح في علوم الحديث».
- الإمام الحافظ عبد القادر بن أحمد الكوكباني (ت 1207هـ): وقد وصفه الشوكاني بأنه كان أبرز علماء عصره وأكثرهم إفادة، وذكر أنه لم يكن في اليمن له نظير، وأقر له بالتفرد في جميع العلم كل أحد -وهو من تلاميذ الإمام ابن الأمير الصنعاني، وحامل لواء السنة بعده- وقد قرأ عليه الشوكاني مختلف الفنون من حديث وتفسير ومصطلح وغيره، وقد سمع منه «صحيح مسلم» و«سنن الترمذي» وبعض «موطأ مالك» وبعض «فتح الباري» وبعض «الشفاء».
- العلامة محمد علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر الشهيد (ت 1208هـ): قال عنه الشوكاني: كان إماماً في جميع العلوم، محققاً لكل فن، ذا سكينة ووقار، قل أن يوجد له نظير، وهو شيخ الشوكاني في «صحيح البخاري» حيث سمعه منه من أوله إلى آخره.
- هادي بن حسين القارني (ت 1247هـ): شيخ الشوكاني في القراءات والعربية، ثم أخذ عنه شرح «المنتقى» وغيره.
- العلامة أحمد بن محمد الحرازي (ت 1227هـ): لازمه الشوكاني ثلاث عشرة سنة وبه انتفع في الفقه.