مجزرة صرفند كانت مجزرة نفذها الجنود الأستراليين والنيوزيلنديين والاسكتلنديين في الجيش البريطاني ضد سكان قرية صرفند العمار في 10 ديسمبر 1918. عسكرت تلك القوات بالقرب من القرية بعد انتهاء حملة سيناء وفلسطين في الحرب العالمية الأولى لم تهنئ القوات المحتلة بالمكوث بالمنطقة بسبب الاشتباكات مع سكان المنطقة مثل السرقات وحوادث القتل العرضية.
قتل لص عربي جندي نيوزيلندي في ليلة التاسع من ديسمبر، ردًا على هذا الفعل حاصرت فرقة خيالة أنزاك (النيوزيلندية والأسترالية) بمشاركة عدد من الجنود الاسكتلنديين قرية صرفند العمار وطالبت سكانها بتسليم اللص. أنكر شيوخ القرية معرفتهم بالجاني، بعد ذلك ناقش الجنود موقفهم وقرروا مهاجمة القرية في مجزرة أودت بحياة ما بين 40 إلى 137 ذكر من القرية.[1] كان للمجزرة دور كبير في نشوب الشقاق بين الفرقة وقائدها العام السير إدموند ألنبي.[2]
الخلفية
هزمت قوات الحلفاء الجيش العثماني في حملة سيناء وفلسطين وأجبرته على الخروج من الشرق الأوسط تدريجيًا. أنشات فرقة خيالة أنزاك المكونة من لواء رماة نيوزيلندي وكتائب الخيالة الأسترالية الأولى والثانية الخفيفة في عام 1918 معسكرًا بالقرب من قرية صرفند العمار في فلسطين. كُثرت السرقات بالمنطقة مما أثار استياء قوات أنزاك وسبب عدم اهتمام الجيش البريطاني العام بهذه السرقات وجرائم القتل العرضية في زيادة هذا الاستياء تجاه السكان المحليين والقادة البريطانيين.[3]
مجزرة
استيقظ الجندي النيوزيلندي تروبر ليزلي لوري حوالي منتصف ليل ليلة 9 ديسمبر عام 1918 بعد أن سُرقت حقيبته التي كان ينام عليها في خيمته.[4] طارد لوري السارق حتى خرج من حيز المعسكر ويبدو أن السارق أُطلق عليه النار. وُجد كار الذي سمع صوت صراخ لوري ملقى على الأرض على بُعد حوالي 40 مترًا من المعسكر وينزف جراء ضربة رصاص في صدره.[4] توفي لوري فور وصوله للطبيب حوالي الساعة 1:30 صباح يوم الثلاثاء 10 ديسمبر. بعد استيقظ المعسكر تبعت مجموعة من الجنود النيوزيلنديين آثار أقدام السارق والتي انتهت على بُعد حوالي مائة ياردة من قرية صرفند.[1][5]
حاصر الجنود القرية وأمروا شيوخ القرية بتسليم القاتل، لكنهم أنكروا معرفتهم بالحادثة أو مرتكبها. في هذا الوقت أجرى الرائد ماغنوس جونسون تحقيًا ابتدائيًا تحقيق وجد فيه أن الرصاصة التي قتلت لوري أطلقت من مسدس كولت 45 الذي كان يشيع استخدامه بين القوات التركية والعربية.[4] حتى مساء يوم 10 ديسمبر لم يحدث أي شئ.[3] وفقًا لتقرير الشرطة لم يكن هناك أي دليل يربط سكان القرية بحادثة القتل وجاء في التقرير:
في الساعة 9:30 يوم 10 ديسمبر 1918 فتشت الشرطة القرية ولم تعثر على أي أثر للجاني أو حتى على أي شخص آخر يشتبه ارتباطه بالجريمة. كان الدليل المادي الوحيد هو غطاء رأس تقليدي مثل الذي يرتديه البدو وجدت في موقع الحادثة.[5]
استعد جنود نيوزيلندا في اليوم التالي لبدأ المجزرة. دخل حوالي مائتي جندي القرية في المساء وطردوا بعض النساء والأطفال منها،[2] في حين بقي جميع سكان القرية الأخرون.[6] ضرب الجنود سكان القرية بالعصي الثقيلة والحراب وأحرقوا منازلهم كذلك.[7][3] قُتل ما بين 40 إلى 137 شخصًا في هذه المجرزة.[5][8] تختلف أعداد الضحايا حسب الجهات المختلفة. يقترح البعض مقتل 40 شخص في المجزرة بينما يذكر في رسالة من A.S. Mulhal أن عدد الجثث بلغ 137.[9] هناك أيضًا عدد غير معروف من القرويين المصابين.
بعد الحادثة
رأي مقر قيادة الفرقة المذبحة وسمع عنها وأصدر القائد العام للفرقة الجنرال إدموند ألنبي أمرًا بالبحث عن المشاركين في المجزرة ومعاقبتهم خاصة المنظمين لها. رفض جميع الجنود النيوزيلنديون الإفصاح عن أسماء أي من المسؤولين، مما جعل من المستحيل في نظر القيادة معاقبة أي شخص عن المذبحة بشكل قاطع.[1][3]
أمر ألنبي بإحضار الفرقة إلى ساحة المقر ووبخهم بلغة قوية بشكل غير متوقع واصفًا إياهم بالجبناء والقتلة.[2][10] ذكر التاريخ الرسمي لأستراليا في حرب 1914-1918 أن الفرقة كانت تتوقع صرامة من قيادتها ولكنهم لم يعبأوا بها. لكن استائت الفرقة من كلام ألنبي المسيئة على أنه تركهم بدون عقاب.[3] تعزز الشعور بين فرقة الخيالة بسبب سحب النبي لتوصياته بالجوائز لأعضاء الفرقة وتجاله لهم في العام التالي. أبلغ صحفي أسترالي ألنبي في يونيو 1919 استياء الفرقة منه، تبع ذلك كتابة ألنبي رسالة شكر لقوات الخيالة الخفيفة الأسترالية مودعًا إياهم وشاكرًا لهم على عملهم البطولي في فلسطين وسوريا.[11]
لم يعاقب أحد عن المجزرة، لكن دفع بالإجمال مبلغ 2060 جنيهًا إسترلينيًا و11 شلنًا و3 بنسات (104,500 جنيه إسترليني في عام 2024) للسلطات الاستعمارية في فلسطين لإعادة بناء القرية. دفعت الحكومة البريطانية 686 جنيه إسترليني بسبب مشاركة عدد من الجنود الاسكتلنديين، طُلب من أستراليا ونيوزيلندا دفع الثلثين المتبقيين، لم تعترض أستراليا على مسؤوليتها ودفعت 515 جنيه إسترليني و2 شلن و9 بنسات لبريطانيا. عارضت نيوزيلندا الدفع في البداية لكنها دفعت في النهاية تحت الضغط البريطاني مبلغ 858 جنيهًا إسترلينيًا و11 شلنًا و5 بنسات في مايو 1921.[1][2]
المشاركة الأسترالية
وقت المجزرة كانت جمعية الشبان المسيحيين تعرض فيلم لفرقة أنزاك شاهده الكثير من جنود فرقة الخيالة، وقت سماع قيادة خيالة الفرقة عن المجزرة أمروا بحصر جميع الجنود في تلك اللحظة، أغلب الجنود الجنود الأستراليين كانوا يشاهدون الفيلم. أيضًا يذكر أن الجنود الأستراليين كانوا يراقبون المنازل المحترقة وأمرتهم قيادتهم بالعودة إلى وحداتهم. لم تذكر تقارير الشرطة وجود جنود أستراليين بالقرية.[5]
افترض تورط الجنود الأستراليين في مذبحة صرفند ولكن لم يثبت ذلك قط. يذكر المؤرخ هنري جوليت في مجلد من التاريخ الرسمي لأستراليا خلال الحرب العالمية الأولى 1914-1918 أن القوات النيوزيلندية هي التي نفذت المذبحة ودمرت القرية مع تعاطف الأستراليين الكامل للمذبحة.[3][7]
عثر الصحفي بول دالي في عام 2009 على تسجيل صوتي في أرشيف النصب التذكاري للحرب الأسترالية فيه وصف للفارس الأسترالي السابق تيد أوبراين كيف أنه ورفاقه شاركوا في المذبة، كما يصف أوبراين الأفعال التي قام بها هو وزملاؤه الأستراليون بأنها شريرة و وسيئة للغاية.[1][1]
المراجع
^ ابجدهوDaley، Paul (2009). Beersheba (Paperback). Carlton, Victoria, Australia: Melbourne University Press. ص. 252–272, 273–276, 295–297, 300–304. ISBN:9780522855999.
^ ابجKinloch، Terry (2007). Devils on Horses in the Words of the Anzacs in the Middle East,1916–19. Auckland: Exisle Publishing. ISBN:978-0-908988-94-5.