توالى الولاة العباسيين على مصر، ولم يستمر أغلبهم مدة طويلة بسبب التمردات ومنع أهل الحوف الشرقي خاصة قبائل قيس عيلان واليمانية للخراج، وتمرد الجند في فترات طويلة، حتى تمكنوا من خلع بعض الولاة وبيعة غيرهم. وعندما اندلعت الحرب بين الأمين وشقيقه المأمون، بعث هَرْثَمة بْن أَعْين إلى عباد بن محمد بن حيان يدعوه فيه لأخذ البيعة للمأمون وخلع الأمين، فأحضر الجُند إلى المسجِد الجامع، وبايعوا للمأمون، وكان خلع محمد الأمين بمصر 22 جمادى الآخرة سنة 196 هـ.[3] وبُويع عبَّاد بْن محمد بْن حَيَّان للمأمون بيعةً عامَّةً في 8 رجب سنة 196 هـ.[4] وزار المأمون نفسه مصر لتهدأة الأوضاع، وعين أخيه وولي عهده المعتصم بالله على الولاية العامة على مصر والشام، فكان المعتصم يُعين ولاتها ويعزلهم في عهد المأمون، ولما تولى المعتصم الخلافة ولى أشناس التركي الولاية العامة على مصر في جمادى الأولى سنة 219 هـ فأصبح يُعين ولاتها ويعزلهم، ودُعي له في الصلوات.[5] ثم خلف أشناس إيتاخ الخزري. وفي سنة 263 هـ /877م، ورد كتاب المعتمد إلى أحمد بن طولون يطلب منه إرسال خراج مصر، فردَّ عليه قائلًا: «لستُ أُطيقُ ذلك والخراجُ بِيد غيري»، فما كان من المُعتمد عندئذٍ إلَّا أن قلَّدهُ خراج مصر وولَّاهُ إمرة الثُغور الشَّاميَّة على أثر اضطراب أوضاعها. فأضحى بذلك سيِّد الديار المصريَّة كُلَّها والمُشرف العام على جميع أعمالها العسكريَّة والإداريَّة والقضائيَّة والماليَّة، وقام بِضرب الدينار باسمه، وأصبح شبه مستقلا عن الخلافة العباسية.[6]
^زيود، مُحمَّد أحمد (1409هـ - 1989م). العلاقات بين الشَّام ومصر في العهدين الطولوني والإخشيدي 254 - 358هـ (ط. الأولى). دمشق - سوريا: دار حسَّان للطباعة والنشر. ص. 26. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)