علم وظائف الأعضاء التطوري

غالبًا ما يُفترض أن الانتقاء الطبيعي والجنسي يعمل بشكل مباشر على السّلوك (على سبيل المثال، ما يختاره الحيوان عند مواجهة حيوان مفترس)، والذي يتم التعبير عنه ضمن الحدود التي تحددها قدرات أداء الكائن الحي بالكامل (على سبيل المثال، مدى السرعة التّي يمكن أن يعمل بها) التّي يتم تحديدها من خلال السّمات الثّانوية (على سبيل المثال، تكويّن نوع الألياف العضلية). يتمثل أحد نقاط الضعف في هذا النّموذج المفاهيمي والتّشغيلي في عدم وجود اعتراف صريح بمكان سمات تاريخ الحياة.

علم وظائف الأعضاء التّطوري هو دراسة التّطور البيولوجي للتركيبات والعمليات الفسيولوجية، أي الطريقة التي استجابت بها الخصائص الوظيفية للأفراد في مجموعة من الكائنات الحية للانتقاء الطبيعي عبر أجيال متعددة خلال التاريخ.[1] إنه تخصص فرعي لكل من علم وظائف الأعضاء وعلم الأحياء التّطوري. يأتي الممارسون في هذا المجال من خلفيات متنوعة، بما في ذلك علم وظائف الأعضاء وعلم الأحياء التطوري والبيئة وعلم الوراثة.

وفقًا لذلك، فإن مجموعة الأنماط الظاهرية التي درسها علماء وظائف الأعضاء التّطورية واسعة، بما في ذلك تاريخ الحياة، والسلوك، وأداء الكائن بأكمله، التّشكل الوظيفي،[2][3] والميكانيكا الحيوية، وعلم التشريح، وعلم وظائف الأعضاء الكلاسيكي، وعلم الغدد الصماء، والكيمياء الحيوية، والتّطور الجزيئي. يرتبط المجال ارتباطًا وثيقًا بعلم وظائف الأعضاء المقارن وعلم وظائف الأعضاء البيئي، وتعتبر النتائج التي تُوِصل إليها أحد الاهتمامات الرئيسية للطب التّطوري. أحد التعريفات التي تم تقديمها هو "دراسة الأساس الفسيولوجي للياقة "، أي التّطور المرتبط (بما في ذلك القيود والمفاضلات) للشكل والوظيفة الفسيولوجية المرتبطة بالبيئة والنظام الغذائي والتوازن وإدارة الطاقة وطول العمر والوفيات وخصائص تاريخ الحياة ".[4]

التاريخ

كما يوحي الاسم، فإن علم وظائف الأعضاء التّطوري هو نتاج ما كان في وقت من الأوقات تخصصين علميين متميزين.[1] طبقًا لجارلاند وكارتر، نشأ علم وظائف الأعضاء التّطوري في أواخر السبعينيات، عَقبَ المناقشات المتعلقة بحالة التّمثيل الغذائي والتّنظيم الحراري للديناصورات (انظر لفسيولوجيا الديناصورات) والزواحف الشبيهة بالثدييات.

أَعقب هذه الفترة محاولات في أوائل الثمانينيات لدمج الجينات الكمية في علم الأحياء التّطوري، والتّي كان لها آثار غير مباشرة على مجالات أخرى، مثل علم البيئة السّلوكي والفيزيولوجيا البيئية. في منتصف إلى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، بدأت طرق مقارنة النّشوء والتّطور في الانتشار في العديد من المجالات، بما في ذلك علم البيئة الفسيولوجي وعلم وظائف الأعضاء المقارن. صدر مجلد عام 1987 بعنوان اتجاهات جديدة في علم وظائف الأعضاء الإيكولوجي[5] كان يحتوي على القليل من علم البيئة[6] ولكن كان هناك تركيز كبير على الموضوعات التّطورية. لقد وَلَّدَ نِقاشًا قويًا، وفي غضون بِضع سنوات، قامت مؤسسة العلوم الوطنية بتطوير حلقة نقاش بعنوان علم وظائف الأعضاء الإيكولوجي والتطوري.

بعد ذلك بوقت قصير، أصبحت تجارب الانتقاء والتّطور التّجريبي شائعة بشكل متزايد في علم وظائف الأعضاء التطوري. ظهرت الفيزيولوجيا الكلية كتخصص فرعي، حيث يحاول الممارسون تحديد أنماط واسعة النطاق في السمات الفسيولوجية (مثل أنماط التباين المشترك مع خطوط العرض) وآثارها البيئية.[7][8][9]

في الآونة الأخيرة، تمت مناقشة أهمية دمج علم الأحياء التّطوري وعلم وظائف الأعضاء من منظور التّحليلات الوظيفية وعلم التّخلق والتّوليف التّطوري الموسع.[10] ينعكس نمو علم وظائف الأعضاء التّطوري أيضًا في ظهور تخصصات فرعية، مثل: علم الغدد الصماء التّطوري،[11][12] والتّي تتناول أسئلة هجينة، مثل: "ما هي آليات الغدد الصماء الأكثر شيوعًا التي تستجيب لانتقاء السلوك؟ أو سمات تاريخ الحياة؟ ".[13]

الخصائص الناشئة

باعتباره تخصصًا علميًا هجينًا، يوفر علم وظائف الأعضاء التّطوري بعض وجهات النظر الفريدة. على سبيل المثال، يُمكن أن يساعد فهم الآليات الفسيولوجية في تحديد ما إذا كان نمط معين من التّباين الظاهري أو التّباين المشترك (مثل العلاقة التماثلية) يُمثل ما يمكن أن يكون موجودّا أو فقط ما يمكن اختياره.[1] وبالمثل، فإن المعرفة الدقيقة بالآليات الفسيولوجية يمكن أن تعزز بشكل كبير فهم الأسباب المحتملة للارتباطات والقيود التّطورية أكثر مما هو ممكن للعديد من السّمات التّي يدرسها علماء الأحياء التّطورية (مثل علم التشكل).

مجالات البحث

تشمل المجالات المهمة للبحث الحالي ما يلي:

تقنيات

التمويل والجمعيات

في الولايات المتحدة، يتم تمويل الأبحاث في علم وظائف الأعضاء التطوري بشكل أساسي من قبل مؤسسة العلوم الوطنية. يضم عدد من الجمعيات العلمية أقسامًا تشمل علم وظائف الأعضاء التطوري، بما في ذلك:

  • الجمعية الفسيولوجية الأمريكية "دمج علوم الحياة من جزيء إلى كائن حي"
  • جمعية البيولوجيا التّكاملية والمقارنة
  • جمعية البيولوجيا التجريبية

انظر أيضًا

المراجع

  1. ^ ا ب ج د ه Garland، T., Jr.؛ P. A. Carter (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. ج. 56: 579–621. DOI:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID:8010752. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2021-07-24.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  2. ^ Arnold، S. J. (1983). "Morphology, performance and fitness" (PDF). American Zoologist. ج. 23 ع. 2: 347–361. DOI:10.1093/icb/23.2.347. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-10-23.
  3. ^ Careau، V. C.؛ T. Garland, Jr. (2012). "Performance, personality, and energetics: correlation, causation, and mechanism" (PDF). Physiological and Biochemical Zoology. ج. 85 ع. 6: 543–571. DOI:10.1086/666970. hdl:10536/DRO/DU:30056093. PMID:23099454. S2CID:16499109. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2021-01-03.
  4. ^ Lovegrove، B. G. (2006). "The power of fitness in mammals: perceptions from the African slipstream". Physiological and Biochemical Zoology. ج. 79 ع. 2: 224–236. DOI:10.1086/499994. PMID:16555182. S2CID:24536395.
  5. ^ Feder، M. E.؛ A. F. Bennett؛ W. W. Burggren؛ R. B. Huey، المحررون (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge Univ. Press. ISBN:978-0-521-34938-3.
  6. ^ Kingsolver، J. G (1988). "Evolutionary physiology: Where's the ecology? A review of New Directions in Ecological physiology, Feder et al. 1987". Ecology. ج. 69 ع. 5: 1645–1646. DOI:10.2307/1941674. JSTOR:1941674.
  7. ^ Chown، S. L.؛ K. J. Gaston؛ D. Robinson (2004). "Macrophysiology: large-scale patterns in physiological traits and their ecological implications". Functional Ecology. ج. 18 ع. 2: 159–167. DOI:10.1111/j.0269-8463.2004.00825.x.
  8. ^ Gaston، K. J.؛ Chown، S. L.؛ Calosi، P.؛ Bernardo، J.؛ Bilton، D. T.؛ Clarke، A.؛ Clusella-Trullas، S.؛ Ghalambor، C. K.؛ Konarzewski، M.؛ Peck، L. S.؛ Porter، W. P.؛ Pörtner، H. O.؛ Rezende، E. L.؛ Schulte، P. M.؛ Spicer، J. I.؛ Stillman، J. H.؛ Terblanche، J. S.؛ van Kleunen، M. (2009). "Macrophysiology: a conceptual reunification" (PDF). The American Naturalist. ج. 174 ع. 5: 595–612. DOI:10.1086/605982. hdl:10019.1/119921. PMID:19788354. S2CID:6239591. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-03-29.
  9. ^ Chown، S. L.؛ Gaston، K. J. (2015). "Macrophysiology - progress and prospects". Functional Ecology. ج. 30 ع. 3: 330–344. DOI:10.1111/1365-2435.12510.
  10. ^ Noble، D.؛ Jablonka، E.؛ Joyner، M. J.؛ Müller، G. B.؛ Omholt، S. W. (2014). "Evolution evolves: physiology returns to centre stage". The Journal of Physiology. ج. 592 ع. 11: 2237–2244. DOI:10.1113/jphysiol.2014.273151. PMC:4048083. PMID:24882808.
  11. ^ Zera، A. J.؛ Harshman، L. G.؛ Williams، T. D. (2007). "Evolutionary endocrinology: the developing synthesis between endocrinology and evolutionary genetics". Annual Review of Ecology, Evolution, and Systematics. ج. 38: 793–817. DOI:10.1146/annurev.ecolsys.38.091206.095615. S2CID:33272127. مؤرشف من الأصل في 2022-10-20.
  12. ^ Cox، R. M.؛ McGlothlin، J. W.؛ Bonier، F. (2016). "Hormones as mediators of phenotypic and genetic integration: an evolutionary genetics approach". Integrative and Comparative Biology. ج. 56 ع. 2: 126–137. DOI:10.1093/icb/icw033. PMID:27252188.
  13. ^ Garland، T. Jr.؛ Zhao، M.؛ Saltzman، W. (2016). "Hormones and the evolution of complex traits: insights from artificial selection on behavior". Integrative and Comparative Biology. ج. 56 ع. 2: 207–224. DOI:10.1093/icb/icw040. PMC:5964798. PMID:27252193. مؤرشف من الأصل في 2023-03-29.
  14. ^ Bennett، A. F.؛ R. E. Lenski (1999). "Experimental evolution and its role in evolutionary physiology" (PDF). American Zoologist. ج. 39 ع. 2: 346–362. DOI:10.1093/icb/39.2.346. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-04-30.
  15. ^ Irschick، D. J.؛ J. J. Meyers؛ J. F. Husak؛ J.-F. Le Galliard (2008). "How does selection operate on whole-organism functional performance capacities? A review and synthesis" (PDF). Evolutionary Ecology Research. ج. 10: 177–196. CiteSeerX:10.1.1.371.8464. ISSN:0003-1569. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2011-06-09. اطلع عليه بتاريخ 2009-01-22.
  16. ^ Garland، T., Jr.؛ A. F. Bennett؛ E. L. Rezende (2005). "Phylogenetic approaches in comparative physiology" (PDF). Journal of Experimental Biology. ج. 208 ع. Pt 16: 3015–3035. DOI:10.1242/jeb.01745. PMID:16081601. S2CID:14871059. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2021-02-25.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)

روابط خارجية