الزيوت العطرية أو الزيوت الطيارة- وتعرف أيضًا بالزيوت المتطايرة، أو الزيوت الأثيرية، أو الأثيروليوم، وهي مستخلصات زيتية سهلة التطاير يحصل عليها من النباتات أو أجزاء منها، تتميز بأن لها رائحة فواحة مثل زيت القرنفل. وهي عبارة عن سوائل مركزة كارهة للماء، تحتوي على مركبات كيميائية متطايرة، وتتبخر بسهولة في درجات الحرارة العادية. ويسمى كل منها باسم النبات الذي تم استخراج الزيت منه، مثل زيت النعناع، زيت القرنفل..وهكذا.
على العكس من الزيوت الدهنية فإن الزيوت العطرية تتبخر بشكل كامل ولا تترك أي أثر خلفها. تتكون الزيوت العطرية من العديد من المكونات المختلفة، وهي منحلة في الدهون على الرغم من أنها لا تحوي أي مكونات دهنية. انحلالية هذه الزيوت في الماء ضعيفة، وتشكل قطيرات سائلة تطفو على السطح لأنها أقل كثافة من الماء.
تمثل الزيوت العطرية المواد الرئيسية المسؤولة عن الرائحة المتميزة للنباتات، وتتميز الزيوت العطرية بسهولة فصلها عن الأعضاء النباتية الحاملة لها بواسطة طرق التقطير والاستخلاص المختلفة. فالزيوت العطرية يت استخراجها بشكل عام عن طريق التقطير، وغالبًا التقطير بالبخار، أو من خلال عمليات أخرى مثل: الاستخلاص بالمذيبات، الاستخراج بالطي البطيء، والضغط البارد.
تستخدم الزيوت العطرية في صناعة العطور، ومستحضرات التجميل، والصابون، ومعطرات الهواء، وغيرها العديد من المنتجات. كما تستخدم لإضافة نكهة إلى بعض الأطعمة والمشروبات، وإضافة الروائح إلى البخور ومنتجات التنظيف المنزلية. كما يتم استخدام الزيوت العطرية فيما يسمى بالعلاج بالروائح، وهو أحد أشكال الطب البديل. وعلى الرغم من أن العلاج بالروائح قد يكون مفيدًا لتحفيز الأسترخاء، إلا أنه ليست هناك أدلة كافية على أنه يمكن أن يعالج أية حالة بشكل فعال.[1] وفي بعض الحالات قد يسبب الاستخدام غير السليم للزيوت العطرية العديد من الأضرار بما في ذلك الحساسية والالتهابات وتهيج الجلد. وقد يكون الأطفال بوجه خالص عرضة للتأثيرات السامة الناتجة عن الاستخدام غير السليم للزيوت العطرية[2]، فالزيوت العطرية يمكن أن تكون سامة إذا ما تم تناولها أو امتصاصها عن طريق الجلد.[3]
تاريخ الزيوت العطرية
تؤكد البرديات الفرعونية والآثار التاريخية والموميات، أن المصريين القدماء كانوا أول من استعمل العطور وعرف قيمتها في المرء من نشاط وحيوية وقدرة على العمل والابتكار، فلقد أعجبوا بها وفتنتهم روائحها المختلفة، حتى أصبحت من تقاليد الحياة الفرعونية ومن الأشياء المعتاد استعمالها كل يوم في الموروث المصري القديم، وأضحت تقليدا عاديا في زيارتهم وحفلاتهم وأعيادهم.
ففي بعض أوراق البردي التي يعود تاريخها إلى حوالي ألفي عام قبل الميلاد، توجد كتابات تثبت أن الحضارة الفرعونية القديمة كانت تستخدم الدهون العطرية، على شكل أقماع صغيرة تنبعث منها روائح عطرة تفوح في البيوت والشوارع.
وفي عام (1928) اكتشف أحد علماء الآثار في أحد المقابر الفرعونية، آنية فخارية تحتوي زيوتا عطرية يعود تاريخها إلى (3557) عاما.
وقد كانت الملكة كليوبترا من أكثر المغرمين باستخدام العطور والزيوت العطرية في تعطير القصور والملابس ومياه الاستحمام وعربة الركوب وكل مكان تذهب إليه، وبعدها انتقلت الزيوت العطرية إلى بقية الحضارات.
ساهم العلماء العرب والمسلمون في تطوير طرق الاستخلاص والتحضير العطرية بواسطة التبخير والتكثيف والتقطير على أيدي علماء كبار أمثال ابن سينا استخرجها بطريقة نقية ومركزة، وكذلك جابر ابن حيان وهو أول من فصل مادة الكحول عن طريق التقطير، ثم تطور الأمر لاحقا لتعدد طرق استخلاص الزيت العطري.
مصادر الزيوت العطرية الطبيعية
توجد العطور في بعض النباتات على هيئة زيوت أساسية، وهي مزيج من مواد طيبة الرائحة ومواد أخرى لا رائحة لها.
وغالبا ما توجد هذه الزيوت في سيقان تلك النباتات والأوراق والازهار، وتعتبر بعض الصخور والحيوانات مصدرا مهما لأغلى أنواع العطور الزيتية، ومنها:-
يستخرج عطر العنبر من معدة الحوت الأزرق، ويسمى أيضا حوت العنبر، وأحيانا يلفظه خارجا ليطفو على سطح البحر، فعندما يتغذى الحوت على الأسماك وأحياء البحار يكون فيه ما يهيج أمعاءه فلا تهضم فيقوم بإفراز مادة تحيط بهذا الشيء الذي يؤذيه ثم يلفظها في البحر، وهذه المادة هي العنبر ولها قوام الشمع ذات لون رمادي أو أبيض أو اصفر أو اسود، وكثيرا ما تجمع بين أكثر من لون، يلتقطها الإنسان من على سطح بحر المحيطات.
يستخرج عطر المسك من حيوان الأيل، ويعرف بأيل المسك، ويوجد المسك في بطن الأيل الذكر داخل كيس يبلغ حجمه حجم حبة البرتقال.
ولا بد من قتل الأيل لفصل هذا الكيس أو الغدة فصلا كاملا ثم تجفيفه في الشمس أو نقعه في زيت ساخن، والمسك الجيد هو مادة جافة قاتمة اللون أرجوانية ملساء مرّة المذاق، والغريب أن المركّز منه رائحته غير محببة أما إذا خفف طابت رائحته.
المسك الأبيض البارد، ويستخرج من جبال أوروبا، حيث يتكون بصورة طبيعية عندما تتفاعل بعض أنواع الصخور مع الثلوج المتراكمة على تلك الجبال، فينتج عن ذلك التفاعل كتل هشة من الصخور البيضاء يميل لونها إلى بعض الصفرة.
الانتاج
من الصعوبة الحصول على تقديرات للإنتاج الإجمالي للزيوت العطرية، أحد التقديرات التي تم جمعها من البيانات في أعوام 1989،1990،1994م من مصادر مختلفة، يعطي إجمالي الإنتاج التالي (بالطن) من الزيوت العطرية التي تم إنتاج أكثر من ألف طن منها:
العلاج بالروائح العطرية هو شكل من أشكال الطب البديل، حيث يتم نسب التأثيرات العلاجية إلى المركبات العطرية الموجودة في الزيوت العطرية، ومستخلصات النباتات الأخرى. ومع ذلك فبعض الأبحاث العلمية تشير إلى أن الزيوت العطرية لا يمكنها علاج أو شفاء أية أمراض مزمنة أو أية أمراض أخرى. كما تحتوي الكثير من الأبحاث العلمية حول استخدام الزيوت العطرية لأغراض صحية على أخطاء منهجية عديدة وخطيرة. من خلال مراجعة منهجية لعدد 201 دراسة منشورة حول استخدام الزيوت العطرية بوصفها أدوية بديلة، وجد أن 10 دراسات فقط منها يمكن قبولها منهجيًا، على الرغم من عدم تلبيتها لكافة المعايير العلمية في البحث. استخدام الزيوت العطرية قد يكون له آثار جانبية خطيرة، فبعد تلقي أحد الأشخاص لعلاج الوجه من خلال الزيوت العطرية، وجد أن هذا الشخص عانى من تهيج في الجلد، مما سلط الضوء على المخاطر المحتملة لاستخدام منتجات التجميل التي يتم تسويقها على أنها مصنوعة من منتجات طبيعية، ويصحح من المفهوم الخاطيء بأن المنتجات الطبيعية آمنة تمامًا.[1][4]
الاستخدام كمبيد للآفات
أظهرت بعض الأبحاث أن بعض الزيوت العطرية لديها القدرة على العمل بوصفها مبيد حشري طبيعي. وفي بعض دراسات الحالة ثبت أن بعض الزيوت لها مجموعة متنوعة من التأثيرات الرادعة على الآفات وخاصة الحشرات، والزيوت التي تم التعامل معها تشمل: الورد، وعشب الليمون، والزعتر، والريحان، والنعناع، وخشب الارز، والأوكالبتوس، وغيرها العديد.[5][6]
وبشكل عام فإن استخدام الزيوت العطرية بوصفها مبيدات حشرية خضراء بدلاً من المبيدات الحشرية الاصطناعية، له فوائد عديدة سواء على المستوى البيئي أم المستوى الأقتصادي.[7][8]
يتم استخلاص الزيوت العطرية من أجزاء مختلفة من النباتات، فمنها ما يتم استخلاص الزيت منها من خلال أوراقها، ومنها ما يتم استخلاصه من خلال بذورها، ومنها من خلال الأزهار، وأخرى من خلال اللحاء، والثمار، والراتنج، والازهار، والجدول التالي يوضح ذلك.