المساواة بين الجنسين سياسياً في الكويت هي قضية تتطور باستمرار وتشهد تحولات مهمة. على الرغم من التقدم الذي أحرزته الكويت في مجال حقوق المرأة، إلا أن هناك تحديات مستمرة لتحقيق المساواة الكاملة في المجال السياسي.
المقدمة
منذ زمن بعيد عرفت المرأة الكويتية بأنها لها دوراً كبيراً في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية، فقامت المرأة الكويتية بتقلد عدة مناصب قياديه في الدولة منها منصب رئيس التحرير الصحف والمجلات الفكرية والثقافية وكانت المرأة الكويتية أول امرأة تتقلد منصب رئيس الجامعة على مستوى المنطقة العربية[1]، وتم تعين المرأة الكويتية كقاضية[2] وبعد ذلك تم تعين عدد كبير من المحاميات وقد كان للمرأة الكويتية سجلاً كبيراً حافلاً بالإنجازات خاصة فيما يتعلق بحصولها على حقوقها السياسية والاجتماعية فمنذ ثلاثين عاماً قامت الكويت بتدوين اسم أول شهيدة كويتية قدمن أرواحهن خلال الاحتلال العراقي لدولة الكويت عام 1990 في مشهد مؤثر لم يعرف التفرقة الكبيرة بين الرجل والمرأة.[3]
وعند النظر إلى مشاركة المرأة سياسياً في الكويت نجد أن البرلمان الكويتي أقر في عام 1973 بالسماح للمرأة بالإدلاء بصوتها في الانتخابات التشريعية[4]، ولكن هذا القرار تم إلغائه بسبب الضغط الكبير الذي قامت به الجماعات المحافظة حيث تم رفض عدة قوانين في عامي 1985 و1986 وبعد الحرب العراقية الإيرانية بدأ العديد من النساء يطالبن بالاعتراف بجهودهن وحيث تمثلت في الاعتراف بجهودهم، وفي عام 1993 تم تعين أول امرأة في منصب سفير في الخليج العربي[5]، وفي عام 1996 أضربت العديد من النساء من ضمنهم 500 امرأة عن العمل لمدة ساعة من الزمن للتوضيح عن مدى اظهار حقهم في الاقتراع، وتم إلغاء البرلمان بعد ست شهور.
وفي انتخابات عام 2003 أنشأت النساء في الكويت عدة مكاتب اقتراع مزيفة وحيث سمحت لمئات النساء الادلاء بأصواتهم لمرشحين ومرشحات حقيقين، وفي عام 2005 نالت المرأة الكويتية حقوقها السياسية وتبوأت عدة مناصب سياسية في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ففي عام 2005 حصلت المرأة الكويتية على حق التصويت والترشح للانتخابات[6] فكان هذا العام مليئاً بالإنجازات حيث أدى إلى إحداث تغيير كبير في مكانة المرأة الاجتماعية والسياسية، وأصبحت المرأة وزيرة ووكيلة وزارة ومديرة جامعة وسفيرة وتم انتخابها لعضوية مجلس الأمة، بالإضافة إلى خوضها تجارب ناجحة في القطاع الخاص، وتمكنت من حجز مواقع متقدمة دولياً وإقليمياً من خلال رئاستها وإدارتها للعديد من الشركات الاقتصادية الكبيرة، وتم تصنيفها من أهم الشخصيات على مستوى العالم.
وفي عام 2009 تم انتخاب أربعة نساء في مجلس الأمة، وتبوأت أربعة مرشحات مقاعد البرلمان ضمن الانتخابات العامة من أصل خمسين مقعد، ولم تحصل المرأة إلا على نسبة 8% من مقاعد البرلمان، وفي انتخابات 2013 لم يتم انتخاب أي امرأة إطلاقا في عضوية البرلمان، وفي عام 2014 قدمت أخر امرأة منتخبة استقالتها في عام 2014 أما بالنسبة لانتخابات 2016 ترشحت أكثر من 33 امرأة لدخول ميدان العمل البرلماني، ولكن الشعب الكويتي لم يختار أياً منهما، ولم تنجح المرأة في الدخول العضوية مجلس الأمة إطلاقا فأصبح البرلمان الكويتي برلماناً رجالياً بالمعنى الكلمة بعد أن قامت المرأة الوحيدة بمغادرته، وأصبحت دولة الكويت هي البلد العربي الوحيد الذي يخلو برلمانه من النساء وذلك في عام 2020. وقام وزير الدفاع الكويتي في عام 2021 بإصدار قراراً ينص على السماح للنساء الكويتيات الالتحاق بالخدمة في الجيش الكويتي، ويعتبر هذا القرار نقلة نوعية في تاريخ الكويت قبل ذلك كان الأمر مقتصراً على السماح للنساء بالعمل في التخصصات المدنية.[7]
الدور السياسي للمرأة في الدستور الكويتي
تحظى المرأة باهتمام كبير في الدستور الكويتي، فنجد أن المرأة الكويتية تتمتع بنصيب كبير من الحقوق، حيث عملت التشريعات بكافة أنواعها سواء كانت قوانين ولوائح أو قرارات قد اهتمت بحقوق المرأة، حيث تضمنت رفع التمييز وتأكيد المساواة بين الجنسين في كافة المجالات سواء في التعليم والصحة والسكن والعمل والتأمينات الاجتماعي، كما اتخذت الدولة التدابير اللازمة لإقرار الحماية القانونية للمرأة من حيث تشكيل حقها في التقاضي ونيل حقوقها الشرعية وتشديد العقوبات الجزائية للاعتداءات حيث تقع عليها، كما أن جميع مؤسسات الدولة سواء الحكومية منها أو الأهلية لا تفرق بين الرجل والمرأة سواء العمل في القطاع العام والخاص بل على العكس من ذلك فإن قانون العمل في القطاع الخاص قد ميز المرأة تمييزاً إيجابياً عن الرجل بأن منحها مزيد من الحقوق حيث تتفق مع طبيعتها من حيث تخفيض ساعات العمل وعدم الاشتغال في الأعمال الشاقة.
فمثلا لم يأت الدستور الكويتي على ذكر حقوق المرأة تخصيصاً أو تسمية إذ لم تذكر مفردة "المرأة " في جميع مواد الدستور الكويتي، فبدت حقوق المرأة في الكويت تدور في فلك الإطار النظري العام لحقوق المواطن وحقوق الأفراد وحرياتهم العامة. وقد أشارت المادة 8 في الباب الثاني من الدستور، الذي تحدث عن المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي بالقول: "تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين". وأوضحت المادة 9 من الباب ذاته على أن "الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها، ويقوي أواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة". ولعل المادة 29 من الدستور الكويتي اقتربت أكثر من اعتبار المرأة شريكاً فاعلا في المجتمع الكويتي، حين تناولها الدستور في الباب الثالث الذي تضمن الحقوق والواجبات العامة معبراً في ذلك بقوله "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين". كما نصت المادة 30 من الدستور الكويتي على أن "الحرية الشخصية مكفولة"، وضمنت المادة 41 أن "لكل كويتي الحق في العمل واختيار نوعه، والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجب الخير العام، وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه".
حصلت المرأة الكويتية على حق التصويت والترشح للانتخابات في عام 2005 لقد كان عاماً تاريخياً في مجال تمكين المرأة في الكويت، حيث أدى إلى تغيير في مكانة المرأة الاجتماعية والسياسية. وبعد أربع سنوات، تم انتخاب أربع نساء في مجلس الأمة. ومع ذلك، لم تشهد المرأة هذا المستوى من التمثيل في الهيئة التشريعية الكويتية منذ انتخابات 2009 ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في الخامس من ديسمبر تعمل المرشحات بجدية لضمان تمثيل المرأة في مجلس الأمة.
لطالما تم الاعتراف بالمرأة الكويتية كرائدة لها صوت مسموع في المجالات الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية طوال تاريخ بلادها. وكانت أول امرأة عربية تتقلد منصب الرئيس لإحدى الجامعات من الكويت، وذلك في جامعة الكويت، كما عملت الكويتيات في رئاسة تحرير الصحف الكبرى والمجلات ووسائل الإعلام المتعددة. وبعد ما بذل مؤخراً من جهود وتعيين قاضيات لأول مرة في تاريخ الكويت تسعى المزيد من النساء لتقلد مناصب رفيعة بالنيابة العامة الكويتية، كما بدأ عدد أكبر من المحاميات في الظهور وكل هذه الخطوات حيث اتخذتها الكويت لمساندة المرأة وتمكينها في مجموعة متنوعة من المجالات تأتي في إطار تنفيذها للهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
كما حقق حصول المرأة على حقوقها الانتخابية نوعاً من إحقاق المساواة مع الرجل، دون أن يتعداه إلى باقي الحقوق السياسية، ولعل ما يؤكد ذلك، أنه وبالرغم من مرور أكثر من عقد من الزمن على حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية، إلا أن عدد النساء في البرلمان الكويتي مازال ضئيلا وأخذاً بالتناقص ونعتقد أن سبب ذلك يعود إلى انعدام قدرة المرأة الكويتية الحصول على باقي الحقوق السياسية الأخرى كسلة متكاملة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت أول مشاركة فاعلة للمرأة في الانتخابات الوطنية في العام 2009 حيث تمكنت المرأة الكويتية من الحصول على أربعة مقاعد في البرلمان بعد منافسات صعبة. كما أسفرت الانتخابات الوطنية حيث أجريت في 26 نوفمبر 2016 عن حصول امرأة واحدة فقط على مقعد في البرلمان، مما يضع الكويت في مؤخرة التصنيف العالمي.
كما أن عدد النساء اللواتي قررن الدخول في العملية الانتخابية كمرشحات قد شهد تناقصاً مطرداً، إذ بلغ 11.1% في عام 2006 ليعود إلى 2.5% في عام 2013. ولم يتعد عدد المرشحات في انتخابات 2016 الخمس عشرة مرشحة من أصل مئتين وسبعة وثمانين مرشحاً. الأمر الذي يعكس تطوراً طفيفاً في إطار مشاركة المرأة الكويتية في الانتخابات. ووفقا لانتخابات عام 2022 لاختيار 50 نائباً لمجلس الأمة كان من بين 300 مرشحين بينهم 22 امرأة، وسط حالة من التفاؤل بمرحلة جديدة لتمثيل المرأة.
وأظهرت النتائج النهائية بعد فرز الأصوات عودة التمثيل النسائي وسجلت نتائج فرز صناديق الدائرتين الثانية والثالثة عودة النائبتين عالية الخالد (2365) صوتاً والوزيرة السابقة جنان رمضان بوشهري (1321) صوتاً، بعد أن غابتا عن مجلس 2020 لأول مرة منذ عام 2008.
تقييم وضع المساواة بين الجنسين في دولة الكويت انتقادات للمساواة بين الجنسين في دولة الكويت رغم أن الدستور الكويتي قد نص في المادة 29 على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ومتساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين إلا أن الواقع يعكس غير ذلك في ظل وجود قوانين سنها المشرع الكويتي ميزت بين الرجل والمرأة على أساس الجنس ومنها قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959 فقد نص في المادة (2) على أن يكون كويتيا كل من ولد في الكويت او في الخارج لأب كويتي مستبعدا المرأة الكويتية من منح جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل وبالتالي استند القانون على حق الدم من جهة الأب دون أي قيد أو شرط أما حق الأم فمقيد بشروط حيث نص في المادة الثالثة منه على حقها في منح جنسيتها لابنها إذا كان مجهول الاب أو لم يثبت نسبه لأبيه، بالإضافة إلى أن المنح هنا يخضع لسلطة تقديرية من وزير الداخلية.
وكذلك الحال في الفقرة (2) من المادة (5) وحيث اشترطت لابن المرأة الكويتية المتزوجة من أجنبي من أن يحافظ على الإقامة إلى بلوغه سن الرشد إذا كان أبوه أجنبيا أسيرا، أو طلق أمه طلاقا باتنا، أوو توفى عنها وهنا يشترط مرور فترة زمنية هي 5 سنوات وأي يعطي الحق لوزير الداخلية بسلطته التقديرية، كما أن المادة (8) من ذات القانون أعطى الحق للرجل بمنح جنسيته لزوجته الأجنبية دوت أن يعطي هذا الحق للمرأة الكويتية.
ومما سبق نجد أن هذا القانون يتعارض في عدد من مواده مع الفقرة (2) من المادة (1) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التميز ضد المرأة والمتحفظة عليها دولة الكويت باعتبار أن مسألة الجنسية هي مسألة سيادية من وجهة نظر الحكومة، كما أن حرمان المرأة الكويتية المتزوجة من أجنبي الحق في منح الجنسية لأبنائها آثار بالغة حيث أن الأبناء لا يستطيعون الحصول على الحق في ميراث والدتهم في الأموال غير المنقولة كالعقارات والسبب هو عدم السماح لأجنبي بالتملك في الكويت، وعلى الرغم من السماح لأبنائها بشغل عدد من الوظائف العامة ، وقبولهم في السلك العسكري وفي وزارة الداخلية إلا أن رواتبهم أقل من زملاءهم من المواطنين في نفس العمل.
وأصبحت ظاهرة العنف الأسري ظاهرة في المجتمع الكويتي دون سبل وطرق ناجعة لحلها، حيث أن الفاعل يقوم بالاعتداء، وهو مطمئن كل الاطمئنان بعدم محاسبته، بسبب الصورة النمطية السائدة في المجتمع العربي بشكل عام، ولعدم تبني الحكومة الكويتية لتشريع واضح ومحدد لتجريم أعمال العنف الأسري ، ولخوف الضحية من تقديم بلاغ، كما أن عدم وجود التشريع الملائم لردع المعتدين وعدم وجود الملاذ الآمن زاد من تفاقم وحدة هذه المشكلة.
على الرغم من أن مواد الدستور الكويتي نصت على عدم التمييز بين الرجل والمرأة ، وإعطاء للمرأة كافة حقوقها مناصفة بالرجل إلا أنه في حقيقة الأمر كان البرلمان الكويتي ذكورياً إلى حد ما، ويرجع ذلك بسبب الثقافة الخاطئة ضد المرأة حول موضوع تمثيل المرأة.
مصادر