الصحراء الغربية في مصر هي منطقة من الصحراء التي تقع غرب نهر النيل، حتى الحدود الليبية، وإلى الجنوب من البحر الأبيض المتوسط حتى الحدود مع السودان.[1][2] تمت تسميتها بالمقابلة مع الصحراء الشرقية التي تمتد من شرق نهر النيل إلى البحر الأحمر. وتعد الصحراء الغربية في معظمها صحراء صخرية، على الرغم من وجود منطقة صحراء رملية بها، والمعروفة باسم بحر الرمال الأعظم، تقع في الغرب قرب الحدود الليبية. تغطي الصحراء مساحة 262,800 ميل مربع (680,650 كيلومتر مربع) وهي ثلثي مساحة البلاد. ويعد أعلى ارتفاع لها هو 3.300 قدم (1000 م) على هضبة الجلف الكبير إلى أقصى الجنوب الغربي من البلاد، على الحدود المصرية السودانية الليبية. منطقة الصحراء الغربية قاحلة وغير مأهولة بالسكان باستثناء سلسلة من الواحات التي تمتد في قوس من واحة سيوة، في الشمال الغربي، إلى الواحات الخارجة في الجنوب. وقد كانت الصحراء الغربية مسرحا للصراعات في العصر الحديث، ولا سيما خلال الحرب العالمية الثانية.
الجغرافيا
إداريا تقسم الصحراء الغربية إلى محافظات مختلفة. في الشمال والغرب، تحتل محافظة مطروح المنطقة من جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى حوالي 27 * 40 شمالاً، ومحافظة الوادي الجديد من هناك إلى الحدود السودانية، بينما تقع في الجزء الشرقي من الصحراء الغربية عند الجيزة محافظات الفيوموبني سويفوالمنيا.
ويصف أحد الكتاب المنطقة بأنها «هضبة تبلغ في المتوسط حوالي 500 قدم فوق مستوى سطح البحر، قاحلة، ممتلئة بالصخور والحصى المتناثر، بنية داكنة اللون، وأحيانًا ممزوجة بالأشجار المنخفضة، ومن أول نظرة، تراها مسطحة». ويذكر أيضًا أن القليل من المنطقة يتوافق مع «المنظر الرومانسي.. مشهد هوليوود للكثبان الرملية المتعرجة مع بعض الواحات المتناثرة المزينة بالنخيل»، توجد تلك المناطق في بحر الرمال حيث تتشكل الكثبان الرملية إلى أشكال رائعة؛ وتلك المنطقة أيضا تحوي سلسلة من الواحات التي تم إنشاؤها حيث تنخفض الأراضي بما فيه الكفاية للوصول للمياه الجوفية بسهولة. تتكون هذه الواحات في شكل قوس من سيوة في الشمال الغربي بالقرب من الحدود الليبية، إلى الوحات البحريه، الفرافرة، الداخلة، ثم الخارجة في الجنوب. يقع شرق سيوة في منخفض القطارة، وهي منطقة منخفضة تقع في البحيرات المالحة وتمتد على مسافة 190 ميلاً من الغرب إلى الشرق و 84 ميلاً من الشمال إلى الجنوب. وإلى الشرق بالقرب من النيل، يؤدي منخفض آخر إلى واحة الفيوم، وهي منطقة مكتظة بالسكان منفصلة عن وادي النيل الرئيسي.
إلى الجنوب من الواحات البحرية تقع الصحراء السوداء، وهي منطقة من التلال البركانية السوداء وترسيبات صخور الديلوريت. ووراء تلك المنطقة، إلى الشمال من الفرافرة، تقع الصحراء البيضاء، وهي منطقة من تكوينات الصخور الطباشيرية التي شكلتها الرياح، والتي سميت تلك المنطقة تيمنا بها. إلى الجنوب من الخارجة، ترتفع الهضبة نحو الجلف الكبير، وهي منطقة مرتفعة تقع على حافة مصر والسودان وهي موطن لمواقع ما قبل التاريخ مثل كهف السباحين.
في الجنوب الغربي، بالقرب من النقطة التي تلتقي فيها حدود ليبيا والسودان ومصر، توجد منطقة من الزجاج الصحراوي، يُعتقد أنها تشكلت من خلال ضربة نيزك في الكبيرة، على حدود ليبيا.
يعتبر بحر الرمال الأعظم منطقة رملية على شكل رئة، تقع في الصحراء على الحدود مع ليبيا على بعد 200 ميل من البحر الأبيض المتوسط. ينقسم بحر الرمال -من خلال شبه جزيرة طويلة من الصخور الصحراوية على طول الحدود- إلى فص شرقي في مصر وفص غربي في ليبيا، حيث يطلق عليه صحراء كالانشيو. على الجانب المصري يمتد من نقطة جنوب سيوة لمسافة 400 ميل إلى الداخل، إلى نقطة شمال جبل عوينات.
الاسم
عرفت الصحراء الغربية تاريخيا باسم «الصحراء الليبية»، واتخذت اسمها من ليبيا القديمة، التي تقع بين النيل وإمارة برقة. ومع تأسيس دولة ليبيا الحديثة، أصبح مصطلح «الصحراء الغربية» يصف ذلك الجزء من الصحراء في مصر.
بالنسبة إلى الإغريق القدماء، وصف مصطلح ليبيا الساحل الصحراوى كله غرب النيل إلى جبال أطلس. خلال العصر الروماني، اقتصر مصطلح ليبيا على برقة والمنطقة الواقعة بينها وبين ومصر، والتي تم تنظيمها كمقاطعتي ليبيا العليا وليبيا السفلى. ثم طبق مصطلح الصحراء الليبية على المنطقة الواقعة جنوب هذه المناطق. أصبحت هذه التسمية خاطئة خلال الفترة الاستعمارية عندما تم احتلال إمارة برقة والأرض التي تقع إلى غربها كمستعمرة إيطالية في ليبيا في عام 1911، وأصبح مصطلح الصحراء الغربية يستخدم لوصف المنطقة داخل مصر بشكل أكبر.
وصفت «بلاي فير» الصحراء الغربية عام 1940 على أنها مساحة واسعة بعرض 240 ميلاً (أي من النيل إلى الحدود الليبية) وطول 150 ميلاً (أي من البحر الأبيض المتوسط إلى خط العرض لواحة سيوة)، في حين تمت الإشارة إلى المنطقة إلى الجنوب من ذلك باسم الصحراء الداخلية. ومع ذلك، خلال الحرب العالمية الثانية تم إطلاق مصطلح الصحراء الغربية ليس فقط على الصحراء الساحلية المصرية ولكن أيضا على المنطقة التي شهدت الحرب في ليبيا، والتي تتعدى الحدود بين مصر وليبيا إلى غزالة، وبرقة وحتى العجيلة.
يشير الاستخدام المعاصر للمصطلح إلى الصحراء بأكملها في مصر غرب النيل.
التاريخ
في أزمنة ما قبل التاريخ، يُعتقد أن الصحراء الغربية كانت عبارة عن أرض معشبة شبه قاحلة، وكانت موطنا للحيوانات وحشائش السافانا والصيادين وجامعي الثمار. يمكن العثور على أدلة وفيرة على الحياة البرية والمياه السطحية في لوحات الكهوف في الجلف الكبير. ويعتقد أن الإفراط في الرعي وتغير المناخ أدى إلى التصحر وشكل الأرض الحالية. حتى بعد ذلك، بقيت الواحات مسكونة، ومتحف الآثار في الواحات الخارجة يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل الممالك المصرية الأولى.
في العصور القديمة كان ينظر إلى هذه المنطقة على أنها تخضع لمملكة مصر، ويمكن رؤية الآثار المصرية في جميع الواحات. في عام 636 قبل الميلاد، ضلت الرحلة التي قام بها الملك الفارسي كامبيسيس الثاني في الصحراء بحثًا عن معبد وحي آمون في سيوة. وفي عام 333 م، زار الإسكندر الأكبر معبد وحي آمون، حيث تم تنصيبه كابن آمون. مع ضم مملكة مصر إلى الإمبراطورية الرومانية، تم تقسيم المنطقة الصحراوية إلى مقاطعة ليبيا السفلى، بينما أصبحت برقة ليبيا العليا. في الوقت الذي أصبحت فيه المنطقة خاضعة لسلطة البيزنطيين، وخلفائهم العرب والمماليك والأتراك. في عام 1882 أصبحت المملكة المصرية مستعمرة بريطانية، وفي عام 1912، تم ادعاء المنطقة الشرقية بواسطة إيطاليا كمستعمرة ليبية.
في القرن العشرين، أصبحت الصحراء الغربية ساحة للصراع. خلال الحرب العالمية الأولى كانت موقع حملة «السنوسي» ضد البريطانيين والإيطاليين. شهدت الثلاثينات من القرن الماضي طفرة في عمليات الاستكشاف ورسم الخرائط على يد ضباط في الجيش البريطاني، مثل رالف باينولد وبات كلايتون، مما أرسى أساسًا لعمليات حربية من قبل قوات مثل مجموعة لونغ رانج ديزرت. تميزت هذه الفترة أيضًا بالبحث عن «زرزورا»، وهي واحة أسطورية في الصحراء العميقة. خلال الحرب العالمية الثانية، من يونيو 1940 حتى نوفمبر 1942، كانت موقعا لحملة الصحراء الغربية التي اندلعت بين قوى المحور (إيطاليا وألمانيا) والحلفاء الغربيين (بشكل رئيسي بريطانيا، والكومونولث، أي ما مجموعه 15 دولة) حتى انتصر الحلفاء في نوفمبر 1942.
في العصر الحديث، ظلت الحكومة المصرية حريصة على تطوير المنطقة اقتصاديًا، وتشجيع تسكين مناطق الواحات، ومسح المنطقة للبحث عن الثروات المعدنية، وخاصة النفط.