أصبح اسم الترسانة حاليا في تركيا «أحواض بناء سفن الخليج» (هاليتش) (بالتركية: Haliç Tersaneleri)، وهي تتكون من ثلاث ترسانات.
اشتقاق اسم «ترسانة»
استخدم الأتراك العثمانيون كلمة ليمان (من الكلمة اليونانية ليمينlimēn) للإشارة إلى المرافئ بشكل عام. ولكن في القرن الخامس عشر، اعتمدوا أيضا على نحو متزايد استخدام مصطلح «ترسانة» من كلمة «دارسينا» (darsena) الإيطالية التي معناها «حوض بناء السفن».[5][6]
تاريخ الترسانة العثمانية
في فتوحاتهم، استولى العثمانيون على عدد من الموانئ وأحواض بناء السفن على كل من بحر إيجةوالبحر الأسود، مثل شواطئ إزنيكميد (نيقوميديا، إزميد الحديثة)، وجيمليك (سيوس)، وأيدينسيك (كيزيكوس).[5] كانت القاعدة البحرية الرئيسية وترسانة البحرية العثمانية خلال الفترة الأولى في غاليبولي التي فتحها العثمانيون بشكل نهائي في عام 1377 .[7]
تم الانتهاء من العمل في الترسانة الجديدة في عهد خليفته السلطان بايزيد الثاني (حكم من عام 1481-1512).
التوسع
في فصل شتاء عام 1513-1514م بدأ السلطان سليم الأول (حكم من عام 1512-1520م) توسعا كبيرا خصص له ميزانية كبيرة تقدر بـ 200,000 قطعة من الذهب البندقي. فبالإضافة إلى أحواض بناء السفن، تم بناء أحواض جافة مغطاة لتسهيل صيانة السفن الحربية خلال فصل الشتاء. وبحلول عام 1515، تم بناء 160 مرفقا، وتجاوزت ترسانة غلطة ترسانة جاليبولي، وتم نقل القاعدة البحرية العثمانية الرئيسية هناك.[5] في خريطة بيري ريس عام 1526، تظهر الترسانة كخط متواصل من الأحواض التي تربط الشاطئ الشمالي للقرن الذهبي، من بوابة «عزب كابيسي» (بالتركية: Azab Kapisi) إلى محيط «هاسكوي» (بالتركية: Hasköy) .[7] تم اطلاق اسم «ترسانة» رسميا على حوض بناء "غلطة" في نفس الوقت تقريبا.[5]
في أعوام 1546-1549، بنى صقللي محمد باشا مخزن حجري صغير ذو سقف مسطح ومغطى بالرصاص خلف كل مرفأ لتخزين معدات السفن ومواد بناء السفن [5][7]، كما قام ببناء أسوار على أراضي الترسانة لإخفاء أنشطة العمل عن أعين المتطفلين.[5][7] وبالإضافة إلى ذلك، احتوت الترسانة خلال هذه الفترة على مخزن للمجاديف، و «مخزن السبعين قبطان» الذي به معدات لسبعين سفينة، وسبع مخازن أخرى، ومكاتب (ديوان خانة) قبطان باشا (قائد الأسطول)، وبرج مخزن البارود، وحصن «سانبولا Sanbola»، وجناح ميدان الرماية، وبوابات شاهكولو وميناء ماييت .[5] وبحلول عام 1557، كانت بالترسانة 123 رصيفا.[7]
التجديد
بعد تدمير الأسطول العثماني في معركة ليبانت عام 1571، تم تجديد الترسانة الإمبراطورية على نطاق واسع، وبناء ثمانية أحواض جديدة في الداخل (علي اليابسة)، حول الحديقة الملكية (has bahçe).[5] وبحلول نهاية القرن السادس عشر، تم بناء مخزنين كبيرين هما مخزن كورشونلو (ومعناه: المحتوي على الرصاص Kurşunlu) لمواد بناء وتجهيز السفن ومعدات أخرى، ومخزن آخر للأخشاب.[5]
ارتفع عدد الأرصفة إلى 140 بحلول منتصف القرن السابع عشر.[5] كانت الترسانة الإمبراطورية العثمانية في ذروتها خلال القرنين السادس عشروالسابع عشر، ما مثّل اهتمام كبير بالصناعة: «مع الأحواض الجافة وأحواض بناء السفن ومخازن ومصنع الغزل لصنع الحبال، ومسابك الحديد (لصنع المراسي التي تثبت السفن في قاع المياة)، والمباني العامة المكملة مثل بناء مسجد، نوافير مياه، مستشفى، وسجن، وكلها متجمعة في القرن الذهبي».[5]
تراجع حجم العمل
شهد القرن السابع عشر انخفاضا كبيرا في أعمال الترسانة، ففي عام 1601 كان عدد العمال في حوض بناء السفن 3524 موظفا ولكن هذا العدد انخفض بشكل مطرد، ليصل إلى 726 في عام 1700. خلال هذه الفترة تم القيام بكمية متزايدة من العمل من قبل أحواض بناء السفن الأخرى، وذلك لأن سفن القواديس، التي شكلت الجزء الأكبر من البحرية العثمانية حتى أواخر القرن السابع عشر، أصبح يمكن أن بنائها بواسطة أي نجار سفن ماهر، وبالتالي فإنها كانت في كثير من الأحيان تُبنى في المحافظات والمواقع الساحلية أو الأنهار، ثم كانت تجلب فقط إلى الترسانة الإمبراطورية العثمانية للتجهيز النهائي.[7] ولكن مع إدخال سفن القواديس (بالتركية: Kadırga) (بالإنجليزية: Galley) في أواخر القرن السابع عشر، وبعد ذلك مع التطور الصناعي إلي بناء السفن البخارية (البواخر) ثم السفن البخارية المدرعة بالحديد (بالإنجليزية: Ironclad warship)، لم يعد هذا ممكنا، فتركزت جهود بناء السفن الإمبراطورية في الترسانة الإمبراطورية العثمانية في "غلطة" .[7] ومع ذلك، كانت السفن الحربية التي بنيت خلال القرن الثامن عشر ليست ذات جودة عالية، كما ظهرت خلال المواجهات مع بحرية الإمبراطورية الروسية خلال الحرب الروسية التركية (1768-1774) .[7]
وفي الوقت نفسه، تم استدعاء خبراء البحرية الفرنسية لتعليم النجارين البحريين العثمانيين تقنيات بناء سفن جديدة، فجاء المهندسان لو روا (Le Roi) ودوريست (Durest)، ثم في عام 1793 جاء جاك-بالتازار لو بران (Jacques-Balthazard le Brun)، الذي بنى عدة سفن للسلطان سليم الثالث (حكم: 1789-1807).[5][7]
وبالإضافة إلى ذلك، تم بناء مستشفى حديث داخل الترسانة عام 1805، تلاها بناء أول أكاديمية طبية (طب خانة) في عام 1806 .[5] وقد بُني حوض جاف كبير لصيانة سفن خط المعركة الحديثة في 1797-1800، ثم حوض ثانٍ في 1821-1825، وحوض ثالث في 1857-1870 .[5]
في عام 1838، أنتجت الترسانة الإمبراطورية أول سفينة بخارية (باخرة) [7] تحت رعاية فوستر رودس الأمريكية. ومع بداية عهد السلطان عبد المجيد الأول (حكم: 1839-1861)، سقطت الترسانة الإمبراطورية في طيّ الإهمال ونقص الاستثمار؛ فبدأ السلطان عبد المجيد الأول برنامجا استثماريا هائلا قام بتحديث ليس فقط الترسانة الإمبراطورية العثمانية في إسطنبول ولكن أيضا أحواض بناء السفن الأخرى في إزميد وجيمليك.[8]
الترسانة اليوم
واليوم، تواصل تلك المنشآت عملياتها تحت اسم «ترسانات الخليج» (بالتركية: Haliç Tersaneleri)، والتي تتكون من ثلاثة أحواض بناء للسفن في ثلاث منشآت منفصلة هي:
حوض بناء سفن «هاليتش» (بالتركية: Haliç) ومعناها «الخليج».
حوض بناء سفن «جامي آلتي» (بالتركية: Camialtı) ومعناها «تحت الجامع».
حوض بناء سفن «طاش كيزاك» (بالتركية: Taşkızak) ومعناها «زلاجات الحجر».
Bostan، İdris (2015). "Imperial Arsenal". في Fleet، Kate؛ Krämer، Gudrun؛ Matringe، Denis؛ Nawas، John؛ Rowson، Everett (المحررون). Encyclopaedia of Islam, 3rd Edition. Brill Online. مؤرشف من الأصل في 2020-09-11. اطلع عليه بتاريخ 2015-02-25.
^صابان، سهيل (1421 هـ / 2000 م). المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية. الرياض: مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية. ص. 208. ISBN:9960001490. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
^Toraman, Güvemli, Bayramoglu (2010). "Imperial shipyard (Tersane-i amire) in the Ottoman Empire in 17th century: management and accounting". Revista Española de Historia de la Contabilidad ع. 13.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)