يعتبر مسجد الأمة أول مسجد حر بعاصمة الجزائر يتم بناؤه وتشييده إبان الاحتلال الفرنسي منذ سنة 1830م.
وذلك لأن رئيس البلدية آنذاك وهو ريمون لاكيار ساهم مساهمة رمزية بـ10 آلاف فرنك فرنسي في بنائه، وأصدر تصريحا بحرية تشييده وتسييره كما هو مثبت في عقد التحبيس.[1]
تاريخ
يقع مسجد الأمة وسط مدينة بولوغين التي شيّدت خلال فترة الاحتلال الفرنسي، وكانت بمثابة ربض من أرباض الجزائر العاصمة يسمى قديما وادي القصب، والمسماة حاليا بلدية بولوغين.
قامت جمعية التهذيبية في بولوغين أولا باستقدام الشيخ المصلح الأديب أحمد سحنون لينهض بتعليم الأولاد أساس اللغة العربيةوالقرآن الكريم وذلك في تقرير مكتبها أثناء اجتماعها في يوم 30 نوفمبر 1936م.
والذي كان من وراء استقدام الشيخ أحمد سحنون هما السيدان الفاضلان: قطب الحركة الإصلاحية الشيخ الطيب العقبي والعامل في لجنة التنظيم بـ«نادي الترقي» النابه رشيد بطحوش، بدعم من القائدمحمد بلحسين.
وكان يسري هذا التعليم الحر في كتـّاب تابع لمحل باش طوبجي الكائن آنذاك بمنتصف شارع شوكال.
انعقد أول اجتماع لمشروع بناء المسجد في دار الحاج ناصر بطحوش الكائنة بشارع الإخوة الجيلالي بولقين، حيث حضره الشيوخ محمد البشير الإبراهيمي، أحمد سحنون و«عبد العزيز بلهاشمي»، وهم من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ضيافة صاحب المنزل على مائدة إفطار في يوم من رمضان 1945م.
وبما أن مسجد الأمة قد سبقته خمسة عشر سنة من التعليم القرآني تحت إشراف الشيخ أحمد سحنون من سنة 1936م إلى غاية نهاية إنجازه في سنة 1951م، فإنه قد تتابع على القيام بسدانته ومكتبته وتأدية التعليم القرآني به إلى يومنا هذا أناس من خريجي هذه المدرسة وتلامذة خلفه الشيخ ابن يوسف قادة.[3]
التأسيس
بني مسجد الأمة في بستان دار كانت ملكيتها الأصلية لأحد المستوطنين الفرنسيين اسمه جان شارل جيلبير، ثم أقام فيها السيد عيسى بولعناش مستأجرا.
واشترك في شراء هذه الدار لبناء المسجد على مساحتها خمسة أشخاص من الأعيان المسلمين بتاريخ 1 ماي 1945م، وهم مذكورون في وثيقة التحبيس المودعة بمقر خزينة أملاك الدولة.
التمويل
كان في طليعة كبار المساهمين الأولين في بناء مسجد الأمة السيدان الفاضلان «محمد بن الباي كواسي» و«محمد وعلي عباس تركي».
وفي حفلة أقامتها «لجنة بناء المسجد» في سينما دنيازاد في وسط مدينة الجزائر عام 1951م، تلا الأستاذ أحمد توفيق المدني أسماء المتبرعين لهذا المشروع الجليل، وهو ما نشرته «جريدة البصائر» آنذاك.
ولقد شارك في بناء مسجد الأمة وتوسيعه خلق كثير من أبناء بولوغين وغيرهم، كما تعاقب على خدمته وعمارته أعضاء لجان مسجدية متوالية، بعد المؤسسين الأوائل، منهم السادة:
اضطلعت بشؤون إنجاز مسجد الأمة عناصر جمعية التهذيبية التي كانت جماعة تربوية تألفت من أعيان الحومة المسلمين في بولوغين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكان مكتبها الأول يتكون من:
يعتبر الشيخ الداعية الإصلاحي أحمد سحنون زعيم المؤسسين لهذا الصرح العظيم.
كما أنه هو الإمام الخطيب الأول فيه، وكان يمتاز بقوة خطابته الحية وبلاغة دروسه الإصلاحية.
ولقد أدى المسجد دور الجهاد في عهد ثورة التحرير وكثيرا ما كان يحاصر يوم الجمعة من طرف جنود المظلات الفرنسيين، ولكَم أحدقت به مخاطر وضرب وجرح شبان كثيرون من أجل حضورهم إليه بالجمعات من كل أرباض العاصمة وفحصها كما سجن لذلك الشيخ أحمد سحنون إلى جنب مجاهدين عاصميين من أهل العلم والفن في سجن عين وسارة المسمى آنذاك «بولقزال».[9]
وكان يعين الشيخ أحمد سحنون على دروس الجمعات وكذا يخلفه على المنبر كل من الشيوخ:
وكان ينشط في تعليم الأولاد بأقسام المدرسة أيام الشيخ أحمد سحنون كل من:
إسماعيل الزكري اليعلاوي.
خالد بن يطو.
خالد بيشو.
عمر العرباوي.
وفي عهد استقلال الجزائر في سنة 1962م انتقل الشيخ أحمد سحنون إلى الجامع الكبير وإلى مسجد العناصر واستخلف على مسجد الأمة بإجازته الشيخ المربي الفقيه ابن يوسف قاده.[10]
بن يوسف قادة
قام الشيخ الإمام بن يوسف قادة في مسجد الأمة برسالته خير قيام انطلاقا من سنة 1963م إلى غاية سنة 1994م.
فقد نهض بالتعليم القرآني حتى استحق صفة عميد المدرسة القرآنية بالجزائر العاصمة.
فكان أن تخرج على يده كوكبة من المتنورين من حملة القرآن العظيم من طلبة وطالبات فاق عددهم المائة.
منهم من مثل الجزائر في المحافل الدولية وفي المسابقات الوطنية في حفظ القرآن وتجويده، ومنهم من انتظم في وظائف السلك الديني.
واشتغل الشيخ كذلك بدروس محو الأمية للكبار حتى جمعهم مع الطلبة على قراءة الحزب الراتب.
وكان إلى جانب ذلك يقوم بالأعمال الاجتماعية من مصالحات ومساعدات.
وكان له اهتمام بارز ببناء المساجد.
وقد نقلت له خطب جمعات من مسجد الأمة على أمواج الإذاعة الجزائرية، كما جمع هو عيون خطبه في كتابه «صوت المنبر».[11]
الحزب القرآني الراتب
كان مع الشيخ ابن يوسف قادة جماعة من المصلين محافظة على قراءة الحزب القرآني الراتب منهم:
المؤذن: محمد صدوقي.
القيم: بلقاسم دبابي.
الهادي جاب الله.
إدريس لعجال.
مقران مرابطين.
أحمد آيت سوكي.
سعيد بكري.
محمد دمين.
محمد فريحات.
أحمد جاب الله التيجاني.
وكان "محمد فريحات" وأحمد جاب الله التيجاني" يخلفان الشيخ بن يوسف قادة على منبر الجمعة.[12]
رغم ما مر على الوطن الجزائري من مراحل وأطوار، وما جرت فيه من أحداث تباعا سراعا، إلا أن مسجد الأمة – بحمد الله وفضله – حافظ على على «وحدة الأمة الجزائرية» وعلى ما تعارفت عليه من تراث البلاد الديني السني المتمثل في:
بدر الدين بلقاضي (2007م). تاريخ وعمران قصبة الجزائر من خلال مخطوط ألبير دوفولكس (بالعربية). الجزائر: موفم للنشر والتوزيع. p. 272. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (help)صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
^"OpenStreetMap". OpenStreetMap. مؤرشف من الأصل في 2 أبريل 2023. اطلع عليه بتاريخ 27 ابريل 2016. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
^"Flash Earth". flashearth.com. مؤرشف من الأصل في 2023-04-02. اطلع عليه بتاريخ 27 ابريل 2016. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
^"Google Maps". google.dz. مؤرشف من الأصل في 2016-08-07. اطلع عليه بتاريخ 2016-05-23.