ترك خلفه المئات من «المُريدين» وعشاق طريقته في هذا النوع من الموروث الشعبي الديني الذي ارتبط باحتفالات المولد النبوي الشريف، واحتفالات الذكر ومناسبات الأفراح والمواليد.[2]
المريد هو أحد أشهر الرواد من أتباع الصوفية في الإمارات، وأحد أبرز الذين توارثوا هذا الضرب من الإنشاد الديني وإقامة حلقات الذكر.[1][3][4][5]
دأب الراحل الشيخ عبد الرحيم المُريد ، على إحياء حفلات المولد النبوي سنوياً في بيته وفي الأماكن التي تخصص لهذه الاحتفالية السنوية.[2]
وفي هذا المقام ينشد الشاعر الكوخردي الكبير «بوحمد» مادحاً الشيخ «المُـريـد» في هذه الأبيات الجميلة قائلاً: [1]
الحمدالله رب العالمين على
ما أوجب الشكر من تجديد آلائه
« شيخاً » نصر الإسلام وأهله
نصراً وبالغ في التمكين أعلائه
كهف الأماثـل « المُـريـد » صاحبنا
مولى تقاصرت الأوهام عن رائه
يثني عليه ذَوُو الأحلام جَمهَرةً
وما هناك مثن الحق أثنائه
والحمدالله حمداً لايحاط به
والعالمون خيارى دون أحصائه
لا زال في نعم والحق ناصره
بحق ما جمع القرآن من آيه
علمه وتصوفه
أخذ من والده «العارف بالله الشيخ عبد الله بن أحمد المريد »، علمه وتصوفه وأساليب الإنشاد وكتاب البرزنجي، وكان والده الوحيد من بين «نظيمة» المالد في الإمارات ممن حصلوا على إجازة في الطريقة من الفقيه الشيخ محمد عمر الأفغاني الذي زار دبي في ذلك الزمان القديم..علم ودرب الراحل الشيخ عبد الرحيم بن عبد الله المريد العديد من الذين اتبعوا طريقته وأسلوبه في مدائح الرسول صلى الله عليه وسلم، وفن «المالد» أو «المولد». وكان بيته الكائن في منطقة الراشدية في دبي مقرا يستقبل فيه تلاميذه وعلماء الدين ومحبي الأذكار. وفي آخر مناسبة للمولد النبوي صادفته قبل رحيله، حضر جلسة واحدة ولم يستطع إكمال حضور الليالي الثلاث التي دأب على إحيائها كل عام. سعى « الشيخ المريد » خلال حياته إلى إيصال طرائقه في إقامة حلقات الإنشاد الديني إلى تدريب وتعليم العديدين على أصول «النظم» ومنح عدة إجازات لبعضهم، وممن رافقوا دربه نظيم المالد الشهير الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن حافظ، وكذلك الشيخ محمد الحدادوربيع البدور وأبناء حميدان «عيال حميدان» وهم أربعة من جيل الشباب أصر على تدريبهم وتعليمهم، ويعتبر نفسه انه سلمهم أصول الإنشاد، كما أجاز الشيخ عبد الرحيم المريد
حمدان المعمري من سلطنة عمان، والذي يواصل اليوم النظم على أسلوب المريد.[2]
الإنشاد الصوفي
تعتبر أسرة المُريد هي الأسرة التي توارثت هذا الإنشاد الصوفي القريب من الطريقتين القادريةوالرفاعية، إلا أن «المُريد» كلما سئل يقول إن أسلوبه أقرب إلى القادرية حسب قول ابنه محمد. دأب «الشيخ عبد الرحيم المريد» على إحياء حفلات المولد النبوي سنوياً في بيته وفي الأماكن التي تخصص لهذه الاحتفالية السنوية، وعلى إقامتها في مناسبات أفراح الزواج، في أجواء يحضرها المئات من الذين أحبوه وأحبوا ما يقدمه..تتلمذ على يد أبيه الشيخ عبد الله المريد وتشرب منه طرائق النظم والأداء الإنشادي فكان «نظيماً» له طابعه وطريقته الخاصة التي اجتذبت إليه عشاق هذا الضرب من الإنشاد.[5] وبالرغم من أن «المالد» يُعتبر فناً شعبياً يمارس في الأعراسوالاحتفالات العامة وكذلك حلقات «المولد» التي تقام في ذكرى المولد النبويوالإسراء والمعراج. وغيرها فإنه وحتى ظهور الفيلم لم يتم مسبقاً دراسة وتوثيق هذا الجانب في دولة الإمارات العربية المتحدة. وخلال البحث لم أجد أي مرجع مطبوع وموثق لهذا الفن العربي العريق، كذلك لاتتوفر أية معلومات متاحة للباحث حول التقاليد الصوفية التي مورست ولا زالت تمارس حتى الآن في الإمارات.[4]إن أهمية « اَلمُريد » كشخصية اجتماعية مميزة تكمن في محافظته على إقامة «الموالد» لعقود طويلة فأصبح من أشهر مؤديها في الإمارات وتعلم على يده العديد من «النظّيمه» أو «المنشدين» والمؤدين. فمثلاً الشيخ المنشد الراحل الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن حافظ كان من تلامذة والده عبد الله المريد، ثم رافق «الشيخ عبد الرحيم» لفترة طويلة. كذلك الشيخ عبد الله الهاشمي الذي لا زال يقيم الموالد في أبوظبي. ولعقود طويلة كان «اَلمُريد» يحيي الموالد في حفلات الزواج سواء للعامة أو لكبار القوم. وعلى سبيل المثال فقد أحيا المالد في حفل زواج الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بدعوة شخصية منه. كما أقامه في حفل زواج الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، وحفل زواج الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. واليوم نجد إن فرقة « اَلمُريد » لإحياء الموالد مسجلة رسمياً في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع - الإمارات، كما ساهم في تدريب الفرقة الوطنية للمالد والتي تمثل الدولة في المناسبات المحلية والخارجية.[4]
وفاته
رحل الشيخ الجليل «عبد الرحيم المريد» في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 24/4/2007 للميلاد، عن عمر تجاوز ال100 عام، حسب تقديرات أبنائه وأحفاده، وعن عمر يناهز « 95 » عاماً حسب عام الميلاد المدون في السجلات الرسمية. ودفن في دبي.[2]
الفيلم
تم إنتاج فيلم وثائقي عام 2008 عن الشيخ عبد الرحيم المريد كتبه الشاعر خالد البدور وأخرجته الشاعرة والمخرجة نجوم الغانم وفاز الفيلم بعدة جوائز هامة .[6]
^ ابجالكوخردى، محمد، بن يوسف، (كُوخِرد حَاضِرَة اِسلامِيةَ عَلي ضِفافِ نَهر مِهران Kookherd, an Islamic District on the bank of Mehran River) الطبعة الثالثة ،دبي: سنة 1997 للميلاد.
قصيدة في رثاء العارف بالله الشيخ عبد الرحيم المريد
من كلمات الشاعر العماني جاسم بن عيسى القرطوبي
في َّ لا في الشيخ نوحي ورثائي
فهو ما زال وربي في ارتقاء
نجمه إن بان عنا غاربا
فبعدن مشرق طول البقاء
وله مقعد صدق عنده
رتبة ليست لغير الأتقياء
كل أملاك السما قد رحبت
بقدوم الشيخ قطب الأولياء
بالذي ترحيبه في المولد
مرحبا بالنور خير الأنبياء
ما قوافي الشعر في بحر الذي
فلكه في العلم تجري باستواء
شيخنا من عمره سيرتنا
واهتداء المصلحين الصلحاء
بركة الأزمان من أرض دبي
درة الدنيا وروض العلماء
من رجال العلم والصوفية
خص أتباع الرفاعي بالثناء
سيما الشيخ المريد المجتبى
من خيار القوم أهل الاصطفاء
من أنار الكون جمعا حكمة
وسقى الله به ميت الوعاء
من قصنا الله فيه حاجة
فوجدنا كل خير ووفاء
لا تلمني إن جرى دمعي َ أو
خضبت كل دموعي بدمائي
كيف لا أبكيه والقلب رأى
حِبّه صار بعيدا في السماء
ليس لي من عمل يسعفني
غير حبي للفتى يوم الجزاء
صح أن المرء يوم الموعد
مع من يهوى فشوقي للقاء
فبه اغفر يا إلهي ذنبنا
واستجب منا به كل الدعاء
واسق روضا في قصيص ٍ رحمة
عم موتانا بها عند الرجاء
وعلى المختار صلى ربنا
ثم آل وصحاب ٍ أوفياء
المصادر والمراجع
Human Anthropology in Persia
الكوخردى، محمد، بن يوسف، (كُوخِرد حَاضِرَة اِسلامِيةَ عَلي ضِفافِ نَهر مِهران Kookherd, an Islamic District on the bank of Mehran River) الطبعة الثالثة، دبي: سنة 1997 للميلاد.