وَرثَ الأمير سعدون من الأمير ثنيان دولةً تضمُّ إقليم البحرين من قطر جنوبًا إلى الكويت شمالًا، وعُرِفَت الإمارة في عهد الأمير سعدون بالاستقرار الدَّاخلي والرَّخاء الحضاري والاتساع الجُغرافي، وكانت الإمارة في عصرها التأسيسي وساعدت سياسات سعدون آل حميد في انتقال الإمارة من مرحلتها التأسيسية إلى عصرها الذَّهبي الذي انتهى مع وفاة الأمير السابع لآل حُميد؛ عُريعر بن دُجين آل حُميد.
نتجت سياسة الأمير سعدون آل حميد في توسيع نفوذ الإمارة الخالدية الأولى داخل إقليم نجد وخصوصًا في شمالها لِتَصل إلى أطراف بادية الشَّام ومدينة حلب، ونتج من سياسته الاستقرار الدَّاخلي للإمارة في بلاد البحرين ونجد وأشار الرَّحَّالة ابن علوان الدمشقي إلى هذا الاستقرار في رحلته عندما زار المنطقة سنة 1120هـ/1708م.
عُرف الأمير سعدون باهتمامه بشؤون الدين الإسلامي وكان يُظهِرُ التَّسامح المَذهبي في بلاده حيث عيَّن قُضاةً من مختلف مذاهب أهل السنة والجماعة ومن الشيعة، وكان له وزيرٌ شيعيٌ يُقال له ناصر بن بهاء الخَطِّي، وكان يُتِمُّ الحَجّ حيث يذكر الكشَّافة الإنجليزي جون فيلبي أنَّ الأمير سعدون أدَّى مناسك الحج مع حُجَّاج الأحساء سنة 1130هـ/1718م؛ تُوفِّيَ الأمير سعدون في بلدةٍ يُقال لها الجندلية سنة 1135هـ/1723م.
نسبه ونشأته
نسبه
اختُلف في نسب سعدون على قولين، زعم الفريق الأول أن سعدون هو ابن محمد بن غرير آل حميد، ثاني أمراء آل حُميد، وبالتالي يكون نسبه:
«سعدون بن محمد بن غرير بن عثمان بن سعدون(4) بن ربيعة آل حميد الخالدي»
وهو القول الأرجح عند الباحثين وهو قول المصادر النَّجدية التاريخية ولعلَّى أقدم تلك المصادر وأقربها لعصر سعدون هو تاريخ الفاخري للمؤرِّخ محمد بن عُمر الفاخري والذي نَسَبَ سعدون إلى محمد بن غرير قائلًا في أحداث 1103هـ: «وفيها تولى سعدون بن محمد الغرير الرِّئاسة على بني خالد»،[1] زعم الفريق الثاني أن سعدون ابن محمد بن حسين بن عثمان، أحد مساعدين براك بن غرير آل حميد خلال قتاله الدولة العُثمانية، وهو قول المستكشف جون فيلبي حيث قال عن ترشيح أمير آل حميد الرابع: «فآلت هذه إلى سعدون ابن محمد بن حسين بن عثمان»،[2] رجَّح هذا القول المؤرِّخ عبد الكريم الغرايبة رُغم نسبته القول لابن بشر،[3] ووافقه الباحث مُحمَّد يُوسُف الخالدي،[4] رجَّح أغلب الباحثين قول الفاخري نظرًا لكونه أقرب مؤرِّخ لفترة سعدون إضافةً إلى موافقة أغلب المؤرخين لقوله ما جعل الباحثين يميلون لتنسيب سعدون إلى محمد بن غرير؛ ولعلَّى اتفاق الباحثين في هذا النسب يرجع إلى اعتمادهم لقول الباحث عبد الكريم الوهبي في كتابه «بنو خالد وعلاقتهم بنجد» الذي يعتبر من أكبر المراجع التاريخية حول الإمارة الخالدية الأولى والذي قال بقول الفاخري في مسألة تولي سعدون الحُكم.[5]
تولى بعد وفاة والده محمد بن غرير آل حميد واتصف بالشجاعة والقوة حيث لقب ب سلطان البر، وقد بلغ حكم بني خالد الذروة في عهد هذا الزعيم من حيث الاستقرار والاتساع ليشمل نجد والمناطق الشمالية إلى الشام إضافة إلى شرق الجزيرة العربية وقد عم في فترة حكمة الطويلة الهدوء النسبي إذ أذعنت له القبائل ودفعت له الأموال مقابل سماحه بارتياد المراعي الخاضعة لحكمه في الربيع ويقودون له الخيل والإبل النجاب ومنع على أبناء القبائل بيض النعام والحبارى واستمر المنع إلى نهاية حكم ال عريعر حتى أطلق على بني خالد محيفين بيض الحباري
الهوامش
1: يُشار اللقب إلى عدد من أمراء آل حميد ولم يقتصر اللقب على سعدون بن محمد آل حميد فقط، ويُرجِّح السويداء أن لقب محير البيض كان يُشار به لسعدون بن محمد آل حميد،[10] وفي عهد سعدون كان يحجر بيض النعام فكان لا يُلتقط البيض في مناطق نفوذه،[11] وكان يُطلق محير البيض أيضًا على ماجد بن عريعر.[12]
4: يُسمى في المراجع القديمة بـ:«مَسْعُود»، ولكن ناقش الباحث علي الصَّيْخَان في كتابه: «الحياة العلمية في الأحساء في عهد إمارة بني خالد» هذه المسألة وتوصَّل إلى نتيجة أن هذه الشخصية تُسمى «سَعْدُون» وأن مسعود ما هو إلَّا تحريفًا لاسم سعدون.[13]