حصار شنترين (1184)

حصار شنترين
جزء من معارك الاسترداد
معلومات عامة
التاريخ يونيو - يوليو، 1184 الموافق ( 580 هـ)
الموقع شنترين،  البرتغال
39°14′13″N 8°41′06″W / 39.236944444444°N 8.685°W / 39.236944444444; -8.685   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات
النتيجة أنتصار البرتغاليين
المتحاربون
البرتغال
ليون
الموحدون
القادة
ألفونسو الأول
فرناندو الثاني
يوسف بن عبد المؤمن 
خريطة

حصار شنترين (بالبرتغالية: Cerco de Santarém‏)، حصار استمر من يونيو إلى يوليو من عام 1184، الموافق لعام ( 580 هـ).

في ربيع عام 1184، أعد يوسف بن عبد المؤمن جيشه ليعبر مضيق جبل طارق، وسار إلى إشبيلية. ومن هناك وسار نحو بطليوس ثم توجه غربا لمحاصرة شنترين، التي كان يدافع عنها ألفونسو الأول ملك البرتغال.

قبل الحصار

في يوم الثلاثاء 8 أبريل 1184 (4 محرم سنة 580 هـ) غادر الخليفة أبو يعقوب مدينة فاس في موكبه، حتى وصل إلى ثغر سبتة فأقام به بقية شهر المحرم. وأمر في أثناء ذلك ببدء الجواز، فجازت قبائل العرب أولا، ثم قبائل زناتة، فالمصامدة، فمغراوة وصَنهاجة وأورية وغيرهم من بطون البربر، ثم جازت جيوش الموحدين. فلما كمل جواز الجيش عبر الخليفة فيمن بقى من طوائف العبيد والحرس، وكان عبوره في 17 مايو (5 صفر) ونزل بجبل الفتح (جبل طارق) ثم سار منه إلى الجزيرة الخضراء، ثم إلى إشبيلية عن طريق أركش وشريش، فوصل إليها في عساكره في اليوم 25 مايو (13 صفر)، وخرج أهل الحاضرة الأندلسية إلى لقائه والسلام عليه، وفي مقدمتهم قاضيهم ابن الجد. ويقول ابن صاحب الصلاة، إنه قام بالسلام على الخليفة مع من تقدم إليه من الطلبة، وأنه لم يستطع الكلام لشدة الزحام، وأن الخليفة نزل بقصره داخل حدائقه الواقعة خارج باب قرمونة. وفي اليوم التالي لوصوله أمر بتمييز العساكر وتوزيع السلاح والعتاد عليهم. ووزعت ألف فرس من عتاق الخيل على أشياخ الموحدين والعرب وكبار الجند. وأمر قائد الأسطول أبو العباس الصقلي بإعداد سفن الغزو وما يلزمها من الآلات والمعدات. وكانت أجناد الأندلس، تتلاحق خلال ذلك من أوطانها وقواعدها إلى إشبيلية، لتنضم إلى جيش الغزو.[1]

وأقام الخليفة بإشبيلية أسبوعين. سبق أن الخليفة لم يحدد هدف هذه الغزوة منذ البداية بصورة قاطعة، بل لم تتحدد وجهة الحملة الموحدية إلى شبه الجزيرة الأندلسية إلا حينما وصل الخليفة إلى سلا. ولكن اختيار مدينة شنترين بالذات هدفاً للغزوة الموحدية يرجع إلى أسباب عديدة، مادية ومعنوية. فقد كانت البرتغال في عهد أبي يعقوب أول مملكة نصرانية في شبه الجزيرة ناصبت الموحدين العدوان، وكانت مدينة شنترين بالذات أهم قواعد هذا العدوان، فمنها خرجت الحملات العدوانية المتوالية التي شنها الفارس المغامر جيرالدو سمبافور على بلاد ولاية الغرب وحصونها في قطاع بطليوس، وهي ترجالُه وقاصرش، ومنتانجش وشربة، وجلمّانية. ثم كانت بعد ذلك قاعدة لمهاجمة ملك البرتغال وجيرالدو سمبافور لمدينة بطليوس ذاتها، واستيلائهما عليها، ولو لم يتعاون فرناندو ملك ليون مع الموحدين على إنقاذ المدينة، لبقيت في أيدي البرتغاليين. وكانت شنترين أخيراً مركزاً للحملات المخربة التي شنها البرتغاليون في أحواز إشبيلية، والتي وصلت في سيرها مرة إلى طُريانة، وأخرى إلى الشّرف ومدينة شلوقة، وعلى الجملة فقد كانت شنترين هي المركز الرئيسي لعدوان البرتغاليين على قواعد ولاية الغرب وأراضيها، وقد اضطلع فرسانها وجندها بأعظم دور في هذه الحملات العدوانية، والغزوات المخربة، وكان الخليفة وقادته يرون أن الاستيلاء على شنترين يلحق بالبرتغاليين وملكهم ألفونسو هنريكيز ضربة شديدة، ويقضي على أهم مراكز العدوان في البرتغال، ومن ثم كان اختيارها هدفاً للغزوة الموحدية الكبرى.[2]

ومما هو جدير بالذكر أن الخليفة أبا يعقوب، لم ينس خلال هذه المشاغل الحربية الطامية برنامج منشآته العظيمة بمدينة إشبيلية، وهو الذي بدأه حين إقامته الأولى بإشبيلية قبل ذلك بنحو خمسة عشر عاماً، بإنشاء المسجد الجامع والقصور الموحدية، وقنطرة طريانة. ومشاريع الري والسقاية، ذلك أنه أمر قبل تحركه إلى الغزو عامله أبا داود بلول بن جلداسن، أن يقوم خلال غيبته في الغزو، بإنشاء سور حصين على قصبة إشبيلية، يمر من مبدئ بنيانه أمام رحبة ابن خلدون داخل المدينة، وببناء صومعة للجامع في موقع اتصال السور بالجامع المذكور، وبناء دار صنعة للسفن تتصل من سور القصبة الذي على الوادي بباب القطائع، إلى الرحبة السفلى المتصلة بباب الكحل.[3]

في صبيحة يوم الخميس 7 يونيه 1184 (26 صفر 580 هـ)، تحركت الجيوش الموحدية وعلى رأسها الخليفة أبو يعقوب يوسف، من مدينة إشبيلية، نحو الشمال. فوصلت بعد تسعة أيام إلى حصن العرجة في طريق بطليوس، وهنالك تم اجتماع الجيوش الموحدية، وتقلد الجند كامل أسلحتهم من السيوف والدروع والقسي وغيرها، ثم استأنفت الجيوش سيرها، حتى وصلت إلى مدينة بطليوس، فأمر الخليفة بالنزول في ظاهرها، وأن يجرى تمييز الجند، واستكملت الجيوش ما كان ينقصها من الزاد والميرة. وكان الوزير السابق إدريس بن جامع منفياً في بطليوس ومعه في المنفى أيضاً أبو زكريا بن حيون الكومي شيخ قبيلة كومية، فالتمسا إلى أمير المؤمنين حين مقدمه أن يأذن لهما بالاشتراك في الجهاد فأذن لهما.

وكان الموقف بالنسبة للممالك النصرانية قد تغير قبل ذلك بأعوام، وانقطعت كل مهادنة بينها وبين الموحدين، وجنحت كلها إلى العدوان، وإلى غزو أراضي الأندلس كل من الناحية التي تليها. وكان فرناندو ملك ليون قد نبذ محالفة الموحدين حسبما تقدم، وحذا حذو زملائه في انتهاج هذه السياسة العدوانية، وعقد مع ملك قشتالة ألفونسو الثامن معاهدة تعهد فيها بأن يلتزم معاداة الموحدين، وألا يعود إلى محالفتهم قط، وقطع زميله ملك قشتالة على نفسه مثل هذا العهد (يونيه 1183). وكان في الوقت الذي عبرت فيه الجيوش الموحدية إلى شبه الجزيرة، يقوم بغزوة جديدة لأراضي الأندلس، ويحاصر مدينة قاصرش الواقعة شمال شرقي بطليوس على مقربة من نهر التاجه، واستمر يحاصرها طول الشتاء حتى نهاية الربيع. وكان الخليفة الموحدي يعلم بأمر هذا التحالف الجديد بين قشتالة وليون. وكان الذائع بين الملوك النصارى أن الجيوش الموحدية الغازية، قد تغزو أي الممالك النصرانية، إذ كانت جميعاً سواء في موقفها العدواني من الموحدين، وفي الإغارة على أراضي الأندلس. حينما علم فرناندو ملك ليون بسير الجيوش الموحدية نحو بطليوس واقترابها بذلك من مواقعه، بادر برفع الحصار عن قاصرش، وعاد إلى حاضرته مدينة ردريجو، وأخذ يرقب سير الحوادث.

في يوم الخميس 10 ربيع الأول غادر الخليفة في قواته مدينة بطليوس، وسار نحو الشمال الغربي مخترقاً الناحية اليسرى من وادي التاجُه، ثم أمر الجند الموحدين أن يتقدموا صوب شنترين، فعبروا نهر التاجُه بقيادة السيد أبي إسحاق والي إشبيلية، ثم تلاهم بقية الجند وعلى رأسهم الخليفة، ونزلت الجيوش الموحدية جميعها بالتل المرتفع المشرف على شنترين من ناحيتها الشرقية والجنوبية، وكان ذلك في يوم الأربعاء 27 يونيه 1184 (16 ربيع الأول 580 هـ) وفقاً لقول الرواية الإسلامية المعاصرة [4]، وتضع الرواية النصرانية مقدم الجيوش الموحدية إلى شنترين قبل ذلك بثلاثة أيام في اليوم 24 يونيه وهو يوم القديس خوان.[5] وتنوه معظم الروايات الإسلامية بضخامة هذا الجيش الموحدي، ووفرة حشوده [6] يقول صاحب الروض المعطار إنه كان يضم أربعين ألفاً من أنجاد العرب الفرسان، ومن الموحدين والجنود والمطوعة وفرسان الأندلس ما ينيف على مائة ألف فارس [7]، وإذن فقد كان هذا الجيش الذي أعد لغزو البرتغال، وافتتاح شنترين أضخم من الجيش الذي سار من قبل عند جواز الخليفة الأول إلى الأندلس، إلى حصار وبذة، وتنوه الرواية النصرانية أيضاً بضخامة الجيش الموحدي، وذلك بما تذكره من أرقام خسائره.

الحصار

ما كادت القوات الموحدية تصل إلى ظاهر شنترين، حتى أمر الخليفة بأن يتقدم الجند حتى أبواب المدينة، وأن يضربوا حولها الحصار، ونزل الموحدون في الربض الواقع في جنوبها الشرقي والممتد على طول النهر وضربت به قبة الخليفة، وكان البرتغاليون وعلى رأسهم ملكهم ألفونسو هنريكيز، قد احتشدوا داخل شنترين وقصبتها وجدوا في تحصينها، واتخذوا أعظم أهبة للدفاع عنها [8]، وكان المدافعون عن الربض الخارجي قد أقاموا حواجز يستطيعون الاعتصام بها، والدفاع منها. فاقتحم الموحدون الربض وهدموا أحياءه المتصلة بالسور، وهدموا الكنيستين اللتين به، وقتل كثير من المدافعين عنه، وارتد الباقون إلى القصبة، واعتقد القادة الموحدون أن السبيل ممهد لاقتحام المدينة وأخذها، وأعدت بالفعل السلالم اللازمة لاقتحام الأسوار. وفي يوم الجمعة 29 يونيه (19 ربيع الأول)، هاجم الموحدون الأسوار، واشتبكوا مع قوة من النصارى خرجت لقتالهم فهزموها وردوها صوب القصبة. وفي صبيحة اليوم التالي - السبت - تجدد القتال بين الموحدين وبين النصارى، واستمر القتال بين الفريقين حتى يوم الاثنين 2 يوليه (21 ربيع الأول). ونشبت بينهما خلال ذلك عدة معارك عنيفة. وتقدم الروايات النصرانية عن هذه المعارك صوراً مختلفة، ويقول بعضها إن المعارك لبثت تضطرم بين النصارى والموحدين في الربض الخارجي للمدينة خمسة أيام، وأن الموحدين بالرغم من خسائرهم لبثوا يجددون هجماتهم، حتى حطمت سائر الحواجز والتحصينات بالربض، وأضحى الموقف مستحيلا، واضطر النصارى إلى اللجوء إلى ناحية القصبة. وهذه الرواية تقترب في جملتها من أقوال الرواية الإسلامية. بيد أن بعض الروايات النصرانية تقدم مزاعم لا يستطيع أن يسيغها العقل، ولاسيما الرواية المنسوبة إلى الحبر الإنجليزي راؤول دي ديستو، وخلاصتها أن الموحدين وصلوا إلى شنترين في يوم القديس خوان، أي في يوم 24 يونيه، وحاصروها، وأنهم بعد ثلاثة أيام وثلاث ليال من القتال المستمر، نجحوا في اقتحام المدينة من ثلمة أحدثوها. ولكن وصل في اليوم التالي أسقف بورتو وابن الملك وقتلوا من الموحدين خمسة عشر ألفاً، وسدوا تلك الثلمة بجثثهم. وفي اليوم الذي يليه وصل أسقف شنت ياقب ومعه عشرون ألف مقاتل، وفي الفجر قتلوا ثلاثين ألفاً من الموحدين.[9] بيد أنه وقفت في اليوم الختامي لهذه المعارك، وهو يوم الاثنين 2 يوليه (21 ربيع الأول) بالعسكر الموحدي مفاجأة مذهلة، وهي صدور أمر الخليفة بالكف عن القتال، وكان الأمر قد صدر في نفس الوقت بتحرك الجيش من موضع نزوله إلى موضع آخر، أو من شرقي شنترين إلى غربها وشمالها حسبما يقول صاحب روض القرطاس. فعجب الناس لذلك، ولم يفقهوا له سبباً، بل إن في هذا التعليق ذاته ما ينم عن إنكار الشيوخ والقادة الموحدين لهذا الأمر الفجائي الذي لم يدرس، ولم تتضح مبرراته. فما الذي حدث في المعسكر الموحدي، وكيف ولِم وقع هذا التحول الفجائي في حركة الجيش الموحدي، ولمّا يمض على مقدمه إلى شنترين سوى ستة أيام؟ إن الرواية الإسلامية لا تقدم في هذا الموطن أي شرح واضح أو أي تعليل مقنع لهذا الارتداد الفجائي لجيش ضخم غازٍ يربى عدده على المائة ألف، عن مدينة مرهقة بالحصار وقد سقطت أرباضها في أيدي الغزاة، ولا تدافع عنها سوى حامية محلية، قد أنهكتها المعارك المتوالية مع الغزاة، ولجأت في النهاية إلى القصبة ترقب المصير المحتوم، ولم يقل ابن صاحب الصلاة، وهو مرافق الحملة ومؤرخها، شيئاً سوى التعليق على أمر الارتحال بقوله:

«فتعجب الناس من هذا الرأي في الانتقال والارتحال، وتعطلت في النفوس جميع الآمال، وظهر الخلل في جميع الأحوال.»

ثم يقول إنه قد حدث في هذا اليوم -أي يوم صدور الأمر بالارتحال- على عسكر أهل مرسية حادث مروع، وذلك أنهم خرجوا للإغارة في بسائط النصارى، فخرجوا عليهم وهزموهم هزيمة شنيعة فارتدوا إلى المحلة منهزمين، وبات الناس في المحلة على حذر، ومن الوجل في ألم وضرر.[10] ويقول مؤرخ موحدي آخر كان مرافقاً للحملة أيضاً هو القاضي أبو الحجاج يوسف بن عمر:

«إن الخليفة أبا يعقوب حينما قصد مدينة شنترين أمنع بلاد ابن الرنك، وأكثرها أجناداً، وأقواها استعداداً، فزع النصارى وروعت نفوسهم لما رأوه من ضخامة الجيش الموحدي وتفوقه العظيم. وكان القصد محاصرة المدينة وإرهاقها.»

ثم يقول دون أي إيضاح آخر:

«فلما استراءت من جهاتها الأنباء، وطال لغير طائل الثواء، عزم أمير المؤمنين على الارتحال، وترويح الجيوش والنفوس من السآمة والكلال، فأمر بالرحيل ليلا.[11]»

وفاة يوسف بن عبد المؤمن

من المحقق أن الخليفة ومعاونيه كانوا يقصدون أن يكون الارتداد وفق خطة منظمة، تقي الجيش المنسحب كل اضطراب وكل عثار. وهذا ما يؤكده القاضي أبو الحجاج يوسف بن عمر في روايته حين يقول:

«إن ثقات الخليفة تطوفوا أول الليل على الرؤوس والجموع، وأوعزوا إليهم، ترتيب التحرك وكيفية القلوع، وأن يكون كل قبيل من جهتهم ثابتين مرصدين حتى ترحل الحمولة والأثقال، وتتخلص إلى السعة من المضايق والأوحال.[12]»

بيد أن الذي حدث هو العكس تماماً. وهو الفوضى المروعة، والاختلال المطبق. يقول أبو الحجاج يوسف، وهو شاهد العيان:

«فاضطرب إقلاع الناس اضطراباً شنيعاً، وكثر الضجيج، واختلاط الأصوات، وتهولت المحلات، وأخذ العموم على شتى المسالك، فلا ترى سميعاً ولا مطيعاً.»

وكان أشنع ما في ذلك، هو ما حدث من غموض في فهم أوامر الخليفة، وتسرع في تنفيذها. ذلك أن كثيراً من الأشياخ ورؤساء القبائل فهموا أنه يجب الارتداد فوراً وفي جوف الليل، فهرعت طوائف غفيرة من الجند إلى الارتداد. وعبور النهر، ووقع الارتداد في مناظر مروعة من الاختلال والضجيج والفوضى. يقول الراوية شاهد العيان:

«حضرت يوم هذا الإقلاع وليله، فما رأيته في تاريخ قبله، ولا يحصر واصف هوله»

وأقلع السيد أبو إسحاق ولد الخليفة نفسه في جنده عند الفجر قاصداً إشبيلية، واعتقد كثير أن الخليفة نفسه قد أقلع في السحر، واستمر عبور الجند على هذا النحو تباعاً، حتى عبر معظم الجيش، كل ذلك والخليفة غافل عما حدث. فلما أسفر الصبح، ظهرت الحقيقة المروعة، ولم يبق حول الخليفة الموحدي سوى الساقة، فعندئذ أمر الخليفة بضرب الطبول، فاجتمعت الفلول الباقية، وانحدر الخليفة صوب النهر، وبقى ابنه يعقوب المنصور مع بقية الساقة، في موضع المحلة مستعداً للقاء النصارى وردهم وحماية أبيه ومن معه.

ولكن نصارى شنترين أدركوا عندئذ ما وقع في المعسكر الموحدي، من إقلاع وارتداد، فبادروا بالخروج من المدينة، وهجموا على القوات المنسحبة بشدة، وأدركوا ساقة الخليفة، ودافعت الفلول الموحدية بمنتهى البسالة، وسقط خلال ذلك عدد من أكابر الموحدين والأندلسيين، ووصل النصارى إلى مقر الخليفة نفسه بعدوة الوادي، وأصابه بعضهم بجراح خطيرة. وعلى أثر انتهاء المعركة أمر الخليفة بتفرق الجموع، ورجوع كل جندي إلى قبيلته، وأمر بتخريب الوادي، وانتساف زروعه، وقطع أشجاره وهدم ضياعه، وتغوير مائه، وحرق كل ما يمكن حرقه، كما أمر بتقسيم السرايا في نواحي الوادي لتحصيل الأقوات، وانتزاع السبي والغنائم. كل ذلك الخليفة الجريح ملتزم فراشه، ومن حوله أطباؤه ابن زهر وابن طفيل [13] وابن قاسم، وهو يزداد ضعفاً على ضعف، ثم أمر الخليفة بالرحيل، وهو محمول في محفة، حتى تم اجتياز وادي التاجُه، وما كاد الموكب يقطع بضعة أميال أخرى، حتى أسلم الخليفة الروح، وذلك في 29 يوليه 1184 (18 ربيع الآخر 580 هـ).[14]

مراجع

  1. ^ نقله البيان المغرب عن ابن صاحب الصلاة ص 132. وكذلك روض القرطاس ص 130.
  2. ^ عنان، محمد عبد الله (1997). دولة الإسلام في الأندلس. مكتبة الخانجي، القاهرة. ISBN 977-505-082-4. ج4 ص117
  3. ^ ابن صاحب الصلاة في " المن بالإمامة " لوحة 170 أ.
  4. ^ هذه هي رواية البيان المغرب، منقولة فيما يرجح عن ابن صاحب الصلاة، وكان مرافقاً للحملة (البيان المغرب القسم الثالث ص 133) ويضع صاحب روض القرطاس مقدم الموحدين إلى شنترين في السابع من ربيع الأول (ص 140).
  5. ^ راجع في ذلك H. Miranda: Ibid, p. 297 & 300
  6. ^ راجع ما ينقله البيان المغرب في القسم الثالث عن القاضي أبي الحجاج يوسف بن عمر (ص 135) وكذلك ابن خلكان في الوفيات ج 2 ص 394.
  7. ^ الروض المعطار - صفة جزيرة الأندلس في مقاله عن " شنترين " ص 114.
  8. ^ المراكشي في المعجب ص 145.
  9. ^ H. Miranda: Ibid ; C. R. de Diceto y Cronica de Alfonso Enriquez p. 297 & 300.
  10. ^ نقله البيان المغرب - القسم الثالث ص 134 و 135.
  11. ^ نقله البيان المغرب - القسم الثالث ص 136.
  12. ^ البيان المغرب القسم الثالث ص 136.
  13. ^ وردت في النص "ابن مقبل " ولكنا نعتقد أن ذلك تحريف لاسم ابن طفيل طبيب الخليفة الخاص.
  14. ^ البيان المغرب - القسم الثالث ص 137 و 138. وتضع معظم الروايات تاريخ وفاة الخليفة في شهر ربيع الآخر على خلاف في اليوم الذي توفي فيه. ولكن المراكشي ينفرد بالقول بأن الخليفة أبا يعقوب توفي في اليوم السابع من رجب سنة 580 هـ (أكتوبر سنة 1184 م) المعجب ص 147. ويجاريه في ذلك ابن خلكان. فيذكر نفس التاريخ (الوفيات ج 2 ص 494).

Read other articles:

NBCUniversal Media, LLCLogo La sede della NBCUniversal a New York Stato Stati Uniti Forma societariaSocietà per azioni Fondazione2 agosto 2004 Fondata daGeneral Electric e Vivendi Sede principaleNew York GruppoComcast Corporation ControllateUniversal Pictures Persone chiave Steve Burke (presidente) Jeff Shell (A.D.) SettoreMedia ProdottiParchi divertimentoFilmMusicaProgramma televisivoVideogiochiPortali web Dipendenti35,000 (2020) Sito webnbcuniversal.com Modifica dati su Wikidata ...

 

Confine tra l'Armenia e l'AzerbaigianMappa del confine di stato armeno-azero riconosciuto a livello internazionale contrassegnato in rossoDati generaliStati Armenia Azerbaigian Enclavi/exclavi Exclave azera del Nakhchivan; Enclavi azere di Barxudarlı, Aşağı Əskipara e Yukhari Əskipara nell'Armenia nord-orientale e Kərki nel nord del Nakhchivan; Exclave armena di Artsvashen, nel territorio azero. Dati storiciIstituito nel1991 Attuale dal2010 Manuale Il confine tra l'Armenia e ...

 

Town in Western AustraliaPeppermint Grove BeachWestern AustraliaLooking east from the lookout in Peppermint Grove BeachPeppermint Grove BeachCoordinates33°31′S 115°31′E / 33.52°S 115.51°E / -33.52; 115.51Population518 (SAL 2021)[1][2]Established1970sPostcode(s)6271Elevation16 m (52 ft)Area1.6 km2 (0.62 sq mi)Location 8 km (5 mi) NW of Capel 201 km (125 mi) SSW of Perth LGA(s)Shire of CapelState elect...

Crying LightningLagu oleh Arctic Monkeysdari album HumbugSisi-B Red Right Hand I Haven't Got My Strange Dirilis 6 Juli 2009 (digital download) 17 Agustus 2009 (rilis vinyl) Format 7 10 Genre Psychedelic rock Stoner rock Durasi3:43LabelDominoPencipta Alex Turner Jamie Cook Matt Helders Nick O'Malley Produser Josh Homme (trek satu) James Ford (track tiga) Music videoCrying Lightning di YouTube Crying Lightning adalah sebuah lagu dari band indie rock Inggris Arctic Monkeys, dirilis sebagai singl...

 

French higher education institution INSA LyonMottoL'imagination technologiqueMotto in EnglishTechnological imaginationTypeGrande ÉcoleEstablished1957Endowment€162.3 millionsPresidentFrédéric FotiaduAcademic staff718Administrative staff677Students6,300Doctoral students613LocationVilleurbanne, FranceCampusLyonTech – La DouaWebsitewww.insa-lyon.fr The Institut National des Sciences Appliquées de Lyon or INSA Lyon is a French grande école and engineering school.[1] The unive...

 

Questa voce o sezione sugli argomenti economia monetaria e economia internazionale non cita le fonti necessarie o quelle presenti sono insufficienti. Puoi migliorare questa voce aggiungendo citazioni da fonti attendibili secondo le linee guida sull'uso delle fonti. Euro, banconote e monete L'Unione economica e monetaria (UEM) dell'Unione europea è un termine ampio: include l'insieme delle politiche fiscali, valutarie, concorrenziali e monetarie messe in coordinamento dal luglio 198...

Cet article est une ébauche concernant un conflit armé, l’Angleterre et le Moyen Âge. Vous pouvez partager vos connaissances en l’améliorant (comment ?) selon les recommandations des projets correspondants. Bataille de Shrewsbury Mort d'Henry Percy à la bataille de Shrewsbury, représentée par Richard Caton Woodville. Informations générales Date 21 juillet 1403 Lieu Shrewsbury (Shropshire, Angleterre Issue Victoire royale décisive Belligérants Royaume d'Angleterre Famille ...

 

Questa voce o sezione sull'argomento centri abitati del Piemonte non cita le fonti necessarie o quelle presenti sono insufficienti. Puoi migliorare questa voce aggiungendo citazioni da fonti attendibili secondo le linee guida sull'uso delle fonti. Belvegliocomune Belveglio – Veduta LocalizzazioneStato Italia Regione Piemonte Provincia Asti AmministrazioneSindacoChristian Vercelli (lista civica Uniti per Belveglio) dal 27-5-2019 TerritorioCoordinate44°49′51�...

 

Segunda Coalición Parte de las guerras revolucionarias francesas Louis-François Lejeune: La batalla de MarengoFecha 1798-1802Lugar Europa, Oriente Medio, Mediterráneo, CaribeResultado Victoria francesa, Tratado de Lunéville, Tratado de Amiens Supervivencia de la república francesa Cambios territoriales menores Las hostilidades se reanudan en 1803 con la formación de la Tercera Coalición contra FranciaBeligerantes Segunda Coalición: Sacro Imperio Romano Germánico · Archiducado de Aus...

دافيد برنياع (بالعبرية: דוד ברנע)‏    مدير الموساد في المنصب24 مايو 2021 يوسي كوهين   معلومات شخصية الميلاد 29 مارس 1965 (59 سنة)  عسقلان  مواطنة إسرائيل  الحياة العملية المدرسة الأم مدرسة قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي الإعدادية الداخلية معهد نيويورك للتكنولوجيا المه...

 

British hatchback from Mini, marque of BMW For the 1959–2000 Mini models, see Mini. Motor vehicle MiniMini One (F56)OverviewManufacturerBMWAlso calledMini Cooper (2001–present)Mini John Cooper Works (2008–present)Mini Hatch (2001–present)Mini Hardtop (2001–present)Mini One (2001–2022)[1]Production2001–presentModel years2002–presentBody and chassisClassSupermini (B)Sport compact / hot hatch (Cooper S & JCW)LayoutFront-engine, front-wheel-driveChronologyPre...

 

American fruit company (1899–1970) United Fruit CompanyThe maritime flag of the United Fruit Company[1]IndustryAgriculturePredecessorsBoston Fruit CompanyTropical Trading & TransportFoundedMarch 30, 1899 (1899-03-30)DefunctJune 30, 1970 (1970-06-30) (as United Fruit Company)August, 1984 (as United Brands)FateMerged with AMK to become United Brands CompanySuccessorChiquita Brands International Entrance façade of the old United Fruit Building at 321 ...

بيني بريتزكر (بالإنجليزية: Penny Pritzker)‏    مناصب وزير تجارة الولايات المتحدة   في المنصب26 يونيو 2013  – 20 يناير 2017    ويلبر روس  معلومات شخصية الميلاد 2 مايو 1959 (العمر 65 سنة)شيكاغو  مواطنة الولايات المتحدة  عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم  عدد...

 

This article needs additional citations for verification. Please help improve this article by adding citations to reliable sources. Unsourced material may be challenged and removed.Find sources: Education in Chile – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (April 2011) (Learn how and when to remove this message) Education in ChileMinistry of EducationMinisterUndersecretaryRaúl FigueroaJorge PobleteNational education budget (2022)BudgetUS$14.4 bill...

 

Gelson Fernandes Fernandes di LeicesterInformasi pribadiNama lengkap Gelson Tavares Fernandes[1]Tanggal lahir 2 September 1986 (umur 37)Tempat lahir Praia, Cape VerdeTinggi 6 ft 2 in (1,88 m)Posisi bermain GelandangInformasi klubKlub saat ini SionNomor 26Karier junior1995–2004 SionKarier senior*Tahun Tim Tampil (Gol)2004–2007 Sion 99 (1)2007–2009 Manchester City 43 (3)2009–2012 Saint-Étienne 33 (0)2010–2011 → Chievo (pinjam) 29 (2)2011–2012 → Leic...

Rugby league competition Rugby league season 1937 New South Wales Rugby Football LeagueTeams9Premiers Eastern Suburbs (7th title)Minor premiers Eastern Suburbs (8th title)Matches played36Points scored1088Top points scorer(s) Jack Beaton (56)Top try-scorer(s) Fred Tottey (10)← 19361938 → The 1937 New South Wales Rugby Football League premiership was the 30th season of the Sydney, New South Wales-based top-grade rugby league club competition, Australia's first. Nine teams from acr...

 

River in RussiaSokLocationCountryRussiaPhysical characteristicsSource  • locationBugulma-Belebey Hills MouthVolga • locationSaratov Reservoir • coordinates53°24′33″N 50°07′56″E / 53.40917°N 50.13222°E / 53.40917; 50.13222Length364 km (226 mi)Basin size11,700 km2 (4,500 sq mi)Discharge  • average33.3 m3/s (1,180 cu ft/s) Basin featuresP...

 

納希契凡歷史可以追溯到2500年前,前1世紀,依靠亞美尼亞成為當時西亞最強大的國家之一。其後經歷羅馬帝國、帕提亞帝國、蒙古、鄂圖曼帝國等國家入侵,其後為俄國所吞併,後來伴隨阿塞拜疆獨立,成為納希契凡自治共和國。納希契凡1990年宣佈獨立。 早期歷史 早在新石器時代,納希契凡就已有人居住。納希契凡的歷史可以追溯到2500年前。傳統上亞美尼亞人認為納希�...

Jambes reculant Unicode D055 {{{trans}}} Version hiératique et hiéroglyphique Les jambes reculant, en hiéroglyphes égyptiens, sont classifiées dans la section D « Parties du corps humain » de la liste de Gardiner ; cet hiéroglyphe y est noté D55. Représentation Il représente une paire de jambes en marche, reculant (par rapport à D54 ). Utilisation C'est un déterminatif du champ lexical du recul, retour. Exemples de mots Faulkner ˁnn sbhȝ ḫtḫt vb- se rétract...

 

  لمعانٍ أخرى، طالع بلفيو (توضيح). بلفيو     الإحداثيات 39°06′06″N 84°28′51″W / 39.101666666667°N 84.480833333333°W / 39.101666666667; -84.480833333333   [1] تقسيم إداري  البلد الولايات المتحدة[2][3]  التقسيم الأعلى مقاطعة كامببيل  خصائص جغرافية  المساحة 2.417236 كيلومت�...