برزت المنصات الإخبارية على تويتر كأداة حيوية لنقل المعلومات خلال جائحة كورونا في البحرين حيث أصبحت مصدر رئيسي للأخبار والتحديثات المتعلقة بالفيروس والجهود المبذولة لمكافحته. مع تفشي الجائحة اعتمد الجمهور بشكل متزايد على هذه المنصات للحصول على معلومات دقيقة وسريعة حول الوضع الصحي والإجراءات الحكومية والتوجيهات الوقائية.
تميزت تغريدات الهيئات الرسمية مثل وزارة الصحة بتوفير بيانات دقيقة وإرشادات صحية مما ساهم في تعزيز الوعي العام. كما لعبت منصات التواصل الاجتماعي دور في تسهيل النقاشات المجتمعية ومشاركة التجارب الشخصية مما أضفى طابع إنساني على أزمة الصحة العامة.
الأفكار التي تعتمد عليها المنصات الإخبارية في معالجتها لأخبار جائحة كورونا
اعتمدت المنصات الإخبارية على مجموعة من الأفكار التي عالجت من خلالها أخبار جائحة كورونا وتمثل فكرة التحذير من خطورة الجائحة أكبرها وأكثرها تكرارًا، إذ استخدمت في أكثر من 27% من التغريدات التي تناولت الحديث عن جائحة كورونا سواءً من وجهة نظر اقتصادية أو سياسية أو حتى صحية، ولعل هذا الأمر منطقيا إلى حد كبير، إذ اجتاحت العالم التخوفات من الجائحة منذ بداية الجائحة ولم تهدأ وتيرة تلك التخوفات إلا مع اكتشاف اللقاحات المتنوعة. وتمثلت ثاني أكثر الأفكار ترددًا في التغريدات عن سبل تقديم الوقاية والدعم بنسبة مئوية تربو عن 22% ، وترددت هذه الفكرة كثيرا كسابقتها في بداية الجائحة قبل اكتشاف اللقاحات، ورغم أن الفكرتين استمرتا بعد اكتشاف اللقاحات إلا أن تكرارهما في التغريدات لم يكن بنفس الوتيرة. وقد جاءت هذه الفكرة بالمركز الأول.[1]
ويأتي التسويق الإيجابي لتعامل الحكومات مع الجائحة في المرتبة الثالثة من الأفكار التي تم استخدامها في تقديم أخبار وتطورات جائحة كورونا وذلك بنسبة %21، إلا أن هذه الفكرة تحديدًا لم تظهر بشكل كبير في منصتي بي بي سي عربي أو حتى منصة منظمة الصحة العالمية، ولكنها ظهرت بشده في تغريدات أخبار الخليج وغلف ديلي نيوز.
أما فكرة وجود أمل في السيطرة على الجائحة فجاءت في المركز الرابع وازدادت وتيرتها بشكل كبير جداً بعد اكتشاف أنواع متعددة من اللقاحات.
وعن فكرة التسويق لأنواع محددة من العقاقير فقد ظهرت أثناء ارهاصات اكتشاف اللقاحات واستأثرت بها منصات دون غيرها، ولعل أبرز المنصات التي روجت لعقار بعينة هي منصة بي بي سي عربي؛ إذ إنه في يوم واحد وهو يوم 14 يناير 2021 تم توجيه عدد 11 تغريدة تسويقية للقاح استرازينيكا، ناهيك عن التسويق السلبي للقاحات الأخرى مثل ما تم يوم 13 يوليو، إذ أوضح تقرير منشور في تغريدة سلبيات وعدم فاعلية اللقاحات الأخرى بالمقارنة بلقاح استرازينيكا.[2]
تأتي بعد ذلك فكرة المقارنة الحيادية بين أنواع اللقاحات وقد استحوذت على عدد أقل من التكرارات لم يتعد 8%. وتلي هذه الفكرة في المركز قبل الأخير الدعاية السلبية للسياسات الحكومية بنسبة 3%، وفي المركز الأخير استخدمت بعض المنصات مجموعة من الأفكار الأخرى مثل التسويق لتطبيقات برمجية وبرامج صحية تساعد الأفراد على الوقاية من الأمراض عمومًا وكورونا خاصة.
الفنون الصحفية المستخدمة في التغريدات الخاصة بجائحة كورونا
تنوعت الفنون الصحفية المستخدمة في أخبار جائحة كورونا بين مواد الرأي والمواد الإخبارية والمواد التفسيرية والاستقصائية. وجاء الخبر البسيط في المركز الأول بين هذه الفنون بنسبة 34.1%، تلاه الصور والرسوم التوضيحية بنسبة 23.4%، وفي المركز الثالث جاءت التقارير الإخبارية بنسبة 13.2%. وفي المركز الأخير جاءت التحقيقات المصورة والحوارات بنسبة 4.4% و 3.9% على التوالي. يتضح أن منصة الشرق الأوسط كانت قد استخدمت المواد الإخبارية في 69% من تغريداتها إلا أن الخبر البسيط كان الأكثر تكرارًا بنسبة 30% من إجمالي تغريدات المنصة التي تهتم بالجائحة بينما تقارب استخدام التقارير الإخبارية والصور والرسوم بنسب 18% و 17% على الترتيب.
وجاء الكاريكاتير والمقال والقصة الخبرية والتحقيق المصور والمقالات في المقام الأخير. ولا تختلف هذه النتائج كثيرًا عن نتائج دراسات هدفت لمعرفة أكثر الكلمات تكرارًا على تويتر خلال بدايات الجائحة، وبالتالي تطرقت للفنون الصحفية المستخدمة والتي جاء الخبر البسيط أكثرها تكرارًا ثم الصور والرسوم التوضيحية في المركز الثاني.
ولم تختلف منصة بي بي سي كثيرًا عن منصة الشرق الأوسط ؛ إذ استخدمت بشكل أساسي الخبر البسيط والصور والرسوم التوضيحية وفي المركز الثالث التقارير الإخبارية وجاءت المقالات في المركز الأخير.[3]
وبالرغم من أن بقية المنصات قد حذت حذو المنصتين السابقتين إلا أن استخدام فن المقال والحوار قد ارتفعت نسب استخدامهم.
وبالطبع يرجع ذلك إلى طبيعة موقع التواصل الاجتماعي تويتر والذي يتيح عدد حروف محدده لكل تغريدة إضافة إلى تحديد مساحات محددة للكتابة، وبالرغم من ذلك كانت المقالات عبارة عن روابط خارجية تكتب عناوينها على تويتر وبمجرد النقر عليها تحول المستخدم إلى مواقع أخرى تضم المقالات، وغالبا ما تكون هذه الروابط هي المواقع الالكترونية لهذه المنصات.
وسائل الإبراز المستخدمة في التغريدات الخاصة بجائحة كورونا
قامت المنصات الإخبارية قيد الدراسة باستخدام مجموعة من وسائل الإبراز وتعددت هذه الوسائل بين الصور الشخصية، وصور ورسوم إيضاحية، إلى جانب مقاطع الفيديو سواء أكانت هذه المقاطع حقيقية أو فيديو جرافيك.
ذلك كله في سبيل إيصال الخبر بشكل أفضل يتناسب مع متطلبات وحاجات الفئات المختلفة من الجمهور، خاصة وأن الكثير من المعلومات حول جائحة كورونا تكون طبية تخصصية إلى حد كبير ؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى صعوبة في توصيل قدر صغير من الأخبار والمعلومات.
يتضح سيادة الصور الموضوعية والرسوم التعبيرية على التغريدات التي عالجت موضوع جائحة كورونا وذلك بنسب مئوية 36% و 27% على الترتيب.
أما الصور الشخصية فقد جاءت في المركز الثالث بنسبة مئوية 14%، وتلتها الرسوم البيانية بنسبة 9%.
بينما جاءت وسيلتا الفيديو جرافيك والخرائط والفيديو بوصفهم أقل الوسائل استخدامًا، بنسب مئوية %6 و 5% و 3% على الترتيب إذ كانت مقاطع الفيديو هي أقل الوسائل ، الأبرز استخداما.
وقد ترجع النتائج إلى عدة أسباب :
طبيعة التغريد على موقع التواصل الاجتماعي تويتر والذي يفضل أن يكون خبرا صغيرًا لا يتجاوز عدة أسطر.
عدم ميل الجمهور حديثا إلى مشاهدة فيديو تفصيلي للمعلومة لعدة أسباب ؛ كان يكون الفرد غير مؤهل نفسيًا لاستقبال هذه الصورة من الوسائل في المواصلات مثلاً أو خلال التسوق، أو حفاظا على باقات الانترنت، أو حفاظا على الوقت.
العزوف النسبي عن استخدام الخرائط لعدم سهولة فهمها بالنسبة لجميع فئات الجمهور ، ولمحدودية أنواع البيانات التي يمكن أن تمثل على الخرائط.
جدير بالذكر أنه على الرغم من أن إجمالي التغريدات التي عالجت موضوع جائحة كورونا في المنصات الإخبارية الخمس قيد الدراسة يزيد عن 25 ألف تغريدة؛ إلا أن نحو ربع هذا العدد لم يستخدم وسائل للإبراز من الأساس، ليصل عدد التغريدات التي استخدمت وسائل الإبراز نحو 19 ألف تغريده فقط إذ لم تتجاوز نسبة التغريدات التي استعانت بوسائل الإبراز في دراسته 35%.
يتضح أن المنصات جميعها تأخذ نفس النمط في التقسيمات المئوية لوسائل الإبراز المختلفة، فقد استحوذت الصور الموضوعية على المركز الأول في كل المنصات عدا منصة منظمة الصحة العالمية ومنصة غلف ديلي نيوز إذ حلت الرسوم التعبيرية محلها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه ثمة تميز في سلوك منصتي منظمة الصحة العالمية وبي بي سي عربي إذ احتلتا المركزين ؛ الأول والثاني في استخدام الرسوم البيانية، مما يؤثر بالطبع في بناء الآراء المنطقية لدى الجمهور.
أيضا احتلت المنصتان المركزين ؛ الأول والثاني في استخدام وسيلة الفيديو جرافيك ؛ هذه الوسيلة التي بدأت في الانتشار، وتكون الفيديوهات بها مصممة الإيصال وجهة نظر أو معلومة محدده في صورة واجهة مرسومة تلائم الهدف منها؛ الأمر الذي ينعكس على تقبل الجمهور لها بحسب محتواها.
كما احتلت المنصتان أيضا المركزين ؛ الأول والثاني على الترتيب في استخدام الخرائط لا سيما الرقمية منها، والتي توضح التطورات العددية بشكل مستمر لانتشار الجائحة على المستويين ؛ العالمي والإقليمي بل والمحلي أيضا، ولعل هذا منطقيا في حالة منظمة الصحة العالمية؛ إذ تساعد الخرائط على تمثيل بيانات دول العالم أجمع بشكل أكثر ديناميكية وواقعية، كما يُقبل الأمر ذاته مع منصة بي بي سي عربي؛ وذلك لكونها شبكة أخبار عالمية يتابعها الملايين حول العالم. أما المنصات الثلاث الأخرى سواء أكانت إقليمية أو محلية فكانت في وضع عدم اضطراري لاستخدام هذه الوسائل والأدوات.
مسارات البرهنة للأخبار الخاصة بجائحة كورونا في التغريدات على المنصات الإخبارية بموقع تويتر
استخدمت المنصات الإخبارية على تويتر مجموعة من مسارات البرهنة في تناولها لأخبار جائحة كورونا وجاء أبرز هذه المسارات وأكثرها تكرارًا "عرض وجهة نظر واحدة بنسبة مئوية قاربت 32% ، ويلي هذا المسار في المركز الثاني مسار إبراز تصريحات المسؤولين بنسبة مئوية وصلت 23.7%، أما في المركز الثالث فقد برز استخدام الإحصاءات والأرقام بنسبة 20.4%. وجاء تكرار الرسالة في المركز الأخير بنسبة 5.8%.
وترجع هذه الأرقام وتلك النسب إلى مجموعة من العوامل، فمثلا من الصعب جدا أن تتسع التغريدات لأكثر من وجهة نظر وأكثر من رأي؛ وذلك لعدد كلماتها المحدد، لذا جاء مسار عرض وجهة نظر واحدة في المركز الأول، أيضا فرض وضع الجائحة أهمية قرارات المسؤولين التنفيذيين بل والتشريعيين وأبرز أهمية الالتزام بالتعليمات والقرارات والتشريعات، ومع تسارع أحداث الجائحة وتطورها تطورت وتسارعت تصريحات المسؤولين التي تنوعت بين نفي أوامر وقرارات ، وإثباتها ؛ الأمر الذي انعكس بالضرورة على تكرار إبراز تصريحات المسؤولين، كما فرضت طبيعة الجائحة استخدام الأرقام والإحصاءات لاسيما في العالم الرقمي الذي يحيط بنا في كل شيء؛ فمن المنطقي أنه لن يستطيع إنسان يعيش في بلد تعداده السكاني خمس ملايين نسمة تصور الوضع المأساوي لجائحة يصل عدد الوفيات جرائها إلى 50 ألف نسمة يوميًا إلا بالأرقام.
أما عن مسار تكرار الرسالة الإعلامية ووجوده في المركز الأخير؛ فقد جاءت هذه النتيجة منطقية إلى حد كبير نظرًا لتسارع الأحداث والتعليمات وردود الأفعال ؛ الأمر الذي أدى إلى عدم وجود مساحة أو جدوى من تكرار موقف أو رسالة محددة سوى في بعض الأحداث والتغريدات، والتي كانت المنصات تثبتها في بداية الجائحة مثل سبل الوقاية والحفاظ على المنزل والأهل والعزل المنزلي.
ولم تختلف المنصات في استخدامها لمسارات البرهنة عند تناولها لأخبار جائحة كورونا كثيرًا ؛ إذ اتخذت جميعها نفس الاتجاهات. إلا أن منصة منظمة الصحة العالمية قد تفوقت على مثيلاتها في استخدام مسار عرض وجهة نظر واحدة وذلك وفقا لنوع المعلومات ومحتوى التغريدات التي تنشرها؛ إذ إن المعلومات الطبية لا تحتمل وجهات النظر في الكثير من الأحيان.
أما منصة غلف ديلي نيوز فقد سبقت في استخدام مسار عرض وجهات نظر مختلفة، ويمكننا الربط بين هذه النتيجة ونتيجة سابقة تنص على أن المنصة ذاتها احتلت المركز الأول في إجراء الحوارات، والمركز الثاني في إجراء التحقيقات المصورة.
كما تكاد تتساوى كل من منصات منظمة الصحة العالمية ومنصة بي بي سي عربي في استخدام الإحصاءات والأرقام وتليهم مباشرة منصة أخبار الخليج. وكانت منصتا الشرق الأوسط وبي بي سي عربي الأكثر اهتماما بتصريحات المسؤولين، وقبع استخدام مسار تكرار الرسالة في المركز الأخير، وذلك كما سبق الذكر بسبب تسارع الأحداث وعدم جدوى التكرار سوى في بعض حملات التوعية التي قامت بها بعض المنصات. وقد تكرر استخدام مسار "الاستشهاد بالأدلة الدينية" في منصة غلف ديلي نيوز خمس مرات بنسبة مئوية لا تتجاوز 0.1%، وقد كان استخدام هذا المسار من قبيل حث رواد المنصة على الالتزام بسبل الوقاية وتدعيم ذلك بالأحاديث النبوية الشريفة الدالة على ضرورة إجراء عمليات الحجر الصحى والتطهر المستمر بالماء.[4]
اهتمام المنصات الإخبارية بربط جائحة كورونا بمصالح الجمهور
تعددت الآثار التي تناولتها المنصات الإخبارية لجائحة كورونا على المواطنين، وبطبيعة الحال كانت الآثار الصحية هي الساندة وفقا لطبيعة الأزمة، وذلك بنسبة 48% وتمثلت هذه الآثار الصحية المذكورة في تناول أعداد الإصابات والوفيات وتطورها، إضافة إلى محاولات اكتشاف اللقاحات وإنتاجها من الناحية الطبية، وفي المرتبة الثانية جاءت الآثار الاقتصادية بنسبة 22.8%، وتمثلت هذه الآثار المذكورة في التغريدات في تأثر حركة التجارة والصناعة وقطاع الخدمات في ظل جائحة كورونا. وفي المركز الثالث كانت الآثار السياسية والتي لم يتجاوز تكرارها %13.3، وذكرت المنصات الآثار السياسية مثل العلاقات الدولية والمساعدات الصحية بين الدول، ليس هذا فقط بل تناولت المنصات أيضا تعامل بعض الدول مع جائحة كورونا مثل التكتم الإعلامي واعتقال الأطباء الذين صرحوا بوجود وباء في الصين كما تناولت تأثيرات جائحة كورونا على الانتخابات الأمريكية وفقًا لتعامل الحكومات مع الأزمة.[5] وفي المركز الرابع كانت الآثار الاجتماعية بنسبة 9.9% حيث تناولت المنصات تفاقم مشكلات البطالة وآثارها الاجتماعية، ودور منظمات المجتمع المدني في مجابهة الآثار الاقتصادية والأسرية بل والتعليمية.
وفي المركز الخامس والأخير تناولت المنصات الآثار النفسية للجائحة بنسبة مئوية 6%. وشملت هذه الآثار تعرض المصابين ومرافقيهم لحالات الاكتئاب إضافة إلى حالات الذعر والهلع وحالات القلق المرضية التي اجتاحت العالم بشكل عام وجنوب أوروبا خصيصا في بدايات الجائحة وبطبيعة الحال يمكن إدخال الآثار النفسية للجائحة تحت مظلة الآثار الصحية لتتعدى نسبة الآثار الصحية 54% من الآثار المتناولة.[6]
يتضح تفوق منصة منظمة الصحة العالمية الإخبارية في تناول كل من الآثار الصحية والنفسية لجائحة كورونا بينما احتلت المنصة ذاتها المركز الأخير في تناول الآثار الاجتماعية والسياسية.
أما منصة بي بي سي عربي فكانت الأكثر اهتماما بالآثار السياسية والاقتصادية للجائحة[7][8]، واتخذت موقفا متوسطا بين المنصات في تناول الآثار الاجتماعية والنفسية.[9][10]
وبينما كانت منصة الشرق الأوسط هي الأكثر اهتمامًا بالآثار الاجتماعية اهتمت منصة غلف ديلي نيوز بالآثار السياسية للجائحة.
خبرة التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي
إن الفترات الزمنية للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي قد تراوحت بين أقل من عام بنسبة 13.6% من الإجمالي وأكثر من عامين بنسبة 67.8% ، وفي مركز وسط تعامل 18.6% مع مواقع التواصل الاجتماعي منذ أكثر من عام وأقل من عامين.
ويمكن أن يرجع العدد الكبير لذوي الخبرة الكبيرة في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدة أسباب منها ارتياد معظم الفئات السنية لهذه المواقع إبان فترات الربيع العربي منذ ما يقرب من عشرة سنوات.
وتتزايد أعداد مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي يوما بعد يوم ؛ الأمر الذي يتضح بجلاء عند مقارنة هذه الأعداد خلال السنوات القليلة الماضية ؛ ففي العام 2017 وصل عدد مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي إلى أقل من 2.5 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، بينما وصل هذا العدد في عام 2019 إلى 3.5 مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم، بما يعادل حوالي 45% من إجمالي عدد سكان العالم.
كما يمكن أن ترجع الزيادة النسبية لمرتادي مواقع التواصل منذ أكثر من عام وأقل من عامين إلى بحث الكثير عن مصادر معلوماتية لتلبية حاجاتهم للمعلومات الخاصة بجائحة كورونا.
المعدل اليومي لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي
بحسب التقرير الصادر عن مؤسسة هوتسويت الكندية عن العالم الرقمي للعام 2019 ، فقد وصل عدد مستخدمي مواقع التواصل 136.1 مليون شخص في الوطن العربي أي نحو 53% من عدد سكان الدول العربية ؛ الأمر الآخر الذي لفت إليه التقرير أن الدول العربية تتفوق على الدول المتقدمة في مدة استخدام الإنترنت بأكثر من ساعة ونصف يومياً على الأقل، وذلك بالنسبة للفئة العمرية من (16-64) عاما، إذ إن متوسط مدة تصفح المستخدم في السعودية على سبيل المثال بلغ أربع ساعات و 14 دقيقة ، وفي البحرين بلغ ثلاث ساعات و 55 دقيقة ، وفي الإمارات وصل إلى ثلاث ساعات و 53 دقيقة ، أما في المغرب فتبلغ المدة ثلاث ساعات و 31 دقيقة.
وهذه الأرقام كلها تفوق المتوسط العالمي المحدد بثلاث ساعات و 22 دقيقة ، ويشير هذا إلى تعاظم أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في الدول العربية، وأنها باتت أحد أنماط الحياة العامة في الحياة المعاصرة، وباتت ضمن آليات التسويق الاجتماعي والسياسي التي يتم توظيفها في العديد من المجالات.
ولم تمثل معرفة عدد الساعات في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي مفاجأة كبيرة ؛ لا سيما في ظل الحجر المنزلي الذي فرض على معظم البشر في بيوتهم في هذه الفترات العصيبة من انتشار جائحة كورونا عالميا ؛ الأمر الذي أدى لارتياد مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاتها الإخبارية لفترات تفوق الثلاث ساعات يوميًا في المعظم.
يتضح أن نحو 51% لا يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من ثلاث ساعات يوميًا بواقع 20.8% يتابعون هذه المواقع أقل من ساعة يوميًا، و 30.8% من ساعة إلى ثلاث ساعات.
وتتابع النسبة الكبرى مواقع التواصل الاجتماعي من ثلاث ساعات إلى أقل من خمس ساعات يوميًا وذلك بواقع 35%، ويمكن تفسير ذلك في ضوء الحجر المنزلي والعمل من المنازل وأوقات الفراغ التي أدت بالبعض إلى إدمان وسائل التواصل إما بهدف ملء أوقات الفراغ أو التغلب على حالات الاكتئاب أو متابعة الأخبار والتطورات السريعة بشكل لحظي.
المشكلات التي تعاني منها مواقع التواصل الاجتماعي
تعد وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لانتشار الشائعات وتداولها بشكل فائق السرعة بفعل خصائص البث الفوري والتداول الجماعي التي تتمتع بها، فضلاً عن توافر أدوات تزييف الصور وفبركة الفيديوهات، والتي تضفي بدورها حبكة محكمة على محتوى الشائعات تساعد في انتشارها، ويكفي الإشارة هنا إلى أن جمهورية مصر العربية قد تعرضت إلى أكثر من 21 ألف إشاعة خلال العام 2019 تستهدف نشر البلبلة والإحباط، وتدمير المجتمع من الداخل .
وفي أزمة جائحة كورونا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات مغلوطة حول أعداد المصابين بالفيروس في بعض الدول العربية ليس فقط للتشكيك في منظومتها الصحية والوقائية، وإنما أيضاً لإظهار عجزها وإضعافها أمام شعبها، واتهامها بغياب الشفافية وعدم المصداقية أمام المجتمع الدولي.
أهم المشكلات التي تعاني منها مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ جاء في المركز الأول تداول المعلومات مجهولة المصدر وهي من أكبر المشكلات بنسبة 74% ، بينما جاء في المركز الثاني تداول المعلومات من مصادر غير موثوقة مثل "وقال مصدر مطلع" أو الاستعانة بوكالات أنباء مشبوهة بنسبة مئوية وصلت إلى 69%.
وفي المركز الأخير جاءت مشكلة صعوبة الحصول على المعلومات المهمة بنسبة 25% ، وتمثل هذه المشكلة جانبا مهما وإشكالية خطيرة في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يتطلب البحث عن المعلومة السليمة المنقحة من مصدر موثوق الكثير من المجهود والوقت، وذلك لتعدد المنصات واستباقها نحو حصد الملايين من المشاهدات وجذب مئات الآلاف من الحسابات ؛ الأمر الذي يدفعها إلى إطلاق المزيد من الشائعات وتغيير الصياغات لتطويع المعاني والأخبار الأغراض محددة سلفا.
المصادر التي اعتمد عليها في متابعة أخبار جائحة كورونا
تمتاز كل فترة تاريخية عن سابقتها بتطور أدوات المعرفة فيها، إلا أن بعض البشر لا يواكبون هذا التطور كما ينبغي؛ وذلك إما خوفا من التكنولوجيا الجديدة، أو اتقاء السلبياتها. فخلال عقد الستينات كانت أجهزة الراديو هي المصدر الأكثر استخداما في معرفة الأخبار، أما الآن فتتسم الشوارع بمختلف مواقعها الجغرافية بالبشر حاملي الهواتف المحمولة إن جاز التعبير، وبالطبع أثر ذلك في سرعة انتشار الأخبار ودقتها .
وتحتوي الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية بل والحواسب الآلية على صور كثيرة للتطبيقات الإخبارية، إضافة إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي والتي تضم في طياتها المئات من المنصات الإخبارية.
ورغم التأثير الكبير المواقع التواصل الاجتماعي على الواقع العربي والعالمي كما ذكر؛ إلا أن هناك مصادراً أخرى للمعلومات قد اعتمد.
يتضح أن 82.4% يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي لاستقاء معلوماتهم عن مختلف القضايا والموضوعات، بينما في المركز الثاني تأتي الصحف الالكترونية بنسبة 55.8%، وفي المركز الأخير جاءت الصحف المطبوعة بنسبة 28.4% ويرجع هذا بالطبع كما ذكر إلى تطور وسائل المعرفة واعتمادها على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والحواسب الآلية من جهة ، وسرعة ودقة هذه الوسائل من جهة أخرى.
الثقة في المنصات الإخبارية على تويتر في معرفة أخبار جائحة كورونا
إنه من غير السليم تكوين صورة ذهنية عن الأخبار الموثوقة النابعة من منصة إخبارية ما عن طريق عدد المشتركين والمتابعين لها. فمثلاً المنصة الإخبارية التي يتابعها 1000 حساب لا تزيد درجة موثوقية أخبارها بالضرورة عن منصة أخرى يتابعها 10 حسابات، وإن كان عدد المتابعين مهما في الحكم على المنصات الإخبارية. إلا أن ما يحدث غالبًا هو قيام هذه المنصات بنشر أخبار مفبركة أو بصيغة معينة - كأن تكون مثيرة للرأي العام لتضمن دخول عدد كبير من الحسابات وتسجيل المتابعة أو الإعجاب.
ويدخل في عملية تقييم درجة ثقة الجمهور في أخبار المنصات مجموعة من العوامل مثل الانتماءات الأيديولوجية للجمهور والمنصات وتوجهاتها السياسية وكينونة هيئة التحرير الخاصة بالمنصة، ومدى تابعية المنصة لهيئات أو منظمات محلية أو عالمية، واعتماد هذه المنصات على مصادر في تناول وسرد أخبارها ؛ كل هذه العناصر وغيرها ترسخ لدى الجمهور درجة من الثقة يمكن لكل متابع تحديدها.
وعن مدى الثقة في أخبار جائحة كورونا المنشورة على المنصات الإخبارية على تويتر اتضح التباين في درجة الثقة في هذه الأخبار بحسب المنصة ؛ فمثلا يتجاوز متوسط درجة الثقة في أخبار منصة منظمة الصحة العالمية 9.2 درجة، يليه متوسط درجة الثقة في أخبار منصة بي بي سي عربي بعدد درجات 8.9. بينما كان متوسط درجة الثقة بمنصة العالم الإخبارية الإيرانية 4 درجات.
اعتماد الجمهور على منصات تويتر الإخبارية في معرفة أخبار جائحة كورونا
يعتمد الجمهور في استقاء معلوماته على ما يثق فيه ويقدم له معرفة دورية مجردة من التوجيهات التي يمكن أن تكون إيجابية أحيانًا وسلبية أحيانًا أخرى. وهكذا رأى الجمهور أن أولى المنصات التي يمكن أن يعتمد عليها لمعرفة أخبار جائحة كورونا هي منصة منظمة الصحة العالمية بتسع درجات اعتماد ، تليها منصة أخبار الشرق الأوسط وجاءت منصة أخبار بي بي سي عربي في المركز الثالث ب 8.6 درجة واحتلت منصتا أخبار الخليج وغلف ديلي نيوز المركز الرابع والخامس على الترتيب.
وفي المراكز الثلاث الأخيرة جاءت منصات العالم والجزيرة وتي آر تي ويرجع تدني مستويات الاعتماد على هذه المنصات إلى الصراعات السياسية بين الدول المطلقة لهذه المنصات من جهة ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى.
التأثيرات التي تترتب على استخدام المنصات الإخبارية الموجودة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر
تشير العديد من الدراسات إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تسهم بدور كبير في التثقيف الصحي، من خلال ما تتيحه من محتوى رقمي متنوع يتناول مختلف الأطر والطرق بل والسياسات الصحية. وتعد فئة الشباب الأكثر تأثرا بهذا المحتوى، بحكم ما يتمتعون به من سمات تجعلهم أكثر انفتاحاً على الثقافات العالمية والتجارب الصحية لمختلف دول العالم. ويكشف هذا بوضوح أن وسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة تمثل نافذة مهمة للتثقيف الصحي، إذ إن المشاركات المتعددة للمحتوى الذي تنشره صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من شأنه أن ينمي المعرفة الصحية للنشء والشباب ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يدفعهم إلى المشاركة في الفاعليات المجتمعية والتوعوية، لا سيما في ظل تنامي دور الشباب في كافة المجتمعات ، إذ إن الكثير من القيادات والمسؤولين في العالم ينتمون إلى جيل الشباب.
ويُدلل على ذلك من أن وسائل التواصل الاجتماعي أفرزت نخبة جديدة من الشباب العربي الذين يتابعهم الملايين، ويمتلكون القدرة على التأثير والإقناع.
وعن تأثيرات ارتياد المنصات الإخبارية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تبينت مجموعة من النقاط وهي:
أقر 88% بزيادة ثقافتهم العامة واطلاعهم على المزيد من الأخبار والمعلومات من خلال متابعتهم للمنصات الإخبارية.
يرى 59% أن متابعتهم للمنصات الإخبارية على تويتر قد زادت من ثقتهم، ويرجع ذلك بالطبع لكونهم متابعين للأحداث أولاً بأول، إذ ترتبط الثقة بالنفس حتمًا بالمعرفة. كما رأي 47% أنهم أصيبوا بالتشتت العاطفي لا سيما في ظل تضارب الأخبار وتعدد الآراء تجاه الجائحة ، بينما عارض 34% هذا الرأي. وأقر 36.4% بزيادة الشعور بالمسؤولية المجتمعية وذلك من خلال حث المنصات على نشر الحس الوطني والحث على التضافر المجتمعي. ولم ينكر دور المنصات في التأثيرات النفسية على الأفراد سوى 11% بينما عارض هذا الرأي 53%.
أضاعت متابعة المنصات الإخبارية على تويتر أوقات 43.6% من مرتاديها بينما تساوت نسب الأفراد المحايدين والمعارضين لهذا الرأي ب 28%. كما أثرت متابعة هذه المنصات إيجابيا في سلوك 37% وتساوت أيضا نسب المحايدين والمعارضين لهذا الرأي بنسبة 31%. ويرى 19.6% بان متابعة المنصات لم يكن لها أية تأثيرات على سلوكهم إلا أن 65.2% عارضوا هذا الرأي.
الخاتمة
تجمع نظريات الاتصال والإعلام الحديثة على تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع الثورة الرقمية التي يعيشها عالم اليوم، فإن من المهم والضروري العمل على تعظيم الاستفادة من الفرص التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها أهم أدوات التنشئة وتشكيل الوعي لدى النشء والشباب، وفي الوقت ذاته ضرورة ضبطها وتنظيمها بحيث لا تتحول إلى منصات لنشر الفكر المتطرف والعنيف أو نشر الشائعات التي تهدد أمن المجتمعات واستقرارها، وهناك العديد من المقترحات التي يمكن أن تسهم في ذلك، لعل أبرزها:
تدريب النشء والشباب في الدول العربية على كيفية الاستخدام الأمن المواقع التواصل الاجتماعي من خلال دورات متخصصة يشرف عليها الخبراء والمتخصصون، وتنمية الوعي لديهم بخطورة الفكر الذي تبثه بعض الجهات عير المنضبطة على هذه المواقع.
التصدي للشائعات التي مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تطبيق العقوبات على مروجيها، خاصة أن هذه الوسائل تعد النافذة المثالية لإطلاق الشائعات التي تستهدف الأفراد والدول على حد سواء. وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي عاملاً فاعلاً في هذا الانتشار الكبير للشائعات والأكاذيب، فإنها أيضاً وفرت الحلول لمكافحة تلك الأكاذيب ومحاصرتها، فقد نشر موقع فيسبوك ورقة باسم عمليات المعلومات في أبريل 2017 تضمنت تطوير خوارزميات قادرة على رصد الحملات المنظمة الهادفة لنشر الشائعات عبر رصد هذا النوع من السلوك الممنهج لنشر أخبار بعينها، وهي خوارزميات قادرة على منع الحسابات الوهمية ورصد نشر الحساب للخبر ذاته بشكل متكرر، أو قيامه بإرسال مراسلات بشكل مشبوه وهناك أيضاً آلية التعقب الرقمي، والتي لا تكتفي برصد الشائعات فقط ولكنها تعمل على تتبع انتشارها، وتعقب مصادرها، والتحقق من عناصرها بشكل فوري ومنظم، ومن أبرز أمثلتها موقع Emergent، وهو جزء من مشروع بحثي تابع لمركز تو للصحافة الرقمية بجامعة كولومبيا، ويقوم الموقع بوضع لافتات على الشائعة، بحيث يوضح كونها شائعة أو معلومة صحيحة أو غير مؤكدة بعد، وبالضغط عليها يوضح مصدرها وحجم انتشارها وغيرها من المعلومات.
توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في التصدي للأيديولوجيات المتطرفة والأفكار الهدامة التي تستهدف النشء والشباب، وهناك العديد من التجارب المهمة التي يمكن الاستفادة منها في هذا الشأن، كتجربة مركز صواب، الذي تم تأسيسه بالتعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2015، بهدف التصدي للأفكار المغلوطة وتصويبها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.