السكرية هي رواية من تأليف الكاتب المصري نجيب محفوظ، وهي الجزء الثالث من ثلاثية نجيب محفوظ التي حصل على إثرها على جائزة نوبل في الأدب عام 1988م. السكرية هو اسم حي في القاهرة، وهو الحي الذي تدور فيه معظم أحداث الرواية، وتبدأ أحداث هذا الجزء بعد نهاية أحداث الجزء السابق بثمانية أعوام كاملة أي في عام 1934، وتنتهي في عام 1943.[1]
يبدأ هذا الجزء بداية حزينة كالنهاية التي انتهى بها سابقه. إذ يتّضح أن الفترة الفاصلة بين نهاية رواية قصر الشوق وبداية هذه شهدت وفاة ابني عائشة (محمد وعثمان) وزوجها متأثرين بمرض حمى التيفوئيد، وتتبدل إذ ذلك حال عائشة، التي كانت آية في الحسن والجمال، فتغدو امرأة يائسة تُدخِّن وتشرب القهوة طوال اليوم، ولم تبق لها سوى ابنتها نعيمة ذات الستة عشر عاماً. وفي هذا الجزء يتبدل الأبطال، حيث يتبوأ أطفال الجزء الماضي مكان الصدارة في هذا الجزء كشبان نضجوا وأصبحت لكل منهم أهواؤه ومشاربه.[2]
تبدأ الرواية بطلبٍ من «جميل الحمزاوي» (وهو مساعد السيد أحمد عبد الجواد في إدارة دُكَّانه) بخطبة ابنه «فؤاد الحمزاوي» لابنة عائشة «نعيمة»، وذلك في أول واقعة لمسألة الزواج التي تتكرَّر كموضوعٍ أدبي في هذه الرواية. ويتكبَّر السيد على هذا الطلب في أول الأمر بسبب الفرق بين منزلة أسرة التاجر وأسرة العامل، وتنضمُّ له «خديجة» في استعلائها على «آل الحمزاوي»، لكن سرعان ما يتبيَّن لهم أن «فؤاد الحمزاوي» ارتقى في السُلَّم الوظيفي والاجتماعي حتى أصبح أعظم شأناً منهم جميعاً، بل إنه يظهر علامات للتكبر حينما يزور السيد ويتغاضى تماماً عن ذكر الزواج من «نعيمة»، فتنتهي المسألة حينذاك.
يتجه «كمال» للاحتفال بالعيد الوطني في 13 نوفمبر بمظاهرات ومسيرات، فتُقَابل المسيرة برصاصٍ يعيد لـ«كمال» ذكريات مشهد مقتل «فهمي» في رواية بين القصرين، مما يجلب له الكآبة. ويلتقي «كمال» في قهوة أحمد عبده بصديق طفولته («صديق العمر ولكن ليس صديق الروح») وهو «إسماعيل لطيف»، فيسمعُ منه عن أن أسرة «آل شداد» الأرستقراطية (الذين وقع «كمال» في عشق ابنتهم سابقاً) حلَّت بها كارثة اقتصادية أدَّت إلى إفلاسها وانتحار رب الأسرة.
يصادق «رضوان» (ابن «ياسين») شاباً في المدرسة اسمه «حلمي عزّت»، وسرعان ما يصبحان صديقين مُقرَّبين في اهتماماتهما السياسية والمهنية، ويُعرِّف «حلمي» صديقه إلى سياسي كبير اسمه «عبد الرحيم باشا عيسى»، وهو رجل مسنٌّ وأعزب ومؤثر سياسي يصبح راعياً للفتيين يساعدهما في الوصول إلى كبار الشخصيات وكسب أهم المراكز، ومنذئذ يصبح «رضوان» مضرب المثل في أسرته لأنه «على صلة بكبار الساسة» وأنه «ضَمِنَ مستقبلاً باهراً» بذلك.
يتبين أن ثمة قصة حب سري بين «عبد المنعم» و«نعيمة» حينما تستقبله الفتاة في الظلام ذات يوم حين عودته للمنزل، ولكن «عبد المنعم» يُقرِّر أن ينهي علاقتهما السرية ويخطبها خطبة علنيَّة اتباعاً لتوجهاته الدينية (التي تتمثَّل بتقرّبه من الشيخ «علي المنوفي» وانضمامه لاحقاً لجماعة الإخوان المسلمين). في هذه الأثناء، ينضمُّ أحمد -من جهته- إلى حركة الاشتراكية متمثلة بمجلة فكرية اسمها «الإنسان الجديد»، ويلتقي هناك فتاة اسمها «سوسن حمَّاد» يقع في حبها مع الوقت.
يلتقي «كمال» في مقرّ مجلة «الفكر» (التي داوم لسنين على نشر مقالاته فيها) أديباً وقاصاً شاباً اسمه «رياض قلدس»، فيمسي صديقه المُقرَّب الجديد ورفيق قهوته بعد أن يُقرِّر «إسماعيل لطيف» الانتقال إلى العراق للعمل فيها براتب أفضل. ويتابع «كمال» تردّده على بيوت الدعارة فيصبح زبوناً معروفاً عند «جليلة» العالمة التي تردَّد عليها أبوه، ويصبح عميلاً معروفاً لفتاة اسمها «عطية».
تتزوج «نعيمة» من «عبد المنعم» وتحمل بطفله، لكنها تموت أثناء الولادة هي وطفلها، فتنحدرُ عائشة إلى أقصى درجات الحزن واليأس بعد أن فقدت آخر من بقي من أسرتها. وينال «ياسين» ترقية في العمل إلى «الدرجة السادسة» بفضل واسطة من ابنه يكرهه بسببها زملاؤه في العمل. في هذه الأثناء، تبدأ الحرب العالمية الثانية وتتردد الغارات على القاهرة بين الفينة والأخرى من سلاح الطيران الألماني. ويتخرج «أحمد» و«عبد المنعم» وينالان درجة «الليسانس»، فيُقرِّر «أحمد» أن يسعى إلى مهنة في الصحافة تثير سخط والدته.
تنال الشيخوخة من «السيد أحمد عبد الجواد» فيصبح رجلاً كهلاً لا يخرج من البيت إلا مرة يومياً لزيارة أصدقائه «محمد عفت» و«إبراهيم الفار» و«علي عبد الرحيم»، ثم يلازم بيته كما كانت تلازمه «أمينة» طوال عمرها، وأخيراً يصبح طريح الفراش فلا يُرفِّه عنه في الحياة إلا الراديو وزيارات أبنائه وأصدقائه، حتى يتوفَّى هؤلاء -بدوهم- أجمعين. وذات ليلة، أثناء عودة «كمال» من سهرة في بيت «جليلة» العالمة، تنطلق صفارات الإنذار ويهتزُّ الحي تخت غارات الألمان فيلتجأ مسرعاً إلى ملجأ تحت الأرض يقابل فيه أمه وأباه، ويبدو على السيد «أحمد عبد الجودا» (الذي كان طريح الفراش) الإعياء التام من مسيره إلى الملجأ، فيعود منهكاً إلى البيت ذلك المساء ويموت في الصباح، مخلّفاً فراغاً في الأسرة.
يلتقي «كمال» في محاضرة عن وليام شكسبير -يصطحبه إليها «رياض قلدس»- بالفتاة «بدور»، وهي أخت «عايدة» معشوقته السابقة، فيبدأ باقتفاء أثرها سراً أولاً في كلية الآداب، ثم يبدأ بالتردد على محاضرات كليتها أملاً بلقائها، ثم يبدأ بالتردد على بيتها والوقوف أمام شرفتها لمراقبتها، وتبادله «بدور» مع الوقت هذه الإيماءات والاهتمام، وتخرج ذات ليلة للقائه متعلّلة بأنها ذاهبة لزيارة «صديقتها»، وهناك يواجه «كمال» نفوره من الزواج ويُقرِّر ألا يلتقي بها بعد ذلك، وتكون هذه نهاية فرصته الأخيرة -كما يقول- بالزواج.
يُقرِّر «أحمد» الزواج من «سوسن حماد» رغم احتجاجات والدته، ويُقرِّر «عبد المنعم» التقدم لخطبة «كريمة» (ابنة ياسين) رغم احتجاجات خديجة كذلك وقلقها من كلام «عائشة» عليهم، ويتم الزواجان. ويقابل «كمال» صديقه القديم «حسين شدّاد» لقاءً عباراً، فيعرف أنه عاد للقاهرة معتراً يعمل عملاً شاقاً لاستقدام زوجته الباريسية إلى حياة كريمة. وذات مساء، يضرب الشرطة على باب بيت «خديجة» لاعتقال ابنيها «أحمد» و«عبد المنعم» بتهمة الانخراط بالعمل السياسي، ويصرُّ الشابان على متابعة العمل رغم اعتقالهما. وتنتهي الرواية بمرض الجدة «أمينة» بالتهاب رئوي يقول الطبيب أنه سوف يودي بحياتها خلال أيام ثلاثة، والمشهد الختامي هو لـ«كمال» و«ياسين» وهما يتوقفان في أحد المتاجر، فيشتري الأول ربطة عنق يستعد فيها لمأتم والدته، والثاني أغراضاً يستعد فيها لولادة حفيدته.
{{استشهاد ويب}}
Lokasi Pengunjung: 3.147.48.254